بعد تربّعه على عرش المنتجات الزراعية.. مافيات التسويق تلاحق "الذهب الأصفر"
تجربة الموسم ستبني استراتيجية المواسم المقبلة
بعد تربّعه على عرش المنتجات الزراعية.. مافيات التسويق تلاحق "الذهب الأصفر"
انفوبلس/..
لم يرُق لـ"مافيات التسويق" أن ترى المنتجات الزراعية المحلية وهي تزدهر في البلاد، وخاصة فيما يتعلق بمحصول الحنطة الذي بات يتربع على عرش هذه المنتجات، فتلجأ تلك المافيات إلى التلاعب وكسب الأموال بطرق غير مشروعة، وبالتزامن مع مواسم الحصاد تبدأ الحرائق "بحجج وذرائع مختلفة" تطال المحاصيل مكبّدةً المزارعين خسائر طائلة.
*أطنان مخالفة
عضو مجلس النواب، أمير المعموري، كشف قبل نحو 3 أيام عن ضبط آلاف الأطنان المخالفة لتعليمات تسويق الحنطة في البلاد.
وقال المعموري، إن “هناك مافيات تستغل موسم تسويق الحنطة من أجل التلاعب وكسب أموال طائلة من خلال تسويق حنطة معفرة وأخرى حايل بطرق متعددة بسبب فرق الاسعار خاصة وان الحكومة تقدم دعما سخيا للمزارعين في تسويق الحنطة”.
وأضاف أن “الايام الماضية من خلال مساعينا في تطويق الخناق على مافيات الحنطة في كل المحافظات تم ضبط آلاف الاطنان المخالفة لتعليمات التسويق وهي رهن التحقيقات من أجل كشف المزيد من الخفايا”، لافتا إلى أن “الحكومة اصدرت سلسلة تعليمات مشددة لمراكز التسويق حيال آليات التعامل مع اي حنطة معفرة او حايل”.
وأشار إلى أن “إنهاء دور مافيات الحنطة مهم لاقتصاد الوطن ومنع التلاعب بقوت الشعب وإيقاف هدر المال العام”، لافتا الى ان “تجربة الموسم الحالي ستبني استراتيجية مهمة للمواسم القادمة من ناحية منع تسويق الحنطة المعفرة”.
وانطلقت عمليات الحصاد في الكثير من المحافظات بدءاً من المحافظات الجنوبية، منتصف شهر نيسان الماضي، حيث من المتوقع ان يتم حصاد وتسويق 6 ملايين طن من الحنطة خلال الشهرين المقبلين، لتضاف إلى الكمية البالغة مليوني طن حاليا في المخازن، ما سيجعل لدى العراق 8 ملايين طن، وهي كمية أكبر من الطاقة الخزنية بنسبة 25%.
*مواسم حرائق
وبالتزامن مع بداية كل موسم حصاد لمحصول القمح تندلع عدة حرائق تكلف المزارعين مبالغ طائلة، فيما بدأت مديريات الدفاع في المحافظات باتخاذ إجراءات استباقية مع بداية كل موسم.
وفي 28 نيسان أبريل الماضي، اندلع حريق في حقل لمحصول القمح مساحته 25 دونما في ناحية الحرية بمحافظة النجف، إلا أن فرق الدفاع المدني تمكنت من السيطرة على النيران وإخمادها وانحسرت الخسائر بثلاثة دوانم فقط.
يشار إلى أن ظاهرة حرائق حقول القمح بدأت بعد هزيمة تنظيم داعش في العراق عام 2017، وأول ما ظهرت في محافظة نينوى التي تعد في مقدمة المحافظات المنتجة للقمح والشعير، وفي حينها اتهمت الجهات الأمنية وكذلك الخبراء الأمنيين التنظيم بالوقوف وراء الحرائق.
*تضارب
من جهته، يبين الباحث الاقتصادي عبد السلام حسن، أن “هناك تضاربا بشأن حرائق محصول القمح وحجم الخسائر، فالبعض يرى أنها بفعل فاعل، كما لم يتم التوصل لحد الآن إلى أن حرارة الطقس هي السبب”.
ويرى حسين، أن “هذه الحرائق وقد تكون ضمن حسابات بين الإقطاعيين حيث أنهم مستولين على هذه أراضٍ شاسعة بحجج قانونية وغير قانونية، ولذلك فإن 90 بالمئة من هذه الحرائق بفعل فاعل وهذا ما أكدته التحقيقات السابقة التي تقول إنها متعمدة لإلحاق خسائر مادية بالآخرين أو لتحقيق الربح من خلال بيع أكبر كمية ممكنة من المحصول، أو لوجود مشاكل عشائرية وخصومات فيما بينهم”.
