تظاهرة كبيرة في بغداد لإقرار سلم الرواتب الموحد.. العمل بـ"سرية" وقدرة التنسيقية على التحشيد "هائلة"
انفوبلس/..
بخطى هادئة وخفية، تقود تنسيقية تظاهرات الموظفين المطالبين بتعديل سلم الرواتب، بل حتى أن أعضاء لجنة التنسيقية هذه لم يظهروا للعيان ويديرون كل شيء خلف الكواليس، ورغم ذلك حققوا نجاحاً قوياً في التحشيد، وأثبتوا ذلك في عدة تظاهرات حدثت في العاصمة بغداد وحتى تلك التي شملت المحافظات.
*قوافل تتوافد
منذ يوم أمس السبت، والقوافل تتوافد من غرب العراق وشرقه، ومن جنوبه وبعض محافظات شماله، نحو قلب البلاد حيث العاصمة بغداد للتظاهر أمام مبنى وزارة المالية؛ من أجل المطالبة بتعديل سلم الرواتب.
يقول مصدر مطلع، في حديث لشبكة انفوبلس، إن "قوافل الموظفين من المحافظات كافة الجنوبية والغربية توجهوا نحو العاصمة بغداد منذ الأمس".
وأضاف، "إنهم يريدون إقامة أكبر تظاهرة واعتصام أمام وزارة المالية ومجلس الوزراء".
*تظاهرة اليوم
ومنذ وقت مبكر من صباح اليوم، نظّم عدد كبير من الموظفين تظاهرة ضخمة أمام وزارة المالية في العاصمة بغداد.
وبحسب مراسل شبكة انفوبلس، فإن التظاهرة شهدت تواجد أعداد غفيرة من الموظفين الذين جاءوا من محافظات متفرقة، في وقت أبدى فيه متظاهرون رغبة بالاعتصام المفتوح لحين تحقيق مطلب تعديل سلم الرواتب.
*تظاهرات سابقة
لم تكن هذه التظاهرات وليدة اللحظة، بل هي ممتدة منذ نحو سنة، وما تزال مستمرة حتى الآن.
وكان من بين أبرز وأكبر التظاهرات ضمن هذا الصدد، هي التظاهرة التي انطلقت في الأسبوع الأول من أيار 2023، في ساحة التحرير.
وقالت مصادر محلية (آنذاك)، إن "أعداداً هائلة من المتظاهرين تجمعت وسط ساحة التحرير للمطالبة بإقرار قانون تعديل سلم الرواتب ملوّحين بالتصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبهم"، إذ اعتبر المتظاهرون "إن سلم الرواتب الحالي غير منصف وهناك فوارق كبيرة بالرواتب بين وزارة وأخرى".
وأدت تلك التظاهرة، إلى إيقاف حركة السير تماما على جسر السنك وساحة الخلاني وسط بغداد، كما الازدحامات المرورية امتدت الى المناطق المجاورة في مركز العاصمة.
*تظاهرة أكبر
وفي 9 أيار 2023، شهدت بغداد، انطلاق التظاهرات المطالبة بتعديل سلم الرواتب في ساحة التحرير، بالتزامن مع اعتقال ممثل اللجنة التنسيقية منتظر كاظم، وسط انتشار أمني مكثف.
وقال كرار كاظم (شقيق المعتقل)، إن "قوة أمنية كبيرة دخلت الى المنطقة في تمام الساعة الخامسة فجراً وطوقت دارنا لاعتقال أخي منتظر كاظم مدير اللجنة التنسيقية المطالبة بسلم الرواتب قبل توجهه لساحة التحرير، دون تقديم أي مبررات".
وبعدها، أعلنت اللجنة التنسيقية العليا لموظفي العراق، تأجيل تظاهرات (سلم الرواتب)، الى إشعار آخر.
وذكرت اللجنة في بيان، أنه "تقرر تأجيل تظاهرات (سلم الرواتب) المقررة اليوم الثلاثاء"، مبينة أن "الجهات الحكومية بدأت تنصاع لمطاليب الثورة واعلنت الموافقة غير المشروطة وقدمت الوعود لإقرار سلم الرواتب في مدة أقصاها نهاية شهر حزيران المقبل"، وهذا الأمر لم يُطبق.
وفي 2 حزيران 2023، خرج عدد من موظفي دوائر الدولة بتظاهرة في ساحة التحرير وسط بغداد للمطالبة بتطبيق سلم الرواتب.
