محافظ كربلاء يرفض المساس بقدسية مدينته ويغير ملامح الاحتفال بليلة رأس السنة.. كيف أجمع الرأي العام على دعم قراره؟
انفوبلس/ تقارير
في الوقت الذي تزيّنت فيه شوارع المدن العراقية استعداداً للاحتفال بعيد رأس السنة وحلول العام الجديد 2024، أقدم محافظ كربلاء المقدسة نصيف الخطابي على خطوة لافته حظيت بمقبولية واسعة لدى الشارع الكربلائي بعد أن أصدر قرارا بمنع فيه أصحاب المحال التجارية والمطاعم والمقاهي في المدينة من وضع أشجار عيد الميلاد أو الزينة أو رفع صوت الموسيقى فضلا عن منع أي مظهر من مظاهر الاحتفال لكونها تمس خصوصية المدينة وقدسيتها. واضعا بذلك بصمة كبيرة من شأنها التأثير مستقبلا في مناسبات مشابهة لاسيما وأنها لاقت ردود فعل إيجابية وحراكا اجتماعيا داعما.
*قرار منع الاحتفال
رئيس الحكومة المحلية في كربلاء ظهر قبيل رأس السنة في مقطع فيديو نشره مكتبه الإعلامي وتناقلته مواقع إخبارية محلية ومدونون، وهو يتجول رفقة قائد الشرطة وعدد من قوات الأمن في شوارع المدينة، قبل أن يتوقف أمام شجرة كبيرة لعيد الميلاد وضعها أحد أصحاب المطاعم أمام واجهة مطعمه، موجهاً بإزالتها فوراً أو إغلاق المطعم مدة شهر كامل.
المحافظ قال لصاحب المطعم متسائلاً: "ماذا تعني هذه الشجرة؟ هل لدينا رمزية أكبر من الإمام الحسين؟" وفيما حاول صاحب المطعم التبرير، قاطعه المسؤول المحلي قائلاً: "أنت مقصر. عندما نضع (الزينة) ونجلب الناس من محافظات أخرى ممن ليس لديهم ثقافة كربلاء والإسلام يدقون ويرقصون عندها فهذا تقصير".
وتعهد المحافظ بأنه سيتجول في المدينة عشية رأس السنة، وفي حال وجد "أيّاً من هذه المظاهر أو تشغيل الموسيقى أو أي تجمع للناس" فإنه سيغلق المطعم مدة شهر.
وفي حديث مع مواطن آخر، ذكر الخطابي: "لا نقبل بأي قيمة اعتبارية أمام الحسين عليه السلام، ويتم تجميع الناس والقيام بأفعال غير جيدة تتنافى وقدسية المحافظة وهوية كربلاء، وإظهار وجه آخر غير الوجه الحقيقي لأهالي كربلاء".
*مقبولية كبيرة
قرار المحافظ بمنع مظاهر الفرح والاحتفال في المدينة المقدسة حَظِيَ بمقبولية كبيرة لدى الشارع الكربلائي، الذين عبّروا عن رفضهم لتحول المدينة إلى ساحة احتفالات تخالف القيم الدينية والعادات والتقاليد الاجتماعية.
وقال بعض المواطنين، إن "احتفالات أعياد رأس السنة الميلادية في كربلاء المقدسة عادة دخيلة على المدينة وباتت تمس قدسيتها بسبب الفعاليات والتصرفات التي يقدم عليها المحتفلون وأغلبهم من خارج المدينة".
*مسيرة حاشدة رفضاً لانتهاك قدسية كربلاء
وتعبيرا عن دعمهم لقرار المحافظ، شهدت محافظة كربلاء المقدسة قبيل ليلة 2024، خروج حشود رافضة لانتهاك قدسية المدينة خلال احتفالات رأس السنة، في شارع السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) (شارع السناتر)؛ بمشاركة جمهور من أهالي المدينة وزائريها وخدَمَتها الحسينيين والمؤمنين وطلبة العلوم الدينية.
واحتشدت جموع غفيرة من أهالي مدينة كربلاء المقدسة في الكثير من شوارع المدينة، رافضين الممارسات المخالفة لقدسية المدينة التي تنتهك حرمة ومكانة مدينة سيد الشهداء عليه السلام في ليلة رأس السنة.
