فضيحة تطال محافظ ذي قار محمد الغزي.. أحال مقاولات بمئات المليارات لشركته وشركتي شقيقه ونجل شقيقته
انفوبلس/ تقرير
لا تزال قضايا الفساد في محافظة ذي قار، تستمر بالظهور بين الحين والآخر والأكثر منها تخص محافظ ذي قار محمد الغزي، آخرها تسجيل شبهات فساد كبيرة في ديوان محافظة ذي قار، تتضمن إحالة مشاريع جديدة وأخرى متلكئة وقيد الإنجاز.
* مقاولات بمئات المليارات
وبحسب مصادر من هيئة النزاهة تحدثت لـ"انفوبلس"، فإن "فريقاً من هيئة النزاهة، باشر بالتحري عن 5 ملفات فساد في ديوان محافظة ذي قار". لافتة الى أنها "تخص مشاريع ضمن صندوق إعمار المحافظة".
وتضيف، أن "هذه المشاريع خُصِّص لها أكثر من 40 مليار دينار، وتمَّ رصد مُخالفاتٍ في تنفيذ عدد من المشاريع المنفذة من قبل إدارة المحافظة"، مشيرة الى أن "بعض المشاريع تجاوز حدود الكلفة الماليَّة وفرق بالصرف وفق وصولات وهمية وسط صمت الحكومة المحلية في محافظة ذي قار".
وتكشف أن هذه المشاريع تذهب لشركة محافظ ذي قار الحالي محمد الغزي وشركة شقيقه وشركة نجل شقيقته، فيما تظهر تساؤلات عن دور الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي التابع الى التيار الصدري في ذلك.
وأعلنت هيئة النزاهة في وقت سابق، عن إصدار أمر باستقدام محافظ ذي قار الحالي محمد الغزي، لاستغلاله منصبه وإحالة عدد من المشاريع إلى شركة يُديرها هو.
*تصريحات تُخالف الواقع
منذ عام 2021، بدأ في محافظة ذي قار أكثر من 600 مشروع، بحسب تصريحات صحفية لمحافظها محمد الغزي، واكتمل منها 180 مشروعاً لغاية الآن ضمن تخصيصات صندوق إعمار المحافظة.
الأرقام التي تحدث عنها المحافظ لم تجد مَن يصدقها من سكان المحافظة الجنوبية، ما استدعى فتح ملفات الفساد التي كشفتها هيئة النزاهة وإثارة وتساؤلات عن حقيقة تلك المشاريع وتفاصيلها وأماكن إنشائها.
محافظ ذي قار محمد الغزي، وفي تصريحات صحفية تحدث عن نسب إنجاز مشاريع المحافظة للـ3 أعوام الأخيرة، وقال: تأسس صندوق الإعمار في ذي قار عام 2021، وأحال الصندوق 230 مشروعا في عام 2021 وأُنجز منها 180 مشروعا وبقية المشاريع قيد الإنجاز وبنسب متقدمة.
فساد المحافظة
وكشف مسؤول محلي في ذي قار، بأن هنالك اتهامات فساد تلاحق صندوق إعمار محافظة ذي قار، معتبرا أن الفساد من أكبر معوقات التأثير على ملف الإعمار في المحافظة.
ويقول المسؤول (طلب عدم الكشف عن اسمه) لـ"انفوبلس"، إن "الأموال المخصصة لصندوق إعمار ذي قار تذهب في جيوب مسؤولين في الحكومة المحلية دون تحقيق أي مشاريع من شأنها انتشال الواقع الخدمي المتردي في المحافظة"، مبينا أن "ملف إعمار ذي قار دخل نفق السياسة والفساد بفضل الإدارة الجديدة للمحافظة التي تسوّق إعلاميا لمشاريع وهمية لا وجود لها على أرض الواقع".
ولفت الى، أن "هناك سوء إدارة لملف إعمار ذي قار بسبب الفاسدين الذين يريدون الاستفادة من استمرار تلكؤ المشاريع في محافظة ذي قار".
