شتاء جاف في العراق شارف على النهاية.. وغياب الأمطار سيترك أثره على طبيعة الصيف والموسم الزراعي المقبلَين
انفوبلس/..
مع قرب انتهاء موسم الشتاء، لم يسجل العراق أي هطول للأمطار بكميات جيدة، وغياب الأمطار قد أثار قلق الكثير بتحول أراضٍ جديدة إلى صحراء بسبب عدم هطول الأمطار التي تساهم في بعض المواسم في وفرة المخزون المائي ورَيّ الزراعة.
ويشير الكثير من المختصين الى دخول العراق بموسم جفاف حاد خلال الصيف المقبل، كون الموسم الشتائي لم يحمل معه أمطارا كافية لموسم الصيف الّلاهب، ويبقى على الحكومة العراقية أن تتفاوض مع جيرانها ذات التأثير المائي على نهري دجلة والفرات، بشأن زيادة الإطلاقات المائية للحفاظ على موسم الزراعة الصيفي.
لا أمطار تلوح بالأفق
المتنبئ الجوي، صادق عطية بيّن أسباب شحّة سقوط الأمطار في مناطق الوسط والجنوب، حيث أوضح أن "الغلاف الجوي عبارة عن منظومات ضغطية (مرتفعات ومنخفضات) تؤثر إحداهما بالأخرى (المرتفع يجلب طقسا مستقرا وعكسه المنخفض)".
وتابع، أن "الوضع الحالي يشير إلى سيطرة مرتفع جوي على وسط الجزيرة العربية وجنوب العراق وصل تأثيره لمناطق الوسط أيضا نتيجة لضعف التبريد القادم من أوروبا فهو غير قادر على زحزحة المرتفع القوي".
وأشار الى، أن ذلك هو "السبب في منع تشكُّل السحب واندفاع المنخفضات القادمة من جنوب أوروبا والبحر المتوسط أكثر نحو الجزيرة التي تعاني أيضا من شحة الهطول".
تدهور الوضع المائي
من جهته يقول المختص بالشأن المائي جابر الحميد، إن "الوضع المائي يتجه نحو تدهور أكبر وأخطر".
وبيّن الحميد، إن "شح المياه التي يشهدها العراق تحتاج الى وقفة جادة من قبل وزارة الموارد المائية والحكومة العراقية بصورة مباشرة"، لافتا الى أنه مع نهاية الموسم الشتوي إذا لم تسقط الأمطار فإن خزين العراق المائي مهدد بالخطر.
وأشار، الى أن "الخطة الشتوية المقررة في الشهر المقبل تتمثل بمليون ونصف المليون دونم لزراعة الحنطة والشعير وهذا رقم كبير يكلف 6 مليارات متر مكعب من المياه".
وبيّن، إن "العراق مهدد بالجفاف التام، إذا لم تسقط الأمطار بنهاية السنة الحالية”، لافتا الى، "وجود تقصير دولي تجاه الأهوار".
ومضى الحميد بالقول، إن "وزير الموارد المائية غير قادر على حل أزمة المياه"، متحدياً "الحكومة أن تعرف إيرادات المياه من دول الجوار".
ويأمل العراقيون بأن يشهد العراق خلال الأيام المقبلة هطولاً للأمطار، لكي تتبدد مخاوفهم من حلول صيف قاس.
لا سيول من إيران
وفي الوقت الذي أكد فيه مسؤول محلي، ترقُّب وصول سيول الأمطار في 5 وديان حدودية مع إيران شرقي ديالى لإنعاش أنهار المحافظة، مع ارتفاع مستوى هطول الأمطار خلال الساعات الماضية، ألا أن ذلك لم يتحقق حيث لم تصل الوديان الحدودية بين العراق وإيران أي سيول متوقعة حتى الآن.
وقال قائممقام قضاء مندلي وكالة، إن "موجة مطرية ضربت الشريط الحدودي شرق ديالى في الساعات الماضية بمعدلات متفاوتة. لافتا الى أن هناك ترقُّباً لتدفُّق سيول في 5 وديان مع إيران".
وأضاف، إنه "يستبعد إعلان حالة الاستنفار القصوى كون الموجة المطرية لم تكن قوية جدا وفق القراءات الأولية لكن يبقى الوضع تحت المراقبة للتدخل من قبل خلية الأزمة الحكومية في أي لحظة من أجل تقديم العون لأهالي القرى الحدودية".
وأشار الى، أن "الموجة المطرية كانت في الجانب الإيراني أكثر غزارة لكن مع تدفق أي موجة سيول محتملة ستظهر مدى قوة ومستوى هطول الأمطار في الساعات القادمة".
