عادات تقاوم الاندثار.. الغلاء يغتال طقوس العيد ويبقي على "صواني الكليجة"
انفوبلس/..
برغم سعي العراقيين للحفاظ على ما تبقى من العادات القديمة، خاصة في الأحياء الشعبية، إلا ان معظم التقاليد طغت عليها وسائل التكنولوجيا، ولم يبقَ منها سوى “صواني الكليجة” أو كعك العيد، فالمنظر الوحيد في يوم عرفات هو أن ترى النساء تحمل تلك الصواني للذهاب الى الفرن.
أما العادات الاجتماعية، فقد اندثر منها الكثير لاسيما فقرة التزاور والاستعانة، اذ حلَّ بدلها “الموبايل” لنقل التهاني والتبريكات بمناسبة عيد الأضحى.
وهناك عوامل كثيرة أدت الى ظهور هذا النوع من “العرف الاجتماعي” نتيجة الوضع الأمني خلال الأعوام الماضية، فضلاً عن جائحة كورونا، وحتى الألعاب الشعبية القديمة التي كانت تنتشر في أيام العيد قد اختفى الكثير منها .
الأسواق ما قبل العيد، هي الأخرى لم تشهد ذلك الاقبال على شراء الملابس الجديدة للأطفال وحتى الكبار، نتيجة ضعف الحالة المعيشية وارتفاع معدلات “تحت خط الفقر” والتي تنضم لها سنوياً عشرون ألف عائلة، بسبب السياسة المالية للحكومة التي أسهمت في زيادة معدلات البطالة والتضخم الذي تجاوز الـ 9%، فضلاً عن التضخم في ارتفاع أسعار السلع والبضائع الذي يصل الى 117% حسب الاحصائيات الرسمية، وهناك ارتفاع واضح في أسعار المواد الغذائية تصل الى 300% عمّا كان في عام 2019 .
الركود الاقتصادي أصاب معظم الأسواق الرئيسة، نتيجة ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الدينار، وارتفاع أسعار الدولار، وغياب السيطرة الحكومية على الأسواق، ما ساهم في إنعاش أسواق البالات نوعاً ما، وزيادة الاقبال على تلك البضائع المستخدمة.
ويرى مختصون، ان التغيّرات في العادات الاجتماعية ما قبل العيد، تعود لأسباب عديدة، فالسياسة النقدية التي اتبعت عبر تخفيض سعر الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي عام 2020، أدت لموجة تضخمية ضربت الاقتصاد الوطني، وهو اقتصاد ريعي يعتمد على النفط، وازدهار الاستيراد فقط ما جعله عرضة لموجة التضخم الدولية، خاصة بعد توقف القطاعات الإنتاجية الأخرى واختفاء “صنع في العراق”، ما زاد من معاناة المواطن في ظل ضعف القدرة الشرائية وتنامي خط ما تحت الفقر وارتفاع نسب البطالة.
من جهته، أكد المواطن (حيدر عبدالله) الذي يعمل في سوق بغداد الجديدة، ان العراقيين يحاولون استحضار روح العيد من خلال صناعة حلوى العيد “الكليجة” التي تُعد من الطقوس التي يتمسك بها العراقيون برغم الأزمات المالية التي يمر بها مجتمعنا، وأما التزاور ما بين العوائل، فقد تقلّص بشكل كبير ليصبح “الموبايل” الوسيلة الأكبر في نقل تهاني العيد، بينما أكد زميله جواد محسن، ان العيد اليوم ليس مثل السابق، فقد اختفت الكثير من مظاهره، مبيناً ان العوائل تحاول شراء ملابس العيد حتى وان كانت رخيصة الثمن، فالمهم فرحة الطفل بالعيد.
ويرى الخبير الاقتصادي نبيل العلي ان هناك سلوكاً بدأ يتغيّر في المجتمع العراقي، والذي انعكس على المناسبات الاجتماعية وخاصة في عيد الأضحى المبارك.
وأوضح، ان تلك التغيّرات ترتبط بمؤشر الفقر وارتفاعه بشكل مخيف لبلد نفطي تبلغ ايراداته عشرات المليارات من الدولارات، إلا ان تلك الأموال لم تشفع للعراقيين بتحسين ظروفهم المادية. وتابع: ان معدلات التضخم في البلاد بلغت نسباً مرتفعة، وهناك أسباب داخلية وخارجية، تسببت بتآكل دخل الفرد العراقي.