قضاء القرنة "يعاني" خدمياً والسوداني يقرر إزاحة شركة "الجدار الساند" الإماراتية.. مديرها يزعم أنها نفذت أكثر من المطلوب!
انفوبلس/ تقرير
يعاني قضاء القرنة شمالي محافظة البصرة، من واقع خدمي "مرير" وتلكؤ مشاريع البنى التحتية منذ سنوات طويلة بدون أسباب واضحة أو إجراءات "رادعة" حتى وصل الى إعلان نواب من المحافظة بأن القضاء يُعد منكوباً، وسط انتظار الأهالي تنفيذ قرارات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني التي صدرت مؤخراً وخصوصاً استبدال شركة "الجدار الساند" الإماراتية.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على واقع قضاء القرنة ومشاريع البنى التحتية المتلكئة وكذلك شبهات الفساد
*القرنة تتصدر الرأي العام
يؤكد أهالي القرنة أن الشركة المسؤولة عن أعمال الخدمات متوقفة عن العمل منذ أشهر مطالبين بالتدخل العاجل وحل الموضوع من قبل حكومة بغداد أو الجهات المعنية و"عدم الاستماع لتصريحات بعض السياسيين الذين يحاولون التستر على الفساد في المشاريع بالبصرة"، بحسب وصفهم.
وقد تناغمت تلك المناشدات والدعوات الشعبية مع ردود أفعال برلمانية وسياسية من مجلس محافظة البصرة على حد سواء، حيث انتقدت النائب عن البصرة انتصار المالكي، سوء الخدمات وإهمال كل القطاعات في قضاء القرنة شمالي المحافظة.
وقالت المالكي، إن "قضاء القرنة وغيره، يعاني من قلة المدارس وانعدام الخدمات، لا سيما في الدير والهارثة، وسط إهمال كل القطاعات من قبل ديوان المحافظة، داعياً مجلس المحافظة الى "ضرورة أن يضع يده مع أعضاء البرلمان لغرض العمل على متابعة سوء المشاريع وإنضاجها في الأقضية والنواحي".
* معاناة مستمرة
إلى ذلك، فقد أكد رئيس مجلس محافظة البصرة خلف البدران، أن مجلس المحافظة لن يقف مكتوف الأيدي في حال عدم حصول تقدم ملموس والعمل بشكل صحيح لإكمال الخدمات في القضاء.
وقال البدران، "زرنا قضاء القرنة والتقينا الأهالي هناك وشاهدنا حجم المعاناة للمواطنين وسط افتقار القضاء لأبسط الخدمات، إضافة الى معاناة الأطفال المستمرة أثناء سيرهم في الطرقات باتجاه المدارس"، مستغربا من "التلكؤ في العمل".
وطالب البدران، الشركة المنفذة للمشروع، بـ"ضرورة العمل بشكل صحيح بالقضاء وإكمال الخدمات في المناطق التي تم حفرها، وإلا فإن المجلس لن يقف مكتوف الأيدي تجاه حقوق المواطنين"، مبينا أن "مناطق القضاء منكوبة كحال غزة ووضع الخدمات في القضاء لا يمكن السكوت عليه".
وأظهر مشهد مصور اطلعت عليه "انفوبلس"، غرق عدد من شوارع القرنة بينها حي الجمعة، حيث إن قضاء القرنة ومشروع المجاري والخدمات فيه، بعهدة شركة الجدار الساند الإمارتية والتي تمت إحالة مشروع مجاري القضاء إليها منذ عام 2020 وبكلفة 600 مليار دينار، لكن منذ ذلك الحين وحتى الآن لايزال الوضع على ما هو عليه.
*القرنة قضاء "منكوب"
أكد النائب عن كتلة الصادقون عدي عواد، أن قضاء القرنة في محافظة البصرة وخطوات المحافظ بشأنه "ترقيعية". وقال عواد في تصريحات صحفية اطلعت عليها "انفوبلس"، إن "قضاء القرنة من الأقضية المنكوبة، وتصريحات المحافظ بإدخال شركة أخرى للعمل بمشروع القضاء (تلزيك)".
وأضاف، خلال جولة أجراها ليلة أمس في القرنة، إن "القضاء يعاني مشكلة كبيرة وكان من المفترض استنفار آليات البلدية وتشكيل غرفة عمليات وجهد هندسي لمعالجة الوضع فيه، وعدم إيلاء المشاريع إلى شركة (نص ردن)".
وتابع عواد، إنه "بهذه المأساة التي حدثت وفقدان طفلين فهذا يدل على أن هناك شيئاً ما، وهي عملية إهمال واضحة لهذا القضاء المهم الذي قدم الشهداء وعانى الكثير بزمن النظام السابق، وما يجب أن يقدم له جزء ليس من استحقاقه وما حصل جريمة بحق أهالي القرنة"، مشيرا إلى أنه "جمع تواقيع لعرض الموضوع للمناقشة في مجلس النواب ويخصص لقضاء القرنة، وأنا شخصياً لن أسكت".