ويعزو أسباب الخسائر الكبيرة إلى “الوصول المتأخر من قبل فرق الدفاع المدني إلى الحقول المحترقة ما يسبب خسائر كبيرة، كما أن الدولة لا تقوم بتعويض المزارعين المتضررين من الحرائق ما يضاعف من الخسارة”.
ويُعد العام 2020 أحد أكثر الأعوام فتكا بمحاصيل القمح والشعير، فضربت فيها الحرائق 16 محافظة، وبلغت الحرائق 164 حادثا خلال الفترة من 21 نيسان أبريل وحتى 22 أيار مايو من العام المذكور، وذلك وفقاً لبيانات رسمية، وشملت احتراق نحو 102 ألف دونم من المحاصيل الزراعية.
يشار إلى أن حرائق حقول القمح عادت مجددا في شهر أيار 2023، حيث اندلعت النيران في 20 دونما في بلدة سموم بقضاء سامراء في محافظة صلاح الدين، كما التهم حريق في محافظة النجف عشرات الدوانم، وكذلك شب حريق هائل في حقل للقمح بناحية العدل في محافظة ميسان، وتمكنت فرق الدفاع المدني من إخماد حريق كبير اندلع داخل حقل في منطقة الصياحية بمحافظة بابل.
*إنتاج عالٍ
وأعلنت لجنة الزراعة والاهوار النيابية، في 5 أيار الجاري، ان العراق الان يحقق انتاج عالي من الحنطة، هذه السنة وستكون بواقع 7 ملايين طن.
ويعتمد العراق بالدرجة الأساس على الحنطة في إنتاج مادة الطحين ضمن مفردات السلّة الغذائية، إذ يُعد العراق من الدول التي تضع الخبز ضمن المواد الأساسية للغذاء على موائد العراقيين.
واصدر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في 3 أيار مايو الجاري، 4 اجراءات فورية كان أبرزها تعفير حنطة البذور وبنسبة 100%، ومنع دخول حنطة الحايل والمصابة الى السايلو من أجل منع المتاجرة بها، وحجز الحنطة المعفرة والمصبوغة عند مسكها واعتبارها جريمة واستيلاء على المال العام لمن يقوم ونقله الى المحاكم المختصة”.
ومن الجدير بالذكر انه مع تساقط الموجات الاخيرة الربيعية للأمطار، عقد مجلس الوزراء اجتماعا بحضور وزير التجارة والمدير العام للشركة العامة لتجارة الحبوب وعدد من المسؤولين، للاطلاع على طرق وآليات التسويق والخزن، فضلا عن معرفة آثار تلك الأمطار على محصول الحنطة ومحاولة وضع الحلول المناسبة للحفاظ على المحصول.
وتحتاج السوق المحلية سنويا حوالي 4.2 مليون طن لتحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح ويضاف نحو مليون طن مستورد يخلط لأغراض الجودة مع القمح المحلي الذي لا تتوفر فيه مادة الجلوتين بالنسبة المطلوبة، وفق وزارة التجارة.
وبلغت كمية الحنطة المسوقة، خلال العام الماضي، 4.2 مليون طن بالمقابل بلغت كمية الطحين والحنطة المستوردة من تركيا واستراليا وامريكا، 2.1 مليون طن وبلغ معدل الطحين في السوق المحلية 1420 دينار للكيلو غرام الواحد.
وتسببت التحولات البيئية جراء الجفاف بتراجع المساحات المزروعة في العراق إلى النصف. وفي حين تبلغ المساحات الصالحة للزراعة حالياً 14 مليون دونم، لن يتمكن العراق من زراعة سوى أقل من ثلث هذه المساحة فقط ضمن الخطة الزراعية الشتوية، وفق ما تذكر تصريحات رسمية.
وكانت وزارة الموارد المائية قد اتفقت على زراعة 5.5 ملايين دونم للموسم الشتوي 2023 – 2024، وهي تساوي المساحة المزروعة في الموسم الزراعي الشتوي الماضي 2022 – 2023. وتشمل زراعة 1.5 مليون دونم على المياه السطحية و4 ملايين دونم على المياه الجوفية، إضافة إلى الاستمرار بتأمين المياه للاحتياجات الأخرى بالنسبة للاستخدامات المدنية والبيئية وسقي البساتين بمساحة 1.1 مليون دونم.