فيلم "جنائن معلقة" يثير جدلاً واسعاً في العراق بعد تضمنه رمزيات البيئة الشيعية الجنوبية بطريقة "مجحفة"
انفوبلس/ تقرير
خلال فترة عرضه لأول مرة على مسرح الرشيد بالعاصمة بغداد، أثار فيلم "جنائن معلقة" للمخرج أحمد ياسين الدراجي جدلاً واسعاً في العراق بعد تضمنه رمزيات البيئة الشيعية الجنوبية بطريقة "واضحة"، وفقا لما قاله الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم، الذي هوجم في الوقت نفسه.
منذ أمس، يُعرض فيلم "جنائن معلّقة" للمخرج أحمد ياسين الدراجي لأوّل مرّة في مسرح الرشيد بالعاصمة بغداد، على أن يستمر عرضه لمدة أسبوع. حيث قرر صُناع الفيلم الدخول إلى دور السينمات العراقية.
ويتناول الفيلم في أحداثه، الأخوين أسعد وطه اللذّين يكسبان لقمة العيش من خلال جمع المعادن والبلاستك من مكبّ النفايات الأسطوري الشهير باسم جنائن بابل المعلقة، يلفت انتباههم مكبّ نفايات جيش الاحتلال الأمريكي الذي يضم مجلات "خليعة" ضمن عدد من باقي الأشياء، وفيه يعثر أسعد على دمية مطاطية مهملة ويقرّر امتلاكها، وإحضارها إلى المنزل، وحينما تختبر الدمية علاقة الأخوين، يواجهان قلقاً ما يهدّد صلتهم الأخوية، ضمن تحدّي الحب وصلة الدم، الذي تنتصر فيه روح الدعابة والبراءة.
الفيلم الحاصل على عدّة جوائز عالمية أثار جدلاً في الأوساط الفنية، منهم من يعتبر أنّه "يعكس الواقع"، وآخرون يقولون أنّ هناك "مبالغة" فيه.
وفي هذا الصدد، نشر الناقد السينمائي كاظم مرشد تدوينة في "فيسبوك" أرفقها بـ 4 وسوم إلى جهات سياسية، قائلاً إنّ: "الفلم يتحدث عن واقع الناس في مجتمع مشار إليه برموز دينية واضحة، وبيئة تشير إلى مناطق بعينها"، وأضاف: "أدعو من لهم جمهورهم الواسع والكبير في هذه المناطق لمشاهدة الفلم ورؤية واقع الحال وهل هناك مبالغة في الطرح، أم أن واقع الحال الحقيقي هو هكذا".
في المقابل، اتّهم وارث كويش، الذي عمل ضمن فريق الفيلم بصفة مساعد مخرج أول، أنّ مرشد "يحرّض على قتلنا"، مطالباً نقابة الفنانين والصحفيين واتحاد الأدباء باتخاذ ما سمّاه بـ"موقف حازم تجاه هذه الأصوات التي تريد قتلنا وحرّيتنا".
وذكرت تدوينة في "فيسبوك"، "أنا وارث كويش، عملت ضمن فريق عمل "جنائن معلقة" بصفة مساعد مخرج أول، صنعنا فيلما يشبهنا، عُرِض في أهم مهرجانات العالم وحصد جوائز كثيرة، الفيلم صُنِع بأيادٍ عراقية، عملنا ليل نهار، من أجل حلمنا السينمائي، وكنا حريصين على أن يكون الفيلم بعلم الجميع وموافقتهم".
وتابع، "أنشر لكم منشور الناقد كاظم مرشد، وهو يحرّض على قتلنا، وأقول، كيف لك أن تحرّض علينا بهذه الطريقة، أنت حر بنقدك للفيلم بالطريقة الموضوعية، بالنقد الفني الذي نعرف، أن تقول الفيلم سيئ، أن تنقد وتمارس اختصاصك الحقيقي، السينما تجمعها الإنسانية، تكون مبنية على الانتقاد الفني البحت، ونحن ننتظر هذا منك ومن الزملاء والأصدقاء جميعا، لا نطالب أحدا بالتهليل والتصفيق، النقد يقوّم مشاريعنا وتجاربنا".
وأردف، "لكن أن يكون النقد هو تحريض على القتل، هو تحريض لجهات معينة ضد المخرج وفريق العمل بهذه الطريقة التي لا نستطيع تصديقها إلى الآن، هو أمر لا يمكن السكوت عنه، هذا الموقف الذي نكتب هو ليس موقفا للجنائن المعلقة فحسب، هو موقف لحرية التعبير، موقف لأفلامنا ومشاريعنا القادمة، موقف لكل الصناع في العراق، الذي عليهم أن يكتبوا ويرفضوا هذا الأسلوب، هذا موقف أخلاقي لابد منه".
