رئيس الجمهورية يرد على اتهامات حميد عبد الله ببيان "غاضب".. ما قصة المنزل الذي أصبح مقرا للسفارة الكويتية في بغداد؟
انفوبلس/ تقرير
أثار اتهام الإعلامي حميد عبد الله، لرئيس الجمهورية، باختلاس إيجار منزل السكرتير الشخصي للمقبور صدام حسين "عبد حمود"، والذي أصبح بعد ذلك مقراً للسفارة الكويتية في العاصمة بغداد، أثار غضب عبد اللطيف جمال رشيد، الذي أصدر بياناً رداً على الاتهامات الموجهة إليه، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على تفاصيل القضية الجدلية وتداعياتها.
حميد عبد الله يتهم رئيس جمهورية باختلاس إيجار منزل سكرتير صدام الذي أصبح مقرا للسفارة الكويتية
خرج الإعلامي حميد عبد الله بمقطع مصور تحدث كعادته عن حقبة "البعث"، وأثناء حديثه تطرق إلى منازل البعثيين في العراق وأين حلَّ بها الدهر، حيث قال خلال المقطع المصور، "ذات يوم كنت في بيت نائب مهم في منطقة الجادرية وأثناء تبادلنا الحديث أخبرني بأن ذلك المنزل القريب منه هو منزل عبد حمود سكرتير صدام حسين".
وأكمل عبد الله حديثه، "لقد أخبرني النائب، أن هذا البيت خُصِّص لرئيس جمهورية لكنه لم يقُل لي أي رئيس جمهورية أهو الحالي أم السابق؟".
*إيجار للسفارة الكويتية بـ500 ألف دولار سنويا
ثم واصل عبد الله حديثه، "لقد أخبرني النائب أن رئيس الجمهورية – الذي لم يحدده – أجّر المنزل الذي استولى عليه بعد أن كان لعبد حمود، إلى السفارة الكويتية في بغداد بمبلغ قدره خمسمئة ألف دولار في السنة"، لافتا الى أن "رئيس الجمهورية استولى على 7 دوانم من الأراضي الملحقة بمنزل عبد حمود".
ويعلّق عبد الله على الأمر بالقول، "هذه مفارقة، حيث بيت عبد حمود الذي أسقط نظامه بسبب الكويت تم تأجيره لسفارة هذه الدولة بمبلغ خمسمئة ألف دولار سنويا!، كيف يحدث ذلك؟" يتساءل الإعلامي بغرابة.
*إيقاف قناة "هذه الأيام"
بعد حديث عبد الله عن منزل عبد حمود والاستيلاء عليه من قبل رئيس جمهورية، ثم تأجيره للسفارة الكويتية بمبلغ كبير، وفي خضم هذه الأحداث؛ تم إيقاف قناة "هذه الأيام" التابعة لعبد الله على اليوتيوب. وقال الإعلامي حميد عبد الله عقب إيقاف قناته، "الفاسدون يغلقون قناة هذه الأيام واليوتيوب يبلغنا بأن حملة بلاغات وشكاوى حذفت القناة، سنفضحهم من جميع المنصات".
عبد الله الذي بدا ساخطا بشدة على قرار الإيقاف، أرفق منشوره ببيت شعر للجواهري نصّه، "أنا حتفُهم أَلِجُ البيوتَ عليهم.. أُغري الوليدَ بشتمهم والحاجبا". ثم قال عبد الله على منصة أخرى، "الفاسـدون أغلقوا قناة هذه الأيام بعد كشفي تقاضي مسؤول كبير جداً 500 ألف دولار في السنة من السفارة الكويتية بدل إيجار عن دار عبد حمود".
الإعلامي "حميد عبد الله" مواليد 1958 هو صحفي عراقي، ثم أصبح باحثا تاريخيا وأكاديميا ومقدم برامج سياسية حاليا.
