مشروع بسماية السكني يواصل التأرجح بين كومشنات "مازن وجيه" وانسحابات "هانوا" الكورية.. هل تجد حكومة السوداني حلاً؟
انفوبلس/ تقارير
في اللهجة العراقية تُستخدم كلمة "بسماية" لتدليع البسمة، وعلى الرغم من أن اسم المشروع السكني المثير للجدل استمد من اسم المنطقة التي أُقيم فيها وليس من تدليع البسمة، إلا أن العراقيين رأوا فيه عند انطلاقه أملاً لارتسام وجه بلدهم الحزين، لكنهم اليوم وبعد كل قصص الفساد التي أحاطت به باتوا يرون فيه "دمعاية" سالت على خد العراق. فعقد المشروع الغامض وعرّابه مازن وجيه ما زال يمثل معضلة لإنجاز هذه المدينة لاسيما بعد انسحاب شركة هانوا الكورية والعجز الحكومي عن استئناف العمل مرة ثانية.
*عقد غامض يشوبه الفساد
وعن آخر التفاصيل المتعلقة بمشروع بسماية السكني، فقد تم إرساء العقد على شركة كورية جنوبية بزيادة 440 دولارا على المبلغ المحدد من الحكومة العراقية لبناء المتر المربع الواحد مع البنى التحتية.
يقول مصدر مطلع، إن "المناقصة طُرحت بسقف إنفاق لا يزيد على 500 دولار لبناء المتر المربع الواحد مع البنى التحتية ضمن مجمع بسماية، وقد تقدمت شركة لتنفيذ المشروع بكلفة أقل من الكلفة المطروحة، إذ عرضت بناء المتر الواحد بـ450 دولارا".
ويضيف المصدر، إن "الغريب في الأمر أن العقد أُحيل الى الشركة الكورية بكلفة 630 دولارا للمتر المربع الواحد، أي بزيادة 130 دولارا عن المبلغ المحدد من الحكومة العراقية، ثم أُضيفت 100 دولار بداعي تحسين الوضع الاجتماعي، ثم أضيفت 210 دولارات لأسباب غامضة، فأصبحت كلفة المتر المربع 940 دولارا بدلا من 500".
ويوضح المصدر، إن "الشركة الكورية تسلمت قبل أن تضع طابوقة واحدة 25% من قيمة المشروع، أي ما يعادل نحو ملياري دولار، وعلى الرغم من ذلك ما زالت متلكئة في إنجازه".
ويشير المصدر إلى أن "العديد من الجهات في السلطتين التشريعية والتنفيذية ما زالت تساند هيئة الاستثمار المسؤولة عن مشروع بسماية ورئيسها سامي الأعرجي، فقد كُتب قانون الاستثمار الجديد ليلائم المشروع ولا يكشف مواطن الخلل فيه".
ويبين، أن "الأعرجي الذي كان يعمل مع وزير الصناعة في زمن النظام البائد عدنان العاني، أكد أن المشروع استثماري بحت وبالية جديدة"، لافتا الى أن "هيئة النزاهة اختزلت كل مشاريعها بمشروع بسماية".
*لصّ بسامية
يُذكر أن مازن وجيه تُطلق عليه تسمية "لص بسماية" وقد تم اكتشاف ملفات فساد كبيرة في واحدة من أكبر مشاريع الإسكان بالعراق، المعروف باسم (مشروع مدينة بسماية السكني)، جنوب العاصمة بغداد، إلا أن تكلفته المقدَّرة بعشرة مليارات دولار مُبالَغ فيها، قياساً بالمخطط الكلي للمشروع، وهو ما يكشف عن شبهات فساد في العقد.
وأكد مصدر في ديوان الرقابة المالية، أن غالبية أعمال المشروع لا تُنفَّذ من قبل الشركة الأجنبية، بل من قبل شركات عراقية صغيرة، ولا تتوافق مع المواصفات المطلوبة، وهناك فساد حتى في قيمة المواد الأولية المستخدَمة في المشروع ونوعيتها.
*انسحاب هانوا الكورية
في الثالث عشر من سبتمبر من عام 2020، أعلنت شركة هانوا الكورية الجنوبية انسحابها من مجمع بسماية السكني في بغداد بسبب عدم دفع مستحقاتها المالية.
