شجار في مستشفى ابن الخطيب يتحول إلى "أزمة".. القصة تعود لوفاة زوجة مدير مديرية الدروع اللواء عامر خميس
انفوبلس/ تقرير
أظهر مقطع مصور انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، اعتداءً جماعياً على عدد من الكوادر الطبية والتمريضية في مستشفى ابن الخطيب بالعاصمة بغداد، ليُثير الكثير من التساؤلات حول الأسباب التي أدت الى ذلك والتي سنتعرف عليها في هذا التقرير.
عِرَاك بالأيدي واعتداء على الكوادر الطبية في مستشفى ابن الخطيب بالعاصمة بغداد
يوم الجمعة الماضي 4 آب/ أغسطس 2023، شهدت مستشفى ابن الخطيب بالعاصمة بغداد، عِرَاكاً بالأيدي، واعتداء على الملاكات الطبية. وأظهر مقطع فيديو متداول، حصلت عليه "انفوبلس، "عِرَاكاً بالأيدي واعتداء على الملاكات الطبيّة في مستشفى ابن الخطيب ببغداد".
وبحسب الفيديو، "أُصيب عدد من الأشخاص نتيجة الضرب والاعتداء".
وبعدها، أدانت وزارة الصحة، التعدي على ملاكاتها في مستشفى ابن الخطيب ببغداد. وذكر بيان للوزارة أنها "تدين بأشد عبارات الإدانة والاستنكار التعدي الذي طال ملاكات مستشفى ابن الخطيب في بغداد من قبل ضابط برتبة كبيرة في وزارة الدفاع وأفراد حمايته، واصفة ما جرى بالتعدي السافر وتؤكد مضيّها بالإجراءات القانونية بحق المعتدين".
وأضافت الوزارة، أن "ما جرى هو وفاة امرأة بالحمى النزفية راقدة في مستشفى ابن الخطيب ببغداد وبعد إكمال إجراءاتها الإدارية والفنية من أوراق رسمية وكيس معفرات وأثناء التوثيق الأصولي لغرض رفعه إلى دائرة الصحة العامة من قبل أحد الممرضين، فوجئ الممرض بالاعتداء عليه بالضرب من قبل ذوي المتوفية بحضور والدهم الضابط برتبة كبيرة في وزارة الدفاع ومرافقيه من دون سابق إنذار أو مقدمات".
وأكدت الوزارة، أنها "ماضية بالإجراءات القانونية بحق المعتدين ولن تتهاون بالأمر بأي اعتداء يطال مؤسساتها وملاكاتها باختصاصاتهم كافة وستكون السد المنيع لهم ولحقوقهم". ودعت الوزارة جميع الجهات المعنية إلى "التعاون معها في حماية ملاكاتها الذين يبذلون جهودا مضنية لتوفير الخدمات الصحية للمواطنين ومنع تكرار تلك الاعتداءات".
*شهادة أحد الضحايا
إلى ذلك، قال المعاون الإداري في مستشفى ابن الخطيب محمد حسين عباس، والذي تعرض للاعتداء، إن "المريضة كانت محالة من مستشفى النعمان وهي مصابة بالحمى النزفية، وقد بذلنا كل ما في وسعنا ككوادر طبية وإدارية، حتى أن مدير المؤسسة كان يطمئن يوميا على حالتها، لكنها مع الأسف فارقت الحياة نتيجة مضاعفات المرض".
وأضاف، "ثمة ضوابط معينة للمرضى المتوفين بالحمى النزفية، وهي ضرورة وضع الجثة داخل كيس عازل ويوضع داخل التابوت الذي يجب إقفاله بإحكام، ويجب أن يتم الدفن بعمق مترين إلى مترين ونصف تحت الأرض، ولا يتم تسليم الجثة إلا بعد إكمال الإجراءات الرسمية، من تحرير شهادة الوفاة وتشكيل لجنة خاصة لمتابعة عملية الدفن".
وبين، "بعد إبلاغ ذوي المتوفية بذلك، تم الاعتداء على الكوادر في المستشفى، وتم التعدي بالضرب على المعاون الإداري ومسؤول الاستشارية التمريضية، علما أن زوج المتوفية ضابط كبير في الجيش العراقي وهو تابع لوزارة الدفاع، كما وأن أحد أبناء المتوفية ضابط أيضا"، موضحا، "فقدنا السيطرة على الوضع بسبب دخول ضباط برتب كبيرة في الجيش العراقي لتعزية ذوي المتوفية، وعند سماع هذه الإجراءات تم الاعتداء علينا".
وأكد عباس، أنه "تم إبلاغ الجهات المعنية وتم رفع مطالعة لمكتب مدير عام دائرة صحة بغداد الرصافة، والذي بدوره رفعها لوزارة الصحة لاتخاذ اللازم"، مردفا، "ننتظر إجراءات الجهات المعنية لإنصافنا، ونتمنى أن تكون هذه الحادثة هي الأخيرة، بسبب تكرار مثل هذه الحوادث المشينة في الاعتداء بالضرب بحق أطباء وموظفي وزارة الصحة أثناء أداء الواجب الرسمي".
أولاد المتوفية فوجئوا بوجود شخص يدعى (محمد حسين عباس) قام بالكشف عن الجثة وبدء بالتقاط الصور
لكن توضيح وزارة الدفاع، نفى رواية محمد حسين عباس، وقال إن "أولاد المتوفية فوجئوا بوجود شخص يدعى (محمد حسين عباس) قام بالكشف عن الجثة وبدأ بالتقاط الصور لها دون أن يبين مَن هو وما سبب القيام بهذا الإجراء.