مكتب رئيس الجمهورية يرد
خرج مكتب رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، أمس الأربعاء 28 شباط/ فبراير 2024، في بيان توضيح "غاضب" فيه عدة نقاط ورد لـ"انفوبلس"، رداً اتهام الإعلامي حميد عبد الله.
بيان المكتب ذكر أن "بعض الجهات دأبت بالإساءة إلى المؤسسات الحكومية والرموز الوطنية، إذ نشرت بعض المواقع والقنوات المحسوبة للأسف على الإعلام خبراً مفاده قيام فخامة رئيس الجمهورية بالاستيلاء على أحد العقارات العائدة للدولة، وتأجيره إلى السفارة الكويتية دون سند قانوني، وأن هكذا مواقع تُسيء إلى الإعلام الحر الشريف".
وزارة المالية أعلنت بيع العقار بالمزايدة العلنية ببدل مقداره (5,564,000,000) إلى "عبد اللطيف محمد جمال رشيد"
وأضاف المكتب، "بصدده نود بيان أنه سبق أن أصدر مجلس الوزراء قراره المرقم (898) لسنة 2011 المتضمن إقرار توصيات اللجنة المشكلة بالأمر الديواني رقم (92) لسنة 2008 المتضمن بيع الدور السكنية المملوكة للدولة"، لافتا الى أن وزارة المالية أعلنت عن بيع العقار بالمزايدة العلنية ببدل مقداره (5,564,000,000) خمسة مليارات وخمسمائة وأربعة وستون مليون دينار إلى (عبد اللطيف محمد جمال رشيد) حسب كتاب دائرة عقارات الدولة المرقم (18334) المؤرخ 24/7/2011 وتم تسديد 25% من القيمة الكلية للعقار، وكذلك دفع أجور الخدمة والمبلغ المتبقي على شكل أقساط تدفع سنوياً وكذلك يتحمل مالك العقار تكاليف الصيانة الدورية للعقار.
إن العقار كان مسجلا باسم وزارة المالية وعند إعلان بيعه بالمزايدة العلنية بتاريخ 24/7/2011 تم دخول (عبد اللطيف جمال رشيد) بالمزايدة وتم الشراء استناداً إلى القوانين والضوابط ولم يكن مسجلاً باسم زوجة المجرم (عبد حميد حمود التكريتي)، وفقاُ لبيان المكتب الذي كشف أن وزارة الخارجية طلبت تأجير العقار أعلاه، إلى سفارة دولة الكويت كون المنطقة التي يقع فيها العقار مؤمنة وسوء الأوضاع الأمنية في المناطق الأخرى في تلك الفترة.
وتابع البيان، إن عملية شراء العقار أعلاه وتأجيره إلى السفارة الكويتية في بغداد تمت قبل تسنم رئيس الجمهورية لمنصبه بسنوات طويلة، مشيرا الى أن توجيه الاتهام إلى رئيس الجمهورية من مجموعة من الأشخاص وعبر وسائل الإعلام الهدف منه واضح وهو التشهير والابتزاز وبدافع من جهات معينة للتغطية على مقاصد مبيتة، فالبحث عن الحقيقة يتم من خلال التأكد من المعلومات الصحيحة لدى الجهات الرسمية والمتمثلة في وزارة المالية ورئاسة الجمهورية وأن هدف هؤلاء الأشخاص ومن يقف وراؤهم هو الإساءة لرئيس الجمهورية كونه يمثل رمز ووحدة البلاد ويمثل أعلى سلطة في الدولة وأن هذه الاتهامات الكاذبة والتشهير هو نتيجة المواقف السياسية المشرفة لرئيس الجمهورية في محاربة الفساد والمفسدين والنظام الدكتاتوري البائد.
وبحسب البيان، أبدت رئاسة الجمهورية استعدادها لتزويد الجهات ذات العلاقة بالوثائق والكتب الرسمية ووصولات تسديد الدفعات المالية كافة وكلف الصيانة التي تثبت عدم صحة ما تم تداوله.
