عباس الأسدي بين الحقيقة ومواقع التواصل.. ظهور جديد يُعيد مأساة الهجرة والحكم الغيابي.. مسؤول بريء أم متهم مذنب؟ إليك ما دونته الوثائق عن المفتش السابق
انفوبلس/ تقارير
لا زالت قضية المفتش السابق عباس الأسدي تتأرجح بين الحقيقة ومواقع التواصل، ولا زالت التساؤلات تُطرح أهو مسؤول نزيه تمت محاربته أم متهم يواجه قضايا يرفض المثول أمام المحكمة والاعتراف بها؟ الأسدي وفي آخر ظهور له يوم أمس تحدث عن جملة قضايا منها مافيات الفساد في الوزارات مذكراً بقصة إقالته من منصبه كمفتش عام في وزارة الهجرة والمهجرين. فماذا تعرف عن القصة الغريبة للمسؤول العراقي الذي تحوّل إلى حمّال في أنقرة؟ وماذا تقول الوثائق عنه؟
*قصته مع وزير الهجرة والمهجرين الأسبق جاسم الجاف
بعد دخوله في خصومة مباشرة مع وزير الهجرة والمهجرين الأسبق جاسم الجاف من حركة التغيير الكردية، وتسريب مقطع فيديو لإحدى المشادات الكلامية بين مفتش عام وزارة الهجرة عباس الأسدي ووزيرها المذكور، تبدّل الحال بالأسدي من منصبه الرفيع إلى مُدان محكوم غيابياً بالسجن لمدة 7 سنوات وهارب إلى تركيا يعمل في أحيائها الصناعية كصبّاغ وحمّال.
وفي بداية الأمر عام 2016، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر حدوث مشادة كلامية بين وزير الهجرة والمفتش العام بالوزارة بعد قيام الأخير بكشف ملف فساد، ما تسبب باستفزاز الوزير الذي تجاوز على المفتش العام عباس الأسدي وقام بطرده.
حينها طالبت عضو مجلس النواب عالية نصيف، رئيس الجمهورية ورئيسَي السلطتين التنفيذية والتشريعية بوضع حد لـ"سابقة خطيرة" متمثلة بقيام وزير الهجرة والمهجرين بطرد المفتش العام بالوزارة بسبب كشف الأخير "ملفات فساد"، وقد عدّت الحادثة بأنها "انتهاك سافر للقانون والدستور".
*ماذا تقول الوثائق عنه؟
لا يوجد ما يُدين الأسدي في وثائق النزاهة والمحكمة مطلقاً، وهذا ما أكده المفتش السابق في أكثر من مناسبة كان آخرها ظهوره في لقاء على اليوتيوب مع بهجت الكردي. حيث يؤكد الأسدي، أن سجله نظيف طوال مسيرته المهنية منذ أن كان موظفا عاديا مرورا بتعيينه مديرا عاما وصولا إلى تسنمه منصب مفتش في وزارة الهجرة والمهجرين.
وغالبا ما كان يتحدى الأسدي، أي شخصية تأتي له بوثيقة تثبت تورطه بملفات فساد أو توقيع عقود خلافا للقانون، أو غض النظر عن شبهات فساد لاسيما داخل وزارة الهجرة والمهجرين التي كان يشغل منصب المفتش العام فيها قبل أن يدخل بمشادة مع وزيرها كما فصَّلت شبكة انفوبلس هذه القصة في السطور أعلاه.
ولم يكن يعلم الأسدي أن كشفه 22 ملف فساد بقيمة بلغت أكثر من ترليوني دينار سيطيح به وبمنصبه ويُحكم غيابيا بسبع سنوات سجن بعد أن تم تلفيق تهم عديدة له عقب هذا الكشف.
*ظهور إعلامي جديد
وفي أحدث ظهور إعلامي له، ظهر الأسدي يوم أمس ضيفا على المقدم بهجت الكردي عبر منصة يوتيوب، وتحدث عن جملة ملفات وقضايا منها متعلقة بالفساد وأخرى بالابتزاز والتهديد كما حصل معه عندما كان يشغل منصب مفتش عام في وزارة الهجرة والمهجرين.
وذكّر ظهور الأسدي بمأساته قبل سنوات عندما حكمته المحكمة غيابيا بالسجن سبع سنوات أُجبر على إثرها مغادرة البلاد والاستقرار في تركيا ومن ثم العمل حمّال تارة وصباغ وبائع للمياه تارة أخرى.
وقال الأسدي خلال ظهوره مع الكردي يوم أمس، إنه حورِب كثيرا عندما كان في المنصب وحاول السيطرة على عمليات وملفات الفساد التي كانت تجري في وزارتي الصناعة وكذلك الهجرة والمهجرين، لكن مافيات كبيرة كانت تقف ضده لدرجة وصل إلى التعرض للتهديد.