ولفت إلى، أنه "من المفترض سحب العمل من الشركة المنفذة لمشروع القرنة وإحالته إلى أخرى رصينة واضحة المعالم لها سجل وأعمال مماثلة، أما (الجدار الساند) التي أُحيل لها بالمليارات فذلك بحد ذاته يخضعها للتحقيق وللنزاهة فكيف أُحيل إليها المشروع دون أن تكون لها أعمال مماثلة".
في المقابل، طالب النائب عن حركة حقوق سعود الساعدي، رئاسة البرلمان الى استضافة وجهاء قضاء القرنة بمحافظة البصرة للوقوف على معاناتهم ومشاكلهم، داعياً لاعتبارها مدينة "منكوبة" بسبب النقص الحاد في الخدمات.
*السوداني يستقبل وفداً من شيوخ عشائر ووجهاء قضاء القرنة
كما استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مساء أمس السبت، وفداً من شيوخ عشائر ووجهاء قضاء القرنة الواقع شماليّ محافظة البصرة، بحضور محافظ البصرة وقائمقام القضاء وعدد من الوكلاء والمديرين العامين المعنيين والمستشارين، والنائب عن محافظة البصرة ضرغام صباح المالكي.
واستمع السوداني إلى عدد من الطروحات والمقترحات التي قدمها الوفد، المتعلقة بالواقع الخدمي والمعيشي للقضاء، مؤكداً أن القرنة قضاء مهمّ بعشائره وأبنائه وثرواته، وباستحقاقاته الخدمية والمعيشية، وأن العمل مستمر في مختلف مفاصل الجهاز التنفيذي؛ للنهوض بالواقع الخدمي الذي عانى مشاكلَ كثيرة طيلة المرحلة الماضية، واتخاذ قرارات تعالج المشاريع المتلكئة، بحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء ورد لـ"انفوبلس".
رئيس الوزراء يوجه باستبدال الشركة المتلكئة (الجدار الساند) في تنفيذ المشاريع بقضاء القرنة شمالي البصرة
ووجّه رئيس مجلس الوزراء باستبدال الشركة المتلكئة في تنفيذ مشاريع البنى التحتية الخدمية بقضاء القرنة، بشركة أخرى رصينة، كما وجّه بعرض مشروع إنشاء مستشفى بسعة 300 سرير في القضاء، على جلسة مجلس الوزراء المقبلة للبتّ بها، وكذلك التوجيه بتشكيل لجنة فنية لمتابعة سير تنفيذ الأعمال الخدمية في القضاء بالتنسيق مع الحكومة المحلية في المحافظة، والعمل على تذليل كل العقبات الفنية والإدارية والمالية أمام هذه المشاريع.
وفي سياق توفير فرص العمل لأبناء القضاء، وجه سيادته بتفعيل مكتب التشغيل في محافظة البصرة؛ من أجل تشغيل الشباب في قضاء القرنة وشمال البصرة بالشركات النفطية، وفقا للبيان الحكومي.
*مديرها يزعم أنها نفذت أكثر من المطلوب
وعلى الرغم من كل ما ذكر من واقع خدمي مرير، خرج المدير المفوض لشركة الجدار الساند "حردان كاظم"، في مقطع مصور نشرته الشركة عبر الفيسبوك رصدته شبكة "انفوبلس"، ليقول إن كادر الشركة نفذ أكثر من المطلوب!
ويواصل مشروع مجاري قضاء القرنة في محافظة البصرة المتلكئ منذ سنوات بحصد أرواح المواطنين هناك، فيما لا أحد يحاسب شركة الجدار الساند الإماراتية المتهمة بالفساد والتلكؤ منذ سنوات عديدة في إنجاز المشروع.
عندما شاهد الطفل محمد سمير عبد الستار، البالغ من العمر 8 سنوات، صديقه في المدرسة سقط في مشروع متلكئ للمجاري في قضاء القرنة بمحافظة البصرة، جنوبي العراق، حاول إنقاذه، لكنه غرق هو الآخر.
المواطن علي عبد الستار، عمّ الطفل محمد سمير عبد الستار، يروي التفاصيل، حيث يقول، إن "شركة الجدار الساند تتولى مشروع مجاري القرنة، والتي هي متلكئة في العديد من أعمالها". مؤكداً، إن المنطقة شهدت نحو 10 حوادث سابقة، بسبب هذا المشروع، منها سقوط عجلات، ومنها سقوط أطفال.
والقرنة مدينة عراقية ومركز قضاء تتبع إدارياً إلى محافظة البصرة تعتبر واحدة من أغنى مدن العالم من حيث الموارد النفطية، وتقع المدينة عند التقاء نهري دجلة والفرات وتبعد عن مدينة البصرة 74 كم2. ويبلغ عدد سكانها نحو 450 ألف نسمة حسب إحصائيات عام 2014.