شبكة معقدة تحتال على التقاعد بنحو مليار دولار.. جريمة كبيرة وحجم المتورطين واسع
ملف تزوير معاملات ضحايا الإرهاب
شبكة معقدة تحتال على التقاعد بنحو مليار دولار.. جريمة كبيرة وحجم المتورطين واسع
انفوبلس/..
في عملية نوعية، وجهد استخباري وميداني دام لأكثر من ثلاثة أشهر، جرى الكشف يوم أمس الجمعة، عن تفاصيل تخص ملف تزوير المعاملات التقاعدية لضحايا الإرهاب، والتي شهدت هدراً في المال العام يُقدر بنحو مليار دولار، والقبض على مسؤولين متورطين بينهم من مديرية التقاعد العامة ومديريتي تقاعد الأنبار وصلاح الدين ووزارة التربية ومؤسسة الشهداء، فضلاً عن ضباط ومنتسبين أمنيين.
*تفاصيل
كشف جهاز الأمن الوطني والفريق الساند للهيئة العليا لمكافحة الفساد، أمس الجمعة، عن تفاصيل ملف تزوير المعاملات التقاعدية لضحايا الإرهاب.
وقال الناطق باسم الأمن الوطني، أرشد الحاكم، في بيان تابعته شبكة انفوبلس، إنه "استناداً إلى توجيهات دولة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حول مكافحة الفساد ومتابعة شبكة المعقبين والمروجين للمعاملات التقاعدية المزورة في الأنبار، نفذ جهاز الأمن الوطني والفريق الساند للهيئة العليا لمكافحة الفساد وبعد جهد استخباري وميداني دام لأكثر من ثلاثة أشهر، عملية نوعية مشتركة".
وأضاف، إن "العملية أسفرت عن الإطاحة بأكبر وأخطر شبكة من الفاسدين المتورطين بقضايا اختلاس المال العام وتزوير المعاملات التقاعدية لضحايا الإرهاب في الأنبار وبغداد وصلاح الدين".
وأشار إلى، أن "العملية تمت وفق أوامر قبض قضائية صادرة من قاضي محكمة تحقيق الأنبار المختصة وبالتنسيق مع هيئة التقاعد العامة، وأسفرت عن إلقاء القبض على 34 متهماً من بينهم موظفون كبار كانوا يعملون في مديرية التقاعد العامة ومديريتي تقاعد الأنبار وصلاح الدين ووزارة التربية ومؤسسة الشهداء، فضلاً عن موظفين في الشركة العالمية للبطاقة الذكية كي كارد وضباط ومنتسبين ومعقبين".
ولفت إلى، أن "المتهمين مارسوا عمليات تزوير المعاملات التقاعدية بأسماء وصور وهمية، وتزوير الهويات التقاعدية، وإصدار بطاقات الماستر كارد المزورة، وبيع البيانات الخاصة بمؤسسة الشهداء والتقاعد العامة عبر ضباط وموظفين متنفذين، والتلاعب بالموقف الأمني السلبي".
وتابع: "ووفقاً للتحري المشترك بيّن الفريق الساند وجهاز الأمن الوطني وهيئة التقاعد الوطني، فقد بلغت قيمة الهدر بالمال العام جراء عمليات التزوير المذكورة 1 تريليون و32 مليار دينار، يتم اختلاسها وفق ذرائع (إيقافات لأغراض تدقيقية أو إيقافات الموقف الأمني السلبي أو تدقيق الرقابة الداخلية)".
وأكد، إن "جهاز الأمن الوطني والفريق الساند للهيئة العليا لمكافحة الفساد مستمرين في ملاحقة المفسدين والزج بهم خلف القضبان".
*تقاعد الانبار
في 11 كانون الثاني الجاري، أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، صدور قرار حكمٍ حضوريٍ بالحبس الشديد على مدير تقاعد الأنبار السابق، وتسديد مبلغٍ ماليٍّ يناهز ثلاثين مليار دينارٍ للخزينة العامَّـة.