كما أشار البيان الى، أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية أمام المحاكم والجهات المختصة بحق الأشخاص الذين قاموا، وأي شخص يثبت تورطه في هذا الترويج المفتعل والكاذب كونها أفعالاً يجرمها القانون وبعيدة كل البعد عن حرية الرأي، لأنها اتهامات لأعلى سلطة في الدولة.
وعلى مدى 20 عامًا بعد الغزو الأميركي للعراق، كانت القصور والعقارات والممتلكات التابعة لنظام الرئيس العراقي المقبور صدام حسين وجميع قيادات وأركان حزب "البعث" لقمة سائغة للكثير من الشخصيات التي تولّت زمام الحكم بعد 2003، وذلك في إطار تنفيذ إجراءات الاجتثاث التي صدرت عقب الغزو، وفق العديد من المراقبين.
وتشير التقديرات المتوفرة إلى نحو 80 مجمعا رئاسيا شُيِّد في عموم مناطق العراق بتصاميم مختلفة هي الأفضل على مستوى العالم من الناحية الهندسية والعمرانية، وتمتلك قيمة حضارية ومادية نادرة، وهي ملك الشعب، لكنها فقدت الاهتمام الاقتصادي والمادي من الدولة بعد 2003، حسب الباحث الاقتصادي إبراهيم المشهداني، وقد مهّد هذا التراخي استغلالها لأغراض شخصية وحزبية من شخصيات تتمتع بنفوذ سياسي وحكومي.
وأخطأت الحكومة العراقية -على حد تعبير المشهداني- باعتمادها سياسة اقتصادية خاطئة، وتجاهلها استغلال عقارات الدولة، وتوظيفها لدعم ميزانية الدولة بما لا يقل عن 10 مليارات دولار أميركي سنويا، لاسيما قصور صدام، التي كان من الممكن أن تتحول إلى مناطق سياحية مثل الموجودة في محافظة بابل (جنوب بغداد)، مستغربا بيع بعضها بأبخس الأسعار في وقت يبلغ الثمن الحقيقي للبعض منها نحو مليار دولار أميركي؛ لأنها مصممة بأفضل الخرائط والتصاميم الهندسية.
ويرى المشهداني أن اعتماد العراق على سياسة اقتصادية عرجاء، وعدم اهتمامه بالسياحة بالمستوى المطلوب، وحصر مصادر الثروة بمصدر واحد، وهو النفط، جعله يفقد الكثير من المصادر المالية؛ لينتج عن ذلك الأزمة الاقتصادية الحالية.
ولكي يتمكن العراق من اجتياز أزمته الاقتصادية الحالية، عليه استغلال قصور صدام بتحويلها إلى متاحف -كما يقترح المشهداني- أو بيعها بسعرها الحقيقي بعيدا عن الاستغلال السياسي من بعض السارقين والفاسدين بطرق "ملتوية واحتيالية"، محذراً في الوقت نفسه مما أسماها بـ"منظومات فساد" باتت تمتلك الخبرة والإمكانية للاحتيال على الدولة والقوانين، وتستثمر مثل هذه المواقع لأغراض خاص.
كما يشبّه المحلل السياسي سوران علي، إشغال قصور صدام والمباني الحكومية من الأحزاب والشخصيات السياسية، وعدم إخلائها وإعادتها إلى الدولة بعد مرور أكثر من 20 عاما على سقوط النظام البائد، بأحد أبرز مظاهر الفساد المستشري في البلاد، معتبرا أن التغافل عن هذه الظاهرة وعدم محاسبة المسؤولين عنها أو مفاتحتهم في الموضوع، وإجبارهم على ترك تلك القصور والمباني، تقاعس واضح وتقصير بيِّن، مطالبا بضرورة العودة إلى حكم القانون والقضاء، وعدم التساهل مع أي أحد إن كان العراقيون يبغون دولة القانون والمؤسسات، التي نادَوا بها قبيل إسقاط النظام البائد.