في ذكرى إعدامه.. ماذا تقول وثائق النظام السابق عن الشهيدين السيد محمد باقر الصدر و العلوية "بنت الهدى"؟
جزء غامض بقي يحيط بتفاصيل الجريمة
في ذكرى إعدامه.. ماذا تقول وثائق النظام السابق عن الشهيدين السيد محمد باقر الصدر و العلوية "بنت الهدى"؟
انفوبلس/..
في ذكرى إعدامه، تستعرض شبكة انفوبلس لمحات تاريخية وبالوثائق حول استشهاد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر وشقيقته العلوية بنت الهدى، على يد نظام حزب البعث المقبور ورئيسه صدام حسين، الذي صادق بيده على عملية الإعدام.
*وثائق
في نيسان من عام 1980 صدر مرسوم جمهوري، جاء في نصه: "استناداً إلى أحكام الفقرة (ى) من المادة 58 من الدستور المؤقت، رسمنا بما هو آت: المصادقة على تنفيذ حكم الإعدام حتى الموت بحق المدان محمد باقر حيدر إسماعيل الصدر، الصادر بحقه من محكمة الثورة بتاريخ 6 نيسان 1980 في القضية المرقمة 420/ ج/ 1980 وفق المادة 156 من قانون العقوبات العراقي".
وأضافت الوثيقة: "على الوزراء تنفيذ هذا المرسوم. الذي كُتب في بغداد بتاريخ 6 نيسان 1980".
وتنص المادة 156 من قانون العقوبات العراقي، على ما نصه: "يعاقَب بالإعدام من ارتكب عمداً فعلاً بقصد المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها وكان الفعل من شأنه أن يؤدي إلى ذلك".
(صورة الوثيقة)
وفي 13 نيسان 1980، صدرت وثيقة عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعي وذُيَّلت بتوقيع الوزير (آنذاك) بكر محمود رسول، وجاء فيها: "إلحاقا بكتابنا المرقم س/ 193 في 13 نيسان 1980 نرفق لكم طياً أمر تنفيذ حكم الإعدام شنقاً حتى الموت بالمدان محمد باقر حيدر إسماعيل الصدر، الوارد إلينا على كتاب وزارة العدل المرقم 4/ 80/ 185 في 13 نيسان 1980".
وأضافت الوثيقة، أنه "بناءً على ما جاء في برقية رئاسة محكمة الثورة المرقمة 420/ج/80 في 13 نيسان 1980 يُنفذ الحكم بالمومأ إليه في الساعة السادسة من مساء يوم 13 نيسان 1980".
(الوثيقة)
بعد ذلك بنحو شهر تقريباً، قال رئيس النظام البائد صدام حسين في هامش "اطلعت على عملية إعدام محمد باقر الصدر".
الملاحظ في هذه الوثيقتين لم يرد اسم العلوية "بنت الهدى"، إذ إن ما تحدثت به الوثيقتين هو عن السيد محمد باقر الصدر وحده فقط، كما أنه لم تجرِ محاكمة علنية ولم يكن أحد حاضراً خلال تنفيذ الحكم، الأمر الذي زاد من الشكوك بأن عملية الإعدام تمت دون محاكمة.
*روايات متضاربة
حول هذه الحادثة العديد من الروايات المتضاربة والتي نُقلت من أشخاص عن أشخاص آخرين، لكن لم يكن أحد حاضراً للمحاكمة.
*رواية السيّد محمّد الغروي
بدأ السيّد كامل محمّد علي العميدي بالتحرّك والتحرّي للدلالة على قبر الشهيد، وكان الاندفاع ذاتيّاً ولم يكن من أحد، وبدأ السيّد كامل يتقرّب إلى الحفّار عبّاس بلاش وبقي يجامله لعدّة سنوات دون أن يتطرّق لموضوع الشهيد حتّى أخذ عبّاس يطمئن اطمئناناً كاملاً إلى السيّد كامل، حينذاك فاتحه السيّد كامل عن موضوع دفن الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر، فقال له عبّاس: نعم أنا دفنته وأنا أعرف مكان قبره ثمّ جاء بالسيّد كامل إلى قبر الشهيد وقال له: ها هنا قبر الشهيد الصدر. فبقي السيّد كامل يتردّد كلّ يوم وبدون انقطاع لزيارة قبر السيّد وهو وسط الشارع، ثمّ بدأ السيّد كامل ينسّق مع الحفّار كي ينقل الجثمان الشريف إلى مكان آمن، فهيّأ السيّد كامل قطعة أرض بعيدة عن الأنظار ومساحتها خمسين متراً في منطقة وادي السلام (المقبرة حاليّاً) وكانت ملكيّتها إلى رجل يدعى جابر مكاوي الحلّي، وبعد طرح الأمر من قبل السيّد كامل إلى آية الله العظمى السيّد حسين آل بحر العلوم (قدس سره) ولم يذكر اسم الشهيد نصّاً، ولكن ذكر بعنوان عالم مجتهد في وسط الشارع فهل يجوز نقل جثمانه؟ فأمر السيّد حسين آل بحر العلوم بنقل الجثمان وقال: يُنقل ولو كان الشهيد محمّد باقر الصدر.
ثمّ ذهب السيّد كامل وأبلغ العلاّمة السيّد رحيم الشوكي بعمليّة نقل جثمان الشهيد، ثمّ ذهب إلى السيّد محمّد صالح الحكيم شقيق المرجع الديني السيّد محمّد سعيد الحكيم فأخبره بالأمر، فأوعز بنقله.
