حكاية الامتحانات الخارجية في العراق.. ملاذ الموظفين لزيادة رواتبهم أم تطوير لسوق العمل؟
انفوبلس/ تقرير
انطلقت، اليوم الأحد، الامتحانات التمهيدية الخارجية في العراق كعادتها في كل سنة دراسية، وقالت وزارة التربية في بيان ورد لـ "انفوبلس"، إنه "توجّه صباح اليوم أكثر من 200 ألف طالب وطالبة للمراحل الدراسية كافة لأداء الامتحانات التمهيدية الخارجية للعام الدراسي 2022 – 2023.
ونهاية العام الماضي، أعلنت وزارة التربية، ضوابط التقديم للامتحانات التمهيدية للعام الدراسي 2022 – 2023. وقالت في بيان إنها "حدّدت أعمار المتقدمين على الامتحانات التمهيدية لجميع المراحل الدراسية، حيث يسمح عمر المتقدم على الامتحان بالنسبة للمرحلة الابتدائية (18) سنة، أي من مواليد 2004 وما قبلها، وكذلك الطلبة المسموح لهم بالاشتراك في الامتحان الخارجي للدراسة المتوسطة يجب أن يكونوا قد مضت ثلاث سنوات دراسية على إنهائهم الدراسة الابتدائية، وأن يكون المشترك في امتحان المرحلة الإعدادية قد مضت ثلاث سنوات دراسية أو أكثر على اجتيازه بنجاح امتحان الدراسة المتوسط أو ما يعادلها.
*شروط الامتحانات الخارجية
يشترط قانون اشتراك الطلبة الخارجيين في الامتحانات العامة العراقي لسنة 1988، أن يكون قد مضى على تخرج الطالب في الابتدائية 3 سنوات بالنسبة للمتقدمين على الامتحان الخارجي للثالث المتوسط، ومثلها بالنسبة للمتقدمين على الامتحان الخارجي للصف السادس الإعدادي، من خريجي الدراسة المتوسطة. أما بالنسبة للناجحين في الصفين الأول المتوسط أو الرابع الإعدادي فينتظرون سنتين، والناجحين في الصفين الثاني المتوسط والخامس الإعدادي ينتظرون سنة كاملة قبل المشاركة في الامتحان.
وبحسب تربويين قالوا لـ "أنفوبلس"، فإن "الغاية من هذه الفقرة القانونية، هي بلوغ عمر الطالب السن المحدَّد والمناسِب للمرحلة الدراسية التي يصل إليها بعد نجاحه في الامتحان، أُسوةً بالطلبة المنتظِمين في الدراسة، الذين يصلون إلى المرحلة الجامعية وهم بعمر الـ 18 عاما أو أكثر. لكن المشكلة هي أن القانون لم يستثنٍ الأعمار الأكبر التي تتجاوز السن المحدَّدة للمرحلة الجامعية، فهؤلاء مشمولون أيضا بالانتظار 3 سنوات! إذ إن من ينجح في الامتحان الخارجي للصف الثالث المتوسط، ينبغي عليه أن ينتظر 3 سنوات قبل أن يُقدِّم على الامتحان الخارجي للصف السادس الإعدادي، ما يؤخر تحقيق طموحه لإتمام دراسته.
وتابعوا، "هذه الفقرة القانونية تقف عائقا أمام طموحات الطلبة المتقدمين على الامتحان الخارجي، والذين غالبيتهم من الكَسَبة والموظفين المتطلعين إلى تطوير أوضاعهم العلمية والاقتصادية والاجتماعية، لذلك يواصل العشرات من هؤلاء تنظيم وقفات احتجاجية وتظاهرات مطالبة بإلغاء هذه الفقرة القانونية، غير أن مطلبهم لم يُنفَّذ حتى الآن".
وإبّان حكومة مصطفى الكاظمي السابقة، أعدّت وزارة التربية مسودة نظام مُنصِفةً نوعا ما، حدّدت فيها عمر الطالب المتقدِّم لامتحان الصف الثالث المتوسط بـ 22 سنة، والمتقدِّم لامتحان الصف السادس الإعدادي بـ 25 سنة. وأحالت الوزارة هذه المسودة إلى مجلس الدولة وقتها، لغرض المصادقة عليها، إلا إن الأخير لم يصادق، ما بدّد أحلام الطلبة الذين كان قد صرف العديد منهم ملايين الدنانير للانتظام في دروس خصوصية ومعاهد تقوية تُهيّئهم لمزاولة الامتحان، بحسب التربويين.
أما وزارة التربية في الحكومة الحالية، فقد أعدّت هي الأخرى مسودة نظام جديدة وأرسلتها إلى مجلس الدولة - حسب ما أفاد به عضو لجنة التربية البرلمانية محمود القيسي، في مقابلة صحفية أجرتها معه القناة الرسمية في نهاية العام الماضي.
وقال القيسي إن "مجلس الدولة، بعد تسلّمه المسودة، طالب بإجراء بعض التعديلات عليها، فقامت وزارة التربية بإجراء تلك التعديلات، وفي الأيام القادمة ستتم المصادقة على المسودة"، مبينا أن "إلغاء فقرة سنوات الانتظار، وفق المسودة، سيشمل فقط الذين تجاوزت أعمارهم الـ 30 عاما"، لكن لغاية الآن لم يُصادق عليها.
*غاية العراقيين من الاشتراك في الامتحانات الخارجية
وقال المختص التربوي محمد الربيعي عن هدف مشاركة العراقيين بالامتحانات الخارجية، إنه "بالتأكيد أن التعليم يطوّر الناس في جميع مجالات الحياة مثل الاجتماعية والأخلاقية والروحية والسياسية والاقتصادية، والتعليم قوة ديناميكية تمكّن كل شعب من تحقيق أهدافه الوطنية الشاملة". مشيرا إلى أنه "من الحقائق الثابتة أن البلدان التي طوّرت نظاما تعليميا سليما لديها نظام اجتماعي وسياسي سليم ومع وجود أنظمة تعليمية فعّالة تلعب العديد من الدول دورا قياديا في المجتمع الدولي ويتمتع الأفراد بحرياتهم وهم أحرار ومتطورون سياسياً واقتصادياً". مبينا، "لكن لم يتمكن نظام التعليم في العراق من أداء دوره بفعالية في بناء الدولة وقد ساهم هذا العامل في تنمية حالة الإحباط لدى المجتمع العراقي وجيل المستقبل في العراق بلا اتجاه بسبب نظام التعليم المعيب الذي فشل بشكل جذري في استنهاض البلد على أسس اقتصادية واجتماعية وسياسية وأخلاقية سليمة".
ويرى مختص أخر، أنه "الآن الهدف الرئيسي من تقديم العراقيين على الامتحانات الخارجية في كل عام هو رفع الرواتب التي يستلمونها من الدولة العراقية، والقليل جدا من المتقدِّمين يريدون تطوير قدراتهم الشخصية وهذا بالنسبة لكبار العمر، أما بالنسبة للشباب غير الموظفين في الدولة العراقية فهم يريدون تعويض سنواتهم الدراسية السابقة الذين تركوها لأسباب عديدة منها الأوضاع المعيشية "الصعبة" والحصول على شهادة قد تفيدهم في حياتهم المهنية أو التقديم على الوظائف في القطاع العام والخاص".