ستصل إلى 49°.. العراق على موعد مع أولى موجات الحر خلال الأسبوع المقبل.. كيف سيمر هذا الصيف؟
انفوبلس..
في الأسبوع المقبل، من المتوقع أن تزور العراق أولى موجات الحر اللاهبة معلنةً بداية فصل تحول خلال العقود الأخيرة من "أبو الفقير" إلى أَلدّ أعدائه، مع توقعات متناقضة حول كيفية مروره بين كونه الأكثر لهيباً خلال السنوات الأخيرة، وبين مروره معتدلاً فق بعض فتراته.
الموجة الأولى
الراصد الجوي علي الجابر الزيادي، كشف عن تعرض العراق لموجة حر هي الأولى لفصل الصيف الحالي، حيث ستلامس درجات الحرارة 49 مئوية في بعض الأماكن.
وقال الزيادي، إن "استمرار تعرض البلاد تحت درجات حرارة مرتفعة خلال اليومين القادمين، ثم تعقبها كتلة هوائية مصاحبة بنشاط رياح شمالية غربية تنشط أحياناً من عصر الجمعة وتؤدي إلى انخفاض بفارق أربع درجات وهبوط في يوم السبت يستمر حوالي ثلاثة أيام".
وأضاف، إن "العراق ينتتظر بعد منتصف الأسبوع المقبل، وتحديداً يوم 4 حزيران، موجة حر تعتبر الأولى هذا الصيف، ومعها تشهد معدلات الحرارة تسجيل درجة تلامس (49) مئوية في بعض الأماكن".
ولفت الزيادي، إلى انتهاء موسم الأمطار، قائلا "لا هطول مطريا في البلاد خلال الفترة المقبلة".
تشاؤم عالمي
في مطلع العام الجاري، أكدت بيانات عالمية أن عام 2023 المنتهي كان الأكثر سخونة على الإطلاق، فيما حذر العلماء من أن درجات الحرارة القياسية التي سُجلت قد يتم تجاوزها مجددا عام 2024.
وأشارت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي أن عام 2023 كان بالفعل العام الأكثر سخونة منذ عام 1850، إذ بلغت درجة حرارة سطح البحر حول العالم مستويات غير مسبوقة.
كما بلغ متوسط درجة حرارة سطح الهواء العالمي العام الماضي حوالي 15 درجة مئوية، متجاوزا الرقم القياسي السابق المسجل عام 2016 بمقدار 0.17 درجة مئوية.
ورصدت خدمة كوبرنيكوس، التي يتولاها المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى، أن عام 2023 كان في المتوسط أكثر دفئا بمقدار 1.48 درجة مئوية من مستويات ما قبل العصر الصناعي، عندما بدأ البشر في حرق الوقود الأحفوري على نطاق واسع.
بدء الانهيار المناخي
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش قد علق في سبتمبر أيلول الماضي على الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة قائلا، إن "كوكبنا عانى للتو من موسم من الغليان. إنه الصيف الأكثر سخونة على الإطلاق"، معتبرا أن "الانهيار المناخي قد بدأ".
لكن علماء الأرصاد الجوية في كوبرنيكوس يعتقدون أن هذا الرقم القياسي يمكن تجاوزه مرة أخرى قريبا جدا، إذ تشير توقعاتهم إلى أن عام 2024 قد يكون أكثر سخونة، مما يؤدي إلى المزيد من الأحوال الجوية القاسية التي عانى منها العالم العام الماضي.
وقالت الخدمة في بيان مطول: "هناك احتمال معقول أن تنتهي السنة التقويمية بمتوسط درجة حرارة يزيد عن 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الصناعة وفقا لمجموعات بيانات متعددة".
وكانت تقارير سابقة أشارت إلى مسؤولية ارتفاع درجات الحرارة عن ظواهر عدة مثل تفاقم حرائق الغابات في شرق كندا، والجفاف في القرن الأفريقي، والأمطار الغزيرة وموجات الحر في المملكة المتحدة.
وأثمر مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب 28" الذي انعقد في دبي نهاية 2023، على خارطة طريق "للتحول بعيدا عن الوقود الأحفوري". لكن برغم ذلك فإن الاتفاق لا يزال مقصرا بشأن الدعوة التي طال انتظارها "للتخلص التدريجي" من النفط والفحم والغاز، بحسب الأمم المتحدة.