*شاملة
وفي 2 كانون الأول من العام الماضي، شهدت بغداد وعدد من المحافظات تظاهرات احتجاجية مطالبة بتعديل سلم الرواتب.
وخرجت في ذلك اليوم، مسيرات في عدة محافظات جابت الشوارع، في محاولة للفت أنظار الحكومة والنظر إلى أوضاعهم وعدم إغفال وتجاوز مطالبهم المشروعة والمتمثلة بتطبيق قانون سلم الرواتب.
*اللجنة التنسيقية.. سرية في العمل
بدوره، عضو اللجنة التنسيقية لتعديل سلم الرواتب مصطفى حافظ، أكد أن سلم الرواتب الحالي غير عادل ولا يتطابق مع حجم التضخم الموجود في السوق العراقي، مؤكدا أن هناك تظاهرة ستنطلق في الأول من أيار في ساحة التحرير للمطالبة بتعديل سلم الرواتب والتصديق عليه.
وقال حافظ في حديث متلفز، إنه "تشكلت اللجنة التنسيقية في عام 2019 لتعديل سلم الرواتب الذي لم يُعدل منذ 14 سنة وتم تشكيل اللجنة حكومية في عام 2021 عن طريق مجلس الخدمة الاتحادية والذي أنهى عمله وننتظر التصديق من قبل مجلس الوزراء"، مؤكدا أن "هناك سرية كبيرة في عمل لجنة تعديل سلم الرواتب".
وأضاف، إن "مطالب اللجنة التنسيقية هو تطبيق العدل والمساواة بين رواتب الموظفين في القطاع الحكومي وعدم وجود فروقات كبيرة بين موظفي وزارات الدولة".
وبين حافظ، إن "سلم الرواتب الحالي غير عادل ولا يتطابق مع حجم التضخم الموجود في السوق العراقي كونه أُقِرَّ في عام 2008 والآن الأسعار ارتفعت أضعافا كبيرة ما أدى الى وجود فوارق كبيرة في مرتبات الموظفين".
وأشار الى، أن "سلم الرواتب الجديد سيقلل من الفروقات بين رواتب الموظفين في مختلف الوزارات"، موضحا إن "السلم الجديد لا يعني غُبن أصحاب الشهادات العليا او موظفي الوزارات التي لديها خطورة عالية في وظائفهم مثل وزارة الكهرباء".
*سلم غير منصف
ويشكو موظفو العديد من الوزارات، عدم وجود مخصصات وضعف الراتب الاسمي مقارنةً بوزارات أخرى تستلم رواتب أعلى منهم بأضعاف وهذه الفجوة في الرواتب تزيد من غضب الكثير من الموظفين الذين يريدون العدل والمساواة فقط، بحسب وصفهم.
وبحسب السلم الذي نشره عدة نواب (غير رسمي)، فإنه "وفقا لسلم الرواتب الجديد سيكون أقل راتب أسمي هو 425 ألف دينار، خلاف الجدول المعمول به حاليا والذي يكون أقل راتب فيه للدرجة العاشرة بمقدار 170 ألف دينار".
يذكر أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أعلن في وقت سابق، وصول أعداد موظفي الدولة العراقية إلى عتبة الـ 5 ملايين موظف، إضافة إلى نحو 3 ملايين متقاعد، الأمر الذي يعني أن أكثر من نصف موازنة العراق التي تعتمد بنسبة 92 بالمئة على واردات النفط تذهب لسد رواتب الموظفين.
بينما أكدت اللجنة المالية في مجلس النواب أن سلم رواتب موظفي الدولة الجديد لا يزال في مرحلة التدقيق لدى مجلس الوزراء، مؤكدة أن "لا علاقة له بقانون الموازنة".
ونقلت وسائل إعلام حينها، عن رئيس اللجنة عطوان العطواني قوله إن "تعديل سلم الرواتب حاليا في مرحلة التدقيق والمراجعة من قبل الحكومة، وهو قانون منفصل بحد ذاته، ولا علاقة له بالموازنة إطلاقا، كونه إجراء حكوميا يتم التصويت عليه داخل مجلس الوزراء".
وأضاف العطواني، إن "اللجنة الحكومية المكلفة بتعديل سلم الرواتب ترى ضرورة إنجاز مهامها بأسرع وقت ممكن"، مؤكداً دعم لجنته "لتوجه إقرار سلم رواتب جديد يضمن العدالة والمساواة بين موظفي الدولة، وينصف أصحاب الدرجات الدنيا من خلال إعادة النظر في مرتباتهم الاسمية، وبما يسد احتياجاتهم ويساعدهم على مواجهة غلاء المعيشة وغيرها من التقلبات الاقتصادية".
