"مدرسة ابتدائية تُخدّر تلاميذها".. المحامية إسراء الخفاجي تُعيد نشر إشاعة بثتها قناة الشرقية دون أدلة.. تعرف على التفاصيل
انفوبلس..
بلقاء متلفز على قناة الرشيد، ظهرت المحامية إسراء الخفاجي للحديث عن ملف المخدرات وانتشارها في العراق، وفي معرض حديثها أعادت إنتاج شائعة انتشرت قبل نحو عام تفيد بقيام مدرسة حكومية في الزعفرانية بتوزيع حلوى تحتوي على مواد مخدرة بداخلها، فما أصل تلك الشائعة؟
صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الباحثة عن "الترند" تداولت مقطع الخفاجي الذي انتشر بشكل كبير خلال اليومين الماضيين، الأمر الذي أثار التساؤلات حول حقيقة الحادثة إن حدثت فعلاً، أو من قام باختلاقها ونشرها إن كانت إشاعة.
تقرير الشرقية
في تشرين الأول من عام 2023، عرضت قناة الشرقية، المثيرة للجدل، تقريرا حول "تلاميذ يعودون إلى منازلهم شبه غائبين عن الوعي"، فحقق التقرير انتشارا كبيرا بسبب إثارته واهتمام المتابعين بقضايا كتلك.
التقرير ذكر أن المخدرات تنتشر بشكل مثير للقلق في مدارس العراق، فضلا عن دخول منتجات مخدرة غريبة يمكنها أن تصل إلى متناول الأطفال.
ونقلت الشرقية، عن مصادر ميدانية (لم تُسمها) أن طلاب مدرسة ابتدائية بالزعفرانية يعودون لمنازلهم "شبه غائبين" عن الوعي ومخدرين بفعل حلوى تحتوي على مخدرات.
تساؤلات
متابعون ومعلقون تساءلوا عن حقيقة حادثة "تخدير" طلاب المدرسة الابتدائية لكن دون جدوى، وعند تقصي الملف والبحث عن خيوطه في بيانات القوات الأمنية، والتحقيقات الصحفية، والتقارير المتلفزة، وما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، وسؤال مصادر لشبكة "انفوبلس" في منطقة الزعفرانية، اتضح أن الأمر برمته عبارة عن شائعة ليس لها وجود بشكل قاطع وأن لا أحد يعلم اسم المدرسة أو موقعها في المدينة أو اسم مديرها أو الجهة المسؤولية عن توزيع المخدرات فيها، كما لم يقم أي ولي أمر بالشكوى أو الحديث على الأقل عما جرى لأبنائه في تلك المدرسة.
محامو التواصل الاجتماعي
وبالنظر لما ذكرته الحقوقية إسراء الخفاجي في ظهورها المتلفز، قال أحد المحامين لشبكة "انفوبلس" إن زميلته الخفاجي سقطت في فخ المعلومات المظللة في أفضل الأحوال، وذلك بحذف فرضية تعمد إشاعة معلومة خاطئة.
وأضاف، إن العديد من المحامين سحبتهم (السوشيال ميديا) بشكل كبير وأصبحوا "بلوغرات" أكثر من كونهم محامين، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على صورة المحامي في الشارع العراقي.
وتابع، إن الخفاجي والعديد غيرها يبحثون عادة عن المواضيع المثيرة للجدل للحديث عنها في التلفاز وعلى صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي كموضوع تخدير الطلاب، أو مواضيع الشذوذ واللواط وتبادل الزوجات، أو حالات الطلاق الغريبة التي تثير فضول المتابعين.
وأكد إن تلك المواضيع مهمة بلا شك ولا تقل أهمية عن المواضيع الأخرى (غير المثيرة) لكن يجب التأكد من المعلومات بشكل قاطع قبل الحديث عنها ونقلها إلى المواطنين، لضمان عدم إرباك الناس وإدخالهم في دوامات اجتماعية سببها معلومة خاطئة.
المدارس والمخدرات
في عام 2019، نشر مجلس القضاء الأعلى بيانا مطولاً حذر فيه من خطر تزايد انتشار المخدرات، وذكر في أحد أجزاءه مخاطر وصولها إلى المدارس والجامعات، ويبدو إنه كان المادة الأساسية والجزء الحقيقي الوحيد الذي استندت عليه جميع الشائعات الكاذبة فيما بعد.
وذكر بيان المجلس، أن "قضاة متخصصون بمكافحة المخدرات اعلنوا انه تم القبض على أكثر من 525 متهماً بتجارة وترويج المخدرات في العاصمة بغداد فضلاً عن صدور 100 أمر بالقبض بحق آخرين ما بين متعاطٍ ومروج وتاجر خلال 2018 فقط"،محذرين من "تزايد هذه الظاهرة، خصوصا وأن اغلب المتعاطين يتحولون خلال فترة قصيرة الى مروجين، لما لهذه التجارة من رواج يحقق أرباحا لاسيما للعاطلين عن العمل".
وأكد القضاة "تسجيل حالات للتعاطي والترويج للمخدرات في إحدى مدارس بغداد وجامعات اهلية فضلاً عن ترويجها في بعض المقاهي، مرجحين الاستعانة بقوات مكافحة الإرهاب لمواجهة هذا الخطر وضرب تجار المخدرات".
