بعد صراع مرير مع مرض وراثي نادر.. رحيل الشيخ المحقق الدكتور هادي السامرائي بعد إثرائه المكتبة العلمية.. تعرف على سيرته
انفوبلس/..
غيّب الموت، الدكتور المحقق الشيخ هادي الشيخ طه السامرائي (طاب ثراه) بعد صراع مع مرض وراثي نادر وهو ضمور العضلات.
عُرف عن الشيخ السامرائي، بكونه رمزاً للكفاح والمثابرة، والمبتلى الصابر، الذي عانى هو وأولاده من مرض وراثي نادر، وكان يكتب ويؤلف بأصبع واحدة، يستعمله في الكتابة الإلكترونية عبر الحاسوب.
وُلِد في سامراء وسط عائلة يعاني أفرادها من مرض ضمور العضلات، وكان والده الشيخ طه السامرائي، إمام الجماعة في العتبة العسكرية المقدسة.
وكان الشيخ المحقق هادي طه السامرائي، طالباً في البحث الخارج، وخريج كلية الآداب قسم اللغة الألمانية، وكان يعاني من مرضه في هذه المرحلة وتفاقم وضعه الصحي، ورغم ظروفه نال الماجستير والدكتوراه من جامعة الكوفة بتفوق.
مواجهة المرض ومواصلة الدراسة الحوزوية
التحق في تسعينيات القرن الماضي، بالدراسة الحوزوية في النجف الأشرف، وسكن في المدرسة الشبرية، وبات عاجزا عن المشي واستعان بكرسي متحرك.
رُزِق الشيخ هادي السامرائي بذرية، يعاني أغلبهم من مرض ضمور العضلات، لكن الله رزقهم المواهب المتعددة والصبر كما رزق بذلك أباهم.
فقدَ ابنه الأكبر المريض الشاعر حسن الشيخ هادي، في تفجير مطعم فدك في طريق عودته من العلاج، حيث كان أحد شهداء الهجوم المزدوج الذي شنّه أعضاء من عصابات داعش 14 أيلول 2017 على أطراف الناصرية في محافظة ذي قار الجنوبية، وأسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 84 شخصاً وإصابة 90 آخرين.
أُصيب الشيخ هادي بمرض السرطان في الدماغ، وعانى في رحلة العلاج التي أفقدته بصره، فباتَ كفيفاً ولا يقوى على الحركة، إلا أنه بقي متفائلاً مبتسماً وصابراً إلى أن التحق بالرفيق الأعلى في 3 شعبان 1445 هـ المصادف 14/02/2024 م.
كان الشيخ هادي السامرائي، مهذبا محبوبا ومن طلاب السيد محمد صادق الخرسان، والشيخ هادي آل راضي، والشيخ محمد باقر الأيرواني، والسيد محمد رضا السيستاني، والسيد محمد باقر السيستاني، وزميل الشيخ هيثم الرماحي ومجموعة من أساتذة من الحوزة العلمية.
أستاذ وشاعر ومؤلف للعديد من الكتب
ابتُلي هو وإخوانه وأكثر أولاده بمرض ضمور العضلات، الذي جعلهم عاجزين عن المشي وعن تناول الأشياء باليدين، ورغم ذلك لم ينقطع عن التأليف والكتابة بأصبع واحد فقط يستطيع الاستعانة به باستعمال لوحة المفاتيح (الكيبورد).
زاره العديد من أساتذة الحوزة العلمية منهم سماحة السيد محمد صادق، والسيد محمد رضا السيستاني، والسيد محمد باقر السيستاني.
وله قلم سيّال أثرى المكتبة العلمية بالكثير منها، وكتب حلقات في العقائد والفقه والأخلاق والرواية، وفوق مدار السرطان، والأربعون حديثا في برّ الوالدين.
له رواية اسمها "سمكة الله" حكى فيها قصة طفل وُلِد على هامش الحياة، فأبى أن يعيش على هامشها، لقد مثّل نفسه في هذه الرواية سمكة تنزلق في بحر الله، فالسمكة مثله من غير أطراف، لكنها تسبح في بحر الله الواسع، في رحمته وعنايته.
تحدث كثيرا عن معاناته في المدرسة، وعن مشكلته مع السلالم، حيث كان صفّه في الطابق العلوي إلا أن المدير حوّل صفّه إلى الطابق الأرضي لكي يُريحه من معاناة السلالم، قال يوما لصديقه: "أجمل وضعية يكون فيها جسد الإنسان عندما يصعد السلالم منتصباً كالشجرة".