سعوديون وكويتيون يقودون نقل المخدرات إلى الخليج عبر العراق.. كيف اعتُقل التاجر الدولي اليوم؟
انفوبلس/ تقرير
تشير أغلب التقارير الأمنية، إلى أن خطوط نقل المخدرات، وأبرزها الكبتاغون الذي يتمّ تهريبه بشكل أساسي من سوريا "التي باتت المصدر الرئيسي لتصنيع تلك الحبوب المخدرة"، إلى الخليج عبر العراق، يقودها سعوديون وكويتيون، في وقت بات العراق مقراً للتجار الدوليين وطريقا أساسيا لتهريب المخدرات والاتجار بها على الرغم من تعزيز القوات الأمنية عملياتها في ملاحقتهم.
يشير تقرير لمنظمة الأمم المتحدة، إلى أن السلطات العراقية صادرت عام 2023 رقما قياسيا بلغ 24 مليون قرص كبتاغون تُقدر قيمتها بين 84 مليون دولار و144 مليونا، مضيفا أن مضبوطات هذه المادة زادت بنحو ثلاثة أضعاف بين سنتي 2022 و2023.
العراق يتحول إلى "مقر" دولي لتجارة المخدرات
توسعت تجارة المخدرات وتعاطيها في العراق، حتى بات مقرا للتجار الدوليين وطريقا أساسيا لتهريب المخدرات والاتجار بها على الرغم من تعزيز القوات الأمنية عملياتها في ملاحقتهم ودخول المرجعية الدينية في الآونة الأخيرة على خط الأزمة للحد منها.
واليوم السبت 7 أيلول/ سبتمبر 2024، اعتقلت قوة أمنية عراقية، تاجر مخدرات سعودي الجنسية وفككت أخطر العصابات الدولية في الخليج ومحافظة البصرة، وذلك بحسب مصادر أمنية رفيعة المستوى تحدثت لشبكة "انفوبلس".
وتقول المصادر، إن "الأجهزة الأمنية العراقية ألقت القبض على تاجر مخدرات سعودي الجنسية بحوزته 100 كيلو غرام من حبوب الكبتاغون المخدرة"، مشيرة الى أن "التاجر كان قد حصل على الحبوب المخدرة من تجار أدخلوها من سوريا إلى محافظة البصرة".
وتبين المصادر الأمنية، إن "عملية القبض كانت نوعية وبإشراف مديرية مكافحة المخدرات في المحافظة"، لافتة إلى أن "العملية الأمنية أسفرت عن تفكيك أخطر العصابات الدولية لنقل المخدرات في البصرة ومنطقة الخليج".
وهذه المعلومات تأتي تأكيداً للتقارير الأمنية السابقة – اطلعت عليها شبكة "انفوبلس" - التي تشير الى أن الخطوط الدولية لتجارة المخدرات بين دول الخليج والعراق تقودها قيادات من دولتي السعودية والكويت المجاورتين للعراق.
وفي بداية العام الجاري، أفصحت مديرية استخبارات ومكافحة الارهاب وقيادة الشرطة المحلية في محافظة البصرة، عن خط دولي لتجار المخدرات يعمل منذ (6 سنوات) بالمحافظة، وضبط كمية كبيرة من الحبوب المخدرة تُقدر بـ 200 كيلو غرام.
وقال قائد شرطة محافظة البصرة اللواء قاسم راشد زويد في مؤتمر صحفي عقده في آذار 2024: "بالتعاون مع مديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب تم اكتشاف خط دولي لتجارة المخدرات وإلقاء القبض على أربعة متهمين صادرة بحقهم أوامر إلقاء قبض وضبط كمية كبيرة من الحبوب المخدرة"، مبينا، "سنواصل عملنا على مدار الساعة دون كلل في المجال السري والعلني مستخدمين الوسائل المتوفرة كافة لحفظ الأمن والاستقرار في وطننا الحبيب ومحافظتنا الفيحاء".
