محظوظ مَن أكمل التقديم!.. قروض المصرف العقاري تختفي خلال دقائق وتشعل جدلاً واسعاً حول الشفافية وضيق التخصيصات

انفوبلس/..

شهد العراقيون خلال الساعات الماضية حالة من الجدل الواسع بعد أن أُغلِقت استمارة التقديم على قرض المصرف العقاري خلال دقائق قليلة فقط من إطلاقها عبر منصة "أور" الحكومية. ورغم أن الإعلان عن فتح باب التقديم أحدث موجة تفاؤل لدى عشرات الآلاف من المواطنين الباحثين عن فرصة للحصول على تمويل سكني يخفّف من عبء الإيجار أو يساعدهم في بناء منزل، إلا أن الإغلاق السريع للرابط أثار تساؤلات واسعة حول حجم التخصيصات المالية المتاحة، وآلية إدارتها، ومعايير العدالة في توزيعها.

ووفقاً لمراقبين، فإن الاستمارة الإلكترونية للمصرف العقاري التي انفتحت يوم أمس، لم تستغرق سوى دقائق قليلة قبل أن يتم إغلاقها، ما أثار موجة استغراب وتساؤلات واسعة بشأن عدالة التخصيصات المالية وضيق فرص التقديم.

وفي مقابل ذلك المشهد الذي عبّر عنه العديد من المواطنين الذين كانوا يمنون النفس بالحصول على قرض قبل إغلاق النافذة، تستعد وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة لإحالة سبع مدن سكنية جديدة في المحافظات إلى الشركات المنفذة حال استكمال الإجراءات التنظيمية والفنية، في وقت أعدت فيه تصاميم 21 مدينة، لكن حتى هذه المدن لا تبدو كافية لمعالجة أزمة السكن، بل يتفق كثيرون على أنها خلقت فجوة كبيرة، فالأسعار المرتفعة جداً جعلت الأشخاص من ذوي الدخل المرتفع هم من يتجه لشراء الوحدات في هذه المجمعات، دون أن تقدم أي خدمات للعائلات الفقيرة او ذوات الدخل المحدود.

المبلغ المرصود لا يسمح بقبول أعداد كبيرة

مدير العلاقات في المصرف العقاري، رياض خلف حسين، أوضح، أن فتح الاستمارة جاء استناداً إلى تخصيص مالي محدود أتاح للمصرف فرصة استقبال عدد معين فقط من الطلبات، مبيناً أن المبلغ المرصود لا يسمح بقبول أعداد كبيرة، وهو ما جعل إغلاق الاستمارة سريعاً ومتوقعاً.

وأضاف أن الاستمارة ليست مبادرة جديدة بحد ذاتها، وانما تعدّ جزءاً من برنامج تمويلي قائم منذ أعوام، وبالتالي لم تُخصص لها مبالغ إضافية كبيرة أو مدة زمنية طويلة للتقديم، بل جرى اعتمادها لاستكمال ما تبقى من البرنامج فقط.

وبين حسين، أن موقع التقديم لم يشهد أي خلل فني خلال فترة فتح الاستمارة، لكن ضيق التخصيص المالي جعل المدة قصيرة للغاية، مؤكداً أن المصرف لا يمتلك معلومات دقيقة بشأن عدد المتقدمين، كون أن عملية الاطلاق تمت عبر الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

وأكد أن أي مبادرة جديدة سيعلن عنها مستقبلاً ستكون مدعومة بتخصيصات مالية أكبر، تتيح فتح باب التسجيل لمدة أطول وبطاقة استيعابية أوسع، بما يلبي احتياجات شريحة أكبر من المواطنين الباحثين عن حلول تمويلية للسكن.

بدء الفرز

في السياق، أعلن رئيس قسم الائتمان في المصرف العقاري في المصرف العقاري سامي أحمد، أن سيتم البدء بعملية فرز وتدقيق الطلبات الإلكترونية المقدَّمة للحصول على قرض الإسكان عبر بوابة "أور" اعتباراً من اليوم الاثنين.

