شركة إماراتية لتشغيل ميناء الفاو.. انتقادات من الخيار المحتمل وتأكيدات: ستُبقيه ثانيا ولن تسمح له بمنافسة ميناء جبل علي
شبكة انفوبلس/ تقارير
حالة من الارتباك تسود وزارة النقل بشأن مصير مشروع ميناء الفاو الكبير، فالجدل بشأن تنفيذ هذا المشروع لا يهدأ، حيث يثير الغموض الذي لا يزال يحيط بمستقبل هذا المشروع تساؤلات عديدة خاصة في ظل تجاذبات بين شركة دايو الكورية الجنوبية الموكل إليها تنفيذ هذا المشروع والسلطات العراقية. لكن اللافت هو اقتراب إنجاز هذا الميناء والتوجه الغريب لإحدى الشركات الإماراتية لتشغيله، حيث تم طرح اسم شركة "غلفتينر" كواحدة من الخيارات المحتملة لتشغيل المشروع الكبير، ما أثار جملة من الانتقادات والتأكيدات بأن هذه الشركة لن تسمح لميناء الفاو الكبير بمنافسة ميناء جبل علي الإماراتي، وبالتالي ستحرص على بقاء الميناء العراقي في المرتبة الثانية. فما هي تفاصيل الموضوع؟ وهل فعلا سيُصرّ العراق على هذه الشركة؟ وما أهمية ميناء الفاو؟
*طلبات للتشغيل من شركات عديدة
تستعد وزارة النقل لإعلان اسم الشركة المشغّلة لميناء الفاو الكبير خلال الأشهر المقبلة، بعد أن تلقت طلبات من شركات عالمية كبرى متخصصة في إدارة وتشغيل الموانئ.
وقال مدير المكتب الإعلامي بالوزارة ميثم الصافي، إن وزارته حددت شروطا ومواصفات للشركات الراغبة بتقديم عروض الشراكة، بهدف ضمان أفضل مستوى لإدارة الميناء وتشغيله.
ومن بين هذه الشروط، أن تكون دراسة الجدوى المقدمة من الشركة ملبيةً لطموح الوزارة بجعل ميناء الفاو الكبير ميناء (ترانزيت) عالميا متكاملا لنقل تجارة الشرق إلى الغرب وبالعكس.
وأضاف الصافي، إن الوزارة تأمل أن يُسهم ميناء الفاو الكبير في تحقيق رؤية اقتصادية وخطط ملاحية واضحة، وأن يجذب الخطوط الملاحية العالمية إليه، ما يضمن تحقيق أكبر عمليات إدخال للسفن الملاحية التجارية للميناء.
وفيما يتعلق بتقدم الأعمال في مشروع الأرصفة الخمسة في الميناء، قال الصافي إن الوزارة حققت طفرة نوعية وإنجازا حقيقيا، حيث تم الانتهاء من عمليات نصب 2072 حاضنة جسور بالكامل، مع إتمام تغليف الركائز بالقميص الخرساني لحماية الركائز الأكثر عرضة للظروف البيئية.
وأضاف، إن مشروع إنشاء محطة الحاويات الخاصة بالميناء يتضمن تشييد خمسة أرصفة عملاقة لتفريغ السفن بطول 1750 مترا، مع إنشاء ساحة للحاويات بطول 2000 متر.
*شركة إماراتية محتملة
ومن بين الشركات التي قدمت طلباً للظفر بعقد تشغيل ميناء الفاو الكبير هي شركة "غلفتينر" الإماراتية. ورغم أن هذه الشركة تفتقر للقدرات المالية التي تملكها شركات أخرى، إلا أن العراق قد يمضي للتعاقد معها بغية تشغيل ميناء الفاو الكبير، وهو ما أثار سخطا واسعا وانتقادات كبيرة في حال الإقدام على هذه الخطوة.
*انتقادات واسعة للخيار المحتمل
يرى منتقدو اختيار الشركة الإماراتية أنها لن تسمح لميناء الفاو بمنافسة ميناء جبل علي، وهو أحد أكبر الموانئ في العالم. ويستند هذا الرأي إلى عدة عوامل منها: المصالح المشتركة بين العراق والإمارات حيث تتمتع الإمارات بعلاقات اقتصادية قوية مع العراق، وقد ترغب في حماية مصالحها الاقتصادية في ميناء جبل علي، وهو أحد أهم مصادر الدخل للبلاد.
