مشاهير مواقع التواصل خلف القضبان.. جردة بعمل لجنة مكافحة المحتوى الهابط في العراق منذ نشأتها
انفوبلس/ تقرير
منذ بداية العام الماضي 2023، تشن وزارة الداخلية ومجلس القضاء الأعلى حملة لملاحقة من اتهمتهم بنشر "محتوى هابط" في وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى إثر ذلك صدرت مذكرات قبض وأحكام بالحبس بحق عدة أشخاص، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على أبرز صُنّاع المحتوى الهابط الذين جرى اعتقالهم.
تنتشر في الآونة الأخيرة بث مقاطع فيديو لمشاهير في مواقع التواصل الاجتماعي يُقدّمون فيها محتوى هابطاً لا ينسجم مع الثقافة العامة والعادات والتقاليد المجتمعية، وفقا لما رصده ناشطون ومتابعون للشأن الاجتماعي.
"حنونه حكومة" آخر المعتقلين
اتخذت لجنة مكافحة المحتوى الهابط في وزارة الداخلية ومن خلال المتابعة الدقيقة وبناءً على أوامر قضائية من محكمة الكرخ المختصة بقضايا النشر والاعلام، الإجراءات القانونية بحق المدعوة (حنونه حكومة)، وذلك بحسب مصدر أمني تحدثت لـ"انفوبلس" اليوم الخميس 4 تموز/يوليو 2024.
وقال المصدر، إنه "وفق مذكرة قبض القت قوة امنية القبض على صاحبة مركز تجميل واوشام ضمن منطقة المنصور في بغداد المدعوة (حنونة حكومة) بتهمة المحتوى الهابط"، مشيرا الى ان "المتهمة قامت مؤخرا بنشر مقاطع فيديو مسيئة وفاضحةوخادشة للحياء وتحتوي على إيحاءات جنسية".
وتشير المعلومات الأمنية التي وردت لشبكة "انفوبلس"، إلى أن (حنونه حكومة) متهمة ايضا بابتزاز الفتيات والنساء اللواتي يترددن على مركزها من خلال التقاط صور لهن وتهديدهن بها.
وقبلها بأسبوعين، اعتقلت السلطات الامنية، المغني السوري محسن الفراتي، بتهمة "المحتوى الهابط" في العاصمة العراقية بغداد، وفق أحكام المادة 403 من قانون العقوبات العراقي، وبناءً على الإجراءات المتخذة من قبل لجنة المحتوى الهابط في وزارة الداخلية.
"التعري" يغزو وسائل التواصل
تستعرض بعص الفتيات عراقيات أجسادهن أمام كاميرات هواتفهن بملابس شفافة و"خليعة"، أو يمارسن بعض الحركات، أمام مصورين عادة ما يكونون أزواجهن، أو أشقاءهن، لتنشتر بعد ذلك تلك المقاطع بشكل سريع وكبير في مختلف تطبيقات وسائل التواصل، وتصل لمختلف الأعمار بمن فيهم الأطفال.
وخلال الفترة الماضية، أصبحت ظاهرة البث المباشر وتصوير فيديوهات رقص وتغيير الملابس، أو ما يعرف بـ"اليوميات" أو الفلوكات، من أبرز المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي، وكل هذه الفيديوهات تصور داخل المنازل بوجود العائلة بأكملها وليس بشكل سري، حتى وصلت بعض الفيديوهات إلى تصوير "أماكن حساسة"، لدى النساء بغية الحصول على الشهرة والأموال، وهو ما يتحقق حيث يتم تناقل هذه الفيديوهات بشكل كبير من قبل عشرات الصفحات، فأصبحت وفقا لمتخصصين، تشكل خطرا كبيرا على تربية الجيل الجديد، والسيطرة على الأطفال.