وقال احمد، إنّ "المصرف سيبدأ الاثنين عملية فرز الطلبات المقدَّمة للحصول على قرض الإسكان بعد انتهاء فترة التقديم المحددة من قبل المصرف"، مشيراً إلى أن "عملية التقديم الإلكتروني عبر منصة أور يتم خلالها تحويل الطلبات المقدَّمة إلى كادر متخصص في المصرف من أجل تدقيقها وتحويلها إلى فروع المصرف بحسب الرقعة الجغرافية للمتقدمين إليها".

وأوضح، أن "موضوع تقديم الطلبات للحصول على قرض الإسكان لا يعتمد على الفترة الزمنية الممنوحة بقدر اعتماده على حجم التخصيصات المالية المتوفرة، إذ يقوم المصرف العقاري بتغذية المنصة بمبالغ مخصصة للقروض، ومتى ما غطّى عدد الطلبات المقدَّمة حجم التخصيصات المتوفرة يتم إغلاق باب التقديم".

وبيّن أن "بعض الطلبات تُرفض بسبب قيام المتقدم بالاقتراض مسبقاً من المصرف العقاري، إضافة إلى أن القرض يُمنح لأحد الزوجين فقط".

وتابع أنه "بموجب الخطة الائتمانية المعدّة لعام 2026 سيتم فتح منصة التقديم مرة أخرى في شهر كانون الثاني من العام 2026 بعد رصد التخصيصات المالية اللازمة لها، وستُرحَّل الطلبات التي لم تستوفِ إجراءات التقديم المطلوبة في المرحلة الحالية إلى المرحلة المقبلة".

مدن جديدة

إلى ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة، نبيل الصفّار، إن هناك خمس مدن تمت إحالتها فعلياً للتنفيذ حتى الآن، منها مدينتان في بغداد هما الجواهري والورد، إلى جانب مدن اخرى في نينوىوكربلاء المقدسة وبابل.

وأضاف أن الوزارة تعمل حالياً على استكمال المتطلبات التنظيمية والفنية لسبع مدن إضافية في محافظات صلاح الدين والبصرة والنجف والمثنى، وكذلك ذي قار وميسان، وواسط، تمهيداً لإحالتها إلى الشركات المنفذة حال الانتهاء من كامل الإجراءات.

وأشار الصفار إلى أن الوزارة تمتلك رؤية مستقبلية لإنشاء المزيد من المدن السكنية الكبرى، إذ أعدت بالفعل التصاميم الأساسية لأكثر من 21 مدينة ستسهم في معالجة فجوة السكن.

وأوضح أن الوزارة تنسق مع الجهات المختصة لإيجاد حلول جذرية لموضوع استملاك الأراضي الذي يعد واحداً من أكبر التحديات التي تعيق التوسع العمراني وتنفيذ المشاريع الكبرى.

ولفت الصفار إلى وجود اتجاه لدى الشركات المنفذة للتنسيق مع المصارف بهدف توفير قروض ميسرة للمواطنين الراغبين بشراء الوحدات السكنية في هذه المدن، بما يدعم الإقبال عليها ويضمن توفير خيارات عملية ومناسبة لشرائح واسعة.

وبين أن التوجه الحكومي الحالي لم يعد قائماً على إنشاء مجرد مجمعات سكنية كما كان في الأعوام السابقة، بل يركز على تأسيس مدن متكاملة الخدمات قادرة على استيعاب النمو السكاني المتصاعد وتوفر آلاف الوحدات السكنية، إضافة إلى بنى تحتية وخدمات مستقلة، على عكس المجمعات التي لم تعد قادرة على تغطية الاحتياجات المتجددة أو تعزيز الرصيد السكني في البلاد، لأن خدماتها غير مكتملة ولا تحقق الاكتفاء الذاتي اللازم. 

وأردف أن التوسع نحو المدن الجديدة أصبح يمثل الحل الأفضل لأزمة السكن، لما توفره من بيئة عمرانية مخططة وفق معايير حديثة وفرص لتقليل الضغط عن مراكز المدن وتحسين نمط الحياة داخل مجتمعات حضرية متكاملة.