من جانب آخر، كشفت مصادر أمنية لشبكة "انفوبلس"، إن "الخط الدولي لتجارة المخدرات الذي أعلنت عنه قيادة شرطة محافظة البصرة بالتعاون مع مديرية استخبارات ومكافحة إرهاب المحافظة، هو خط رئيسي لنقل المخدرات بين دول الخليج والعراق"، لافتة إلى أن "غالبية قيادات هذا الخط هي من دولتي السعودية والكويت".
وتُعد المخدرات من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع العراقي، لاسيما أن تجارتها توسعت بشكل خطير في الفترة الأخيرة، فيما توجد تحركات نيابية لتعديل قانون المخدرات، حيث سيتضمن القانون الجديد إجراءات مهمة على مستويات مختلفة تسعى لتشديد العقوبات على المتاجرين، وتعزيز البرامج العلاجية للمدمنين، إضافة لتحويله صفة المتعاطي من "مجرم" إلى "مريض" لأول مرة في تاريخ العراق.
*اعتقال 90 تاجر مخدرات دولي منذ بداية 2024
وفي نهاية الشهر الماضي (آب/أغسطس 2024)، أعلنت المديرية العامة لشؤون المخدرات، التابعة لوزارة الداخلية العراقية، عن حصيلة عدد تجار المخدرات الدوليين والمحليين الملقى القبض عليهم خلال العام 2024.
وذكرت المديرية، في بيان ورد لشبكة "انفوبلس"، إن "مفارز المديرية، تمكنت منذ مطلع العام الحالي ولغاية يوم 30 آب/ أغسطس، من اعتقال (90) تاجر مخدرات دولي، و(221) تاجر مخدرات محلي". مؤكدة، "صدور بحقهم أحكام قضائية بالإعدام والسجن المؤبد".
ويرى مراقبون وخبراء أن تكثيف الحملات الأمنية والاستخبارية، خطوة ضرورية في إطار الحرب على آفة المخدرات، التي لا تقل خطورة عن الإرهاب، حيث قال الخبير الأمني عماد علو، إن "دخول المخدرات بهذا الحجم عبر الحدود يعني وجود خروقات وتعاون وهذا يحتاج الى إعادة هيكلة وتدريب وتطوير قوات حرس الحدود والقوات المختصة بمكافحة المخدرات".
وفي 12 آب/ أغسطس الماضي 2024، أعلن مكتب المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله)، عن حرمة تجارة وتعاطي المخدرات، داعيا إلى العمل على تطهير الأجهزة الأمنية من الفاسدين. في المقابل دعت لجنة الصحة والبيئة في البرلمان العراقي، في 10آب/ أغسطس الجاري، إلى اتخاذ إجراءات مشددة للحد من تهريب المخدرات إلى العراق، مؤكدة أن موظفين وعناصر أمن يسهّلون دخول المخدرات عبر المنافذ الرسمية.
يُشار إلى أن أكثر أنواع المخدرات رواجاً كما يؤكد مسؤولون أمنيون، هي مادة الكريستال التي يتراوح سعر الغرام الواحد منها بين 15 إلى 25 ألف دينار (11.5 إلى 19 دولارا)، والكبتاغون الذي يصل سعر الحبة الواحدة منه إلى نحو دولارين، وغالبية متعاطيها هم من فئة الشباب بين 18 إلى 30 سنة.
والكبتاغون تسمية قديمة لعقار يعود إلى عقود مضت، لكن تلك الحبوب، وأساسها الأمفيتامين المحفّز، باتت اليوم المخدّر الأول على صعيد التصنيع والتهريب، وحتى الاستهلاك في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي.
العراق يفكك 230 شبكة مخدرات بينها دولية خلال 3 سنوات
كشف رئيس المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، الخميس الماضي، أن وزارة الداخلية فككت 230 شبكة لتجارة المخدرات بينها 27 شبكة دولية، وألقت القبض على 43 ألف تاجر ومروج للمخدرات.
