مجموعة من شيوخ إمارة "بني أسد" في كربلاء يريدون السيطرة على العتبات المقدسة بحجج "غير مقنعة" ويهددون باتخاذ خطوات تصعيدية!
انفوبلس/ تقرير
ظهرت في الآونة الأخيرة مطالبات من قبل إمارة "بني أسد" في محافظة كربلاء المقدسة بإرجاع حقوقهم من العتبتين الحسينية والعباسية المقدسيتين زاعمين أن هناك دلائل على ذلك ومهددين باتخاذ خطوات تصعيدية، وسط سخرية من قبل المودنين، فما القصة؟
يسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على مطالبات إمارة "بني أسد" في محافظة كربلاء المقدسة وهل لهم حق فعلاً بها.
*بيان إمارة بني أسد
أصدر مجموعة من شيوخ عشائر قبيلة بني أسد في العراق بمضيف الشيخ حسون علي الأسدي بمحافظة كربلاء بياناً يخص حقوق إمارة بني أسد في العتبة الحسينية، مطالبين المرجع الديني الأعلى في النجف الأشرف السيد على السيستاني (دام ظله)، بإرجاع حقوقهم ومهددين باتخاذ خطوات تصعيدية في حالة عدم إرجاع "حقهم".
وزعمت المجموعة في بيان ورد لشبكة "انفوبلس"، أن “التاريخ يشهد بمئات المصادر وبموروثات ومحفوظات إمارة بني أسد وتشهد كل القبائل العربية من أن بني أسد هم السدنة الحقيقيون للعتبات المطهرة منذ عام ١١ هجرية ولغاية ١٠٢٥ هجري حينما دخل العثمانيون العراق وسلبوا السدنة من بني أسد ومنحوها لجهات أخرى بدواع طائفية مقيتة".
وأضافت، أنها "تطالب بإعادة إدارة السدانة لهم وإدارة دار الضيافة تنفيذا لأمر الإمام الحسين ع"، مطالبين بـ"تشكيل هيئة لبني أسد داخل الضريح الشريف للإمام الحسين ع تقوم على تسهيل أمور أبناء الإمارة الأسدية أثناء الزيارات ومراسيم تبديل الرايات ويوم الدين الخاص ببني أسد".
كما دعت إلى "إرجاع حق عشيرة آل الكيشوان الأسدية في الكيشوائيات داخل العتبة الحسينية والتلة الزينبية والتي هي ملك صرف بسندات وطابوات عثمانية بغض النظر عن ملكية بني أسد، الأرض العتبات جميعها بهبتها لنا من الإمام الحسين وهي أربعة فراسخ في أربعة فراسخ ويجب تمثيل بني أسد فيها عمليا".
ونوهت إلى، أنه "لا يحق لأي شخص أن يتحدث نيابة عن الحاضرين في المؤتمر باستثناء الشيخ حسون آل محيرم الأسدي إذ تم تفويضه من قبل المؤتمر بالتحدث والمفاوضات"، محذرة من أنه "وفي حالة عدم الاستجابة لمطالب أبناء الإمارة الأسدية فسوف تُتخذ خطوات تصعيدية أخرى".
ولغاية كتابة هذا التقرير لم يصدر أي رد من قبل المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف ولا من العتبات المقدسة في محافظة كربلاء.
كما سخر مدونون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، من هذه المطالبات التي وصفوها بـ"الغريبة"، كما طالبوا بوقفها لأنها حجج غير قوية وتعود لمئات السنين.
*من هم السدنة وما هي وظيفتهم؟
كان يسمى الشخص الذي يدير العتبة بـ(الخازن) أو (السادن)، أمّا في الوقت الحاضر (الأمين العام).
فالعتبات المقدسة هي محطّ قصد الآلاف من الزائرين يومياً لذا لابدّ من وجود منظومة إدارية تدير هذا المكان المقدس وتطوّر موجوداته وتديمها وتحفظها، وتنظم زيارة مَن يفدون إليه سنوياً، لذا فقد كان من الضروري وجود شخص على رأس هذا الهرم الإداري مهما كان هذا الهرم صغيراً وبسيطاً.
ولأن مراقد الأئمة الطاهرين وأولادهم عليهم السلام جميعاً، ومنها مرقد أبي الفضل العباس(عليه السلام)، هي من الأوقاف العامة التي يرجع أمر ولايتها إلى الحاكم الشرعي كما ثبت بالأدلّة النقلية، فإنّ تعيين شخص يديرها كوكيل منصوب من قبل الحاكم الشرعي لا من غيره أمرٌ مفروغٌ منه، طالما أن قراراته تحتاج إلى أن تكون وفق الضوابط الشرعية التي لا تُعرف إلا من خلال ذلك الحاكم، وقد مرّت العتبة المقدسة بفترات كان من يديرها تابعاً له.
