لكسر احتكار الإنترنت.. وزارة الاتصالات تنتهج سياسة جديدة.. تعرف على أبرز الشركات المحتكرة
انفوبلس..
خلال الأشهر الأخيرة، عملت وزارة الاتصالات ووزيرتها هيام الياسري على ملفات مهمة قَلَّ تداولها في الحكومات السابقة، ملفات لها اتصال مباشر بحياة المواطن اليومية وآخرها ملف "كسر احتكار الإنترنت" عبر سياسات جديدة ومنافسة شفافة.
بيان للوزارة ذكر أن "هيئة الرأي في وزارة الاتصالات أقرّت بجلستها الـ 131 المنعقدة برئاسة الوزيرة هيام الياسري، سياسة الوزارة الجديدة في تقديم خدمة الإنترنت عبر تقنية الواي فاي وإحالتها إلى الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية لتنفيذها".
وأكدت الياسري بحسب البيان، أن "هذه السياسة تهدف إلى كسر الاحتكار وفرض السيطرة الفنية ومعايير مستوى الخدمة المناسبة على الخدمات المجهزة بهذه التقنية، يأتي ذلك من خلال تقسيم المساحة الجغرافية للعراق إلى مناطق محددة يتم تقديم الخدمة في كل منها من قبل شركة أو اتحاد من الشركات الفائزة بالمواصفات التي سيتم الإعلان عنها قريباً".
وأضافت، أن" الوزارة ماضية في سياسة عادلة تُفضي إلى منافسة شفافة بين الشركات المجهزة للإنترنت دون احتكار، مما ينعكس إيجاباً في تحسين جودة الخدمة المقدَّمة للمواطن".
خطوات جادة
جاء ذلك بعد أقل من شهرين على إصدار تعليمات من قبل وزارة الاتصالات لتنظيم التعاقدات بأسلوب المشاركة للحد من الفساد وكسر الاحتكار في سوق الاتصالات.
وقالت الوزيرة في بيان بتاريخ 12/6/2023، إن "هيئة الرأي في الوزارة أقرّت تعليمات جديدة لتنظيم التعاقدات التي يتم إبرامها بأسلوب المشاركة بين الشركات العامة في الوزارة وبين شركات القطاع الخاص"، مؤكدةً أن "الوزارة أخذت على عاتقها إعداد هذه التعليمات وفقا للبرنامج الحكومي والتي من شأنها أن تحدّ من الفساد المالي والإداري وذلك باعتماد إجراءات منافسة عادلة وشفافة لاختيار أفضل الشركات".
وأضافت الوزيرة، أن "الشروع بتنفيذ هذه التعليمات سيحدّ من الاحتكار والهيمنة في سوق الاتصالات الذي يقود بدوره الى تحسين الخدمات المقدَّمة وتخفيض أسعارها من خلال خلق بيئة تنافسية عادلة"، مشيرة إلى أن "تعليمات عقود المشاركة المُقرَّة من قبل هيئة الرأي تؤسس لاستقطاب شركات عالمية رصينة في مجال قطاع الاتصالات ما سيُساهم في نقل التكنلوجيا الحديثة وإدخالها الى العراق".
وفي مطلع حزيران الماضي، كشفت وزارة الاتصالات عن سياستها الجديدة لعمل شركات الإنترنت في العراق.
وقالت الوزيرة هيام الياسري، إن "وزارة الاتصالات استلمت تَرِكَة ثقيلة في أسباب عدم التزام بعض شركات الإنترنت لاسيما الشركات الكبيرة جدا والمحتكرة للسوق التي تسيطر على أكثر من 80% من السوق ولديها عقود نافذة".
وأضافت الياسري، إن "الوزارة تتخذ حاليا إجراءات وصلت إلى حد التقاضي في المحاكم ضد الشركات التي تقدم خدمة سيئة للمواطنين، والتي لم تلتزم بأسعار الوزارة".
ولفتت إلى أن "هذه الشركات تنتهي عقود بعضها خلال الأشهر المقبلة، لذلك الوزارة عاكفة من الآن على إعداد سياسة وعقود جديدة، وبالتأكيد لن تسمح لأي شركة فشلت في تقديم الخدمة على مدى السنوات السابقة والأشهر الماضية، بأن تتسلم عقودا جديدة لتجهيز الخدمة، وستتم إتاحة المجال للشركات الكفوءة فقط".