وذكر مكتب الإعلام والاتصال الحكوميّ في الهيئة في بيان عن القضيَّة التي حقَّقت فيها الهيئة وأحالتها إلى القضاء، أن محكمة جنايات مُكافحة الفساد المركزيَّة أصدرت حكماً حضورياً بالحبس الشديد لمُدَّة خمس سنواتٍ بحقِّ مدير تقاعد الأنبار سابقاً، فضلاً عن غرامةٍ ماليَّةٍ مقدارها (14,934,257,000) مليار دينار.
وأضاف المكتب، أنَّ القرار تضمَّن إلزام المُدان بردّ قيمة الكسب غير المشروع البالغة (14,934,257,000) مليار دينار، بعد حسم مبلغ (4,998,700) مليون دولارٍ أمريكيٍّ، مُبيّناً أنَّ المبلغ المذكور يمثل قيمة المبلغ المُسدَّد سابقاً من قبل المحكوم، إضافة إلى مبلغ (380,000) ألف دولارٍ أمريكيٍّ عن قيمة سيَّارتين نوع (كاديلاك وجي كلاس) تمَّ ضبطهما، إذ قرَّرت المحكمة مصادرتهما وإيداعهما لدى هيئة النزاهة، للتصرُّف بهما وفق القانون.
وأوضح، أنَّ الدائرة القانونيَّة في الهيئة أشارت إلى أنَّ المحكمة، وبعد اطلاعها على الأدلة المُتحصّلة في هذه القضيَّة والتقرير الفني لدائرة الوقاية، وجدتها كافيةً ومُقنعةً لإدانة المُتَّهم، فأصدرت حكماً حضورياً بإدانته يقضي بالحبس الشديد ورد قيمة الكسب غير المشروع والغرامة التي تعادل تلك القيمة، وذلك استناداً إلى أحكام المادة (19/ثالثاً) من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم (30 لسنة 2011) المُعدَّل.
وتابع، أنَّ المحكمة قرَّرت أيضاً عدم إطلاق سراح المحكوم عند انقضاء محكوميَّته؛ إلا بعد سداد مبلغ الغرامة ورد قيمة الكسب غير المشروع؛ وفقاً لأحكام الفقرة (رابعاً/ 19) من قانون الهيئة، مع إعطاء الحقّ لهيئة النزاهة الاتحاديَّة؛ للمطالبة بالتعويض بعد اكتساب قرار الحكم للدرجة القطعيَّة، وتأييد الحجز الواقع على أموال المحكوم المنقولة وغير المنقولة.
*عمليات تزوير وهدر
وفي 28 تموز الماضي 2023، قالت هيئة النزاهة، إنّها اكتشفت آلاف الوثائق تثبت عمليات تزوير وتلاعب وهدر أموال في دائرة هيئة التقاعد في محافظة الأنبار.
وشملت العملية، "إيقاف مئات المعاملات الأصولية وإطلاق آلاف المعاملات المزورة"، وفق بيان للهيئة، مع "ضبط عمليات تلاعب وتزوير ومحادثات هاتفية بوعود إطلاق معاملات مقابل آلاف الدولارات للواحدة منها".
وأشارت الهيئة إلى، أنّ العملية نُفذت من قبل فريق من "مكتب تحقيق الهيئة في الأنبار"، وانتهت بـ "ضبط آلاف المعاملات والأضابير والأرقام التقاعدية الوهمية المزورة"، إثر معلومات "تفيد بوجود خروقات كبيرة ومخالفات وعمليات تزوير في الدائرة".
وكشفت الهيئة، عن ضبط "2935" معاملة مودعة في دائرة التقاعد "غير مسجلة في الدائرة"، مبينة أنّ المعاملات "لا تحتوي على كتاب إحالة صادر عن مؤسسة الشهداء".
كما كشفت عن ضبط "98 رقمًا تقاعديًا يتم صرف الرواتب التقاعدية بموجبها دون وجود أي إضبارة لها أو أوليات، أي معاملات وهمية".
