جميع وعود الطمأنة مزيفة.. العراقيون على موعد مع صيف لا يمكن تخطي صعوبته ومشاريع الكهرباء بحاجة لعدة أعوام

انفوبلس..
مع دخول العراق فصل الربيع رسمياً وبدء المواطنين بتشغيل المراوح في منازلهم، تتزايد المخاوف من الصيف القادم وما يحمله من صعوبة على البلاد مع مواجهتها تحدياً طاقوياً لم تمر به منذ فترة الحصار. فما خطط وزارة الكهرباء ومشاريعها؟ وما مدى تشاؤمية الوضع القائم؟
وفي هذا الشأن قال الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي في منشور له على فيسبوك: "يبدو أن رسائل الاطمئنان التي تحاول تسويقها وزارة الكهرباء للرأي العام ستصدم بالحقائق التالية:
أولاً: إن الإنتاج الحالي من الغاز الوطني لا يمكن أن يكون بديلا للغاز الإيراني حاليا و يحتاج ذلك إلى عدة سنوات.
ثانيا: إن مشاريع الطاقة الشمسية لن تُنجَز قبل أقل من ثلاث سنوات في أفضل التقديرات.
ثالثا: إن استئجار المنصة العائمة وتركيبها في خور الزبير تحتاج إلى مدة لا تقل عن عام واحد أما بناء المنصات الثابتة في ميناء الفاو فتحتاج إلى أكثر من عامين.
رابعا: إن مشاريع الربط الكهربائي مع الدول المجاورة لن تُنجَز معظمها هذا العام فالربط مع السعودية يحتاج إلى ثلاثة أعوام والربط مع الكويت وبطاقة 500 ميغاواط لن يتم على الأرجح هذا العام ومضاعفة استيراد العراق من الكهرباء من تركيا من 300 إلى 600 ميغاواط يحتاج إلى موافقة الاتحاد الأوروبي".
ويوم أمس، أعلن وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، أن الأشهر المقبلة ستشهد مضاعفة إمدادات الكهرباء عبر الخط المشترك مع العراق إلى 600 ميغاواط.
وجاء ذلك خلال استقبال وزير الكهرباء العراقي، زياد علي فاضل، لوزير الطاقة التركي والوفد المرافق له في مقر الوزارة ببغداد، بحضور السفير التركي في العراق، أنيل بورا إينان.
بحسب بيان لوزارة الكهرباء، ناقش الوزيران سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة، وخاصة في قطاعي النقل والتوزيع وتطوير الشبكات الكهربائية المشتركة.
كما جدد الوزير العراقي دعوته للشركات التركية المتخصصة في الطاقات المتجددة للعمل في العراق.
وفي سياق الحديث، أشار إلى أن وزارة الكهرباء قد أكملت جميع الإجراءات اللوجستية والبنية التحتية اللازمة لزيادة طاقة التجهيز عبر خط الربط العراقي – التركي إلى 600 ميغاواط، مقترحاً تشكيل لجنة فنية مشتركة لمتابعة تنفيذ قرارات الاجتماع.
وأكد فاضل، أن الحكومة العراقية تعمل ضمن المنهاج الحكومي على تنفيذ استراتيجية شاملة لتنويع مصادر الطاقة، من خلال مشاريع تشمل الربط الكهربائي مع دول الجوار، ومشاريع الدورة المركبة، والطاقة الشمسية المنتشرة في مختلف أنحاء العراق.
من جهته، أكد الوزير التركي أن الأشهر المقبلة ستشهد مضاعفة إمدادات الكهرباء عبر الخط المشترك إلى 600 ميغاواط، مشدداً على حرص بلاده على تعزيز التعاون مع العراق في مختلف المجالات، لا سيما قطاع الطاقة.
الجدير بالذكر أن الحكومتين العراقية والتركية قد نجحتا في تموز الماضي في تشغيل خط الربط الكهربائي المشترك (كسك – جزرة 400 ك.ف)، الذي يزود العراق حالياً بـ 300 ميغاواط من الكهرباء.
وقوبل بيان الوزارة والاتفاق مع تركيا بكثير من الاستهزاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأى المعلقون أن البلاد بحاجة لـ50 ألف ميغا واط، بينما تحتفل الوزارة بإضافة 300 فقط.
إلى ذلك، أكد عضو لجنة الكهرباء والطاقة النيابية هاتف الساعدي، أن وزارة الكهرباء ليس لديها أي حلول بشأن تحسين وضع الطاقة الكهربائية.
وقال الساعدي، إن "وزارة الكهرباء ما زالت لا تمتلك الحلول اللازمة لتجهيز الطاقة الكهربائية، كما أنها لا تحقق أي عدالة في مجال التوزيع، فضلا عن استمرار استشراء الفساد فيها".
