صراع بين وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات على ترخيص الإنترنت.. هذه أسرار "المواجهة"
انفوبلس/ تقرير
يُثار في العراق مؤخراً، صراع بين وزارة الاتصالات المتمثلة بـ"هيام الياسري" وهيئة الإعلام والاتصالات حول لائحة ترخيص خدمات الإنترنت (ISP)، وسط تأشير "ضعف حكومي" في إدارة ملف الاتصالات وغياب التنسيق بين المؤسسات المعنية.
وزارة الاتصالات ترفض لائحة الترخيص الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات
ورفضت وزارة الاتصالات، لائحة الترخيص الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات، والخاصة بترخيص خدمات الإنترنت (ISP).
وقالت الوزارة في بيان: "إلى جميع الشركات المزوّدة لخدمة الإنترنت المتعاقدة وغير المتعاقدة مع الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية، بأن لائحة ترخيص خدمات الإنترنت (ISP) التي أصدرتها هيئة الإعلام والاتصالات بدون التنسيق المسبق مع الوزارة والشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية لتنظيم الأسعار وجودة الخدمات وانعكاساتها على خدمات الـ(FTTH) تتضمن العديد من الإشكالات القانونية والفنية والتجارية".
وأضافت الوزارة، إن "اللائحة تتقاطع مع الدستور والقوانين والعقود النافذة ولن تكون ملزمة للوزارة وتشكيلاتها بدون معالجة هذه الإشكالات وتعديلها، وتتحمل الهيئة والشركات التي تشتري هذه الرُّخص المسؤولية القانونية والمالية عن ذلك".
ولم يصدر من هيئة الإعلام والاتصالات، أي بيان وتعليق رسمي حيال رفض وزارة الاتصالات لائحة ترخيص خدمات الإنترنت (ISP).
في المقابل، يبدي مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية، استغرابه الشديد من تضارب المواقف بين هيئة الإعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات من جهة، وبين وزارة الاتصالات ووزارة التربية من جهة أخرى، مما يعكس حجم التخبّط وضعف التنسيق الحكومي في إدارة ملف مهم وخطير مثل الاتصالات.
وذكر المركز في بيان ورد لـ"انفوبلس"، لقد طالعنا باستغراب بيان وزارة الاتصالات الصادر أمس الإثنين 18 أيلول/ سبتمبر 2023 والذي أبلغت فيه الوزارة جميع الشركات المزودة لخدمة الإنترنت المتعاقدة وغير المتعاقدة مع الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية بأن لائحة ترخيص خدمات الإنترنت (ISP) التي أصدرتها هيئة الإعلام والاتصالات بدون التنسيق المسبق مع الوزارة والشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية لتنظيم الأسعار وجودة الخدمات وانعكاساتها على خدمات الـ(FTTH) .
ويأتي هذا البيان بعد يوم واحد على بيان لوزارة الاتصالات والتي أخلَت فيه مسؤولياتها عن قطع الإنترنت خلال فترة الامتحانات وإلقاء الكرة في ملعب وزارة التربية التي صرّحت هي الأخرى قبل أشهر أن قطع الإنترنت جرى بدون تنسيق.
ويؤكد مركز النخيل أن هذه التصريحات والمواقف المتضاربة من قبل دوائر الدولة ومؤسساتها يعكس ضعف التنسيق والتخبط في إدارة الملفات وتحديدا ملف الاتصالات الذي يحظى بأهمية كبيرة لدى الدول والحكومات، مما يتطلب إيلاء أهمية كبيرة لهذا الملف وإبعاده عن التسييس.
يُشار إلى أن وزارة الاتصالات قالت، إنها لا تؤيد قطع خدمة الإنترنت خلال فترة الامتحانات. وقالت الاتصالات في بيان، إن "مجلس الوزراء وجّه بقطع خدمة الإنترنت من الساعة (4 -8) صباحاً من تاريخ 2023/9/17 ولغاية 2023/9/28، وبناءً على طلب وزارة التربية". ودعت الاتصالات وفقاً لبيانها، "وزارة التربية إلى إيجاد حلول بديلة لمشكلة أسئلة الامتحانات".