وقال الغراوي في بيان ورد لشبكة "انفوبلس"، إن "عدد الملقى القبض عليهم في تجارة وحيازة المخدرات بلغ 43 ألف تاجر وحائز مخدرات خلال السنوات الثلاث الأخيرة بينهم 150 تاجراً أجنبياً"، مضيفا أن "المديرية العامة لشؤون المخدرات ضبطت أكثر من 28 طناً من المخدرات والمؤثرات العقلية إضافة إلى ملايين الحبوب المخدرة والمهلوسة"، مبيناً أن "نسبة التعاطي في المناطق الفقيرة بلغت 17% وأعلى نسب لأعمار المتعاطين كانت من 15-30 سنة".
وبين، إن "أكثر المواد تعاطياً في العراق هي الكريستال حيث بلغت 37.3%، والكبتاغون 34.35%، والأنواع الأخرى بلغت 28.35%"، لافتا الى أن "العام 2022 شهد إتلاف خمسة آلاف طن من المخدرات والمؤثرات العقلية، و54 مليون حبة مخدرة، و31 ألف أمبولة، وتسعة آلاف قنينة من المخدرات المختلفة".
وفي العام 2023 تم إتلاف كميات كبيرة من المخدرات والمؤثرات العقلية بواقع طنين و118 كيلواً 386 غراماً، بالإضافة إلى أربعة ملايين و934 ألفاً و132 قرصاً مخدراً، أما في العام 2024 فقد جرى إتلاف 42 مليوناً و322 ألفاً و380 كيلواً و322 غراماً و390 مليغراماً من مجموعة مواد مخدرة ومؤثرات عقلية مختلفة، و772 قرصاً من مجموعة مواد مخدرة ومؤثرات عقلية مختلفة، بحسب الغراوي.
وطالب الغراوي، الحكومة، بتفعيل إجراءاتها بإنشاء مصحات لتأهيل المدمنين سواء الحكومية منها أو الأهلية أو عن طريق الاستثمار وفقاً لأعلى المعايير العالمية، داعيا البرلمان والحكومة إلى الإسراع بتعديل قانون المخدرات رقم 50 لسنة 2017 وأن يكون قانوناً علاجياً وقائياً رادعاً وتعديل العقوبات الواردة فيه ضد تجار المخدرات واعتبار المتعاطين مرضى بحاجة إلى الرعاية بدلاً من وصمة العار.
وحثَّ الغراوي، الحكومة والفعاليات المجتمعية والمؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني، إلى إطلاق حملة للوقاية من خطر المخدرات، وتعزيز الجهد الاستخباراتي والأمني وملاحقة عصابات الجريمة المنظمة وتعزيز الجهود مع دول الجوار الإقليمي لمنع دخول المخدرات للعراق.
وكان مجلس النواب العراقي قد شرّع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، وضم 51 مادة، إثر دخول العراق في معاهدات دولية عديدة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، ومع الارتفاع الكبير في أنشطة العصابات الإجرامية المتخصصة بتهريب وترويج المخدرات في مختلف أنحاء البلاد، وحتى زراعة بعض أنواعها.
ونصت المادة الثالثة من القانون، على تأسيس هيئة تابعة لوزارة الصحة باسم الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، مهمتها وضع سياسة عامة لاستيراد أي نوع من المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيمياوية وتصديرها.
ويتضمن قانون المخدرات رقم 50 لسنة 2017 عقوبات تصل إلى الإعدام، حيث تنص المادة 27 على عقوبات قاسية منها "يعاقب بالإعدام أو المؤبد كل من يتورط بزراعة المخدرات والصناعة والاستيراد والتصدير"، أما فيما يخص تجارة المخدرات محلياً ما بين النقل والترويج فتنطبق عليها أحكام المواد 28 من القانون والتي تتضمن "عقوبات السجن المؤبد أو المؤقت".
وفي مايو/ أيار الماضي، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن حكومته ستتعامل مع قضايا المخدرات على أنها "تهديد إرهابي"، مشيرا إلى أنها "وضعت استراتيجية وطنية مكثفة لمكافحة المخدرات للسنوات 2023-2025 ضمن خطة موسعة نحو عراق خالٍ من المخدرات".