تثوير البصرة مستمر .. العيداني وغالبية القائمقامين مرفوضون .. وتحشيدات لمنازلة كبرى قد تطيح بالحكومة المحلية
انفوبلس/ تقارير
لم يهدأ قضاء الصادق في شمالها، حتى انتفض قضاء آخر في شرقها، فالتظاهرات المستمرة بالبصرة والتي أطاحت بقائمقام قضاء الصادق، امتدت إلى شط العرب الذي شهد تصعيدا ضد القائمقام والحكومة المحلية وسط "دهشة" من موقف العيداني الذي قال المعتصمون بشأنه إنه "غير مكترث" وينظر إليهم كمواطنين درجة ثانية. فماذا حدث بالتفصيل في القضاءين المذكورين؟ وما قصة سكة حديد إيران – بصرة؟
*الشرارة الأولى من قضاء الصادق
كانت الشرارة الأولى لما يحدث في البصرة قد انطلقت من قضاء الصادق، حيث يشهد الأخير منذ أيام، احتجاجات متواصلة وسط تهديدات وتحذيرات إلى الحكومتين المركزية والمحلية بالتصعيد ما لم يتم تنفيذ مطالبهم التي يتصدر فيها ملف الخدمات وإقالة قائمقام القضاء والذي تم هذا المطلب الأخير مؤخرا.
ومنذ بداية نيسان الجاري، نظَّم أهالي قضاء الصادق شمال محافظة البصرة تظاهرة حاشدة للمطالبة بالخدمات، وأكد المعتصمون أن إن قضاء الصادق مهمَّش ومظلوم وميت بعيون المسؤولين وتنقصه العديد من الخدمات، وكأنما الحكومة في سُبات عنهم، على حد وصفهم.
وبحسب المعتصمين، فإن أهالي قضاء الصادق الذي يبلغ عدد سُّكناه 140 ألف نسمة نظموا أول تظاهرة تمهيدية سلمية للمطالبة بإقالة قائمقام القضاء، واختيار بديل عنه وتحسين الخدمات لمناطقهم؛ نتيجة الظلم والتهميش والإقصاء الحكومي.
وبهذا الصدد، قال الخطيب الحسيني وأحد مواطني القضاء صالح المنصوري، إنه لا أحد من المسؤولين في المحافظة يستمع إليهم ويلتفت لقضائهم الغني بالثروة النفطية لتقديم أبسط الخدمات، لافتا إلى أنهم يريدون إيصال أصواتهم لذوي الشأن من خلال هذه التظاهرة التي إن لم تتم الاستجابة من خلالها لمطالبهم فإنهم يلوحون إلى خطوات تصعيدية أخرى.
أما عن المطالب، فقد قال عدد من المتظاهرين إن أبرز المطالب هي إبعاد القائمقام الحالي عن مسؤولية إدارة القضاء، وتوفير الخدمات التي وصفوها بالمعدومة في القضاء ، من بنى تحتية تشمل مشاريع الماء والمجاري والكهرباء والإكساء.
وشددوا على أنه خلاف ذلك إن لم تستجب الحكومة المحلية لمطالبهم سوف تستمر التظاهرات إلى ما لا يُحمد عقباها؛ وتكون قرارات صارمة من قبل أهالي القضاء.
يُشار إلى أن قضاء الصادق يعد من أهم الأقضية في خارطة البترول الذي يعاني سكانه من عدم توفير فرص عمل لهم وإصابات كثيرة بالأمراض السرطانية على الرغم من مناشدات سابقة لكنها جُوبِهت بالتسويف والمماطلة
*من الصادق إلى شط العرب
لا زالت تظاهرات أهالي قضاء الصادق مستمرة رغم إقالة القائمقام، وفي آخر تطور فيها أقدم المحتجون في القضاء على غلق بوابة حقل الرميلة النفطي (البوابة ٨) مؤكدين أنهم لن يهدأوا حتى تحقيق كامل مطالبهم.
وتزامنا مع ذلك، نظم مساء أمس، العشرات من ابناء مناطق الجزر الاربعة التابعة لقضاء شط العرب شرقي البصرة تظاهرات حاشدة ضد قائممقام القضاء والحكومة المحلية بسبب سلسلة قرارات خاطئة لهم.
وقطع المتظاهرون، الطريق الرئيسي الدولي الممتد من جسر خالد وحتى منفذ الشلامجة الحدودي امام حركة السير وذلك بسبب اصرار الحكومة المحلية على مد سكة حديد ايران -بصرة على مناطقهم وتهجيرهم.
كما أعلنت رابطة الجزر الأربعة، أن "الشرارة الأولى" انطلقت ولها "صولات" في قادم الأيام، كما حشدت في منشور ثان على "الفيسبوك" الجميع بالاستعداد لتظاهرة كبرى ضد المحافظ يوم 11/5.
كما ورفع المتظاهرون لافتات كبيرة تحت هاشتاك "قائممقام قضاء شط العرب مُقال بأمر من الشعب البصري".
*موقف العيداني
وبشأن موقف محافظ البصرة أسعد العيداني من كل ما حدث، يقول المعتصمون في قضاءي الصادق وشط العرب، إن المحافظ غير مكترث لمطالبهم وينظر اليهم كمواطنين من الدرجة الثانية.
وأكد المعتصمون، أن العيداني تقاعس عن معالجة مطالب المتظاهرين ولم يبذل جهدًا كافيًا لتلبية مطالبهم، والتي تركزت بشكل أساسي على تحسين الخدمات الأساسية ومكافحة الفساد وتوفير فرص العمل.
