تصاعد "مخيف".. لهذه الأسباب تتعرض امرأة من كل سبع نساء للعنف في العراق
انفوبلس/..
يشكو كثيرون في المجتمع العراقي ارتفاع نسبة العنف الأسري. ولا يكاد يمر يوم من دون أن تنقل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قصصاً عن وقوع ضحايا وإصابات نتيجة العنف الأسري، استناداً إلى ما تعلنه الشرطة والمراكز الصحية باستمرار.
وكشفت وزارة الداخلية، في بيان، عن تسجيل 5292 حالة عنف أسري خلال العام الماضي في مختلف مناطق البلاد، الأمر الذي أدى إلى مقتل العشرات. وأكدت أن هناك مزاعم انتحار تبين أنها جرائم قتل حصلت داخل الأسرة الواحدة، وحاول أفراد من عدد من العائلات خداع قوى الأمن بمزاعم الانتحار.
وتقول المحامية في وزارة العدل في العاصمة بغداد شهلاء الفتلاوي إن الفقر والمخدرات والبطالة وأعمال العنف التي يشهدها العراق منذ نحو عقدين، فاقمت العنف داخل الأسر. تضيف في حديثها أن "المحاكم تسجل يومياً عشرات حالات الطلاق بسبب سوء المعاملة والعنف الأسري ضد المرأة والأطفال"، مشيرة إلى أن "أحد أكثر الأسباب، التي رصدت في الآونة الأخيرة وتدفع الزوج إلى تعنيف زوجته أو أطفاله، هو تدهور الأوضاع المعيشية في ظل غياب فرص العمل، وهو ما له تأثير نفسي على الأفراد".
وتطالب الفتلاوي "وزارتي الداخلية والعدل ومجلس القضاء الأعلى بالتعامل بجدية مع قضايا العنف الأسري التي تسجل في المحاكم، والتي ساهمت بتفكك المجتمع وتفتيت أواصر الأسرة".
وتقول آيات عبد الله (24 عاماً)، وهي موظفة في إحدى الدوائر الحكومية، إنه بعد عام من زواجها، بدأت تصرفات زوجها تتغير وأصبح سلوكه عدائياً. صار يقضي أوقاته خارج البيت ويتشاجر معها بمجرد عودته إلى البيت ويعنفها بطريقة وحشية. تضيف أنها اضطرت أخيراً إلى التنازل عن حقوقها وطلب الطلاق لتحفظ كرامتها.
وتوضح عبد الله أنها كانت وطفلاها ضحايا للعنف الأسري، مؤكدة أنها "لا تستطيع نسيان صراخهما وهما ينظران إليها خلال تعنيفها بشكل وحشي. كما أنهما لم يسلما من التعنيف الذي حول حياتها إلى جحيم". وتشير إلى أنه "ما من أسباب تستوجب الضرب والتعنيف الجسدي، علماً أن زوجها كان يضربها لأسباب تتعلق بالمصروف اليومي أو نوعية الطبخ وأسباب أخرى أقل أهمية من ذلك".
أما شيماء خضر (21 عاماً) فتقول إنها تزوجت من ابن عمها وهي صغيرة على الرغم من أنها لم تكن تحبه، ببسبب عادات وتقاليد المجتمع التي تجبر الأبناء على الزواج من دون أخذ رأيهم في الغالب". وتوضح أنها "كانت تتعرض لتعنيف جسدي طوال السنوات الخمس الماضية"، مشيرة إلى أنه كان يعمد إلى صعقها بالكهرباء وربطها بسلاسل حديدية وسكب المياه الباردة عليها.
وتوضح: "في كل مرة تذهب إلى بيت أهلها، يجبرها أهلها على العودة إلى بيت زوجها بحجة السمعة وخوفاً من كلمة مطلقة، الأمر الذي شجع زوجها على تعنيفها في كل مرة، حتى وصل بها الحال إلى التفكير بالانتحار بسبب عدم قدرتها على التحمل"، محملة ذويها "المسؤولية الكاملة لما تتعرض له من تعنيف وحشي".
وفي السياق، تقول الناشطة في منظمة "نسائم" الإنسانية بثينة عبد السلام: "ظاهرة العنف الأسري تفشت في الآونة الأخيرة بشكل لافت وكبير في المجتمع العراقي، وخصوصاً مع النساء، ولا سيما المتزوجات منهن". تضيف أن "امرأة من كل سبع نساء تتعرض للعنف الجسدي أو اللفظي سواء في الحياة العامة أو الخاصة، الأمر الذي يؤدي إلى معاناة نفسية والانتحار أحياناً أو الهرب من بيت الزوج".
وتقول إن "حالات التعنيف الأسري في العراق أصبحت كثيرة وخطرة ولا يمكن السكوت عنها أو تجاهلها بسبب كمية الظلم الذي تواجهه المرأة العراقية"، مشيرة إلى أن "معاناة المرأة في الحياة اليومية لا تقل عن معاناة الرجل. لذلك، لا يوجد مبرر لتعنيف المرأة أو الأطفال لأبسط الأشياء".
وحول أنواع العنف، تشير عبد السلام إلى أن "أنواع العنف الأسري الذي تتعرض له النساء والأطفال له أوجه كثيرة، منها التعنيف الجسدي، والحبس، ومنعهم من التعليم وتزويج القاصرات والإكراه على الزواج. لكن للأسف الشديد، للمتزوجات النصيب الأكبر من ظاهرة العنف الجسدي، ويتعرضن للضرب والإهانة الجسدية واللفظية بذريعة قوامة الرجال".
وتعزو تفشي ظاهرة العنف الأسري إلى أسباب عدة، من بينها "الضغوط التي تعيشها العائلة والبطالة والفقر وتعاطي المخدرات والسلاح والتفلت وغياب سطوة القانون". وتشدد على ضرورة "تضافر الجهود الحكومية المعنية لرفض العنف ضد المرأة والطفل، واحتواء ضحايا التعنيف من خلال توفير ملاذ آمن لهن ولأطفالهن ويضمن لهم حياة كريمة، وتخصيص وحدات علاج للناجين من العنف الأسري ومراكز إعادة تأهيل لمرتكبي العنف الأسري".