فيديو يدفع الداخلية لتشكيل مجلس تحقيقي.. ضابط يحرق نفسه إثر ضغوطات بقيادة قوات الحدود
انفوبلس/ تقرير
أمر وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، اليوم الثلاثاء 27 آب/ أغسطس 2024، بتشكيل مجلس تحقيقي بعد قيام ضابط برتبة رفيعة تابع لقيادة قوات الحدود العراقية بحرق نفسه نتيجة ضغوطات تعرض لها من القيادة، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على تفاصيل الحادثة وتداعياتها.
*مجلس تحقيقي
وبحسب مصادر أمنية تحدثت لشبكة "انفوبلس"، فإن وزير الداخلية عبد الأمير الشمري شكل مجلسا تحقيقيا لمعرفة ملابسات قيام ضابط في قيادة قوات الحدود بحرق نفسه، مشيرة الى أن "الوزير، يتابع مجريات سير التحقيق في هذا الحادث".
وجاء ذلك عقب انتشار فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق – اطلعت عليه شبكة "انفوبلس" - لضابط قام بإحراق نفسه بسبب ضغوطات من القيادة حسب ما يدعيه في الفيديو الذي يقول فيه "والله تعبان على روحي"، ولاقى كذلك صدى واسعا خلال الساعات القليلة الماضية.
وبالعودة الى المصادر الأمنية التي تحدثت لـ"انفوبلس" (رفضت الكشف عن هويتها)، فإن الضابط يعمل في قوات الحدود التابعة لوزارة الداخلية العراقية، وبحسب كلامه في الفيديو فإنه تعرض لضغوطات كبيرة تتعلق بوصولات مالية تخص القوات ما أدى الى إحراق نفسه.
وسارت الإجراءات التحقيقية في هذه القضية فور صدور أمر من وزير الداخلية بتشكيل مجلس تحقيقي، حيث سيتم أخذ شهادة الضباط والمقربين منه وكذلك الموقع الذي يعمل فيه للتوصل الى الحقيقة التي أدت الى إحراقه لنفسه ومحاسبة المقصرين، بحسب المصادر التي أكدت أن هناك جدية في كشف الحقيقة بسبب تكرار حوادث مشابهة خلال الفترة السابقة ووضع حد لها.
وخلف الفيديو الذي انتشر خلال الساعات القليلة الماضية، ردود فعل "غاضبة" على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، حيث طالب مدونون وخبراء أمنيون، بمحاسبة المتسببين في هذا الحادثة "المؤلمة" وإنزال أشد العقوبات عليهم ووضع حد للفساد والابتزاز في المؤسسات الأمنية كافة.
كما لم يصدر أي توضيح أو بيان رسمي من قيادة قوات الحدود العراقية والجهات الأمنية المختصة الاخرى لغاية كتابة هذا التقرير لكشف ملابسات القضية التي لا تزال غير واضحة المعالم. كما لم تعرف تفاصيل أخرى عن الضابط الذي قام بإحراق نفسه.
لكن بحسب ضابط رفيع المستوى في وزارة الداخلية تحدثت لشبكة "انفوبلس"، فإن القضية أخذت صدى واسعا ووصلت للجهات الأمنية المختصة بسرعة، مشير الى أن وزير الداخلية عبد الأمير الشمري أمر بتشكيل مجلس تحقيقي لمعرفة ملابسات ومحاسبة المقصرين.
كما أشار الضابط – رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية - الى أن وزارة الداخلية تريد إنهاء ملف هذه القضية بأسرع وقت ممكن وكشف الحقيقة وذلك بسبب أن هذه الحادثة تؤثر على سمعة الوزارة بشكل عام وقيادة قوات الحدود بشكل خاص.
وغالبا ما تُثار ملفات فساد وابتزاز في الوزارات الأمنية، سواء الدفاع أو الداخلية وحتى القيادات الامنية الاخرى، ويجري اتهام ضباط كبار بها، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء بحقهم، باستثناء النقل، وفي حالات "نادرة".
وشكلت مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة مصيدة للكثير من الضباط، بعدما وقع الكثير منهم في فخ "السلوك" المهني، إذ انتشرت فيها الكثير من فيديوهات لنساء مشهورات يستقوين بعلاقاتهن مع الضباط في وزارة الداخلية وغيرهم.