ثمّ بدأ السيّد كامل بكافة التدابير متوخّياً الحيطة والحذر كي يتسنّى له نقل الجثمان في الوقت المناسب، فهيّأ سرداباً لنفر واحد تحت الأرض، وقام بنقله مع عبّاس بلاش وقد تمّ قبل ذلك حمل الجثمان لزيارة مرقد الإمام علي بن أبي طالب(ع)، وحضر التشييع مع السيّد كامل اثنان فقط من أهالي المسيّب وهما من المحبّين للسيّد الشهيد، وكانت عمليّة نقل الجثمان هذه في سنة 1994.
وقد كلّف بهذه العمليّة الجريئة الدفّان السيّد زهير العميدي من قبل خاله السيّد كامل بأن يراقب الطريق ومنطقة ما حول الصحن الحيدري الشريف من جلاوزة النظام البائد. بعدها وضع جثمان السيّد الشهيد فوق سيّارة السيّد حسين بحر العلوم وكان يقودها السيّد كامل العميدي وكانت السيّارة كرونة بيضاء.
وبعد زيارة الجثمان لمرقد الإمام أمير المؤمنين(ع) ذهبوا إلى المقبرة الجديدة وتمّ دفنه، وقد استُخرجتُ من هذه العمليّة عيّنات من التراب الذي كان مخلوطاً بدمه الطاهر وقطعاً صغيرة من القطن الذي كان حول الجثمان الشريف، ثمّ كانت الغدوة فوق التابوت وهي هديّة من الهند، ثمّ قام ببناء قبره السيّد كامل وابن شقيقته السيّد زهير العميدي دون أن يذكر اسم الشهيد على القبر، ولكن السيّد كامل سجّل اسم والده السيّد محمّد علي العميدي عنوان القبر، وقد تجنّد مرّة أخرى السيّد كامل وابن شقيقته الدفّان السيّد زهير العميدي لشراء القطع المجاورة لمرقد السيّد الشهيد، وكلّف بهذا الموضوع من قبل الحاج علي عبد الله الحلّي ومن أمواله الخاصّة، وشراء تلك القطع بأضعاف قيمتها، ثمّ أمر السيّد كامل العميدي ابن شقيقته السيّد زهير العميدي بمراقبة مرقد الشهيد كلّ يوم حتّى لا يعرف أحدٌ بذلك.
وفي أحد الأيّام شاهد السيّد زهير سيّارة نجدة واقفة أمام مرقد السيّد الشهيد، وكان سائق النجدة المفوّض أبو حيدر وهو محبٌّ للسيّد الشهيد وليس لغرض المراقبة، ثمّ شاهد ثلاث أشخاص من منطقة خان المخضر وهم من الموالين كانوا يزورون قبر السيّد، وأخبر السيّد زهير خاله السيّد كامل بذلك.
وفي يوم 7/4/1997 جاء السيّد كامل العميدي إلى بيت ابن شقيقته الدفّان السيّد زهير العميدي وقال له: هل تتمكّن يا ابن أختي من استخراج جثمان السيّد الشهيد ونقله لغرض إخفائه وحتّى لا يعرفه أحد من السابقين الذين حضروا عمليّة الدفن عام 1994 ولأنّنا أصبحنا في حالة أخطر، فوافق الدفّان السيّد زهير بذلك وقاموا ليلاً بحفر قبر يجانب قبر السيّد عام 1994، ثمّ جاءوا في اليوم الثاني وأحضروا كافّة مستلزمات نقل الجثمان ومعهم المصوّر محمّد هاتو من بغداد والحاج عبد أبو رسول ومعهم عامل لا يعرف من الذي سيتمُّ قبره والعامل هو السيّد علي السيّد حسن العميدي، ثمّ بدأوا بفتح باب القبر بغرض نقله، ففوجئوا كلٌّ من السيّد زهير العميدي وخاله السيّد كامل حينما رأوا ما يشبه الغيوم المتناثرة فوق الجثمان، ثمّ نزل السيّد زهير إلى داخل القبر ومعه خاله السيّد كامل فوجدوا جثمان الشهيد جسداً متكاملاً من بعد مرور 17 عاماً. وعند فتح الكفن والقطن وجد الدفّان علامات على جسد السيّد الشهيد:
1 - ذبح من القفا.
2 - نصف اللحية الشريفة محروقة.
3 - ثقب فوق الحاجب الأيمن.
4 - ثلاث طعنات على صدره الشريف.
ثم بدأت عمليّة التكفين، وأُخذت عيّنات للتمسّك بها من كفنه القديم وقطعة من القطن الذي كان فوق جسده. ثمّ بدأ الدفّان السيّد زهير العميدي بتفتيش الجسد حيث طلب السيّد كامل من السيّد زهير العميدي البحث عن مكان القيود، واستمرّ بالتفتيش فوجد الخاتم في خنصره الأيمن فخلع الخاتم فأعطاه إلى السيّد كامل، ثمّ استمرّت عمليّة الدفن وإخفاء القبر حتّى يوم 9/4/2003 يوم سقوط النظام الطاغي صدّام فأوعزت العلويّة أم جعفر زوجة السيّد الشهيد وأعطت مبلغاً من المال إلى السيّد كامل لغرض بنائه وإظهاره للناس.
كما أنّ عمليّة نقل الشهيد من المقبرة القديمة إلى المقبرة الحاليّة كان بعلم السيّد جعفر السيّد محمّد باقر الصدر والسيّد مصطفى بن الشهيد الثاني محمّد صادق الصدر.
ويؤكد هؤلاء أن نقل الجثة كان للشهيد السيد محمد باقر الصدر لوحدها، دون وجود لجثة العلوية بنت الهدى.