*حلّان اثنان
ويؤكد المستشار المالي في الحكومة مظهر محمد صالح وجود "حلَّين اثنين لهذه القضية؛ أولهما: إعادة النظر بجميع رواتب الموظفين، وتكون هناك قاعدة رواتب تأخذ بنظر الاعتبار الخدمة والمؤهلات، كما تنص عليها معايير مجلس الخدمة".
وتابع صالح، إن "الحل الثاني إسناد الدرجات الوظيفية الدنيا بمخصصات (غلاء معيشة)"، مؤكدا أن "هذا الإجراء ممكن تعديله من خلال المخصصات وهو معمول به سابقاً في العراق خلال العقود السابقة والذي يُعد أكثر انصافا للموظفين".
*المالية توضح
وقبل 4 أيام، أصدرت وزارة المالية، توضيحاً بشأن تعديل سلم رواتب الموظفين، وأشارت الى أن الملف ليس مسؤولية حصرية بها.
وذكرت الوزارة في بيان، أنها "تجدد التأكيد على نهجها الواضح تجاه مراعاة الحقوق المالية لشرائح المجتمع العراقي كافة وخاصة شريحة الموظفين، وهي تسعى باستمرار الى ضمان حقوقهم المشروعة وتلبية احتياجاتهم المعيشية على نحوٍ لائق يأخذ بعين الاعتبار الظروف والتقلبات الاقتصادية التي يشهدها العالم أجمع". وأضافت، أنها "الوزارة عملت طيلة الفترة الماضية على تزويد الجهات كافة التي يرتبط عملها بملف سلم الرواتب بالبيانات المتوفرة لديها كافة وخاصة لجنة الأمر الديواني رقم (24) لسنة 2022".
ولفتت الوزارة إلى، أنها "لا تمتلك نظاما بايومتريا يربط كل وحدات الإنفاق، قدر تعلق الأمر بعملها المتضمن المصادقة على الملاك الوظيفي لوحدات الإنفاق المموَّلة مركزيا حصرا، ولكي يتم تزويد اللجنة بالبيانات الكافية لمعرفة كل موظف ماذا يتقاضى من مخصصات، يكون من مسؤولية وحدات الإنفاق في مؤسسات الدولة تقديم بيانات موظفيها الى الجهة المعنية، وهو ما يستلزم من رئيس اللجنة المكلفة بإعداد جدول الرواتب، توجيه إعمام الى وحدات الإنفاق كافة لغرض تزويد اللجنة بالبيانات التي تحتاجها، الى جانب ضرورة عقد اجتماعات تشاورية مع مديري المالية والموارد البشرية كافة لكل وحدات الإنفاق لمناقشة البيانات الواردة إليها من قبل وحدات الإنفاق، لضمان دقة البيانات لكل موظف وحسب كل عنوان وظيفي وبحسب بودرة الرواتب الشهرية التي تعدُّها وحدات الإنفاق والتي يجري الصرف شهريا على أساسها، وإجراء التعديلات المطلوبة على سلم الرواتب (مدني وعسكري) واحتساب الكُلف، ورفع التوصيات من قبل اللجنة الى الجهة التي صدرت الأمر الديواني بتشكيل اللجنة، لاتخاذ ما يرونه مناسبا ومقدار الكلف الحقيقية المطلوبة، حتى تتكمن اللجنة من السير في تشريع السلم الجديد، الذي يستلزم استحصال موافقة مجلس الوزراء وبالتالي رفعه الى مجلس النواب لغرض التشريع في حاله حصول الموافقات اللازمة".
وتابعت، "بناءً على ما تقدم، أيّدت الوزارة مقترح اللجنة حول إمكانية مفاتحة وحدات الإنفاق في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات كافة لغرض تزويدها ببيانات موظفيها، وتشكيل لجان ساندة تتولى تنفيذ المقترح".
وختمت الوزارة بالقول، "باعتبارها جهة تنفيذية تقع عليها مسؤولية تنفيذ القوانين والتشريعات الصادرة من الجهات العليا، وعليه فإن ملف سلم رواتب الموظفين ليس مسؤولية حصرية بها، إذ إن لجنة الأمر الديواني رقم 24 لسنة 2022 تضم عددا من الجهات التنفيذية والتشريعية والرقابية ومن مؤسسات الدولة كافة ذات الشأن".