وقال غوتيريش: إن العلم واضح في أنَّ الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض كي لا يتخطى 1.5 درجة مئوية "سيكون مستحيلا دون التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري"، محذرا من أن العديد من البلدان الضعيفة تتعرض لخطر الغرق بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر.
تفاؤل عراقي
بالمقابل، توقع مرصد "العراق الأخضر"، المتخصص في شؤون البيئة، منتصف الشهر الجاري، أن يكون هذا الصيف في البلاد الأكثر اعتدالا على مدى السنوات الماضية.
وأوضح عضو المرصد عمر عبد اللطيف، أن العراق عانى خلال السنوات الماضية من جفاف في مناطقه، خصوصا الجنوبية، ما أدى إلى تلوث شديد في نهر الفرات وحدوث حالات تسمم، إضافة إلى جفاف مساحات واسعة من الأهوار ونفوق الحياة المائية.
وأشار، إلى أن محافظات البصرة وذي قار وميسان والمثنى كانت أكثر المدن حرارة على مستوى العالم في أكثر من مناسبة.
وأكد عبد اللطيف، على أن الصيف المقبل سيكون أكثر اعتدالا، بفضل ارتفاع معدل تساقط الأمطار خلال فصلي الشتاء والربيع، مما ساهم في زيادة الغطاء النباتي لعموم البلاد بعد معاناة العراق من ارتفاع درجات الحرارة والعواصف الرملية بسبب قلة الأمطار ونقص المياه في الأنهار والسدود خلال الأعوام السابقة.
ماذا عن الكهرباء؟
في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وجه وزير الكهرباء، بإعلان حالة الاستنفار لحين انتهاء فصل الصيف، مؤكدا على، تحقيق زيادة في الإنتاج عما تحقق بالصيف الماضي.
وذكر بيان للوزارة، أن “وزير الكهرباء زياد علي فاضل، أجرى مساء اليوم الجمعة زيارة لشركة توزيع كهرباء بغداد، والتقى بالمدير العام ومعاونيه، ومديري الفروع والأقسام، وترأس اجتماعا تناول فيه حاجة المواطنين للكهرباء، والوقوف على ساعات التجهيز”، وأشار إلى، تحقيق زيادة في الإنتاج عما تحقق بالصيف الماضي، خُصص جزءا منها لبغداد، يفترض أنها ستسهم باستقرارية التجهيز، إلا أننا نسمع عن قطوعات وضعف بتجهيز بعض المناطق.
وأضاف، “مع ارتفاع درجات الحرارة سنتأكد من جدّية ما عملنا عليه من معالجة للاختناقات وتأهيل شبكات التوزيع، وينبغي تعزيز منظومتنا بمعالجات سريعة لأحمال المغذيات العالية، ولا بد من الاستنفار التام من الآن لحين انتهاء الصيف، وسرعة استجابة مراكز الشكاوى لمعالجة الأعطال”.
وألزم الوزير، المجتمعين “بعدد من النقاط والمحاور واعتمادها كورقة عمل رسمية واجبة التنفيذ وهي:
– موازنة الأحمال وتحقيق عدالة التوزيع، وتدوير مناولة الذبذبة على المغذيات بشكل دوري للمحافظة على المنظومة والتجهيز.
– توفير المواد والمعدات اللازمة للشبكة الكهربائية في قطاعات ومراكز الصيانة، وعدم تحميل المواطنين اي تبعات.
– رفع جداول رسمية بالمغذيات ذوي الحمال العالية، ومعالجتها بشكل فوري بشطرها ، وربط المحطات المتنقلة والمغذيات الجاهزة بخانات المحطات.
– التنسيق بشكل عالي مع دوائر البلدية، لمد قابلوات مشاريع فك الاختناقات ونصب المحطات بمراكز الحمل.
– تشكيل خلية طارئة لمتابعة مواقف الشبكة وساعات التجهيز في جميع مناطق بغداد.
