لا أحد يحاسب شركة الجدار الإماراتية.. مشروع مجاري القرنة مستمر في حصد الأرواح
10 أبرياء سقطوا في حفرة
لا أحد يحاسب شركة الجدار الإماراتية.. مشروع مجاري القرنة مستمر في حصد الأرواح
انفوبلس/..
يواصل مشروع مجاري قضاء القرنة في محافظة البصرة المتلكئ منذ سنوات بحصد أرواح المواطنين هناك، فيما لا أحد يحاسب شركة الجدار الساند الإماراتية المتهمة بالفساد والتلكؤ منذ سنوات عديدة في إنجاز المشروع.
*حادثة حزينة
عندما شاهد الطفل محمد سمير عبد الستار، البالغ من العمر 8 سنوات، صديقه في المدرسة سقط في مشروع متلكئ للمجاري في قضاء القرنة بمحافظة البصرة، جنوبي العراق، حاول إنقاذه، لكنه غرق هو الآخر.
المواطن علي عبد الستار، عم الطفل محمد سمير عبد الستار، يروي التفاصيل، حيث يقول، إن "شركة الجدار الساند تتولى مشروع مجاري القرنة، والتي هي متلكئة في العديد من أعمالها".
ويوضح، إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أرسل وفداً لمتابعة عمل الشركة، كما أرسل محافظ البصرة أسعد العيداني كتابا إنذارا لها، بسبب تلكؤها بالعمل".
*10 حوادث
وأكد علي عبد الستار، إن المنطقة شهدت نحو 10 حوادث سابقة، بسبب هذا المشروع، منها سقوط عجلات، ومنها سقوط أطفال.
ويبيّن علي عبد الستار: "عندما عملت محطات الدفع الصحي في المشروع لم تستكمل عملها، لذلك فتحت نهراً لأجل الطمر الصحي لمياه الإسالة والغسل وغيرها". مضيفاً، إن "هنالك نهراً قديماً في المشروع يبلغ عمقه نصف متر، وعندما جاءت الشركة قامت بتوسيع النهر لتصريف المياه لكنها لم تطمر النهر عند الانتهاء منه، وقد ناشدناهم كثيراً لأجل طمر هذه البركة العميقة، والتي تصل الى نحو خمسة أمتار، لكن من دون جدوى"، وفقاً لعلي عبد الستار. الذي لفت الى أن "أعمار الطفلَين المتوفيَين تبلغ 8 سنوات، وهما يسكنان منطقة حي الجمعة في قضاء القرنة".
ويضيف، إن "الطفلَين هما من نفس العشيرة (بني مالك) وهما أصدقاء في الثالث الابتدائي، وأثناء لعبهما خلف المدرسة بعد خروجهما في الساعة الثالثة ظهراً من الدوام، سقط حذاء الطفل صديق ابن أخي، وحاول استعادته لكنه غرق، لذا سارع ابن أخي (محمد سمير عبد الستار) لإنقاذه، لكنه غرق هو الآخر".
*تبرير الشركة
في السياق ذاته، قال مدير شركة الجدار الساند الإماراتية حردان كاظم حسين، بعد حادثة غرق الطفلين، يوم أمس، "نتقدم بأحرِّ التعازي إلى ذوي الطفلين اللذَين غرقا في أحد الأنهار في حي الجمع ونسأل الله أن يلهم ذويهم الصبر والسلوان وعلينا جميعاً أن نؤمن بالقضاء والقدر الإلهي وعلينا أن نسلم أمرنا الى الله".
وتابع، "توضيح بخصوص ملابسات غرق الطفلين في القرنة نود أن نبين أن مكان الحادث هو خارج دائرة أعمال المشروع وخارج أعمال شركتنا وأن المسطحات المائية موجودة منذ عدة سنين وقبل وصول شركتنا لتنفيذ أعمال البنية التحتية في قضاء القرنة".
وأشار إلى، أنه "بين فترة وأخرى تتم عمليات تنظيف وكري تلك المبازل من قبل الدوائر الحكومية بغية تصريف المياه الجوفية ومياه الأمطار، ومؤخراً تم تنظيف وكري المجرى المائي من قبل ممثلي مجلس النواب في القرنة وبآليات تابعة لدوائر الدولة".
وبين، "إننا نؤمن بعدالة القضاء العراقي لتحديد مسؤولية المقصرين وبعيداً عن الشائعات التي تحاول تأجيج الرأي العام بعيداً عن مسار الحقيقة".
*صرخات إغاثة
في نهاية الشهر الأول من عام 2024، عاود أهالي قضاء القرنة في محافظة البصرة لإطلاق "صرخات الاستغاثة" مما وصفوه بـ"التخادم بين الشركات الفاسدة وبعض النواب والسياسيين"، والذي يمنع حل أهم موضوع في فساد الخدمات والمتمثل بمشروع مجاري القرنة.
وأظهر مشهد مصور، غرق عدد من شوارع القرنة بينها حي الجمعة، حيث إن قضاء القرنة ومشروع المجاري والخدمات فيه، بعهدة شركة الجدار الساند والتي تمت إحالة مشروع مجاري القضاء إليها منذ عام 2020 وبكلفة 600 مليار دينار، لكن منذ ذلك الحين وحتى الآن لايزال الوضع على ما هو عليه.
ويؤكد أهالي القرنة، أن الشركة متوقفة عن العمل منذ أشهر، دون تدخل من البرلمانيين أو حكومة البصرة.