وذكرت الوزارة في بيان، أنه "رداً على ما تم تناقله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من مقطع فيديو لعائلة إحدى المتوفيات في مستشفى ابن الخطيب والتي وافتها المنية نتيجة مضاعفات فايروس (الحمى النزفية) من مشاجرة بين العائلة والكادر الطبي بالمستشفى، مدعية أن ذوي المتوفية قد تطاولوا على الكادر الطبي نتيجة رفض الكادر تسليمهم جثمان المتوفية، إلا بعد أن تتم الإجراءات الاحترازية الخاصة بالتعفير والتعقيم، وأشارات المواقع التي نشرت مقطع الفيديو أن عائلة المتوفية هي عائلة مدير مديرية صنف الدروع في وزارة الدفاع اللواء عامر جاسم خميس، وبعد التواصل مع الضابط أعلاه لمعرفة تفاصيل الحادث بين اللواء أن المتوفية هي زوجته وأنها انتقلت إلى جوار ربها نتيجة مضافات فايروس الحمى النزفية".
بعد أن وافتها المنية التي جاءت نتيجة لعدم وجود الكهرباء داخل الغرفة التي كانت بها في المستشفى، حيث بيّن اللواء أنه تم وضعها في غرفة لا تحتوي على تبريد وبعد الاتصال بمدير المستشفى تم نقل المرحومة إلى ردهة الرجال لتلقي العلاج ولكنها توفيت في اليوم التالي، بعدها تم نقل جثمانها الى مستشفى ابن الزهر ليتم اتخاذ الإجراءات الطبية الخاصة بالتعفير من قبل اللجنة المختصة، ولكن بعد أن تم نقلها فوجئ أولاد المتوفية بوجود شخص يدعى (محمد حسين عباس) قام بالكشف عن الجثة وبدأ بالتقاط الصور لها دون أن يبين مَن هو وما سبب القيام بهذا الإجراء، طلب منه ابن المتوفية عدم تصوير الجثة إلا أنه أجابه بعبارات استفزازية وقيامه بالتهجم على ابن المتوفية وبادر بتوجيه اللكمات والضربات الى ابنها دون بيان الأسباب، مما جعل الابن يدافع عن نفسه وهنا بدأ شجار بينهما، بحسب بيان الوزارة.
ووفقا للبيان، بين اللواء، "عندما ذهبت الى مدير المستشفى لمعرفة أسباب قيام الشخص بالتهجم على عائلتي وتصوير زوجتي تبين لي أن الشخص أعلاه هو المعاون الإداري لمستشفى ابن الخطيب وطلب مني مدير المستشفى القيام بأخذ (عطوة) منه لتسليمنا جثة زوجتي ولم يخبرني عن أسباب قيامه بالتصرف الذي قام به وكذلك لم يبين لي أسباب تواجده في مستشفى ابن الزهر علماً أنه ينتمي إلى مستشفى ابن الخطيب، نتيجة لهذه الملابسات قدمت شكوى ضد المدعو أعلاه في محكمة استئناف بغداد الرصافة كوني على يقين تام بنزاهة القضاء العراقي.
وأضاف البيان، أنه "بناءً على ما تقدم تؤكد وزارة الدفاع أنها تعمل حالياً للتحقيق في الموضوع لمعرفة ملابسات الحادث والوصول إلى حقيقة ما حدث".
بدوره قال الخبير القانوني محمد السامرائي، إن "جريمة الاعتداء على موظف عام أو مكلف بخدمة عامة خلال تأديته لوظيفته وبسببها، تمثل جريمة جنحة يعاقب عليها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969 في المادة 229 منه، التي نصت على تجريم الاعتداء على الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة (الإهانة أو التهديد) ومعاقبته بالحبس لمدة لا تزيد على سنتين، أو بغرامة لا تزيد على مليون دينار عراقي".
وذكر القانوني أنها "من الجرائم التي لا يجوز التنازل فيها كونها تمس كرامة وهيبة الوظيفة العامة، أي إنها من جرائم الحق العام، ويكون لقاضي التحقيق اتخاذ قرار بتوقيف المتهمين فيها أو إطلاق سراحهم بكفالة بحسب سلطته التقديرية"، لافتا إلى أن "إصدار الحكم في مثل هذه القضايا يكون بحسب قناعة محكمة الجنح باعتبارها محكمة الموضوع المختصة، وهنا تمتلك المحكمة المختصة سلطة تقديرية في إصدار حكمها بين الحد الأدنى والأعلى للعقوبة، كما تبنى السلطة التقديرية بناء على اعتبارات ظروف وملابسات القضية، وكذلك ظروف المتهمين وهل لديهم سوابق من عدمها ".
وأشار إلى أنه "بالنسبة لحالة الاعتداء على موظفي المستشفى من قبل أشخاص تابعين لوزارة الدفاع، ثمة إجراءات وعقوبات إدارية انضباطية قد تتخذها الدفاع ضد منتسبيها، في حالة ثبوت تقصيرهم أو عدم احترامهم للقانون والاعتداء على موظف دولة آخر، أثناء أداء وظيفته أو بسببها"، مردفا أن "العقوبات الانضباطية قد تلحقها أخرى جزائية وفقا لأحكام القانون، وقد تكون العقوبات مع الظرف المشدد في حالة حمل السلاح والتهديد به أو كون الاعتداء قد وقع من عصبة أفراد تعاونوا واشتركوا في ارتكاب هذه الجريمة".