ولم تقتصر هذه الفيديوهات على أعمار معينة، بل بدأت بتصويرها الكثير من الفتيات بأعمار المراهقة، وبعضهن طالبات مدارس، يظهرن أجزاء من أجسامهن مع التلفظ بكلمات بذيئة، أو يتجهن للرقص، فضلا عن تصوير بعض الرجال فيديوهات رقص لزوجاتهم وهن بالملابس الداخلية ونشرها، بغية الحصول على أكبر عدد من المشاهدات التي تعود عليهم بمردود مادي.
*متى تشكلت لجنة مكافحة المحتوى الهابط؟
كانت وزارة الداخلية العراقية أعلنت في شهركانون الثاني/يناير من الماضي، عن تشكيل لجنة متخصصة لمحاربة "المحتوى الهابط" الذي "يخالف الأخلاق والتقاليد" في مجتمع لا يزال محافظاً إلى حد كبير.
الوزارة أعلنت ايضاً عن إطلاق منصة "بلّغ" في 10 كانون الثاني/يناير 2023، وهي "منصة إلكترونية خاصة بالإبلاغ عن المحتويات المنشورة على مواقع التواصل، وتتضمن إساءة للذوق العام وتحمل رسائل سلبية تخدش الحياء وتزعزع الاستقرار المجتمعي".
كما نشرت الوزارة على قناة "يوتيوب" مقطعاً مصوّراً، لأحد ضباط الدولة يشرح عن سبب إطلاق المنصّة، ويخاطب المواطنين/ات الذين لهم الدور الأكبر في التبليغ عن "المحتويات الهابطة والتي تسيء للذوق العام، وتخالف العادات والتقاليد وتسيء للمؤسسات العسكرية". واعتبر الضابط أنّ المحتوى "المنشور والذي سيُحارب لا يقل أهمية عن الجريمة المنظمة كونه يتسبّب بتخريب الأسرة العراقية"، بحسب تعبيره.
تعتمد وزارة الداخلية على نص المادة 403 من قانون العقوبات في العراق الصادر في العام 1969 والتي تنص على ما يلي: "يُعاقَب بالحبس مدّة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو استورد أو صدر أو حاز أو أحرز أو نقل بقصد الاستغلال أو التوزيع كتاباً أو مطبوعات أو كتابات أخرى أو رسوماً أو صوراً أو أفلاماً أو رموزاً أو غير ذلك من الأشياء إذا كانت مخلة بالحياء أو الأداب العامة. ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من أعلن عن شيء من ذلك أو عرضه على أنظار الجمهور أو باعه او أجره أو عرضه للبيع أو الإيجار ولو في غير علانية. كل من وزعه أو سلمه للتوزيع بأية وسيلة كانت، ويعتبر ظرفًا مشددًا إذا ارتكبت الجريمة بقصد إفساد الأخلاق".
*جردة بالمعتقلين
ومنذ بداية العام الماضي ولغاية بداية شهر تموز الجاري من العام الحالي 2024، اعتقلت لجنة مكافحة المحتوى الهابط، بالعديد من الشخصيات المشهورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأولها الراقصة المدعوة "هديل خالد عبد رشيد" والملقبة بـ"أم اللول" التي لا تزال في السجن بعد اعتقلها مرة ثانية بعد إدانتها بتجارة المخدرات.
تُعد "أم اللول" من مشاهير الـ"تيك توك" في العراق، إذ تمتلك عددا كبيرا من المتابعين، كما تشتهر بنشر مقاطع فيديو تتضمن الرقص والغناء، بالإضافة إلى تعليقات اعتبرها البعض "مثيرة للجدل" وغير مناسبة.
وفي 23 نيسان/ أبريل المنصرم 2024 ايضاً، أصدر القضاء العراقي، حكما بالحبس 4 أشهر على هديل خالد عبد رشيد، والمعروفة بـ "أم اللول"، بتهمة المحتوى الهابط، بعد القبض عليها في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لتعود من بعدها معتذرة من الجميع بعد إطلاق سراحها في برنامج تلفزيوني بسبب معاناتها من مشاكل نفسية.