لكن وكيل وزارة التربية فلاح القيسي قال في تصريح سابق إن، "قطع الإنترنت من 4 – 8 صباحا يُضر الوزارة وتسبب بإرباك في عملية التواصل مع المراكز الامتحانية في الخارج"، مشيرا الى أن "وزارة الاتصالات اتخذت هذا الإجراء دون الرجوع للتربية!".
كما يأتي هذا بعد الجدل حول السياسة الجديدة التي ستتبعها وزارة الاتصالات في التقسيم الجغرافي للبلاد لتقديم خدمة (الواي فاي) وحصرها بشركات محددة وتأثيرها على اقتصاد العراق الإلكتروني، في وقت أكد فيه خبراء ومختصون، أنها تعزز الاحتكار ومخالفة للقانون.
وأقرّت هيئة الرأي في وزارة الاتصالات بجلستها الـ 131 التي عُقدت مؤخراً سياسة جديدة لتقديم خدمة الإنترنت عبر (الواي فاي) تتمثل بتقسيم المساحة الجغرافية للبلاد إلى مناطق محددة ويتم تقديم الخدمة في كل منها من قبل شركة أو اتحاد من الشركات الفائزة بالمواصفات التي سيتم الإعلان عنها قريباً.
ويشكو كثير من العراقيين من سوء خدمة الإنترنت وارتفاع أسعارها في عموم المحافظات، على الرغم من إعلان وزارة الاتصالات حزمة من القرارات الهادفة إلى تحسين الخدمات والحد من ارتفاع أسعارها.
وتبدأ أسعار الاشتراكات الشهرية للإنترنت التي تقدمها الشركات الأهلية في العراق من 35 ألف دينار عراقي، وتصل أحيانًا إلى 180 ألف دينار، مقابل خدمة رديئة تمثل مثارًا دائمًا للسخط وانتقادات المواطنين.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت وزيرة الاتصالات هيام الياسري عن إطلاق خدمة الاشتراك المدعوم للإنترنت في عموم العراق، وإمكانية حصول كل مشترك على كامل الحزمة التي يختارها من دون نقص أو ضعف، بواقع 15 ألف دينار (11.5 دولاراً وفق السعر الرسمي) لكلّ 100 غيغا بايت، و30 ألف دينار لكلّ 200 غيغا بايت، و45 ألف دينار لكلّ 300 غيغا. وأشارت إلى منح 10 غيغا بايت مجانية للعائلات الفقيرة للاستفادة منها، وفي حال نفادها، يمكنهم الاشتراك بمبلغ 15 ألف دينار للحصول على 100 غيغا.
وعلى الرغم من وعود وزارة الاتصالات بتحسين الخدمة، فإنّها لا زالت سيئة ولم تصل إلى مراحل الجودة المعتمدة، وفق مشتركين وخبراء اتصالات، لافتين إلى أن خدمة الإنترنت المدعوم التي أعلنت عنها الوزارة لم تغير من واقع الخدمة المتاحة، لأنّ مصدر الإنترنت لا زال هو ذاته.
وجاء العراق في المرتبة 113 عالمياً في جودة خدمات الإنترنت، وفق مركز الإعلام الرقمي العراقي (منظمة غير حكومية).
ويخسر العراق –وفقاً لتقديرات- أربعين مليون دولار يوميا نتيجة ضعف خدمة الإنترنت أو انقطاعها، بسبب توقف الأعمال لبعض الشركات منها المصارف ووسائل الإعلام وغيرها، حيث تنقطع خدمة الإنترنت بشكل مستمر.
كما أنه بين الحين والآخر تظهر دعوات لتحسين قطاع خدمات الاتصالات عامة في العراق، بما يتناسب مع التطور الحاصل حول العالم، وبما يلبّي طموح ملايين المستخدمين العراقيين، فيما يبين مختصون أن تطوير قطاع الاتصالات والتكنولوجيا سينعكس إيجابيا على الاقتصاد العراقي.