مديرو عموم بالأصالة ضمن اتفاق سياسي مغلف بالتقييم الحكومي.. إجراء يثير الجدل وفرحان الفرطوسي يتصدر قائمة الرفض
مديرو عموم بالأصالة ضمن اتفاق سياسي مغلف بالتقييم الحكومي.. فرحان الفرطوسي أبرز الأسماء رغم الاعتراضات عليه.. تعرف على الإجراء المثير للجدل
انفوبلس/..
في إجراء مثير للجدل، اتخذت الحكومة العراقية خلال جلسة لمجلس الوزراء يوم أمس الأربعاء، قرارا ينص على تثبيت 41 مديراً عاماً، في إجراء مغلف بـ"التقييم الحكومي"، وكان من بينهم مدير عام موانئ العراق فرحان الفرطوسي، رغم الملاحظات والتشخيصات السلبية حول هذه الشخصية.
*التفاصيل
عقد مجلس الوزراء، أمس الأربعاء، جلسته الاعتيادية الحادية والخمسين برئاسة محمد شياع السوداني.
وجاء في بيان لمكتب السوداني، تابعته انفوبلس، ما نصه: "في مجال الإصلاح الإداري، وضمن مسار تقييم المديرين العامين وإنهاء ظاهرة الإدارة بالوكالة، وحسب ما ورد في قانون الموازنة العامة الاتحادية، أقر مجلس الوزراء تثبيت 41 مديراً عاماً".
وبين، أن ذلك جاء "استناداً إلى أحكام قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960، وذلك بعد تقييمهم وفق آليات ومعايير للعمل مصادق عليها من قبل مجلس الوزراء بموجب القرار 23242".
وأضاف البيان، أن "المعنيين حصلوا على تقييمات إيجابية من قبل الوزراء ورؤساء الجهات غير المرتبطة بوزارة، وكذلك من لجنة التقييم والأجهزة المعنية (النزاهة، ديوان الرقابة، المساءلة والعدالة، التسجيل الجنائي المركزي)".
*جدل
الأمر الذي أثار الجدل هو تثبيت فرحان الفرطوسي مديراً عاماً لموانئ العراق بالأصالة لا بالوكالة رغم الاتهامات والشبهات التي تحيطه.
وفي هذا الصدد، قال النائب مصطفى سند، في منشور عبر منصة "أكس"، ما نصه " مجلس الوزراء يصوت على تثبيت مدير عام الموانئ فرحان الفرطوسي كمدير عام بالأصالة بدل الوكالة"، وأرفق تغريدته بعلامة تعجب "!" في استغراب على القرار.
بدوره، قال عضو مجلس النواب عن محافظة البصرة، عامر عبد الجبار اسماعيل، إن "الفرطوسي رغم عليه عدة ملفات فساد فإن مجلس الوزراء يصوت على تثبيته على الملاك الدائم".
وأضاف، "أبلغنا رئيس الوزراء بأن تعيين مدير الهيئة البحرية العليا مخالف للقانون كون اختصاصه ليس بحرياً وعليه أمر باستبداله والوزير يرفض تنفيذه ويقول سنعمل على تعديل القانون".
وأتم: "جمهورية رحم الله والديك".
من جهته، قال النائب حسن سالم، إن "تثبيت مدير عام الموانئ العراقية فرحان الفرطوسي خطوة خاطئة ولا تتوافق مع البرنامج الحكومي لمكافحة الفساد وبمثابة طلقة الرحمة على الموانئ العراقية ونهاية ميناء الفاو".
*ملفات وشبهات
وقبل أيام قليلة، خرج عدد من مديري الشركات في محافظة البصرة في مؤتمر صحافي كشفوا خلاله تفاصيل صادمة حول مدير موانئ العراق فرحان الفرطوسي، بعد إنهاء عقودهم لأسباب مزاجية عبّر عنها الأخير بـ"بكيفي"!.
ومنذ نحو سنة كاملة، أنهى الفرطوسي عقود نحو 138 شركة عاملة في الموانئ العراقية في الشحن (النقل والتفريغ)، ورغم استمرار أصحاب الشركات بهذا الصمت الطويل إلا أنهم كشفوا المستور مؤخراً خلال مؤتمر صحافي عُقد في البصرة بتاريخ 16 كانون الأول الجاري.
وجاء في نص بيان المؤتمر الذي شهد مخاطبة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ما يأتي: "هنالك حديث لأمير المؤمنين سلام الله عليه يقول (من لم يستنصر للمؤمنين فليس منهم) وإننا والله مَن وقع عليهم الحيف في أرزاقنا و أرزاق من يعمل معنا و عوائلنا وهذا ما لم يحدث في بقية محافظات العراق العزيز وذلك من قبل المدير العام لموانئ العراق والذي يدّعي واهماً انتماءه إليكم كون المنطق والعقل لم يقبل بهذه التبجّحات".