اعتقلت اللجنة كلًا من العارضتَين عسل حسام، وأم فهد (قتلت أمام منزلها من قبل صاحب دراجة نارية)، بالإضافة إلى حسن صجمة، وسيد علي، و"سعلوسة"، وذلك ضمن حملة مكافحة المحتوى الهابط العام الماضي.
وبعد استدعاء "أم فهد" في 26 يناير/ كانون الثاني 2023 على خلفية طلب مقدّم من قبل وزارة الداخلية، أصدرت محكمة جنح الكرخ، حكما بسجن البلوغر الشهيرة لمدة 6 أشهر بتُهمة نشر محتويات مسيئة للآداب العامة، كما أصدر القضاء العراقي حكما آخر بسجن "حسن صجمة" لمدة سنتين، لقيامهما بنشر عدّة أفلام وفيديوهات تتضمن أقوالا فاحشة ومخلّة بالحياء والآداب العامة وعرضها على الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
في فيديوهاته، يوقِف حسن صجمة أحيانا شابات وشبانا في الشارع لطرح عليهم أسئلة عن حياتهم العاطفية وعمّا إذا كانوا قد تلقَّوا هدايا من عُشّاقهم وما هي صفات شركاء أحلامهم، أما "أم فهد" فتنشر من جانبها فيديوهات تظهر فيها غالباً بملابس ضيقة وترقص على موسيقى عراقية.
من جهتها، تشتهر "عسل حسام" - التي تطرح نفسها ملكة أناقة العراق - بنشر صور بملابس ضيقة ومفاتن بارزة.
وأخذت حملة مكافحة المحتوى الهابط تتوسعالعام الماضي 2023، إذ أصدرت رئاسة محكمة استئناف بغداد/ الكرخ، مذكرة قبض بحق المطرب "مرتضى العبودي" بتُهمة "الفعل الفاضح وفقا للمادة 403". كما اشتهر العبودي في الغناء بالنوادي الليلية والتلفّظ بكلمات بذيئة ثم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي 10 شباط من العام الماضي، أصدرت محكمة رئاسة استئناف ميسان الاتحادية، مذكرات قبض بحق خمسة أشخاص بتُهمة نشر المحتوى الهابط والمُسيء، وفقاً لأحكام المادة 403 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
وقال مصدر قضائي، إن "الذين صدرت بحقهم أوامر القبض هم، (أحمد البشوش، عبود سكيبه، عطية)، واثنان من الرجال معروفان بأسماء نساء (مديحة، وسندس)". وتُعرف مقاطع "سكيبه" بأنها تحمل محتوى ترفيهيا حيث يقوم بالحديث والغناء باللغة الانكليزية بطريقة فكاهية.
وفي الشهر ذاته، أفاد مصدر في جهاز الأمن الوطني، بإلقاء القبض على التيكتوكر "خالد النعيمي" ونجله "حمزة حباتي" في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى بسبب المحتوى الهابط.
وفي العام الماضي ايضاً، صدرت احكام قضائية مختلفة وحالات قبض كثيرة بحق، كل من الفنانة (جوانا الاصيل)، المدعو (حسن الباش) الملقب بـ (يمي)، والشخص المعروف ب"حمود طلايب"،المطربة "تيسير العراقية"، و"فرانكو"، وكذلك "فهد ثامر إبراهيم الملقب بـ"فهد مودل"، ووردة العراقية و"خالد ورافد" الملقبين بـ"شاجور الالعاب"والملقبة بـ"جكسارة"، وايناس الخالدي.
بالإضافة الى رجل دين يدعى "السيد أبو حبيب الصافي"، والملقب محمد الكحلي، وعنود الأسمر، وكذلك "زينة الراوي" و"رزان محمد" و"نتالي أحمد".
بعد هذه الحملة التي طالت الكثير من مشاهير "الصدفة"، خرج عدد من الناشطين في نشر محتويات هابطة على مواقع التواصل الاجتماعي، بتقديم الاعتذارات للشعب العراقي ومؤسسات الدولة، مؤكدين ندمهم على ما فعلوه في السابق، مطالبين أن يتم مسامحتهم على ما قاموا به، فقد أعلن سعدون الساعدي ندمه على بعض ما صدر عنه خلال الفترة الماضية، لحقه اعتذار من المدعو "سيد علي الشريفي"، وكذلك المدعو سلام هاشم وعبودي ابن الدورة وكروان الدليمي، وغيرهم العشرات الذين أعلنوا أنهم لن يعودوا إلى مثل هذه الأفعال.
