مدير عام في الوقف السني .. السجن لعرّاب صفقة فندق "رمادا" محمود نوري.. هل يكفي العام الواحد لتكفير ذنب 47 مليار دينار؟
انفوبلس/ تقارير
في عام 2021، عقد الوقف السني، صفقة كبيرة لشراء فندق "رمادا" في أربيل بمبلغ عال يفوق قيمته الحقيقية بـ30 مليار دينار ووصفت حينها بواحدة من أكبر صفقات الفساد في الديوان. لتتوالى بعدها التحقيقات وتبدأ الاستقدامات من قبل اللجنة العليا لمكافحة الفساد وهيئة النزاهة حتى تمت إدانة عدد كبير من المسؤولين بينهم رئيس الديوان سعد كمبش ومديرين عامين كان آخرهم مدير عام الدائرة الادارية والمالية في الوقف السني "محمود نوري" والذي صدر بحقه اليوم حكم بالسجن لعام واحد فقط رغم أنه أنفق ملايين الدولارات للفندق المملوك له. فمَن هو نوري؟ وما تفاصيل القضية؟ إليك كل ما تريد معرفته عن صفقة "رمادا" من عام 2021 إلى الآن.
*عقد صفقة "رمادا"
في 6 تشرين الثاني عام 2021، كشفت وثائق رسمية، عن شراء ديوان الوقف السني فندقاً في إقليم كردستان بتكلفة 47 مليار دينار عراقي.
ووفقا للمعلومات المتوفرة فإن رئيس ديوان الوقف السني سعد كمبش اشترى فندق رمادا في أربيل من أموال صندوق الأيتام في الوقف، في حين قاد الصفقة آنذاك مدير عام هيئة ادارة واستثمار أموال الوقف السني.
وتفيد معلومات موثوقة بأن قيمة الفندق الحقيقية هي 19 مليون دولار فقط، وأن عملية الشراء تمت بالاشتراك مع زعيم سياسي بارز ـ في إشارة إلى الحلبوسي كون نوري هو عضوا بحزب تقدم".
ويشير مختصون أن السعر الحقيقي للفندق يُقدر بـ17 مليار دينار عراقي، أي بفارق 30 مليار دينار عن سعره في العقد المبرم.
*آخر أحكام السجن.. محمود نوري
عادت صفقة فندق رمادا إلى الواجهة يوم أمس، بعد أن تمت إدانة مدير عام الدائرة الادارية والمالية في الوقف السني محمود نوري بها واثبات تورطه.
وتم حكم محمود نوري بالسجن لمدة سنة بتهمة تورطه بقضية شراء فندق رمادا في أربيل ب47 مليار دينار.
ولاقا الحكم ردود فعل غاضبة ووصف بـ"الخفيف" كون نوري تورط بصفقة كبيرة لا يمكن حصرها أو اختزالها بهذا الحكم.
انفوبلس سلطت الضوء على القضية وستوضح أدناه من هو محمود نوري وكيف طالب الكثير بتشديد حكمه ومعاقبته بطريقة تتناسب وحجم الجريمة التي اقترفها.
*مَن هو محمود نوري؟
مدير عام الدائرة الإدارية والمالية في ديوان الوقف السني، ويُعد عرّاب الديوان والمشرف على نسبة كبيرة من العقود والصفقات فيه.
ومحمود نوري، هو معاون مدير عام دائرة الاحتفالات الدينية في الجهة ذاتها، ومؤسس ورئيس مؤسسة رسالتي لحقوق الإنسان"، ومؤسس كل من "منظمة سبع سنابل للإغاثة والتنمية"، و"فريق سبع سنابل التطوعي"، و"تجمع شباب الأنبار"، و"تجمع شباب العطاء والبناء التطوعي"، و"فريق بادروا التطوعي".
كما أنه عضو مشارك بالمصالحة الوطنية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء"، وعضو الفريق الوطني للسلم الاجتماعي".