وأضاف، أن "حكومة السوداني ما زالت تتجاهل هي الأخرى متابعة الوزارة من حيث تطوير المحطات العاملة والتي قيد الإنشاء ، فضلا عن عدم فتحها لأي ملف فساد من ملفات الوزارة".
وقبل نحو أسبوع، قال 3 مسؤولين في قطاع الطاقة، إن البلاد ليس لديها بدائل فورية لتعويض الطاقة المستوردة من إيران، مشيرين إلى أن النقص سيعرقل توفير ما يكفي من الكهرباء لتلبية الاستهلاك المحلي، خاصة في فصل الصيف.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول وصفته بالكبير في وزارة الكهرباء قوله: إن الحكومة بدأت في تنفيذ إجراءات عاجلة لتقليل تأثير القرار الأميركي على إمدادات الكهرباء في العراق.
يأتي ذلك بعد أن ألغت الولايات المتحدة إعفاءً يسمح للعراق بشراء الكهرباء من إيران، في إطار حملة "أقصى الضغوط" التي يشنها ترامب على طهران لحرمانها من الإيرادات المالية.
ويعتمد العراق اعتمادا كبيرا على الغاز الإيراني لتشغيل محطاته الكهربائية، خاصة في الجنوب، وهذا يجعل البلاد عرضة للتأثر بأي تقلبات في إمدادات الغاز من إيران.
وتزود إيران العراق بنحو 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، بما يغطي نحو ثلث احتياجات البلاد، وهو ما يكفي لإنتاج نحو 6 آلاف ميغاواط من الكهرباء.
من جانبه، قال القائم بالأعمال الأميركي في بغداد دانيال روبنشتاين، إن استيراد العراق الغاز الطبيعي من إيران لا يزال خارج منظومة العقوبات الأميركية.
وحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي عطوان العطواني، الذي التقى روبنشتاين في بغداد، فإن الجانبين ناقشا إلغاء الولايات المتحدة الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الغاز الطبيعي من إيران بغية توليد الكهرباء.
وأعرب العطواني عن قلقه من انتهاء مدة الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الغاز الطبيعي من إيران.
وأشار إلى أن توقف العراق عن استيراد الغاز من إيران سيؤدي إلى انهيار المنظومة الكهربائية الوطنية، خاصة في أشهر الصيف، ما سيكون له تبعات كارثية على الشعب.
مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي أكد أن البلاد ستواجه صيفًا قاسيًا وصعبًا في حال أصرت الولايات المتحدة على موقفها بشأن إلغاء الاستثناءات المتعلقة باستيراد الغاز والطاقة الكهربائية من طهران.
وأوضح صالح أن حاجة العراق من الطاقة الكهربائية في ذروة فصل الصيف تقارب 50 ألف ميغاواط، في حين أن أقصى إنتاج للعراق يبلغ حوالي 27 ألف ميغاواط، بما في ذلك المولدات الأهلية.
وأضاف، "كيف سيدبر العراق انقطاع الغاز الإيراني الذي يوفر تغذية 6 آلاف ميغاواط على الأقل، إضافة إلى ألف ميغاواط من الكهرباء المباشرة، والتي تصل في بعض الأحيان إلى 7 آلاف ميغاواط؟".
وأشار مستشار السوداني إلى أن العراق سيضطر للتعامل مع فصل الصيف بما مقداره 20 ألف ميغاواط فقط، موضحًا أن وزارة الكهرباء لديها القدرة على المناورة من خلال تشغيل بعض المحطات الغازية على وقود الديزل، رغم أن هذا النوع من الوقود يسبب تلفًا للمحطات بسرعة ويحتاج إلى تنظيف مستمر.
وأضاف، "الأمر ليس بالهيّن في حال أردنا تحويل محطة غازية إلى محطة ديزل، ما لم تكن المحطة بالأصل مُجهزة بشكل تقني لهذا الشيء".
وأكد صالح وجود حراك فني على مستوى عالٍ للتعويض، لكنه أعرب عن أمله في حل هذه الجزئية وإلا فإن العراق سيواجه صيفا صعبا وقاسيا.
بالمقابل، كشف عضو لجنة الطاقة بالبرلمان العراقي باسم نغيمش، أن الحكومة تدرس 3 خيارات بديلة في حال أصرَّت الولايات المتحدة على عدم تجديد الإعفاءات المتعلقة باستيراد الغاز والطاقة الكهربائية من إيران.
وأوضح نغيمش، أنه في حال إنهاء الإعفاءات، لا يوجد حل يلوح في الأفق لمسألة الطاقة الكهربائية، ولا بديل عن الغاز الإيراني الوقت الحاضر، مشيرًا إلى أن الغاز التركمانستاني يمر أيضًا عبر شركات إيرانية تخضع لفيتو أميركي.