ويطالب الأهالي بالتدخل العاجل وحل الموضوع من قبل حكومة بغداد او الجهات المعنية و"عدم الاستماع لتصريحات بعض السياسيين الذين يحاولون التستر على الفساد في المشاريع بالبصرة"، بحسب وصفهم.
*مهلة
وأمهلت الحكومة المحلية في البصرة، في (31 آب 2023)، الشركة الإماراتية المنفذة لتنفيذ مشروع مجاري القرنة 3 أشهر لإكمال بقية أعمال البنى التحتية في عدد من مناطق القضاء وفق جدول حددته خلال اجتماعها مع المسؤولين المعنيين.
وأفاد المكتب الإعلامي للنائب الأول لمحافظ البصرة، أن النائب الأول محمد التميمي "ترأس اجتماعا بمكتبه الرسمي في مقر الحكومة المحلية مع مدير بلديات البصرة، ومسؤولي قسم التخطيط والمتابعة، وإدارة المشاريع بديوان المحافظة، ومدير بلدية القرنة، وفريق المتابعة في مجلس الوزراء، وشركة خطيب وعلمي، وشركة الجدار الساند المكلفة بأعمال مشروع البنى التحتية لقضاء القرنة للاستماع الى مؤشر تطورات العمل في المشروع والمنجزات المتحققة من قبل مدير الشركة المنفذة، وتأكيد النائب الأول على أهمية تنفيذ المشروع على أحسن وجه، وبالمدة المقررة".
وأشار البيان، الى "التوصل خلال الاجتماع على تحديد المشاكل الفنية المستجدة في تنفيذ المشروع والعمل على تذليل المعوقات والخروج بعدد من التوصيات التي ألزمت (شركة الجدار الساند) على تشكيل فريق إدارة للمشروع يضم كوادر هندسية جيدة تحت إمرة مهندس مختص وكفوء لإدارة المشروع حاصل على شهادةpmp خلال فترة أقصاها عشرة أيام، وتشكيل لجنة متابعة لتتواجد بشكل مستمر من قبل قسم إدارة المشاريع ويكون موقعها في المشروع".
وتقوم هذه اللجنة، وفقاً للبيان، "برفع تقاريرها الى لجنة المتابعة كل مدة خمسة عشر يوما، وتقديم خطة عمل من قبل الشركة الاستشارية والشركة المنفذة للمشروع في الأشهر الثلاثة الأولى انطلاقا من اجتماع اليوم لبيان جدية الشركة في تنفيذ اعمالها الذي سيكون اساساً في تقييمها، كما يتحتم عليها اكمال مناطق (النهيرات وشلهة الحسن، والقلعة، وشارع يا حسين) خلال هذه الفترة من ناحية اعمال الدفن والمقرنص والكيربر وإكسائها بالكامل وتسليمها خلال تلك الفترة والمحددة 90 يوماً".
ولفت البيان، الى "استثناء (شركة الجدار الساند) في تخصيص الأرض التي سينشأ عليها معمل الاسفلت، وإعطائها الموافقات المبدئية من قبل المحافظة، شريطة أن لا تؤثر هذه الفقرة على الفقرة الثالثة، نظرا لإلزام الشركة بشراء مادة الاسفلت لإكمال تلك المناطق لحين إكمال إنشاء المعمل الخاص بالشركة المنفذة للمشروع".
المهلة المحددة بثلاثة أشهر انتهت، لكن الحكومة المحلية بل وحتى المركزية لم تقم باتخاذ أي إجراء ضد الشركة الإماراتية المستمرة بالتلكؤ حتى توفيا طفلان يوم أمس.
*فشل
في 24 أيار من العام الماضي، صدر تقرير كشف عن فشل الشركة المنفذة لمشروع في البنى التحتية في قضاء القرنة شمال محافظة البصرة وعدم "امتلاكها خطة عمل ناجحة".
وأشارت دائرة المهندس المقيم في خطابها الى شركة (الجدار الساند) المنفذة للمشروع الى أنه "من خلال المتابعة اليومية والملاحظات المتكررة من قبل كادر المهندس المقيم لوحظ عدم وجود أي خطة عمل منظمة من قبل إدارة المقاول وتخبط الاعمال وعدم إكمالها حسب البرنامج".
وطالبت الدائرة الشركة "بالتوقف عن حفر مسارات الانابيب وإكمال ما تم حفره وتركيبه وتأمين مادة السبيس والغراوات الى موقع العمل".
وأفادت أيضاً "بالتحقق من وجود كامل متطلبات العمل وعدم ترك مسارات الانابيب مفتوحة معرضة الأهالي للخطر كذلك يجب سحب المياه الجوفية ومياه المجاري من الطرقات في الشوارع المأهولة".
*سوء تنفيذ
من جهته، وصف رئيس قسم التخطيط والمتابعة في ديوان محافظة البصرة ولاء عبد الكريم، مشروع مجاري القرنة الكبير بالمعقد كون طبيعة الأرض مختلفة عن مناطق البصرة الأخرى.
وأشار إلى، أن المشروع مماثل ومشابه لتصميم مشروع الزبير وبذات المتطلبات لكن هناك بعض المشاكل الفنية، والتي تنتج أحيانا عن سوء تنفيذ الشركة، وأحيانا هناك مشاكل بالتجاوزات وهي كثيرة في القرنة.
وأكد، أن المحافظة حريصة على تنفيذ المشروع والمحافظ وجه بالإسراع والتقارير الأخيرة تشير إلى أن هناك تصويبا بالعمل.