إلى ذلك، قال القاضي عقيل ناظم، وهو قاضي تحقيق مختص بقضايا المخدرات في الرصافة، قال "تم القبض على 306 متهمين ما بين تاجر مروج ومتعاطي خلال العام 2018 فقط مقسمين بين 216 تاجرا ومروجا و90 متعاطيا وتمت احالة اغلبهم الى المحاكم المختصة وقد صدرت بحقهم احكام وصلت الى السجن المؤبد ".
واوضح القاضي ،ان "اغلب المتعاطين للمخدرات يتحولون بعد فترة زمنية الى مروج بهدف الكسب المادي كون الترويج لهذه المواد يدر أرباحا كبيرة وكذلك ليتمكنوا من الحصول على هذه المواد المخدرة ليتعاطوها بسبب الادمان عليها ".
وعن انواع المخدرات التي المنتشرة اوضح القاضي المختص "سجلنا تعاطي وتداول انواع كثيرة من المخدرات، لكن يحتل الكرستال المرتبة الأولى لهذه التجارة، وتليه الحبوب والتي تعرف بـ(الصفر ـ 1) تأتي بعدها مادة الحشيشة فضلاً عن أنواع أخرى".
وتابع ناظم أن "المخدرات تدخل العراق من بعض الدول وان الأهوار تشكل ممراً لعبور هذه المواد بواسطة المشحوف وغالباً ما يخرج التجار من العراق بجوازات رسمية ويدخلون عن طريق التهريب ويتم إدخال المواد عبر أكياس من الرز أو الطحين"، مشيرا الى ،ان "اغلب المتعاطين يتحول الى مروج بعد فترة قصيرة ليقوم بترويج المخدرات الى أصدقائه فضلاً عن قيام
بعض المقاهي بترويج المخدرات عبر الاركيلة او ما يعرف بالشيشة وذلك بخلط مادة الحشيشة مع التبغ او تدخينها بشكل مباشر في أماكن خاصة وعادة لا يتم تقديم هذه العروض لأي شخص إلا من كان مصدر ثقة".
وعن مناطق العاصمة بغداد التي سجلت انتشاراً اكثر للمخدرات يذكر القاضي ان "مناطق الرصافة وتحديداً مدينة الصدر والمناطق المحيطة بها حيث احتلت المرتبة الاولى تليها مناطق الشعب وحي اور والزعفرانية وشارع فلسطين والجادرية والكرادة حيث سجلت هذه المناطق اعلى نسبة لترويج وتعاطي المخدرات".
ويستكمل القاضي المختص "فكّكنا العديد من الشبكات المختصة بالمخدرات أبرزها شبكة في منطقة الزعفرانية مكونة من سبعة أفراد يتولاها شخصاً يدعى (القائد) والذي قام بقتل احد افراد مفرزته لمحاولته الهرب وبصحبته مواد مخدرة"، مؤكدا "وجود شبكات تديرها عائلات وغالباً ما يطلق لقب (الحجي) او (السيد) على التجار الكبار وان هذه الشبكات تواجه صراعا فيما بينها لكنها تسجل حوادث مشاجرة او شروع بالقتل في مراكز الشرطة".
ودعا قاضي تحقيق المحكمة المركزية المختص بقضايا المخدرات في الرصافة تعديل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 20 لسنة 2017 لتشديد العقوبات لاسيما ان البعض من مروجي المخدرات سبق وان افرج عنهم بموجب قانون العفو ثم عادوا مجدداً للتعاطي او الترويج والمتاجرة كما دعا الى تشديد عقوبة المتاجرين والمروجين للمخدرات لتصل الى الإعدام".
من جانبه قال القاضي سعد طاهر القاضي المختص بقضايا المخدرات في الكرخ ان "محكمة تحقيق الكرخ سجلت القبض على 220 متهماً بقضايا المخدرات ما بين تاجر ومروج ومتعاط خلال عام 2018 اغلبهم تمت احالتهم على المحاكم المختصة فيما لا يزال قسم منهم رهن التحقيق".
وكشف طاهر عن القبض على عصابة للمخدرات في العاصمة بغداد بكمين محكم ضبطت بحوزتهم 4 كيلوغرامات من مادة الحشيش المخدرة فضلاً عن نصف كيلوغرام من مادة الكرستال.
ويضيف القاضي أن "مناطق الدورة والبياع والاسكان والشعلة هي المتصدرة في انتشار المخدرات في جانب الكرخ من العاصمة".
وأكد أن "تجار المخدرات حذرون جداً في تعاملاتهم ولا يتم البيع لأي شخص مالم يكن مصدر ثقة وقد يلجأ المتاجر الى تقسيم المادة الى كميات صغيرة خشية القبض عليه".
ويبين طاهر "تم تفكيك إحدى الشبكات في بغداد والتي كانت تتولاها إحدى الفتيات إذ غالباً ما يتم الترويج للمخدرات من قبل فتيات فضلاً عن القبض على فتيات بتهمة التعاطي".
ويعزو القاضي المختص اسباب انتشار المخدرات الى إغراء الضحية عن طريق رفاق السوء فضلاً عن ضعف الوضع الاقتصادي لبعض الشباب والبطالة بالإضافة الى قلة الثقافة والوعي.
فيما دعا الى ضرورة تعديل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 وتشديد العقوبات بحق المروجين والمتاجرين وإنشاء مصحات ومراكز خاصة للمتعاطين.