– شطر مراكز الصيانة وتوفير الاليات لإنجاح عملها لتواكب خدمة المواطنين، وتقسيم الملاكات العاملة وجبات صباحية ومسائي وليلية وعلى مدار 24 ساعة.
– مناقلة المواد المحتاجة بين الفروع والقطاعات بحسب صلاحية المدير العام ومنح صلاحيات تبادلها واستعارتها مع شركات التوزيع الأخرى.
– التشديد على مراكز شكاوى المواطنين بالتعامل السريع مع الشكاوى الواردة وبخلافه سيكون هنالك إجراءات قانونية وادارية مع مستقبل الشكوى والصيانات.
– رسم خارطة فنية بين دوائر التوزيع والنقل، لتلافي عدم تحقيق السعات والاتاحات الملائمة.
– التأكيد على مشاريع رفع التعارضات، وتأمين الكهرباء لطرق فك الاختناقات المرورية، وتامينها للمستشفيات ومشاريع المياه والصرف الصحي.
– جاهزية المخازن على مدار اليوم لتأمين الدعم اللوجستي للصيانات.
مخاطر الوفاة من الحرارة
وفي سياق الصحة، كشفت دراسة طبية حديثة أن الارتفاع والانخفاض الشديد في درجات حرارة الطقس يزيد من مخاطر الوفاة بالسكتة الدماغية الإقفارية والنزفية، وخاصة في الدول ذات المناخ المتطرف كصيف العراق.
ووجد الباحثون، في كلية "تي إتش تشان" للصحة العامة في جامعة هارفارد، أن العلاقة بين درجات الحرارة القصوى والوفيات الناجمة عن السكتات الدماغية كانت أقوى في البلدان منخفضة الدخل عنها في البلدان مرتفعة الدخل.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، الباحث في قسم الصحة البيئية، براك الأحمد، إن "النتائج التي توصلنا إليها هي خطوة أخرى نحو فهم آثار تغير المناخ على السكتة الدماغية".
وأضاف، "مع ارتفاع درجات الحرارة، نتوقع زيادة في السكتات الدماغية المميتة واتساع التفاوت في وفيات السكتات الدماغية بين البلدان المرتفعة والمنخفضة الدخل".
ووفقاً لموقع "ميديكال إكسبريس" المختص، أسفرت الأبحاث السابقة حول العلاقة بين درجات الحرارة القصوى والوفيات الناجمة عن السكتات الدماغية عن نتائج مختلطة أو غير حاسمة.
كما أن معظم الدراسات اقتصرت على مدن أو بلدان منفردة، ومعظمها من البلدان ذات الدخل المرتفع، ولم يفرق سوى عدد قليل منها بين الأنواع الفرعية للسكتة الدماغية.
ولمعالجة هذه الفجوات، استفاد الباحثون من بيانات Multi-Country Multi-City Network، وهو اتحاد عالمي للصحة البيئية، لبناء قاعدة بيانات متعددة الجنسيات والأقاليم لوفيات السكتات الدماغية الإقفارية والسكتات الدماغية النزفية.
وتتكون قاعدة البيانات من أكثر من 3.4 مليون حالة وفاة بالسكتة الدماغية الإقفارية وأكثر من 2.4 مليون حالة وفاة بالسكتة الدماغية النزفية، تم الإبلاغ عنها بين عامي 1979 و2019 في 522 مدينة في 25 دولة.
ووجدت الدراسة أنه من بين كل 1000 حالة وفاة بسبب السكتة الدماغية الإقفارية والسكتة الدماغية النزفية، يعزى نحو 11 حالة إلى الأيام شديدة البرودة أو شديدة الحرارة.
ومن بين تلك الوفيات ساهمت الأيام الأكثر برودة وسخونة بنسبة 2.5% في 9.1 و2.2 حالة وفاة زائدة، على التوالي، وأيضا من بين كل 1000 سكتة دماغية نزفية ساهمت الأيام الأكثر برودة وسخونة بنسبة 2.5% في 11.2 و0.7 حالة وفاة زائدة.
يشار إلى أن العراق من بين أكثر خمسة بلدان تضرراً من التغير المناخي، وسجلت درجات الحرارة مستويات قياسية خلال فصل الصيف في السنوات الأخيرة حيث تجاوزت الخمسين درجة مئوية.