وأكدت الياسري، أن "العقود الجديدة التي سيتم إطلاقها في الربع الأخير من العام الحالي، ستكون عقودا مختلفة بسياسة جديدة، على رأس أولوياتها منع احتكار شركة معينة بعينها لسوق الإنترنت، مع تشديد الإجراءات ضد الشركات ومحاسبة المخالفة منها، لأن العقد شريعة المتعاقدين".
إنترنت الفضاء
وتجدر الإشارة إلى أن الوزارة وخلال سعيها لكسر الاحتكار، عقدت في منتصف الشهر الماضي اجتماعا بين وزيرتها هيام الياسري، وممثلي شركة "سبيس أكس" التابعة لرجل الأعمال الشهير إيلون ماسك بهدف إدخال خدمة الإنترنت عبر الفضاء الى العراق.
وذكر بيان للوزارة، أن "الياسري التقت وللمرة الثانية بممثلي شركة سبيس أكس العالمية الذين حضروا الى بغداد للنقاش حول تفاصيل مشروع إدخال خدمة الإنترنت عبر الفضاء الى العراق".
وأضاف، "جرى خلال اللقاء بحث ومناقشة التصاميم الفنية والأمنية للمشروع، فضلاً عن الآلية المعتمدة لتزويد المواطن بخدمة الإنترنت وبما يتلاءم مع تطلعات الوزارة في الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة".
وأعربت الياسري عن حرصها الشديد على تقديم الخدمة بأقل أسعار ممكنة مقارنةً مع الأسعار التي تقدمها شركة سبيس أكس في الدول الأخرى".
وأكدت الياسري اهتمامها البالغ لرؤية الوزارة بالإجراءات الأمنية والقانونية التي يجب اعتمادها في المشروع قبل التعاقد مع الشركات العالمية المجهزة لهذه الخدمة، وفقا للبيان.
الشركات المحتكرة للإنترنت
وبعد توليها الوزارة بمدة بسيطة، شنّت وزيرة الاتصالات العراقية هيام الياسري، هجوماً لاذعاً على شركة "إيرثلنك" المجهِّزة للإنترنت في العراق، وكشفت في ذات الوقت عن وجود 100 شركة تعمل في العراق دون عقود.
وقالت الياسري في لقاء متلفز ووزعه مكتبها الإعلامي في بيان: "حاولتُ تصحيح العديد من الأمور عندما كنتُ مستشارة فنية لوزارة الاتصالات وتسلمت وزارة الاتصالات وهي عبارة عن رُكام من الفساد والفشل".
وأوضحت، إن "هيئة الإعلام والاتصالات هي المسؤولة عن خطوط اتصال الهاتف، وسعر المكالمات والتغطية السيئة ليست من مسؤولية وزارة الاتصالات".
وأكدت الياسري، "لا نمتلك صلاحية على شركات الهاتف النقال"، مشيرة إلى أن "تخفيض أسعار "كارتات الشحن" لا علاقة له بمهام وزارة الاتصالات، وهو عبارة عن نص يُكتب في الموازنة بعد إقرارها من مجلس الوزراء".
وتابعت، إن "خدمة الإنترنت في العراق (سيئة) وجعلت المواطن يعاني، وشركة (إيرثلنك) لا تسمح بدخول أحد على منظوماتها"، مبينة أن "وزارة الاتصالات لم تخلق أي منافس لشركة إيرثلنك".
وأوضحت، أن "شركة إيرثلنك تمتلك 80% من سوق الإنترنت في البلاد"، ولم تجد منافسا لها بسبب غياب المساءلة والتنظيم".
وقالت وزيرة الاتصالات، "لم نجد من يحاسب شركة إيرثلنك وغيرها على مستوى خدمة الإنترنت سابقا"، لافتة إلى أن "العقود التي تحاسب الشركات المتلكئة غير مفعّلة وقد باشرت بمحاسبة الشركات المتلكئة وفق العقود الموجودة".
وزادت بالقول، "لا توجد وزارة تمتلك 200 عقدا من أجل خدمة الإنترنت وبعض التطبيقات ونمتلك أكثر من 15 ألف برجاً للاتصال في عموم البلاد"، منوهة إلى أن "الأبراج باتت تُشيّد بقرارات شخصية دون موافقة وزارة الاتصالات وبعض الأبراج شُيّدت من قبل موظفين يباشرون بالعمل فيها بعد الدوام الرسمي".
وأشارت إلى أنها وجدت "عشوائية كبيرة في سوق الاتصالات"، كاشفة عن أن "هناك أكثر من 100 شركة تعمل في العراق من دون عقود".
