مدارس كرفانية ومتهالكة.. انعدام البنية التحتية يزيد معاناة الطلبة في العراق
انفوبلس/..
مع انطلاق العام الدراسي الجديد، باتت المدارس الكرفانية معبرة عن واقع التعليم في العراق، حيث عمدت الحكومة إلى إنشاء مئات منها في أغلب المحافظات، كبديل عن الأبنية المدرسية النظامية، وخصوصاً في مناطق حزام بغداد.
ووفقا لمواطنون ومسؤولون عراقيون فإن المدارس الكرفانية أصبحت أحد أبواب الفساد الحكومي المتواصل بتعاقب الحكومات، وكل ذلك على حساب الأطفال الذين حُرموا حتى من حق التعليم الجيد أسوة بأقرانهم في بقية بلدان العالم.
يقول مدير مدرسة المدينة المنورة في منطقة الجزيرة شمال بغداد، أيمن الدليمي إن "الآلاف من الطلبة بدئوا عامهم الدراسي الجديد في صفوف كرفانية متهالكة لا يمكنها أن تقيهم من حر الصيف اللاهب ولا من صقيع الشتاء القارس، فضلا عن مخاطر أخرى من بينها تعريضهم للرصاص العشوائي الذي تشهده كثير من المناطق بين فترة وأخرى".
وأضاف أن "المدارس الكرفانية أصبحت تعرقل العملية التربوية لعدم أهليتها لتقديم التعليم، وافتقادها لأجواء التدريس النموذجي، وبالتالي لا يمتلك طلابها مقومات للنجاح، كما أن أغلبها أُنشئت قبل سنوات، ولا تجري صيانتها، والعدد الأكبر منها صلاحية أرضياتها انتهت لأنها مصنوعة من ألواح الخشب، حتى أن بعضها خرج عن الخدمة تماماً".
من جهتها، تقول المشرفة التربوية علياء الراوي إن "آلاف المدارس النظامية هُدمت بعد عام 2003، وكان ينتظر إعادة إعمارها مجدداً، لكن ذلك لم يحدث، وبعض المدارس المتهدمة لم يعد لها أي أثر على الأرض، وأخرى استُبدلت بمدارس كرفانية، ليصبح ذلك واقعاً في كثير من المحافظات".
وتضيف الراوي في حديثها أن "الحكومات العراقية المتعاقبة رصدت موازنات ضخمة لبناء مدارس نموذجية، وإنهاء ظاهرة المدارس الكرفانية، وتلك الطينية في القرى والأرياف، لكنها جميعاً فشلت في تحقيق ذلك، ولا يعرف أين ذهبت تلك الموازنات، كما أن وزارة التربية لا تملك أية أرقام أو إحصائيات دقيقة حول عدد المدارس الكرفانية، والتي يقدر عددها في العاصمة بغداد وحدها بالعشرات، رغم أن الكرفانات تصلح للعمل المؤقت، وليست مؤهلة لتكون مباني مدرسية تضم أطفالاً".
واستطردت قائلة إن "الحكومة نجحت خلال الآونة الأخيرة في بناء أكثر من ألف مدرسة في عموم العراق، وتخطط لبناء عدد مماثل عن طريق اتفاقية مع الصين وصندوق إعمار المناطق المتضررة ومنح دولية".
ويشكو مواطنون عراقيون من الأوضاع المزرية التي يعيشها أبناءهم في صفوف الدراسة الكرفانية. يقول المواطن أحمد العزاوي، إن "الدراسة في المدارس الكرفانية مزرية وصعبة، لكننا مضطرون إلى ذلك لعدم وجود البديل. هذه المدارس تفتقر إلى البنى التحتية، وخصوصاً المياه الصحية، والقاعات غير صالحة للتدريس، ومعاناة الطلبة لا تقتصر على نقص الخدمات، وغياب الأجواء الدراسية، بل يواجهون أيضاً مخاطر كبيرة مثل التماس الكهربائي الذي يحدث بين الفينة والأخرى، وخصوصاً في فترات الأمطار، والقاعات الكرفانية المصنوعة من الحديد موصل جيد للكهرباء، ما يجعلها تشكل خطراً على الحياة".
بدوره، قال النائب كامل الغريري، إن "أكثر من 150 مدرسة في العاصمة بغداد، وخصوصاً في مناطق حزام بغداد، هُدمت قبل أكثر من 10 سنوات من قبل شركة الفاو التي تعاقدت معها وزارة التربية لبناء مدارس بمواصفات حديثة، وجميع هذه المدارس لم يُعد بناؤها لغاية اللحظة".
ويوضح الغريري أن "جميع المدارس التي هُدمت تحولت إلى مدارس كرفانية تعمل بنظام وجبتين، صباحي ومسائي، وأُنشئت عن طريق تنمية الأقاليم، وذلك حفاظاً على استمرار العملية التربوية التي تراجعت بشكل كبير بعد عام 2003، حالها حال كل القطاعات، والحكومات المتعاقبة تتحمل مسؤولية انهيار قطاع التعليم بسبب استشراء الفساد، وسيطرة الأحزاب على مفاصل الدولة، إذ يجري التستر على الفاسدين الذي سرقوا المال العام، وحرموا آلاف الطلبة من التعليم أسوة بأقرانهم".