النزاهة تكشف الملفات
وفي الـ18 من شهر أيار الماضي، أعلنت دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة، كشفها حالات هدرٍ واختلاسٍ وتنظيم أمر غيار خلافاً للضوابط في عددٍ من دوائر ومشاريع الكهرباء في ذي قار، مُبيّـنةً أنَّ مجموع مبالغها ناهزت الـ (58,000,000,000) مليار دينارٍ.
وذكرت الدائرة في بيان، أنَّ الفريق الميدانيَّ لمكتب تحقيق ذي قار قام بأعمال التحرّي في موضوع عدم قيام مُديريَّة توزيع كهرباء ذي قار بجباية المبالغ المُترتّبة بذمَّة المشاريع الاستثماريَّـة والتجاريَّة والصناعيَّة في المُحافظة، مُشيرةً إلى أنَّ مجموع الديون المُترتّبة على تلك المشاريع بلغت (53,000,000,000) ثلاثة وخمسين مليار دينار، لافتةً إلى أنَّ عدم الجباية تسبَّب بهدر المال العام وفوات المنفعة منه.
وأضافت إنَّ محافظة ذي قار قامت بتنظيم أمر غيارٍ بقيمة (4,651,967,500) أربع مليارات وستمائة وواحد وخمسين مليون دينارٍ خلافاً للضوابط، لافتةً إلى أنَّ المبلغ المذكور يمثل كلفة رفع التعارضات الكهربائيَّة لمشروع الممر الثاني لطريق تقاطع (الإصلاح – الجبايش)، مُوضحةً أنَّ شعبة التدقيق الخارجيّ في المكتب حدَّدت المُخالفات بإحالة كشف أمر الغيار على شركةٍ ماليزيَّـةٍ.
وتابعت إنه تمَّ ضبط (4) مُتَّهمين في مُديريَّة شبكات الجنوب الغربي في المحافظة؛ لقيامهم باختلاس مواد كهربائيَّة بمبلغ (225,000,000) مليون دينارٍ وعدم إدخالها مخزنياً، مُبيّـنةً أنَّ المُتَّهمين الذين تمَّ إلقاء القبض عليهم بناءً على أوامر قبضٍ قضائيَّةٍ وفق أحكام المادة (316) من قانون العقوبات هم أمناء المخزن وأعضاء لجنة الاستلام في مُديريَّة الشبكات، وأنَّ التحرّيات مُستمرةٌ؛ لتنفيذ أمر القبض بحقّ مُتَّهمٍ خامسٍ في القضيَّـة.
وفي التاسع من شهر تموز الماضي، كشفت هيئة النزاهة عن أكثر من 10 قضايا فساد في ذي قار خلال شهر واحد، شملت قضايا فساد وتلاعب وتزوير وتعطيل مشاريع بقيمة 61 مليار دينار لغرض مساومة المقاولين.
وشملت قضايا الفساد المعلن عنها من تاريخ (6 حزيران حتى 4 تموز) من العام الحالي دوائر التخطيط والمُتابعة في ديوان المُحافظة والبلدية والتربية والتسجيل العقاري والصحة وهيئة الاستثمار وغيرها.
وأعلنت هيئة النزاهة في الرابع من تموز وفي بيان، حالات عن تلاعب وتزوير وتعقيب معاملاتٍ في المحافظة، مُبيّنةً أنَّه تمَّ ضبط مُتَّهمين اثنين خلال تلك العمليَّـات.
وتابع بيان للهيئة، أنَّ الفريق الميدانيَّ لمكتب تحقيق ذي قار كشف عن قيام مُدير قسم التخطيط والمُتابعة في ديوان المُحافظة بالاحتفاظ بكشوفات (22) مشروعاً بكلفة (61,000,000,000) مليار دينارٍ، مشيراً إلى "مصادقة وزارة التخطيط عليها ضمن قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائيّ والتنمية".
وأضاف أن "قسم التخطيط والمُتابعة لم يقمْ بإرسالها إلى قسم العقود للتعاقد عليها لغرض تنفيذها؛ وذلك من أجل الاتفاق مع المقاولين للحصول على نسبٍ من تلك العقود؛ ممَّا أدَّى إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامَّـة".