وشهدت مناطق شرق ديالى هطول أمطار بمعدلات متفاوتة في الساعات الماضية وسط توقعات بأن تكون ذروة الموجة المطرية اليوم".
تأثير الجفاف على المحاصيل الزراعية
وتشير التوقعات إلى أن الصيف المقبل في العراق سيكون حاراً وجافاً، ومن المتوقع أن يكون معدل هطول الأمطار في الأيام المتبقية من الشتاء أقل من المتوسط بكثير، وقد يؤدي هذا إلى مخاوف بشأن تأثير ذلك على الزراعة.
ويقع تأثير الجفاف الحاصل نتيجة قلة سقوط الأمطار، على القطاع الزراعة بانخفاض الإنتاج في المحاصيل الرئيسية في العراق بشكل كبير، وهجرة السكان من المناطق الريفية إلى المدن، بحثاً عن فرص عمل.
وقد حذرت وزارة الموارد المائية العراقية من أن الجفاف قد يؤدي إلى فقدان مساحات من الأراضي الزراعية في البلاد، كما توقعت الوزارة أن تواجه مناطق جنوب العراق، التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة، تحديات كبيرة في توفير مياه الشرب.
خطة الزراعة لمواجهة شحة المياه
أزمة الشح المائي في العراق خلّفت تداعيات بالغة على مختلف جوانب الحياة، ما دفع خطة الموسم الزراعي إلى الاعتماد بصورة كبيرة على تقنيات الرَّيّ الحديثة لتوفير المياه.
وأعلنت وزارة الزراعة، في 22 كانون الثاني 2024، عن تفاصيل خطتها للموسم الزراعي 2023-2024، مشيرة إلى اعتماد الجزء الأكبر منها على منظومات الرَيّ الحديثة.
وقال الوكيل الإداري لوزارة الزراعة مهدي سهر، إن "وزارة الزراعة، أعدَّت خطة زراعية للموسم الزراعي 2023-2024، بانخفاض المناطق الزراعية المرويّة بحدود المليون دونم عن السنة الماضية التي كانت 2 ونصف مليون دونم". مبينًا، إن "ذلك بسبب قلة الإيرادات المائية من نهري دجلة والفرات، والإجراءات التي اتخذها الجانب التركي في تقليص حصة المياه".
وأضاف سهر، إن "الجزء المتحقق من المساحات الزراعية الأخرى اعتمد (4) ملايين دونم من مناطق الإرواء باستخدام منظومات الرَيّ الحديثة واعتمادًا على الآبار".
وبيّن، إن "هناك 4 ملايين دونم في المناطق الديميّة مضمونة الأمطار وشبه المضمونة خلال بداية الموسم الحالي، حيث غطّت معدلات تساقط الأمطار جزءًا كبيرًا من مساحات الأراضي الزراعية وحققت الرَيّة الأولى وأُنجزت بالكامل".
وتابع، إن "وزارة الزراعة بانتظار الرَيّة الثانية خاصةً أن الأجواء رطبة خلال الفترة الحالية، وأيضاً مع الإيرادات المائية المتوفرة سيتم تحقيق الرَيّة الثانية بانسيابية تامة". مشيرًا إلى، أن "الجزء الأكبر من المساحات الزراعية اعتمد على منظومات الرَيّ الحديثة والرَيّ التكميلي".
الموسم الزراعي ومياه الآبار
وكانت وزارة الزراعة قد أعلنت في شهر أيلول الماضي، الخطة الزراعية الأولى من نوعها التي يشهدها العراق ويتم فيها الاعتماد على ما نسبته نحو 75 بالمائة من مياه الآبار لتأمين سقي المزروعات.
وأقرّت وزارتا الزراعة والموارد المائية العراقيتان، خطة زراعية للموسم الشتوي الحالي، تعتبر هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، عبر الاعتماد على المياه الجوفية بشكل رئيسي في تأمين مياه السقي.
ودفعت أزمة المياه في العراق، الذي يُعد أحد أكبر الدول الزراعية العربية، إلى تقليص الاعتماد على اثنين من أكبر الأنهار في المنطقة وهما دجلة والفرات في خطة الموسم الزراعي، والاعتماد على المياه الجوفية كمصدر رئيسي للرَيّ في العراق، بعد أن شهد النهران تراجعاً تاريخياً في كميات المياه بهما بسبب السدود التي بنتها الدول المجاورة، والتغيرات المناخية بالمنطقة.