وختمت بالقول، إن "الاشتراك المدعوم قلل الأرباح وحسّن النوعية وأنا أتابع أرقام الشكاوى التي خصصتها الوزارة بنفسي وبشكل يومي".
إيرثلنك
منذ تأسيسها في عام 2005 تمددت شركة إيرثلنك بطريقة عنكبوتية لتصبح أكبر شركة مجهِّزة للإنترنت في العراق، كما تمتلك الشركة نفوذاً كبيراً نما خلال العقد الأخير أوصل بعض المواطنين للاعتقاد بأن هذه الشركة أكبر حتى من وزارة الاتصالات، الأمر الذي يؤشر إلى العديد من علامات الاستفهام والأسرار الغامضة عن قوة هذه الشركة ونفوذها واستمرارها حتى اليوم بريادة قطاع الإنترنت في العراق رغم العشرات من ملفات الفساد التي تلاحقها.
وتمتلك الشركة تاريخا طويلا من الإشكالات المثيرة للجدل، حيث تشير مصادر مطلعة إلى أن الشركة يملكها 3 إخوة وشخص رابع (سرمد حسن أحمد/ أحمد حسن أحمد/ سدير حسن أحمد (نفسه المالك لشركة سدير الإماراتية)، أما الشخص الرابع ليس أخوهم لكن اسمه متشابه: أحمد حسن أحمد الرفيعي. وتلفت المصادر إلى أن شركة إيرثلنك أكبر شركة تمتلك زبائن في وسط وجنوب العراق بعدد مشتركين يفوق المليون مشترك إضافة إلى تزويدها الخدمات إلى مؤسسات ودوائر الدولة.
وبيّنت المصادر، أن إيرثلنك حصلت -إضافة إلى عقد الاستئجار الرئيسي للسعات من الشركة العامة- حصلت على عقد تشغيل الكابل البحري تحت اسم شركة أخرى اسمها (شبكة الأرض) إيرث نيتوورك، وعقد آخر لتشغيل FTTH خدمة الكابل الضوئي للمنازل في بعض المحافظات باسم الشركة المباشر وعقد FTTH آخر باسم شركة أخرى (حلم المستقبل) لكن في الحقيقة هي نفسها إيرثلنك.
أما المشكلة الكبرى بحسب المصادر فهو منح عقد مخالف لشروط وضوابط الترخيص بموجب قانون (65) والضوابط الأمنية حسب اللجنة الفنية العليا لأمن الاتصالات والمعلومات والذي تم طرحه في جلسة استجواب وزير الاتصالات في البرلمان وهو عقد فيه امتيازات كثيرة منها تشغيل البنية التحتية واستيراد الانترنت وربطه مع الدول وخدمة الترانزيت و FTTH تحت تسمية الشراكة مع الشركة العامة للانترنت بدخل مقدّر 6 إلى 8 مليارات دولار ولمدة 20 سنة حصرياً تشجيعاً على تجاوزاته الكثيرة السابقة منها: عدم دفع مستحقات تأجير السعات حوالي 30 مليون دولار، تجاوز على ترددات وطنية في حزمة LTE 2.3 و2.5 و3.5 وحزم مايكروية أخرى على مستوى جميع المحافظات، ومدّ كيبلات ضوئية هوائية على أبراج الكهرباء بشكل غير مشروع، والتهرّب الضريبي منذ سنين وعدم الإفصاح عن الواردات وعدم دفعها بشكل صحيح.
وأشارت المصادر إلى أن وزارة الاتصالات قامت بمكافئة إيرثلينك ومنحتها عقد تشغيل، مبيّنة أن العقد أعلاه مجتمعاً مع شركة سمفوني وإيرثلنك الإمارات (واجهة أخرى للشركة) بصيغة احتكارية تقتل الكثير من الشركات المنافسة ومخالفةً بذلك قانون حماية المستهلك أيضاً.
ولفتت المصادر إلى أنه تم تغريم شركة إيرثلنك 3 مليارات دينار من قبل الهيئة بسبب التجاوزات، لكن من غير المؤكد إن كانت الشركة دفعت الغرامة أم لا.
إضافة إلى الشركات أعلاه فقد تم منح عقود لـ 16 شركة أخرى باستيراد وتسويق خدمات الانترنت، لكن بسبب فساد الشركات الأربع أعلاه لم تنجح إلا شركة واحدة تابعة إلى شركة أثير زين العراق للاتصالات وشركة أُفق المدى والعامل الرئيسي في نجاحها هو الزبون وهذا ما يثبت سوء التخطيط والتنفيذ والإدارة في الاتصالات.