ونوه، إلى أن "الفريق تمكَّن في عمليَّـتين مُنفصلتين من ضبط مُتَّهمين اثنين أثناء قيامهما بتعقيب المعاملات في قسم اللجان الطبيَّة التابع لدائرة صحَّة ذي قار"، مؤكداً "ضبط معاملاتٍ بحوزتهما دون تخويلٍ أو وكالةٍ رسميَّةٍ".
وتحدث البيان، عن "التحرّي والتدقيق في دائرة الصحَّة وتمَّ ضبط أوليَّات ومعاملة صرفٍ؛ لتجهيز معمل إنتاج الأوكسجين لمركز الناصريَّة للقلب بعد إبرام عقدٍ مع شركةٍ أهليَّةٍ بمبلغ (289,500,000) مليون دينار". وأضاف، أن "ذلك لغرض تجهيز ونصب وتشغيل معمل لإنتاج الاوكسجين الطبي سعة (100م3) وبمُدَّة إنجاز (80) يوماً من تاريخ توقيع العقد".
وأردف البيان، أنَّ "دائرة صحَّة المحافظة قامت بصرف مبلغ (188,170,000) مليون دينار (نسبة 65% من قيمة العقد) إلى الشركة المُنفّذة". وأوضح، أن "المعمل لم يتم استلامه من قبل الدائرة وتشغيله والاستفادة منه لغاية الآن رغم الحاجة الماسَّة إليه".
ولفت البيان، إلى "رصد تلاعبٍ وتزويرٍ في معاملة استبدال وتخصيص قطعة أرضٍ مُتميّزةٍ تصل قيمتها إلى (250,000,000) مليون دينارٍ في مُديريَّة بلديَّة الناصرية". وذهب، إلى أن "ترويج المعاملة كان خلافاً للضوابط عن طريق التلاعب وتزوير الأختام والتواقيع من قبل أحد مُوظَّفي الأملاك في المُديريَّة".
ومضى البيان، إلى "إصدار قاضي التحقيق المُختصّ أمر قبضٍ وتحرٍّ وفق أحكام المادة (290) من قانون العقوبات بحقّ المُتَّـهم".
وكشفت هيئة النزاهة في بيان سابق صادر يوم 22 حزيران المنصرم عن تلاعب وتزوير بمنح رخـص استثمارية وأراض سكنية في ذي قار.
وذكر بيان للهيئة، أن "نائب رئيس هيئة الاستثمار في المُحافظة، بالاشتراك مع مُديري أقسام الفنيّ والقانوني والإعلام، قام بمنح (4) رخصٍ استثماريَّـةٍ من خلال الاستيلاء على مُجمعاتٍ تجاريَّةٍ مُهمَّةٍ بالاتفاق مع اثنين من مُعقّبي المُعاملات".
وأشار، إلى أن "منح الرخص تمَّ دون وجود جدوى اقتصاديَّةٍ أو موافقة مُديريَّة بلديَّة الناصريَّة، فضلاً عن عدم الإعلان عن الفرص وعدم وجود كفاءةٍ ماليَّةٍ". وأضاف البيان، أن "فريق المكتب تمكَّن في عمليَّةٍ منفصلةٍ من ضبط أوليَّات رخصةٍ استثماريَّةٍ منحتها هيئة استثمار ذي قار".
ويواصل، أن "ذلك استناداً إلى كتابٍ مُزوَّرٍ يُعزَى صدوره إلى مُديريَّة بلديَّة الناصريَّـة، مُوضحةً أنَّ الرخصة مُنِحَت لإنشاء مجمعٍ تجاريٍّ على عقار تبلغ مساحته (1700م2)". ونبه البيان، إلى "كشف تزوير معاملات تخصيص قطع أراضٍ سكنيَّةٍ لعددٍ من الموظفين في شعبة الأملاك في مُديريَّة بلديَّة الناصريَّـة".