وقالت الهيئة أيضًا، إنّ "عمليات التدقيق التي قام بها الفريق أفضَت إلى ضبط 16 إضبارة تقاعدية مزورة، وبودرة حاسبة في مكتب أحد الموظفين تتضمن 5 أرقام تقاعدية يمكن استغلالها بتنظيم معاملات تقاعدية مقابل مبالغ ماليَّة تتراوح من (3000 - 3500) دولار لكل معاملة".
وأضافت، إنّ "العمليَّة أسفرت أيضًا عن ضبط 7 كتب صادرة عن مؤسسة الشهداء للأعوام (2020 -2021) متوقفة عليها 317 معاملة تقاعديّة مستوفية الشروط ولم يتم إطلاق المبالغ لمستحقيها، حيث تم إيداعها لدى مدير التقاعد".
وبيّنت، إنّ "الفريق عثر على 3 أجهزة هاتف مخفيَّة في إحدى ساحات الدائرة تبيَّن احتواءها على محادثات ومراسلات؛ لتمرير معاملات تقاعديَّة مقابل مبالغ ماليَّة، وصور لمعاملات ووثائق وغيرها".
وأكّدت الهيئة، وفق البيان، تنظيم "محضر ضبط أصولي بالعملية، لعرضها مع الوثائق والمضبوطات وأحد المتهمين الذين تعود إليه أجهزة الهاتف على قاضي التحقيق، من أجل استكمال الإجراءات القانونية وتحديد المقصرين"، مشيرة إلى أنّ "فريق مكتب تحقيق الهيئة في الأنبار يقوم بتقدير قيمة الضرر بالمال العام".
*فساد الانبار
يُشار إلى أن الفساد استشرى في مؤسسات الدولة العراقية بمختلف المحافظات بشكل كبير، فلن تخلو مؤسسة من سرقات مالية كبيرة واختلاس مبالغ "لا تُعد ولا تحصى"، إلا أن ما حصل من سرقات لاسيما في المحافظات الغربية خصوصا الانبار، بعد تحرير أراضيها من دنس داعش "تُحيّر العقول".
وتشهد محافظة الأنبار منذ أشهر حملة لفتح ملفات الفساد المالي والإداري من قبل اللجنة العليا لمكافحة الفساد بالتعاون مع هيئة النزاهة وجهاز الأمن الوطني، والتي أسفرت عن اعتقال عدد من المسؤولين في المحافظة كان أبرزهم مدير هيئة التقاعد في الأنبار.
كما تحدثت بعض المصادر الحكومية عن أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني طلب من محافظ الأنبار تقديم استقالته على خلفية ملفات فساد في المحافظة، حيث إن هيئة النزاهة الاتحادية، أعلنت مؤخراً، صدور أمر استقدام بحق محافظ الأنبار الحالي على خلفيَّـة تهمة الإضرار بالمال العام.
وفي وقت سابق، نفذت قوة أمنية قادمة من بغداد عمليات اعتقال لعدد من موظفي دوائر البلدية والضريبة والتسجيل العقاري على خلفية وجود عمليات تلاعب في آلية توزيع قطع أراض تعود للدولة في محافظة الانبار، إذ عُرفت القضية باسم "أراضي الوفاء"، وتفيد مصادر مطلعة، أن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وعائلته أبرز المتورطين في القضية.
في 04 نيسان 2023، حيث أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية، تنفيذها عملية "كبرى واستثنائية" بمديرية التسجيل العقاري في محافظة الأنبار أسفرت عن القبض على مديرها و5 مسؤولين فيها بتهمة التلاعب والتزوير في أضابير تمليك عشرات الآلاف من الأراضي، مشيرة الى التحرُّز على ما يقارب سبعين ألف إضبارة عقار تم تمليكها بصورةٍ مخالفة للقانون، وضبط أربعمئة هـوية مزوّرة تعـود إلى إحـدى النقابات ومخشّلات ذهبيَّـة ثمينة، فيما بيّنت أن مجموع الأموال المضبوطة ناهز مليوناً وستمئة ألف دولار وقرابة ستمئة مليون دينار.