ذي قار مجددا.. أزمة عشائرية بين "آل سالة وخفاجة".. هكذا تسبب عدم رد التحية بمقتل شاب وإصابة آخرين
انفوبلس/ تقارير
في ظهيرة ساخنة كَوَتْها حرارة آب وفوهات بنادق العشائر، صَحَت ذي قار يوم أمس على أزمة عشائرية جديدة بين "آل سالة وخفاجة" نجمَ عنها مقتل شاب في مقتبل العمر وإصابة اثنين آخرَين، بعد مشادة داخل مجلس عزاء سرعان ما تحوّلت إلى نزاع رغم محاولات أحد الأطراف التهدئة. فماذا حدث بالتحديد؟ وما هي تفاصيل الحادثة؟.
*تحية دون رد
تؤكد مصادر لشبكة انفوبلس، أن الشرارة الأولى للأزمة بين "آل سالة وخفاجة" اندلعت من داخل مجلس عزاء أقدمَ عليه الشيخ فالح السيلاوي لتأدية الواجب وبعد إلقاءه التحية امتنع أحد الحضور عن ردّها لتنطلق بعدها الأحداث.
وبيّنت المصادر، أن مشاجرة لفظية تحولت إلى عِراك بالأيدي بين السيلاوي وأحد الحضور في مجلس العزاء بعد عدم ردّ التحية، الأمر الذي تسبب بتعرض السيلاوي إلى اعتداء جسدي أجبره على الانسحاب من المجلس دون تصعيد الأمور.
*السيلاوي يتكتم
وبعد انسحاب السيلاوي من العزاء، عادَ إلى منزله ولم يخبر أبناءه وأبناء عمومته بواقع الحادثة، لكن إقدام عشيرة خفاجة على منزلهم لغرض "المشية" ورد الاعتبار قد كشف جميع ما حدث ليتعرض السيلاوي إلى وابل من العتب من قبل عشيرته نتيجة عدم إخبارهم بالحادثة داخل مجلس العزاء.
*آل سالة يثورون على مجلس العزاء
وعقب بيان الحادثة لآل سالة والاعتداء الذي تعرّض له شيخهم – فالح السيلاوي-، طردوا مَن أقدمَ عليهم من خفاجة وثاروا صوب مجلس العزاء لأخذ ثأر "فالح" حيث عبثوا بمجلس العزاء وجرى تبادل لإطلاق النار أسفر عن مقتل شاب وإصابة اثنين آخرين.
*هروب آل سالة بعد الحادثة
وعقب الثوران صوب العزاء، أقدم آل سالة وشيوخهم على الهروب في حين توعدت "خفاجة" بالرد وأخذ ثأر ابنهم المقتول والذي يدعى حسين غني جولان.
*القوات الأمنية تتدخل
القوات الأمنية تدخلت لرأب الفتنة ومنع اتساعها ولكن دون جدوى، حيث لا زال آل سالة هاربين خشية من الانتقام الذي تتوعد به خفاجة، في حين تواصل القوات الأمنية تسيير دورياتها لإسقاط الفرض كما يصفه أهالي ذي قار.
*لماذا تتصاعد النزاعات العشائرية في الجنوب؟
عزا مصدر أمني، تصاعد النزاعات العشائرية في الجنوب إلى التراخي الأمني، إضافة لصعود وتيرة العنف خلال الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها محافظات الجنوب عام 2019 آنذاك، إذ تم تجريد الشرطة من الأسلحة لفترة طويلة خشية استخدامها ضد المتظاهرين، وهو ما خلّف فرصة كبيرة للفوضى الأمنية.
يضيف المصدر -الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته- أنه خلال فترة الاحتجاجات الشعبية عام 2019 وبعدها نشطت عصابات الجريمة المنظمة وارتفعت وتيرة النزاعات العشائرية، فبعد أن كان الأمر يستمر في السابق لساعات، ثم ينتهي بهدنة دون خسائر كبيرة، إلا أن النزاع الآن يرافق قتلى وجرحى وحرق منازل ومضايف.
*جذور النزاعات
يقول رئيس المركز العراقي للحوار الشيخ عباس الفضلي، إن النزاعات العشائرية لم تكن وليدة اليوم، مشيرا إلى أن المشاكل والغزوات تقع بين القبائل منذ القِدم، حتى في زمن النظام السابق.
ويضيف الفضلي، "الكثير من الناس يلجأ إلى لغة السلاح والعشيرة حينما تحدث معهم مشكلة لأنهم لا يثقون بالقانون ولا بالدولة لهذا يرغبون بأخذ حقوقهم بأيديهم، وهذا سببه ضعف سلطة القانون الذي لا يحاسب العشيرة، وهو ما أعطى مساحة واسعة لانتشار النزاعات، إضافة لأسباب أخرى منها الجانب الاقتصادي".
*قانون العشيرة
حينما تضعف الدولة تحاول الجماعات أو الأفراد بما فيها العشيرة لأن تكون بديلا رئيسيا لفرض قيم وعادات غير ملزمة لأفرادها، عكس القانون الذي يكون ملزما وهو قانون العقوبات، لكن داخل العشيرة لا توجد قوانين ولا عقوبات وبالتالي قد يلتزم بها الفرد أو لا يلتزم، كما يقول الباحث والأكاديمي د.عدي الشبيب.
وعدم الالتزام يدفع إلى ظهور مبادرات وأفكار فردية تؤثر بشكل كبير على السِّلم المجتمعي، كما يقول الشبيب. وهذا يأخذ أشكالا عدة مثل التجاوز على أراضي الدولة من قبل جماعة معينة باسم العشيرة، وهذا التراكم سببه تفكك وظائف الدولة نتيجة عمل الأحزاب.
وأساس هذا -كما يوضح الشبيب- هو فكر الجماعة وليس فكر الدولة، وبالتالي كان لها تأثير كبير على نوعية هذا التفاعل وتأثيرها بالحياة اليومية، وبالتالي نحن نشاهد عدم ضبط أفراد المجتمع في مناطق معينة بحد ذاتها دون مناطق أخرى، وهذا لم يأتِ من فراغ وأحد أسبابه انتشار المخدرات من جهة أخرى.