وشهدت المدينة مسيرات راجلة ضمت جموعاً من أهالي وعشائر كربلاء المقدسة بالإضافة إلى أصحاب المواكب الحسينية في المدينة، وسط أنتشار أمني مكثف. الجموع دعَت الجهات المعنية إلى تفعيل قانون قدسية المدينة بما يحفظ هويتها المقدسة ومكانة وسمعة أهلها.
المشاركون في المسيرة أوضحوا، أن "الغاية من هذه المسيرة هو التأكيد على عظمة هذه المدينة التي شرّفها الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) بدمائهم الزكية دفاعاً عن القيم الإنسانية السامية".
*بلدية كربلاء تزيل مظاهر الاحتفال
بدورها، قامت بلدية كربلاء المقدسة بإزالة مظاهر الاحتفال برأس السنة للمحافظة على خصوصية ومكانة المحافظة.
وتداول ناشطون صوراً لموظفين في الحكومة المحلية يقومون برفع عدد من أشجار عيد الميلاد ونقلها عبر عجلات إلى مكان مجهول.
وفي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي من العام الماضي، أصدر رؤساء كنائس العراق بياناً مشتركاً أعلنوا فيه إلغاء احتفالات العام الجديد وأعياد الميلاد، تضامناً مع الحرب الجائرة التي يشنها الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، وضحايا حادثة حريق "عرس الحمدانية" في مدينة الموصل، الذي خلّف مئات الضحايا.
*كتائب حزب الله تشيد
من جانبها، أشادت كتائب حزب الله بموقف محافظ كربلاء بمنع مظاهر العزف والرقص والمجون التي لا تنسجم وقداسة مدينة سيد الشهداء (عليه السلام) مؤكدة أن "هذه الممارسات -التي يختلف في منشأها أصحابها-فضلا عن كونها لا تنتمي لقيم وتراث هذه المدينة الطاهرة، تنافي ثقافة وتعاليم الإسلام، وتنتهك حرمة الأماكن المقدسة".
وأضافت الكتائب، "نشد على عضد السيد المحافظ، وندعو السادة أصحاب القرار إلى الاقتداء به، والوقوف بوجه السلوكيات التي لا تتماشى مع قيم الدين، وخصوصا في المدن والأماكن المقدسة".
وتابعت، "لا يفوتنا أن نبارك للإخوة المسيحيين أعيادهم، سائلين الله تعالى أن يمن على بلدنا الجريح، وجميع بلاد المسلمين، وخصوصا أرضنا المحتلة في فلسطين، بالسلام والأمن، وأن يُخرِج قوات الاحتلال من عموم بلادنا مدحورين مهزومين".
*ردود فعل إيجابية
توالت ردود الفعل على قرار المحافظ، ورغم أن الشارع العراقي لا يؤيد في العادة القرارات الحكومية أو يتفاعل معها، إلا أن هذه المرة كُسرت القاعدة ولاقى قرار منع الاحتفال والإخلال بقدسية كربلاء دعما كبيرا من قبل العراقيين ومقبولية لديهم، إذ قال أحد المدونين، "هذه كربلاء التي يحبها الله وشرّفها بأن جعلها روضة من رياض الجنة وطهرها من كل دنس وجعل شهادة حبيبه الحسين عليها من أحبها هكذا فهذا شرف له ومن لم يحبها هكذا فلا يقربه.. شكراً أهالي وشباب كربلاء .. شكراً محافظنا العزيز".
وقال مدون آخر، "أهالي كربلاء المقدسة يظهرون قداسة مدينتهم وهويتها الإسلامية الحسينية ويخيبون آمال سلابيح تشرين وكل جماعة ذاك الصوب".
في حين قال أحد الناشطين في المحافظة، "محافظ كربلاء رجل شجاع، حافظ على أجواء مدينته من قذارات الليبرالية والتهتك وخريجي منظمات المجتمع المدني القذرة.. لا حرمك الله شفاعة الإمام الحسين".
كما قال أحد المراقبين، إن "ما قام به محافظ كربلاء خطوة بالاتجاه الصحيح للمحافظة على قدسية كربلاء وإبعادها عن المظاهر الشاذة والدخيلة على قيمنا الأخلاقية والإنسانية ", مردفا، "مَن يريد أن يكون فاسدا وشاذا فأربيل ترحب بكم".