وفي بداية العام الجاري 2024، وبينت وثائق تحصلت عليها "انفوبلس" إن "محكمة استئناف الكرخ أصدرت حكماً بالحبس البسيط لمدة 4 أشهر بحق (التيكتوكر) شيفان الزبيدي، وفاضل أركان وفق المادة 403 محتوى هابط.
كما تم القبض على المغنية السورية إنجي فرحبتهمة "المحتوى الهابط"، بعد انتشار فيديو لها وهي تطلق ألفاظا "نابية" و"خادشة" للحياء، فضلا عن المغني السوري محسن الفراتي وحنونه حكومة، كما أشرنا أعلاه.
يشار إلى أن العديد من دول العالم اتجهت الى حظر تطبيق “التيك توك” أو مراقبة المحتوى المنشور فيه، وذلك نظرا لارتفاع معدلات الفيديوهات المخلة بالآداب أو المسيئة للمجتمع، وخاصة من قبل المراهقين، فضلا عن تدخل الادعاء العام وخاصة في مصر، باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحاب هذا النوع من المحتوى.
ويؤكد مركز الإعلام الرقمي DMC، وصول مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في العراق إلى 31.95 مليون مستخدم، ما يعادل 69.4% من إجمالي عدد سكانه، في أحدث إحصائية لهذا العام. وفي تيك توك، أصبح العدد 31.95 مليون مستخدم هذا العام بزيادة كبيرة عن العام الماضي، الذي بلغ 23.88 مليون مستخدم.
*الداخلية تعلن عن "استراتيجيتين" إزاء مواقع التواصل الاجتماعي
كشف مدير العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية العراقية، أمس الأربعاء، عن اتخاذ الوزارة "استراتيجيتين"، إزاء مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً على مكافحة المحتوى "الضار" وتشجيع "الإيجابي".
وقال اللواء خالد المحنا، إنه "بعد أن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على المجتمع العراقي، تبنت وزارة الداخلية استراتيجيتين، الأولى هي مكافحة المحتويات الضارة من خلال اتخاذ الإجراءات القانونية على اعتبار أن المحتويات الضارة تمثل انتهاكا للقانون العراقي"، مبيناً أن "الاستراتيجية الثانية هو تقديم التشجيع لأصحاب المحتوى الإيجابي".
ولفت إلى أن "وزارة الداخلية تعقد مؤتمر المستوى الأول لأصحاب المحتوى الإيجابي الذي يضم أكثر من 250 ناشراً وصانع محتوى ما هي إلا بداية لدعم أصحاب المحتوى الايجابي وبعث رسالة مفادها أن من يمثل العراق اليوم بكل ثقله بكل حضاراته بكل تاريخه حاضره ومستقبله"، مبينا أن "هذا المؤتمر هو بداية الدعم الواسع تقدمة وزارة الداخلية لأصحاب المحتوى الإيجابي".
من جانبها أصدرت وزارة الداخلية بيانا أكدت فيه أنها تعمل "على مكافحة الحالات والظواهر الدخيلة على المجتمع العراقي الأصيل، فبعد أن حققت نجاحات في هذا المجال، وبعد الإقبال على التواصل مع منصة (بلغ) وبهدف استيعاب أكبر عدد من الإبلاغات، نود إعلامكم بأن منصة (بلغ) الإلكترونية الخاصة بالإبلاغ عن المحتويات الإعلامية (المحتوى الهابط) التي تتضمن إساءة للذوق العام وتحمل رسائل سلبية تخدش الحياء وتزعزع الاستقرار المجتمعي، تستقبل ما ترغبون بالإبلاغ عنه من خلال رابط منصة أور".