وكانت "انفوبلس"، قد نشرت تقريرا مفصلا حول شبكة ابتزاز في الداخلية، كشفت فيه عن التحقيق مع 100 ضابط في الوزارة، مشتبه بتورطهم في هذه الشبكة، فضلا عن تقارير أخرى مماثلة، بينها تقرير موسع حول علاقة ضباط في جهاز المخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى، بمشاهير من النساء.
كما وبرزت خلال العامين الماضيين، ظاهرة انتحار المنتسبين الامنين وسجلت حالات كثيرة، دون معرفة دوافعها الحقيقية، إلا أن خبيرا أمنيا عزاها إلى القسوة والقرارات الصعبة والأيام الطويلة وعدم منح الإجازات.
وتُعد ظاهرة الانتحار، من الظواهر التي بدأت بالانتشار في العراق، الذي بات يسجل ارتفاعا بأعدادها سنة تلو أخرى، ووفقا لرئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان فاضل الغراوي، فإن السنوات الثلاث الاخيرة شهدت تسجيل أكثر من 2000 حالة ومحاولة انتحار حيث شهد عام 2022 تسجيل 1073 حالة ومحاولة انتحار في حين شهد عام 2023 تسجيل 700 حالة انتحار في حين شهدت الستة أشهر الاولى من عام 2024 تسجيل 300 حالة ومحاولة انتحار.
وحول هذا الأمر، يحذر أستاذ علم الاجتماع فالح القريشي، من خطورة انتشار ظاهرة الانتحار في صفوف الأجهزة الأمنية، فيما شدد على ضرورة فتح دورات للمنتسبين بهدف التوعية والتأهيل النفسي.
ويستبعد القريشي، "وجود ضغوطات اقتصادية تدفع بعض عناصر الأجهزة الأمنية للانتحار، خاصة وأن رواتب المنتسبين جيدة قياسًا بباقي موظفي الدولة"، مبينا أن "الاسباب النفسية قد تكون الدافع الابرز لانتحار المنتسب الامني، لضغوطات العمل".
ويطالب القريشي "الأجهزة المختصة في المؤسسات الأمنية والعسكرية، بفتح دورات للمنتسبين للتوعية والتأهيل النفسي، والتثقيف الديني والإنساني لإبعادهم عن الانتحار، فضلا عن التعامل الأمثل مع حالات الانتحار عند بعض المواطنين".
فيما يستعرض الخبير في الشؤون الأمنية صادق عبد الله، ثلاثة أسباب وراء ملف "انتحار منتسبي القوى الأمنية".
ويقول عبد الله، إن "منتسبي القوى الأمنية سواء في الدفاع او الداخلية او التشكيلات الساندة، هم جزء من المجتمع يتعرضون كسائر بقية الشرائح إلى ضغوط حياتية ونفسية وأخرى تتعلق بالمشاكل الزوجية لذا فإن انتحار بعضهم ليس مفاجئًا".
ويضيف، إنه "في محافظة ديالى على سبيل المثال سُجلت حالتي انتحار خلال 2024 وبعد التدقيق في الأسباب تبينت أنها مشاكل عائلية ضغطت عليهما لتقودهما الى إنهاء حياتهما"، مؤكدا أن "معدل الانتحار بشكل عام وفق المعلومات ربما يصل الى حالة واحدة للانتحار من العناصر الأمنية لكل 20 حالة عامة أي إن النسبة ليست كبيرة".
ويقر بأن "ثلاثة أسباب وراء انتحار منتسبي القوى الأمنية والتي تجري 80% منها وهم في منازلهم وليس أثناء الواجبات هي الضغوط الحياتية ومشاكلها وحالة الخلافات الزوجية، بالإضافة الى ضغوط العمل لكنها تبقى في سياقات محدودة".
وأشار الى أن "مواقع التواصل بما تبثه من مواضيع تدفع الى استسهال نهاية الانتحار ليس للمنتسبين فقط بل كل الشرائح حتى المراهقين والأطفال"، داعيا الى "استحداث الاقسام النفسية في المديريات العامة للعلاج خاصة وأن بعض الضباط والمنتسبين يتعرضون الى ضغوط قاسية خاصة لمن يفقد أسرته في حادث ما او بسبب ظروف قاهرة لأننا أمام بشر وهذا الأمر موجود في كل أجهزة الشرطة حول العالم تقريبا".