لكنها خلت في بعض سنوات القرنين الأخيرين من الشرعية في إدارتها؛ بسبب تدخل الحكومات الظالمة أو المحتلة في تعيين المتولّي دون الرجوع للحاكم الشرعي الجامع للشرائط، ولكن ذلك ما حصل بعد9/4/2003م عند زوال الديكتاتورية وسقوط الطاغية.
وقد تغيّر الاسم في 9/4/2003م من السادن إلى (لجنة إدارة الروضة) التي كانت لجنة تنفيذية فقط، وشُكلت في كلٍّ من العتبتين مؤقّتاً من قبل ممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة في وقتها وبتخويل شفوي منه، والذي كان المتولي الشرعي للعتبتين، حيث تصدّت المرجعية للأمر بسبب أن الولاية الشرعية للعتبات المقدسة ترجع لها بحسب فقه أهل البيت (عليهم السلام)، فضلاً عن أنّ الأمر كان مُلحّاً ولا يمكن تأخيره تلافياً للفراغ الإداري المفاجئ والخطر في نفس الوقت الذي داهم البلاد بعد سقوط الطاغية ودخول المحتلّين الأمريكيين إليها، إذ لا توجد جهة أكثر أمانة وشرعية من المرجعية الدينية لتتصدّى لهذا الأمر، إلى أن تشكّلت بعد أسابيع من ذلك (اللجنة العليا لإدارة العتبات المطهرة في كربلاء المقدسة) بشكل خطّي من قبل المرجعيات الدينية الأربع في النجف الأشرف وبضمنها المرجعية العليا.
أصبحت اللجنة العليا هي المتولّي الحقيقي لكلا العتبتين، حيث عيّنت شخصاً اسمته (المُشرِف) في كلٍّ من العتبتين ليقوم بالمهام التنفيذية لما تقرره اللجنة فيهما، واستمرّت في عملها حتى 20/7/2006م، حيث صادقت المرجعية الدينية العليا على تعيين (الأمين العام) للعتبة طبقاً للقانون الجديد الذي يدير العتبات المقدسة ذي الرقم (19) الصادر في أواخر 2005م، وبذلك حَلّ هذا العنوان محلّ (السادن) أول الأمر.
وسنتناول في هذا التقرير أيضا أسماء المتولّين سدانة الروضة العباسية المقدسة وتواريخ ذلك منذ القرن الحادي عشر الهجري.
ويلاحظ بأن هناك فراغات في الزمن بين تواريخ إنهاء السدنة السابقين لوظائفهم وبين تواريخ الآخرين الذين أعقبوهم في إشغال هذه الوظائف، ويرى بعض المؤرخين المتأخرين أن مردّ ذلك يرجع الى وفاة السادن مع التأخر في تعيين أو تنسيب اللاحق لحين حصول الإجراءات والخطوات لتعيين أو تثبيت السادن الجديد، كما أن هناك فراغاً إداريّاً في عموم الدولة العراقية حصل بعد9/4/2003م، كما تجب الإشارة الى أن سدانة الروضة العباسية المقدسة لم تكن منذ البداية والى وقت قريب مستقلّة تماماً عن سدانة الروضة الحسينية المقدسة، وإنما كانت تابعة أو مُلحقة بها، وفي سبيل تخفيف الأعباء عن سادن الروضة الحسينية المقدسة، كان الأخير يجعل نائباً عنه من يراه أهلاً وكفؤاً لإدارة شؤون ومهام العتبة العباسية المقدسة.
أسماء مَن تولّى سدانة الروضة العباسية كنائب أو كممثل لسادن الروضة الحسينية المقدسة أو مستقلٍّ عنه منذ أوائل القرن الحادي عشر الهجري حتى الآن على وجه الاختصار:
1- محمد بن نعمة الله، وكان خازناً عام (1025هـ) واستمر في عمله هذا حتى وفاته.
2- الشيخ حمزة السلامي (نسبة الى عشيرة السلالمة العربية العراقية) وذلك في عام 1091هـ والى ما بعد عام 1108هـ.
3- الشيخ محمد شريف الذي تولّى السدانة بعد وفاة السادن السابق وكان سادناً عام 1161هـ وظل شاغلها حتى وفاته.
4- الشيخ أحمد الخازن وقد تولى أعباء السدانة بعد رحيل السادن السابق وقد توفّي في عام 1187هـ.