كما أكد الأسدي، أن سجله نظيف جدا، ولا تشوبه شائبة، وأنه يتحدى أي شخص بجلب وثيقة له تثبت تورطه بملفات فساد أو توقيع عقود خارج صلاحيته أو خلافات للقانون.
وذكر المفتش الأسبق خلال اللقاء، أنه تعرض للعديد من رسائل التهديد، وأن شخصيات نافذة كانت في حكومة العبادي وكذلك الكاظمي تهدده وتقف بوجه العمليات التي تحارب الفساد.
كما ذكر، أنه فتح العديد من ملفات الفساد، لكنه ورغم ذلك واجه تهما عديدة منها الاستيلاء على عجلات وزارة الهجرة الأمر الذي نفاه جملةً وتفصيلا وطالب بدليل واحد يثبت صحة ذلك.
*انتهاك حقوق الأسدي
في عام 2021، ناشد مفتش عام هيئة دعاوى الملكية السابق والمفتش الأسبق لوزارة الهجرة عباس سعيد عبد الله الأسدي، رئيسَي مجلسي الوزراء والقضاء الأعلى، ولجنة النزاهة النيابية والأمين العام لمجلس الوزراء، للنظر في موضوع انتهاك حقوقه.
وذكر في مناشدته عبر وسائل إعلام: "سبق وأن قرر رئيسِي الأعلى إشراكي بدورة الدفاع الوطني رقم (٢٢) في كلية الدفاع الوطني بموجب أمر وزاري أصولي، وفعلاً نفّذت الأمر والتحقتُ بالدورة بموجب كتاب الالتحاق الصادر عن جامعة الدفاع للدراسات العسكرية – كلية الدفاع الوطني. وأنهيتُ دراستي وحصلت على شهادة الماجستير بتفوق عالِ وأعادتني كلية الدفاع الوطني إلى دائرتي بموجب أمر وزاري أصولي موقّع من رئيس الوزراء عن/ وزير الدفاع مُرسَل بكتاب أصولي من جامعة الدفاع للدراسات العسكرية – كلية الدفاع الوطني لغرض المباشرة بعملي".
وأضاف الأسدي: "إن رئيسِي الأعلى لم يوافق على مباشرتي بعملي منذ إكمالي للدورة في ١ / ٤ / ٢٠١٩ بحجة ورود كتاب من الأمانة العامة لمجلس الوزراء بعد عشرة أشهر من التحاقي بالدورة ينص على عدم جواز اشتراك المديرين العامين وأصحاب الدرجات العليا بدورة الدفاع الوطني (علماً أنني لم أُبلَّغ بمضمون هذا الكتاب لا من دائرتي ولا من كلية الدفاع الوطني لحين إكمالي الدورة وعودتي الى دائرتي بكتاب الإعادة والتخرج الصادر من الكلية)، مع العلم بأن الأمانة العامة نفسها قد رشّحت مديرين عامين في ذات الدورة رقم (22) التي كنتُ مشتركاً فيها، كما رشحت الأمانة العامة لمجلس الوزراء مديرين عامين في الدورة اللاحقة رقم (23) التي افتُتِحت بضوء أخضر وبكتاب عدم ممانعة من الأمانة العامة نفسها موجّه الى كلية الدفاع الوطني لغرض قبول أصحاب الدرجات العليا".
*طرده وحرمانه من الوظيفة
وتابع، إن "بقية المشتركين بالدورات السابقة وزملائي من نفس الدورة والمشتركين اللاحقين في دورات الدفاع الوطني التي بعدها لم يتم شمولهم بما جاء بكتاب الأمانة العامة وإنما نُفِّذ بحقي فقط. فضلاً عن اشتراك مديرين عامين ودرجات عليا من مختلف الجهات في الدولة للدراسة في كلية الدفاع الوطني كونها كلية تعمل بقانون خاص هو قانون جامعة الدفاع للدراسات العسكرية رقم (4) لسنة 2016 المنشور بجريدة الوقائع العراقية بالعدد : (4400) بتاريخ 7/3/2016 حيث رسم هذا القانون آلية القبول في كلية الدفاع الوطني من المدنيين من الملاكات المتقدمة في دوائر الدولة والقطاع العام وفقاً لما جاء بالمادة -4- الفقرة /أولاً منه".