شغل منصب معاون مدير عام الدائرة الإدارية والمالية في "ديوان الوقف السني"، ومدير مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين"، ومسؤول أزمة النازحين في الأنبار بين 2015 و 2017، ومدير "مخيم القائم للاجئين السوريين بين 2011 و 2014، ومدير مخيم الوليد للاجئين الفلسطينيين" بين 2009 و2011، كما أشرف على إعمار "مدينة الفلوجة" خلال عام 2009.
حاصل على ماجستير في فلسفة العلوم الإسلامية من جامعة الجنان" في لبنان، وماجستير في القانون الدولي من جامعة هارفارد" في الولايات المتحدة الأميركية، وماجستير في إدارة المؤسسات، وبكالوريوس في الشريعة من كلية "الإمام الأعظم" في العراق.
حُكم عليه يوم أمس بالسجن لمدة عام واحد بعد إدانته بالتورط في صفقة شراء فندق رمادا وإهدار ملايين الدولارات، لكن الحكم قوبل بسخط واسع لـ"خفته" وسط مطالبات بمضاعفاته لسنوات أكثر.
*دعارة وملهى ليلي
وبحسب المعلومات المتوفرة فإن الاتفاق حصل في فندق رمادا وليس في ديوان الوقف السني، فيما أكدت المعلومات على أن جزء من الفندق يُستخدم كملهى ليلي مع صالة قمار.
ووفق المعلومات المتداولة، فإن الفندق يضم صالة للروليت ومختلف أنواع القمار، كذلك مركز كبير للمساج بكادر نسائي، إضافة إلى ملهى ليلي والعديد من المحال لبيع المشروبات الكحولية.
وأضافت المعلومات آنذاك، أن الفندق يستخدم في العديد من الأحيان لغرض الدعارة، حيث خصصه مسؤولو الديوان لقضاء استراحاتهم وهو ما ثبت على العديد منهم بعد شرائه.
*من كمبش إلى نوري.. مَن هم المتورطون بصفقة فندق "رمادا"
بعد انتشار الوثائق آنفة الذكر والعقد المبرم بين الوقف السني والجهة البائعة للفندق في الإقليم، تحركت الجهات المختصة في بغداد للتحقيق بالصفقة كون المبلغ كبير جدا ويعادل ميزانية بعض الدول.
وفي 11 نيسان/أبريل 2023، أصدرت هيئة النزاهة، خامس بيان في غضون أشهر بخصوص رئيس ديوان الوقف السني الأسبق، سعد كمبش، على خلفية قضية شراء فندق (رمادا) في إقليم كردستان.
ويعتبر بيان النزاهة هو الرابع منذ بداية العام الحالي – 2023 - والخامس منذ فتح قضية المخالفات في شراء فندق في صيف العام 2022.
وأعلنت الهيئة في منتصف آب/أغسطس 2022، صدور أوامر استقدامٍ بحق رئيس الديوان ومدير هيئة إدارة أموال الوقف ومعاونه، بسبب شراء فندق رمادا بمقدار 47 مليار دينار، قبل أن تعلن صدور أمر قبض وتفتيش بحقه على خلفية شراء فندق في إقليم كردستان.
أما بشأن بيانها في التاريخ المشار إليه أعلاه، فقد أعلنت النزاهة صدور "حكم حضوري يقضي بالحبس الشديد لمدة 4 سنوات بحق الرئيس الأسبق لديوان الوقف السنيِّ"، عن طريق "قاضي محكمة جنايات مكافحة الفساد"، وذلك "لقيامه بمُخالفة واجبات وظيفته عمدًا، والتسبب في إضرار المال العام".
وعادت النزاهة للتذكير بقضية رئيس الديوان، الذي وجّه بحسب البيان "هيئة إدارة واستثمار الوقف السني لشراء فندق (رمادا) الكائن في إقليم كردستان"، والهدف من ذلك "منفعة أصحاب الفندق على حساب الدولة"، مشيرة إلى "عدم وجود جدوى اقتصادية".