5- الشيخ علي بن عبدالرسول، وتولّى السدانة عام 1187هـ واستمر في أداء مهام عمله الى ما بعد عام 1222هـ وحتى وفاته، وهو جدّ المرحوم الشيخ محمد علي محمود الكيشوان في الروضة العباسية المقدسة، وتُعرف أُسرته في الوقت الحاضر ببيت الشيخ، وتنتمي هذه الأُسرة الى قبيلة جشعم العربية.
6- الشيخ عبدالجليل الكليدار، وقد تولّى السدانة عام 1224هـ، وقد تمّ عزله من عمله لأسباب غير معلومة.
7- السيد محمد علي بن درويش بن محمد آل ثابت، ويرجع نسبه الى ثابت بن سلطان كمال الدين نقيب نقباء العراق في عام 957هـ، وهو الجد الأعلى لأسرة آل ثابت في كربلاء، وقد تولّى السدانة في عام 1225هـ والى ما بعد عام 1229هـ.
8- السيد ثابت بن درويش وهو أخو السادن السابق، وكان سادناً في عام (1232هـ) والى ما بعد 1238هـ.
9- السيد حسين بن حسن بن محمد بن حسين آل ثابت، وهو الجد الأعلى لآل وهاب، تولّى السدانة بتأريخ 4 شوال 1240هـ أثر عزل السادن السابق.
10- السيد وهاب السيد محمد علي بن عباس آل طعمة علم الدين من آل طعمة، كان سادناً للروضة الحسينية المقدسة ثم تولّى سدانة الروضة العباسية المقدسة سنة 1243هـ.
11- السيد محمد بن جعفر بن مصطفى بن أحمد آل طعمة الى نعمة الله بن طعمة علم الدين من آل فائز الموسوي ، وكان سادناً للروضة عام1250 هـ ولكن لفترة قصيرة.
12- السيد حسين بن حسن بن محمد علي بن موسى الوهاب، وقد تولى السدانة عام 1254هـ بعد عزل السادن السابق، وقد بقي حتى عام 1256هـ، حيث اُعفي من منصبه واشغله وكالة السادن السابق حتى عام 1259هـ، حيث عاد السيد حسين الوهاب مرة اخرى لمنصب سدانة العتبة حتى عام 1265هـ حيث عزل عن السدانة.
13- السيد سعيد بن سلطان بن ثابت بن درويش آل ثابت، تولى السدانة عام 1265هـ لفترتين، وهو من سلالة سلطان كمال الدين، تولى السدانة بعد عزل السادن السابق، وقد توفى في عام 1285هـ.
14- وهو السيد حسين المشهور بـ "نائب التولية" من آل ثابت وهو نجل السادن السابق، تولى السدانة بعد رحيل والده، ولصغر سنه آنذاك، تولاها نيابة عنه السيد حسين بن السيد محمد علي آل ضياء الدين، الذي بقي فترة وتولى هو السدانة رسمياً بدل السيد حسين (نائب التولية).
15 ـ السيد حسين بن محمد علي بن مصطفى بن محمد بن شرف الدين بن ضياء الدين بن يحيى بن طعمة (الأول)، وهو من سلالة طعمة كمال الدين الفائزي، وقد تولى السدانة في عام 1282هـ وحتى وفاته في عام 1288هـ.
16 ـ السيد مصطفى نجل السادن السابق، حيث خلف أباه في مهام السدانة بعد رحيله والذي تم هذا في اوائل عام 1289هـ ولبث في السدانة الى وقت وفاته في عام 1297هـ.
17 ـ السيد محمد مهدي بن محمد كاظم بن حسين بن درويش بن أحمد آل طعمة، وينتسب الى طعمة علم الدين الفائزي ولقد تولى السدانة عام 1297هـ وقد شغلها حتى عام 1298هـ حيث عزل عنها.
18 ـ السيد مرتضى نجل السيد مصطفى والأخير هو السادن ذو التسلسل(15) آنفا للروضة العباسية المقدسة، وكان صغير السن عند توليه السدانة، فتولاها نيابةً عنه السادن السابق، وعند عزله من قبل والي بغداد سنة 1298هـ، فتولاها بالنيابة عم السادن الصغير السيد عباس السيد حسين آل ضياء الدين إلى بلوغه سن الرشد، وبقي فيها حتى وفاته سنة 1357هـ، وهو صاحب مشروع إسالة الماء في كربلاء المقدسة والذي حصل على امتياز خاص لإقامته من السلطة والتي كانت في عام 1357هـ المصادف 17/5/1938م.