وأضاف البيان، "في الفترة الأخيرة وصل به الاستهتار الى تصريحات وکلام نابي بحق أهل البصرة و كأنه فرعون العصر الجديد أن يشارك الناس في أرزاقهم مدّعياً هذا الأمر لـ"الجهة" وعند الاستفسار والمتابعة من هي "الجهة"، ينطق و بصريح العبارة يقول "التيار الصدري"، ونحن نقول هذا كلام غير صحيح و عارٍ عن الصحة والسيد أرفع من أن يأمر بظلم العباد وهو راعياً للإصلاح وهو من سلالة الدوحة المحمدية المطهرة التي جاءت لنصرة العباد و إحقاق الحق ونصرة المظلوم".
وتابع: "نناشدك سيدنا اليوم مع جميع متعلقينا بإنصافنا وتخليصاً من هذا الطاغي الباغي الذي أحرق الحرث النسل و دمر و باع الموانئ العراقية و لم يُبقِ شيئاً و لم يبقَ لديه إلا أن عمد مؤخرا الى الرجوع الى العقود القديمة بأثر رجعي وهو غير مهتم بالقانون و يقول "بكيفي.. واللي يعجبه يعجبه واللي ما يعجبه يضرب راسه بالحايط".. راجين مرة أخرى من سماحتكم متابعة هذا الفاسد وجميع ممتلكاته التي سلبها مرة من الدولة ومرة أخرى ابتزازه المستمر من جميع الشركات والمقاولين في البصرة".
وأكمل البيان، "البصرة تحترق.. راجين منك سيدنا بالتحقيق معه وإجبار الحكومة على تغیيره".
*مشكلة ليست أولية
لم تكن هذه أولى المشكلات التي تحدث بسبب مدير موانئ العراق، فهذه الشخصية عليها كيل من الشبهات واتهامات الفساد والسرقة ونهب المال العام.
في آب الماضي، كشفت مصادر عن تفاصيل استباحة شركة إماراتية مستثمرة لأموال ثلاث وزارات من خلال عملها في موانئ محافظة البصرة.
وبحسب وثائق نشرتها وكالة "بغداد اليوم" المحلية وتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد قامت شركة موانئ البصرة بدفع غرامة مالية عن مخالفتها للشروط التعاقدية لصالح شركة العبد المستثمرة للرصيف 11 الخاص بمادة السُّكر والتابع لوزارة الصناعة والمعادن".
ووفقا للوثائق، دفعت موانئ البصرة غرامة بقيمة نحو 46 مليار دينار لشركة العبد، جراء عدم التزام الموانئ بشروط التعاقد الجزائية، فيما بينت أن "شركة الموانئ قامت بتسليم المبلغ على شكل دفعتين"، بمخالفة قانونية صريحة حيث كان يفترض تسليمه على شكل عدة دفعات.
وفي السياق، أوضحت مصادر من داخل الشركة العامة لموانئ العراق، أن "المبالغ المدفوعة تمثل خسارة مدوية لشركة الموانئ"، مؤكدة أن "مدير الموانئ الحالي فرحان الفرطوسي سدد المبالغ على شكل دفعتين ودون مطالبة شركة العبد بالتسوية كما معمول به ضمن السياقات المعروفة".
وأكدت المصادر، أن "الشركة ذاتها وبنفس الأسلوب كانت قد حصلت على تعويض من وزارة الزراعة يُقدر بـ 21 مليون دولار، كما حصلت أيضا على تعويض من وزارة الدفاع يُقدر بـ (18) مليون دولار، في استباحة واضحة لأموال الدولة في هذه الأرصفة".
الوثائق توضح مدفوعات شركة الموانئ العراقية إلى شركة العبد الإماراتية من رأس مال شركة الموانئ العراقية رغم أن اللجنة التحقيقية المختصة في الموضوع حمّلت من شهد الزور لصالح شركة العبد ومن معه مسؤولية الأموال المهدورة وضمّنتهم المبلغ بالكامل حسب القانون العراقي الخاص بالتلاعب بالمال العام.
وفي وثائق أخرى تعود لعام 2020 بين مكتب مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ووزارة النقل، وتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي تم إثبات إخفاء وزارة النقل معلومات مهمة حول المتهم بقضايا إرهاب وغسيل أموال "علي خميس عبد الفلاحي" الشريك في شركة العبد الإماراتية والتي كانت تستأجر رصيف رقم 11 ويُطلق عليه اسم "رصيف السُّكر".
*ماذا يفعل "فرحان الفرطوسي" بأموال العراق؟
لم يردع حتى القضاء، جشع مدير عام موانئ العراق، برغم الانتكاسات المتلاحقة التي تستنزف خزينة الدولة مئات ملايين الدولارات لصالح أطراف متضررة من "عنجهيّة" فرحان الفرطوسي.