وأضاف، "نتيجة لذلك تم حرماني من وظيفتي وطردي منها بشكل غير قانوني وتم قطع راتبي ولم أُحَل إلى التقاعد رغم صدور قانون إلغاء مكاتب المفتشين العموميين، وتمت مطالبتي بإعادة جميع رواتبي السابقة ورواتب السائق والحماية وحتى مبالغ وقود السيارة الحكومية التي كانت تقلُّني الى مكان الدورة إضافة الى مبالغ أخرى ليس لها أي أساس ولا سند من القانون أو التعليمات، ثم أقاموا الشكوى الجزائية ضدي في محاكم النزاهة وتمت إحالتي الى محكمة جنايات النزاهة في الرصافة بالدعوى المرقمة ( 105 / ج ن / 2020 ) وكأنني ارتكبتُ جريمة فساد إداري ومالي كبيرة ونالوا من سمعتي وكرامتي الوظيفية دون أي اعتبار لخدمتي البالغة أكثر من 30 عاما قضيتها بكل إخلاص وتفاٍنٍ وحرص على المال العام، ولم يحترموا الأمر الديواني باعتباري مفتشا عاما أصالةً لمدة أربع سنوات ونصف وقبلها كنتُ مديراً عاماً أصالة لمدة خمس سنوات وكل أعمالي وجهودي موثقة وسجلي الوظيفي الناصع يشهد له القاصي والداني. وحالياً أعيش أنا وعائلتي وأطفالي بحال سيئ جداً يصعب علينا توفير مستلزمات الحياة منذ أكثر من (16) شهراً".
وأكد، إن "هيئة النزاهة على علم تام بمشاركتي بدورة الدفاع الوطني رقم (٢٢) حيث تم إعلامها قبل بدء الدورة من قبل الرئيس الأعلى بموجب أمر وزاري"، مبيناً أن "ما تعرضتُ له يتنافى مع مبدأ الحقوق المكتسبة والثقة بالمعاملات، فضلاً عن أن القانون يُطبَّق على الجميع دون تمييز".
وأضاف الأسدي، "أطلب من رئيس مجلس الوزراء الاطلاع وإنصافي ورفع الظلم والحيف عني من خلال الإيعاز للجهات المعنية، بإيقاف الملاحقة القضائية ضدي والكف عن مطالبتي بمبالغ مالية لا أساس لها من القانون وصرف جميع رواتبي كوني لم أستلم راتبا منذ شهر آب عام ٢٠١٩ ولغاية الآن، وترويج معاملة تقاعدي بدرجتي الوظيفية (مفتش عام أصالة) ومنحي جميع حقوقي التقاعدية وفقاً للقانون".
*متهم أم بريء؟
لاقت قصة الأسدي ردود فعل كبيرة وغاضبة بل ومستهجنة للمصير الذي وصل إليه الرجل الذي كشف المليارات ويتبوء منصبا بدرجة وزير. انفوبلس رصدت أبرز تلك الردود وتبين لها أن جميع مدوني التواصل الاجتماعي والناشطين والمراقبين السياسيين يرون في الأسدي بريئا وليس متهما وأن شبكات ابتزاز كبيرة لفَّقت له العديد من التهم وجعلته يغادر إلى تركيا دون المثول أمام المحكمة نظراً لتلقيه العديد من رسائل التهديد.
وبهذا الصدد، قال أحد المدونين، إن "قضية عباس يجب أن تتصدر المنابر الإعلامية والصحف ومنصات التواصل الاجتماعي، حتى يعرف الجميع أي قوم نواجه نحن/ قصة مسؤول نزيه أصبح عامل خدمات في تركيا".
وقال آخر، "هيئة دعاوى الملكية ملف فساد لايفرق عن ملفات الفاسدة مثل سرقة القرن والمليارات التي سُرقت ضمن القانون، السيد عباس الأسدي ضحية لعصابات البعث المتغلل في الحكومة بسبب الاحزاب السياسية الفاسدة".
في حين قالت إحدى الناشطات، "علينا حماية الدولة والشعب من الفاسدين وخصوصاً الحيتان، وعندما نتخلى عن منتسبي الدولة وتركهم عرضة لهؤلاء سيكون مصيرهم مثل عباس الأسدي المفتش العام السابق الذي تخلّت الدولة عنه واضطر لترك العراق لأنه لا يستطيع مقاومتهم مع ضعف الدولة وستكون الدول والمجتمع في خطر كبير".
من جانبه، قال أحد المقربين من الأسدي، "السيد محمد شياع السوداني المحترم، السيد رئيس مجلس القضاء فائق زيدان، ضرورة مراجعة ملف المفتش العام عباس الأسدي، الذي كشف الفساد فعوقب بالاضطهاد، ضرورة أن نحمي موظفي الدولة من مافيات وحيتان الفساد، لكي نحارب الفساد علينا حماية المتصدين للفساد، هذا واجب شرعي ووطني وأخلاقي".
بينما قال مدون على منصة إكس، "هذا الرجل الشجاع البطل الشيعي المعتدل النزيه هذا موظف النزاهة في وزارة الصناعة التابعة لبيت الكربولي هذا الرجل كشف مخلفات فساد كبيرة كبيرة وكانت مكافأته من قبل نواب الشيعة بطرده من وظيفته وهو الآن يبيع ماء بتركيا هذا جزاء النزيه عباس الأسدي بدرجة وزير يبيع ماء".