19 ـ السيد محمد حسن آل ضياء الدين نجل السادن السابق ويُعرف بـ (آغا حسن) وتولى السدانة بعد رحيل والده سنة 1257هـ، وانتقل إليه مشروع إسالة الماء، واستمر في إشغال السدانة لغاية وفاته في عام 1372هـ الموافق لعام 1952م.
20 ـ السيد بدر الدين آل ضياء الدين وهو الابن الأكبر للسادن السابق وتولى السدانة بعد رحيل والده واستمر حسن السيد صافي آل ضياء الدين وكيلاً عنه في إدارة شؤون الروضة المقدسة.
21 - السيد محمد حسين بن السيد مهدي آل ضياء الدين وقد تولى السدانة عام 1402هـ واستمر في إشغالها حتى عام 1411هـ ـ 1991م، وقد أقاله النظام الفاشي البعثي باعتباره قد تعاون مع ثوار الانتفاضة الشعبانية ومشاركاً فيها.
21 ـ السيد مهدي فاضل الغرابي، وتولى السدانة في عام 1412 ـ 1991م بترشيح من حزب البعث الفاشي كونه أحد أعضائه، والذي حكم العراق طوال أربع عقود انتهت بسقوط نظامه في9/4/2003م الموافق 7من شهر صفر الخير1424هـ وقد انتهت معه فترة سدانة هذا السادن بعد هروبه خارج العراق.
22- ممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي عبد الأمير جدوع السلامي الكربلائي من 9/4/2003م الموافق 7 صفر1424هـ واستمر الحال كذلك لغاية تشكيل اللجنة العليا في 25جمادى الأولى 1424هـ حيث صدرت قبل تلك الفترة في 12 ربيع الأول 1424هـ فتاوى من المرجعيات الدينية في النجف الأشرف ترجع الولاية الشرعية للعتبات المقدسة إلى الحاكم الشرعي، فكان الشيخ الكربلائي يشرف على العتبتين المقدستين وتنفذ تعليماته الإدارية من خلال لجنة إدارية شكلها في كلٍ منهما، هي في العتبة العباسية المقدسة باسم (لجنة إدارة الروضة العباسية المقدسة).
23- (اللجنة العليا لإدارة العتبات المطهرة في كربلاء المقدسة) والمكونة من أصحاب السماحة العلامة حجة الإسلام السيد محمد حسين الطباطبائي قدس سره وسماحة حجة الإسلام العلامة السيد احمد جواد نور الصافي وحجة الإسلام العلامة الشيخ عبد المهدي عبد الأمير جدوع السلامي الكربلائي (دام عزهما)، وتشكلت اللجنة في 25جمادى الأولى 1424هـ وقد نُصبت من قبل المرجع الديني الأعلى وأيّدها باقي مراجع الدين الأربعة العظام بتخويل خطي بعد ذلك، حيث صدر آخرها في شعبان من نفس العام، فتولت اللجنة المذكورة شؤون السدانة للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، وقد خولوا عنهم للمباشرة بأعمال إدارة العتبة العباسية المقدسة كمدير تنفيذي وفق تعليمات اللجنة العليا المذكورة ما اصطلحوا عليه بالـ (المشرف) وهو الحاج الأستاذ عبد الهادي عبد الجليل، والذي استمر في عمله لغاية 19/7/2006م، وهو تأريخ انتهاء ولاية اللجنة العليا على العتبتين المقدستين.
24- السيد أحمد جواد نور الصافي الذي تولى الأمانة العامة للعتبة في 20/7/2006م وما زال كذلك، وعُين أميناً عاماً بعد تطبيق القانون (19) لسنة 2005م الصادر من الجمعية الوطنية المنتخبة (البرلمان العراقي)، والذي أوجب موافقة المرجع الديني الأعلى للطائفة على تعيين الأمين العام لكل عتبة قبل صدور الأمر الإداري بتعيينه من قبل رئيس ديوان الوقف الشيعي (المساوي في منصبه لوزير الأوقاف والشؤون الدينية في الحكومات السابقة والذي يعين حالياً بتزكية من المرجع الديني الأعلى أيضاً وحسب القانون العراقي الحالي الخاص بهذا الأمر والصادر من مجلس النواب) وما زال السيد الصافي في منصبه لغاية كتابة هذا النص في 9/4/2024م، حيث في عهده رجعت سدانة العتبة العباسية المقدسة مستقلة عن سدانة العتبة الحسينية المقدسة بعد اندماجهما لثلاث سنوات وبضعة أشهر بعد 9/4/2003م بعدما كانتا منفصلتين.