وأضاف، "شخصياً، أطالب نقابة الفنانين ونقابة الصحفيين واتحاد الادباء باتخاذ موقف حازم تجاه هذه الأصوات التي تريد قتلنا وقتل حريتنا، وأنا أحمّله مسؤولية سلامتي الشخصية، وسلامة كل العاملين في فيلم جنائن معلقة".
كذلك اتهم الكاتب أحمد ياسين، مرشد بالتحريض على القتل. وذكر في تدوينة في "فيسبوك، "نقابة الفنانين نقابة الصحفيين العراقيين اتحاد الأدباء العراقيين بين يديكم سادتي أطالبكم بالموقف الأخلاقي: بمغالطة وتضليل واضح دعوة الناقد السينمائي كاظم السلوم السيد كاظم سلوم وتحريضه الواضح والحاقد على القتل وعليه أُحمّل السيد الناقد التبعات والمسؤولية القانونية والمدنية كافة على سلامتي وجميع أعضاء فريق العمل في جميع أنحاء العراق إلى يوم الدين، بالإضافة إلى جميع التبعات المادية التي ستترتب على تسويق الفيلم جراء دعوته المضللة هذه.
وأضاف، "ملاحظة: الجهات المذكورة (تمتلك فصائل مسلحة) وساهمت بصناعة هذا الفيلم لما فيه من إدانة للخراب الذي خلّفه الاحتلال الامريكي في العراق. المناطق المشار إليها هي أحياء الطمر الصحي حيث أعيش وعائلتي والأزقة التي أحب وأنتمي. لكنه لا يعلم أنني مجدول عرض خاص في هذه الأحياء كونها بعيدة عن مركز المدينة ولضعف الحالة المادية لسكانها وبتبرع من فريق العمل للاحتفاء بالفيلم بينهم. #ارهاب".
إلّا أنّ الناقد السينمائي رفض الاتهامات الموجّهة ضدّه في منشور ثانٍ له بعنون الفهم الخاطئ. وقال، بعد أن شاهدت فلم جنائن معلقة للمخرج أحمد ياسين وما طرحه من واقع حال بعض المناطق، كتبت بوست أشرت فيه لبعض الجهات السياسية التي لها جمهورها الواسع في هذه المناطق، ودعوتهم لمشاهدة الفلم ليطلعوا على واقع حال هذه المناطق.
وأضاف، "البعض فهم البوست والهاشتاك الذي أشرت فيه لهذه الجهات فهم خاطئ معتقدين أنني أحرض على صانعي الفلم وهو أمر مجافي للحقيقة تماماً، فأنا تابعت الفلم من البداية وكنت ضمن اللجنة الفاحصة وأحد الموافقين على منحه منحة وزارة الثقافة، كذلك كنت موجوداً مع مخرجه وبعض من كادره في مهرجان الجونة وباركت لهم الدعم الذي حصلوا عليه. وكنت أستقبل منتجته الرائعة هدى الكاظمي أيام كنت مديراً للسينما ومتفاعل مع الفلم".
وتابع، "لذلك من فهم ما كتبت فهم خاطئ فهو حر، ولي وقفة نقدية مع الفلم وليس بالضرورة أن يكون النقد مع أي فلم إيجابيا أو عكسه".
وبيّن، "وأدناه ما نشرت لكي يعرف السينمائيون كيف يمكن أن تكتب بوستاً بسبب تأثير الفلم عليك وتدعو جهات مهمة لمشاهدة الفلم والاطلاع على واقع حال جمهورهم المشار إليهم في الفلم وكيف أن يُفهم البوست فهماً خاطئاً".
وأدناه بعض التعليقات التي وردت في منشور الناقد كاظم مرشد والتي جاءت بعنوان "الفهم الخاطئ":
الفيلم من إخراج أحمد ياسين الدراجي وبطولة كلّ من وسام ضياء، جواد الشكرجي، علي فرحان، حسين محمد خليل. نال جائزة أفضل فيلم وأفضل إنجاز سينمائي في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في السعودية، فضلاً عن جائزة أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل سيناريو في مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد، وجائزة أفضل فيلم من جوائز النقاد للأفلام العربية والتي تُقام ضمن مهرجان كان السينمائي الدولي في فرنسا وجائزة لجنة التحكيم الخاصة لمسابقة المخرجين الجدد في مهرجان سياتل السينمائي الدولي في أمريكا.