وأفاد، بـ "استخدام أختامٍ مُزوَّرةٍ من قبل مُوظَّفين في البلديَّة لإنجاز معاملات التخصيص لـ (12) شخصاً ضمن شريحتي المُوظَّفين ونقابة المُهندسين". وشدد البيان، على أن "العقارات التي تمَّ تخصيصها أسعارها مُرتفعة جداً وتقع في أماكن مُتميّزةٍ في مركز مدينة الناصريَّـة".
فيما اعلنت الهيئـة يوم 18 حزيران عن ابطال إجـراءات فـرز عقار بقيمة 800 مليون دينار واعادة ملكية الى الدولة.
وذكر بيان للهيئة أن "أعمال التحرّي والتدقيق من قبل مكتب تحقيق الهيئة في ذي قار، الذي انتقل إلى مُديريَّة التسجيل العقاري ودائرة عقارات الدولة في المُحافظة قادت إلى إعادة ملكيَّة عقارٍ، تبلغ مساحته (20) دونماً".
وأضاف البيان، أن "ذلك حصل بعد فرزه لعقارين مُسجَّلين ملك صرفٍ باسم وزارة الماليَّة والمستفيد رئيس هيئة الاستثمار السابق في المحافظة".
وأشار، إلى أن "الفريق الميدانيَّ المُكلَّف بمتابعة دوائر وزارة الصحَّة في المحافظة رصد وجود مخالفاتٍ في مشروع إنشاء معمل أوكسجين الشطرة التابع لدائرة الصحَّة".
*ناشطون يوضحون
وفي شهر نيسان من العام الحالي، كشف ناشطون عن سوء تنفيذ عدد من مشاريع صندوق إعمار ذي قار، وهو ما استدعى تحرك إدارة الصندوق لإيقاف واحد منها إعادة تنفيذه، وتوجيه إنذارات إلى أخرى.
وأظهرت مقاطع فيديوية وصور فوتوغرافية تداولها ناشطون وإعلاميون ظهور تخسّفات في الشارع الممتد من السجن الإصلاحي الى البوابة الشمالية لمدينة الناصرية الذي جرى تنفيذه حديثا ضمن مشاريع صندوق إعمار ذي قار، فيما تحدث ناشطون ومدونون عن صفقات وشبهات فساد في إحالة مشاريع المحافظة على شركات غير رصينة.
وعزَت مصادر محلية، أسباب سوء تنفيذ المشاريع في محافظة ذي قار الى جملة من الأسباب من بينها سوء اختيار الشركات، وشبهات وصفقات فساد في إحالة المشاريع على الشركات، وتدخل بعض الأحزاب والنواب في هذا المجال.
وذكر أحد ناشطي المحافظة، أن "المحاصصة الحزبية وتقاسم مغانم السلطة والعمولات التي يتلقاها النافذون من أصحاب الشركات ألقت بظلالها على مجمل مفاصل تنفيذ المشاريع". وتابع، أن "ذلك أدى الى رداءة التنفيذ وظهور عيوب إنشائية واضحة في العديد من المشاريع المنفَّذة حديثاً".
ونوه، إلى أن "تنفيذ أغلب الاعمال والمشاريع التي أُحيلت على الشركات المحلية غير مطابقة للمواصفات والمعايير الفنية والإنشائية المعتمدة". وتحدث "عن وجود جهات خفية تقف خلف إحالة مشاريع الإعمار الى شركات غير رصينة"، محذرا من "إهدار أموال صندوق إعمار ذي قار عبر التنفيذ السيء للمشاريع".
ودعا، "هيئة النزاهة الى التحرك بصورة فاعلة لمحاسبة كبار المسؤولين المشرفين على إحالة وإدارة مشاريع المحافظة ومساءلة رؤساء الوحدات الإدارية عن فشل تنفيذ المشاريع".
وكان ناشطون وبرلمانيون في ذي قار قد أبدَوا اعتراضهم في منتصف العام الماضي على تخصيص جزء من أموال صندوق إعمار المحافظة لشراء آليات قتالية لقيادة الشرطة، فيما أشاروا الى عدم مراعاة الأولويات والحاجة لمشاريع الخدمات الاساسية والبنى التحتية.