ووفق مصدر مطلع، فإن "شركة هانوا الكورية التي تنفذ مشروع بسماية السكني انسحبت منه نتيجة عدم دفع مستحقاتها المالية الخاصة بالشركة"، مبيناً أن "الشركة أنجزت أكثر من 30 ألف وحدة سكنية من أصل 100 ألف وحدة سكنية مخطط لها في المشروع".
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "الحكومة العراقية أبلغت الشركة الكورية بأنها غير قادرة على تسديد مستحقات الشركة نظراً للظروف التي يمر بها العراق آنذاك من انخفاض أسعار النفط، ما دفع الشركة الكورية الى تسريح آلاف العمال والفنيين والمهندسين العراقيين والأجانب".
*اتفاق جديد مع "هانوا" الكورية
في مطلع العام الحالي، أعلن رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار سالار محمد أمين، عن توقيع اتفاق مع شركة "هانوا" الكورية الجنوبية المنفذة لمشروع مدينة بسماية تضمنت اتفاق الطرفين على عودة العمل بمشروع مدينة بسماية السكني وفق جداول دفع وتسليم لـ ( 9540 ) وحدة سكنية في موعد أقصاه (18) شهراً من تاريخ توقيع الإتفاقية وبما مثل حلاً منصفاً للخلاف المالي السابق وتتويجاً للمفاوضات التفصيلية التي استمرت على مدى الأشهر الماضية.
وقال أمين في بيان، إن هذه الاتفاقية تمثل خارطة طريق لتنفيذ ما تبقى من المشروع وتمهيداً لإبرام ملحق عقد جديد سيتم توقيعه بعد ستة أشهر من الآن يراعى فيه جدوله قانونية واضحة ودقيقة للتسوية المالية بين الطرفين مع ضمان الانسيابية الكاملة لعملية التسويق وبشكل ينسجم مع الطلب المتزايد على المشروع ويضمن توفر هذه الفرصة السكنية لكل شرائح وأبناء المجتمع العراقي .
وأشاد رئيس الهيئة بجهود الفريق القانوني المفاوض في الهيئة والإسناد الكبير الذي حَظِيَ به من أعضاء لجنة الاستثمار والتنمية النيابية خلال العام الماضي، معرباً عن تفاؤله بأن تكون هذه الاتفاقية فاتحة خير لإنجازات الهيئة للعام الحالي الذي خططنا ونعمل لأن يشهد انطلاق مشاريع إسكانية بطاقات مختلفة لمحدودي ومتوسطي الدخل في بغداد والمحافظات .
*مجلس الاقتصاد يفتح ملف مشروع بسماية
وفي نهاية أغسطس الماضي، عقد المجلس الوزاري للاقتصاد، جلسة جديدة شهد مناقشة جملة من المشاريع من بينها مشروع بسماية السكني في العاصمة بغداد.
وترأس الجلسة وزير الخارجية فؤاد حسين، وفق بيان للوزارة، بحضور وزراء التخطيط والمالية والتجارة والصناعة والزراعة والعمل، فضلاً عن الأمين العام لمجلس الوزراء، ورئيس هيئة الاستثمار ورئيس هيئة الأوراق المالية، إلى جانب مستشاري رئيس الحكومة لشؤون الاقتصاد.
وقال البيان، إنّ "المجلس الفقرات المدرجة على جدول أعماله وأتخذ القرارات المناسبة بشأنها، واستضاف وزير الإعمار والإسكان والبلديات العامة ورئيس ديوان الرقابة الاتحادي ومُحافظ نينوى ووكيل وزارة التخطيط، لدراسة المعوقات التي تعترض إكمال المشاريع الخدمية المهمة كمشروع مجاري الفلوجة والشطرة ونفق سنحاريب في مُحافظة نينوى".
وقرر المجلس، بحسب البيان، "استكمال إنجاز تلك المشاريع المهمة بأسرع وقت ممكن وحل جميع الإشكالات التي تعترض تنفيذها".
كما أشار البيان، إلى أنّ "المجلس استمع إلى شرح قدّمه رئيس ديوان الرقابة حول المشاكل التي تعترض إكمال مشروع بسماية السكني، بصفته رئيسًا للجنة المشكلة من المجلس لدراسة واقع ذلك المشروع والتي تضم في عضويتها رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار والمُستشار القانونيّ لرئيس الوزراء وعددًا من المديرين العامين".