وبالإجابة عن السؤال الخاص بمصير أموال العراق وما تحققه المنافذ من مبيعات تفوق بأضعاف الإيرادات المُعلن عنها، ستفصل لكم شبكة انفوبلس أبرز مظاهر الفساد لمدير الموانئ فرحان الفرطوسي، وكيف تسبب بابتلاع وهدر ملايين الدولارات.
*فساد الفرطوسي بعقد تشغيل ساحبات البواخر
في عام 2020، كشفت لجنة النزاهة النيابية، عن صفقات فساد كبيرة وهدر للمال العام، تمثلت هذه المرة بعقود مبرمة بين شركة الموانئ العراقية بمحافظة البصرة مع شركات خاصة لتشغيل ساحبات البواخر والحفارات التابعة للشركة، فيما أشارت إلى أن هناك إجراءات تعسفية لإخراج وتجميد قرابة 15 ألف موظف.
وقال مقرر اللجنة آنذاك عبد الأمير المياحي: إن "هناك 12 ألف موظف على الملاك الدائم في شركة الموانئ العراقية، من أصحاب الخبرة الذين يعملون على (الساحبات) بنوعيها النفطية وغير النفطية، تم تجميدهم وإقصاؤهم عن العمل لغرض إحالتها للتشغيل المشترك"، مبينا أن "هذه العملية فيها فساد كبير كون هذه الساحبات تعمل بشكل جيد، وهناك إيرادات كبيرة تأتي منها".
وأضاف، "عمدت إدارة شركة الموانئ العراقية إلى إحالة مشروع الساحبات الى التشغيل المشترك وبنسب ضئيلة جداً وتعمل بالخدمة، أي إن الساحبات تعمل بالتعاقد مع ملاكات أجنبية، وبالتالي تكون الملاكات العراقية غير فعّالة".
وفي وقت سابق، قامت شركة الموانئ العراقية بالإعلان عن مناقصة مشروع تشغيل الساحبات، فتقدمت 3 شركات خاصة بعروضها وهي شركات (الرفيف للنقل العام، هلال البصرة، الرحيل للتجارة العامة)، والغريب في الأمر أن تلك الشركات غير متخصصة بالملاحة البحرية.
وأكد المياحي، إنه "جرت إحالة المناقصة إلى شركة الرفيف التي تقدمت بأقل العطاءات ولمدة 20 عاماً"، لافتا الى أن "العمر الافتراضي للقطعة البحرية، أي الساحبة، وبحسب المختصين من (5 إلى 6 سنوات)، كونها تعمل بالمياه المالحة، ومن المستحيل أن تبقى القطعة صالحة، وبعد انتهاء العقد تصبح هذه الساحبات (رُفاتاً)".
*تقرير ديوان الرقابة المالية المدوّي بشأن فساد الفرطوسي
الى ذلك، كشف تقرير ديوان الرقابة المالية لعام 2020، بخصوص شركة الموانئ، عن تعاقد الشركة مع إحدى الشركات لشراء وتشغيل أجهزة فحص الحاويات، ومنحها 50 في المائة من إيرادات الفحص المتحققة بقيمة (1.626) مليار دينار، بالرغم من عدم التزام الشركة المتعاقدة بتجهيز أجهزة سونار منذ سنة ٢٠١٨، وقامت باستخدام أجهزة شركة الموانئ العراقية.
وذكر تقرير الديوان، إن "الهيئة الرقابية لاحظت عدم وضوح الصور ضمن أجهزة الفحص الموجودة في الموانئ".
وأضاف، إن "شركة الموانئ قامت أيضاً بشراء أجهزة سونار خاصة بفحص المواد المشعة والمخدرات والأسلحة بمبلغ (32) مليون دولار منذ سنة ٢٠١٨ ولم يتم تشغيلها لغاية الآن".
*تنصيبه مديراً بقوة السلاح
يوم 20 حزيران 2020 قام نائبان من سائرون وهما مظفر الفضل وأسعد العبادي مع قوة من سرايا السلام اقتحمت الموانئ العراقي وأخرجت المدير السابق للموانئ بالضرب وإجباره على تقديم استقالته، وقامت بتنصيب فرحان الفرطوسي بقوة السلاح ليوقّع على كل ملفات الفساد التي انتهكتها الحكومة السابقة.
وكان فرحان الفرطوسي من موظفي شركة النقل البحري وليس الموانئ، وباشر بعد سيطرته على منصب الشركة العامة لموانئ العراق، بإجراء العقود دون الرجوع إلى وزارة النقل واستشارتها والحصول على ترخيص منها، رغم كون الموانئ إحدى تشكيلات وزارة النقل.