كذلك القدرات المالية والفنية لشركة "غولفتينر"، حيث تمتلك الشركة خبرة طويلة في تشغيل الموانئ، لكنها لا تمتلك نفس القدرات المالية والفنية التي تمتلكها شركات عالمية أخرى، مثل شركة موانئ دبي العالمية أو شركة دايو الكورية.
ويرى المنتقدون، أن هناك مخاطر جيوسياسية أيضا من التعاقد مع هذه الشركة، حيث تواجه المنطقة الخليجية العديد من المخاطر الجيوسياسية، مثل التوترات مع إيران والصراعات في اليمن. وقد ترغب شركة غولفتينر في الحد من مخاطرها الاستثمارية في العراق، وذلك من خلال عدم السماح للميناء بمنافسة ميناء جبل علي.
ومع ذلك، يعتقد البعض الآخر أن شركة غولفتينر لديها مصلحة في تطوير ميناء الفاو، وذلك لزيادة إيراداتها وتعزيز مكانتها في المنطقة. كما يعتقدون أن الشركة ستسعى إلى جعل ميناء الفاو ميناءً تنافسيًا، بما في ذلك من خلال توفير خدمات عالية الجودة وأسعار تنافسية.
*منتقدون: الشركة الإماراتية ستُبعد ميناء الفاو عن المنافسة ولن تطوره
وفي ذات السياق، يرى بعض المنتقدين للخيار المحتمل لتشغيل ميناء الفاو الكبير من قبل شركة إماراتية، أن ذلك لن يسمح له بمنافسة ميناء جبل علي، وهو أكبر ميناء في منطقة الشرق الأوسط.
وذلك لأن ميناء جبل علي يتمتع بموقع استراتيجي أفضل، حيث يقع على ساحل الخليج العربي، ويرتبط بشبكة طرق ومواصلات متطورة. كما أن ميناء جبل علي يتمتع ببنية تحتية متطورة وقدرات استيعابية كبيرة.
أما ميناء الفاو، فيقع على ساحل الخليج العربي، ولكنه يبعد عن المراكز الصناعية والتجارية الرئيسية في العراق والمنطقة. كما أن ميناء الفاو لا يزال قيد التطوير، ولا يتمتع ببنية تحتية متطورة مثل ميناء جبل علي.
ويعتقد هؤلاء المنتقدون أن شركة إماراتية لن تستثمر في تطوير ميناء الفاو، حتى لا تضر بمصالح ميناء جبل علي، وهو أحد الأصول الاستراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
ويرى هؤلاء المنتقدون أن العراق كان يجب أن يبحث عن شريك أجنبي آخر، مثل شركة صينية أو يابانية، لديها خبرة في تطوير الموانئ وقدرات مالية كبيرة.
*أهمية ميناء الفاو الكبير
يقع ميناء الفاو الكبير على رأس شبه جزيرة الفاو في جنوب العراق، ويطل على الخليج العربي. ويمتد الميناء على مساحة 54 كيلومترا مربعا، ويضم خمسة أرصفة عملاقة، بطاقة استيعابية تصل إلى 99 مليون طن سنويا.
ويُتوقع أن يُسهم ميناء الفاو الكبير في تحقيق العديد من الأهداف الاستراتيجية للعراق، منها:
ـ تعزيز الاقتصاد العراقي وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ـ ربط العراق بأسواق العالم، وتحويله إلى مركز تجاري عالمي.
ـ توفير فرص عمل جديدة للمواطنين العراقيين.
ـ تحسين مستوى المعيشة في جنوب العراق.
ويواجه ميناء الفاو الكبير بعض التحديات، منها:
ـ عدم الاستقرار السياسي في العراق.
ـ نقص التمويل.
ـ عدم توافر البنية التحتية اللازمة.
ولكن إذا تمكنت الحكومة العراقية من تجاوز هذه التحديات، فإن ميناء الفاو الكبير سيكون له دور مهم في تنمية الاقتصاد العراقي وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.