وتوصلت المحكمة، بحسب النزاهة، إلى "مقصرية المتهم" بعد اطلاعها على الأدلة المُتحصَّلة والإثباتات في القضيَّة، والأوراق التحقيقيَّة"، ولذلك، "قررت إدانته والحكم عليه حضوريًا بالحبس الشديد 4 سنوات" وفق المادة 331 من قانون العقوبات.
*اعتقال سعد كمبش
وفي منتصف شهر كانون الثاني/يناير من العام الماضي، أعلنت النزاهة القبض على رئيس الديوان الأسبق ومعاون المدير العام للدائرة القانونية في الوقف، بسبب العقد المبرم بين الوقف السني وشركة (sm) للاستثمارات السياحية المحدودة، وتأجير الفندق للجهة المالكة ذاتها لمدة 30 سنة.
وفي 21 آذار/مارس 2023، نُفذ أمر القبض الصادر بحق رئيس ديوان الوقف السني الأسبق، لكنها ذكرت تهمًا أخرى وجّهت إلى رئيس الديوان منها "المُغالاة في أسعار تنفيذ مشروع مآذن حديديَّةٍ في صلاح الدين"، أدت إلى هدر 1.5 مليار دينار، ومخالفات في عقد مبرم مع شركة يابانية لغرض بناء جامع نينوى الكبير بمبلغ 42 مليارًا، وهدر 110 مليارات بشراء عقارين.
ولم تذكر بيانات هيئة النزاهة الخمسة، اسم رئيس الديوان، لكن خبر اعتقاله على سبيل المثال كان في صدارة مواقع التواصل الاجتماعي، وأجمع المدونون بهذا الصدد إلى أن سعد كمبش هو رئيس الديوان الذي جرى اعتقاله في محافظة ديالى، والمتهم في قضية فندق رمادا.
*أحكام إدانة حضورية لمسؤولين بارزين في الوقف
وفي آواخر العام الماضي، أعلنت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، عن صدور ثلاثة أحكامٍ بالحبس حضورياً بحقِّ مسؤولٍ وثلاثة مُوظَّفين في ديوان الوقف السنيِّ.
وذكرت دائرة التحقيقات في الهيئة في بيان، أن "محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزيَّة أصدرت حكماً حضورياً بالحبس الشديد لمُدَّة أربع سنواتٍ على معاون المدير العام لهيئة إدارة واستثمار أموال الوقف السنيِّ؛ على خلفيَّة قيامه بالضغط على مُوظَّفي دائرته لغرض إتمام إجراءات بيع وشراء فندق (رامادا) في إقليم كردستان، بالرغم من عدم وجود غطاءٍ ماليٍّ وجدوى اقتصاديَّةٍ، إضافةً إلى موافقته على عكس قيد الأمانات، خلافاً لتعليمات ديوان الرقابة الماليَّة الاتحادي".
وأضافت إنَّ "المحكمة أصدرت حكمين بالحبس البسيط حضورياً لمُدَّة سنة واحدة على ثلاثةٍ من المُحاسبين في هيئة إدارة واستثمار أموال الوقف السنيِّ؛ لقيامهم بالتوقيع على مُستندات عكس القيد الذي بموجبه تمَّ عكس الأمانات التي لا يجوز تحويلها إلى موازنة الاستثمار؛ لشراء الفندق المذكور".
وتابعت إنَّ "المحكمة، بعد اطلاعها على الأدلة المُتحصّلة في هذه القضيَّة، وجدتها كافيةً ومقنعةً للإدانة؛ فأصدرت حكمها حضورياً بحقِّ المُدانين، استناداً إلى أحكام المادة (331) من ق.ع.ع ، مع إعطاء الحق للجهة المُتضرِّرة للمُطالبة بالتعويض، لافتةً إلى قرار المحكمة بإيقاف تنفيذ العقوبة بحقِّ أحد المُدانين".