كما أكدوا، أن العيداني تغاضى عن القمع الأمني الذي مورس بحقهم بل ووافق عليه ضمنيا، وهذا يثبت أنه يخشى على منصبه بالدرجة الأساس ولا يأبه للبصريين مطلقا.
واتهم المعتصمون العيداني بتفضيل مصالح جهات سياسية محددة على مصالح أهالي البصرة، لاسيما بعد أن أدلى ببعض التصريحات التي اعتبرها البعض مُستفزة للمتظاهرين، مما أثار المزيد من التوتر وساهم في تأجيج الاحتجاجات.
*ما هي مطالب القضاءين؟
لقد تركزت مطالب المتظاهرين في القضاءين على الخدمات بالدرجة الأساس كون البصرة تئن من التدهور وسوء الإدارة على مختلف الصعد.
وفي قضاء الصادق، قال عدد من المتظاهرين إن أبرز المطالب هي إبعاد القائمقام الحالي عن مسؤولية إدارة القضاء – تحقق هذا المطلب -، وتوفير الخدمات التي وصفوها بالمعدومة بالقضاء، من بنى تحتية تشمل مشاريع الماء والمجاري والكهرباء والإكساء.
أما في شط العرب، فجاء المطلب الأول هو منع تهديم المنازل وتهجير المواطنين بحجة مد سكة حديد بصرة – إيران، وأيضا توفير الخدمات المعدومة في القضاء.
*تضامن كبير
لقد حظيت التظاهرات في البصرة هذه المرة بتأييد وتضامن كبيرين، وأيد أيد شيوخ ووجهاء المحافظة اعتصام أبنائهم، كما أعلنوا بشكل واضح وصريح دعم مطالبهم.
وقال أحد الوجهاء، "نعلن دعمنا ومساندتنا للحراك الشعبي المستقل وتأييدنا للمطالب المشروعة حيث نطالب الحكومة المركزية الاتحادية بتشكيل خلية أزمة لإيجاد الحلول السريعة والجذرية لما يعانيه القضاء من سوء الخدمات وتلوث من الصناعات النفطية وبطالة لأبنائه ونحن نقول كما قال امير المؤمنين كونوا للظالمين خصما وللمظلوم عونا".
وأضاف: "قد صبرنا في كافة المناطق التابعة لقضاء الصادق لكن صبرنا نفذ.. نرى ثرواتنا نهبت لذلك نوصي اخوتنا من أبناء الحشد وعلى رأسهم قادتهم والاعيان وأبناء العشائر بالوقوف هنا مع إخوانهم".
وتابع: "نساند المعتصمين وأينما أرادوا فنحن حاضرون ونطلب من الجميع الوقفة الواحدة والشعور بالمسؤولية ونطلب من الغيارى مطالبة الحكومة المركزية بتنفيذ مطالبنا المشروعة إذ لا مدارس ولا صناعة محلية ولا مستشفيات ولا مشروع يخدم القضاء بصورة عامة لذلك نحن مع الحراك في كافة اجراءاته بشرط ان تكون سليمة ولا تمس كرامة المجتمع".
*القرنة تعرّي الوضع البائس
في الأيام الأخيرة، تصاعدت الأزمة في منطقة شمال البصرة مع انكشاف تفاصيل فضيحة فساد ضخمة تتعلق بمشروع مجاري القرنة الكبير، الذي كان يهدف إلى تحسين بنية تحتية مجاري المياه في المنطقة.
وبعد مضي سنوات على بدء تنفيذ المشروع، يبدو أن النتائج ليست سوى كارثة تنموية حيث احيل المشروع لأكثر من ثلاث شركات وجميعها تلكأت في انجازه، رغم مرور سنوات على انطلاقه.
وفي وقت سابق طالب أعضاء مجلس محافظة البصرة بوضع حل سريع وجذري بعد ان اجتاحت موجة الامطار مناطق شمال البصرة والتي على اثرها تسببت بغرق المدينة بالكامل وعجزت البنى التحتية عن تصريف كميات مياه الامطار مما أسفر عن تعطل الحركة اليومية في تلك المناطق.
عضو مجلس محافظة البصرة أياد المالكي قال، إن "مشروع القرنة الكبير كان من المفترض ان يكون على ثلاث مراحل اسوة بقضاء المدينة حينما زار رئيس الوزراء البصرة ووقع على المرحلة الثالثة".
وأضاف: "يفترض ان يكون هذا المشروع على ثلاث مراحل وشركة واحدة هي من تقوم بإنجازه وتنهض بهذا المشروع لكننا للأسف لم نشاهد سوى تخبطات وتوقفات منذ عام 2019 ولغاية الان".
وتابع المالكي: "نحن أعضاء مجلس محافظة البصرة لدينا كلمة بعد ان اخذنا شرعيتنا وسوف نسعى لإنجاز هذا المشروع خدمة لأهالي القضاء وستكون لنا كلمة لإنزال اقسى العقوبات بحق المقصرين".
ويبقى مشروع مجاري القرنة الكبير مثالاً مروعاً على الفساد الذي يعتري بعض عمليات التنمية في العراق، ويجب أن يكون درساً جدياً لتحسين الإجراءات وتعزيز شفافية العملية التنموية في المستقبل، حتى لا يتكرر مثل هذا الفشل المدمر مرة أخرى.