مشروع قانون معلق على رفوف البرلمان.. هل ينتهي الابتزاز ويُنصَف المسعفون المتطوعون؟
انفوبلس/..
منذ سنوات ويسعى مجلس النواب العراقي لتشريع قانون "حماية المُسعِف"، فعلى الرغم من طرح مشروع هذا القانون في البرلمان قبل أكثر من عام، لكنه لم يعرض للقراءة حتى الآن، كونه مازال أمام أنظار اللجنة القانونية النيابية لتدقيقه.
ولا يكاد هناك أحد يختلف على أهمية هذا القانون، لاسيما بعد عزوف الكثيرين عن إغاثة وإسعاف من يحتاج للمساعدة لاسيما أولئك الذين يتعرضون لحوادث، والسبب هي الإجراءات القانونية التي تكبّل المساعد الذي يصبح أيضا عرضة لـ"الكوامة" العشائرية.
*طرح رسمي لمشروع القانون
في أيار 2019، أكد النائب (آنذاك) حازم الخالدي، تقديم مشروع قانون حماية المسعف التطوعي الى رئاسة مجلس النواب، لغرض تشريعه أو دمج فقراته مع مشروع قانون المرور الذي يعمل البرلمان على تشريعه خلال تلك الفترة.
وقال الخالدي، في بيان "قدمنا مشروع قانون حماية المسعف التطوعي لرئاسة البرلمان لعدم وجود نصوص قانونية تحمي المسعفين التطوعيين مما أدى الى وقوع الكثير من الضحايا نتيجة لعدم إسعافهم"، مبيناً "أهمية مشروع قانون حماية المسعف لما له من أثر كبير في حماية المواطن الذي يقدم المساعدة للأشخاص الذين تعرضوا لإصابات باختلاف حوادث حصولها".
وشدد، على "ضرورة الإسراع بتشريع القانون لابتعاد المجتمع عن تقديم هذه الخدمة بسبب الملاحقة والاتهام الذي يتعرض له المسعف قانونياً وعشائرياً".
وبحسب الخالدي، فإن "قانون المسعف التطوعي يُعد من القوانين المهمة والتي ينبغي تشريعها للمساهمة في زيادة التعاون وحماية المسعف التطوعي من المساءلة القانونية والعشائرية، خاصة وأن الكثير من حالات الوفيات التي تحصل من الحوادث العامة سببها ابتعاد الناس عن المساعدة وتقديم يد العون للمحتاجين خشية المساءلة".
*بنود المسودة
جاء في المادة الأولى من قانون حماية المسعف التطوعي (المستجيبين للحالات الطارئة والإنسانية)، إنه يقصد بالمصطلحات التالية لأغراض هذا القانون المعاني المبينة إزاؤها :
أولاً: المسعف التطوعي: كل شخص يقدم مساعدة طبية أولية لأي شخص أو عدة أشخاص في حالة خطرة أو تعرض لحادث أو كارثة قد تودي بحياته، بغض النظر عن النتيجة التي تحققت.
المنقذ: كل شخص قدم خدمة أو مساعدة إنسانية إلى شخص أو عدة أشخاص بأن قام بنقله إلى مستشفى نتيجة إصابته أو تعرضه لأي حادث أو كارثة وترتب على ذلك إنقاذ حياته أو التقليل من حالات الوفاة جراء ذلك.
المخبر: كل شخص يبلغ عن حادثة أو جريمة وقعت أمامه أو علم بوقوعها، ارتكبها شخص أو أكثر.
المادة ٢
يهدف هذا القانون إلى تحقيق الأهداف الآتية:
1 - توفير الحماية القانونية لكل شخص يقدم مساعدة إنسانية إلى أي شخص من أجل إنقاذ
حياته.
2 - منع المطالبات العشائرية التي تواجه المسعف التطوعي أو المنقذ.
3-الحد من تزايد حالات الامتناع عن الإغاثة وتقديم المساعدة لكل من يحتاج ذلك.
4-إلزام المؤسسات الصحية بمعالجة المصاب وإسعافه حال وصوله دون انتظار الإبلاغ عن الحادث لجهة الضبط القضائي.
المادة 3
لا يُسأل جزائياً كل شخص يقوم بإسعاف الشخص أو إنقاذه ونقله الى أقرب مستشفى أو مستوصف صحي، بمعزل عن النتيجة المتحققة.
المادة 4
يعاقب بالسجن المؤقت كل شخص يهدد أو يلوح أو يشرع باتخاذ الإجراءات العشائرية ضد المسعف التطوعي أو المنقذ.
المادة 5
أولاً: يُعد ظرفاً مخففاً كل من ارتكب الجريمة محل الإسعاف أو الإنقاذ وقدم المساعدة الإنسانية إلى المجنى عليه وترتب عليها إنقاذ حياته.
ثانياً: يُعد ظرفاً مشدداً إذا أثبت التحقيق القضائي لاحقاً أن المسعف التطوعي أو المنقذ تعمد إخبار السلطات المختصة كذباً بشان ارتكابه الجريمة أو الحادث محل المساعدة.
المادة 6
يُضاف البند (۳) إلى المادة (٤٧) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (۲۳) لسنة ١٩٧١ كالآتي:
٥- لا يجوز حجز أو توقيف أي مخبر عن جريمة أو حادثة أو منقذ قام بإسعاف المجنى عليه أو نقله الى أقرب مؤسسة صحية. ويقوم عضو الضبط القضائي أو ضابط التحقيق بتدوين أقوال المسعف والمخبر الضرورية المتعلقة بتفاصيل الحادث.
المادة 5
يُلغى البند (۲) من المادة (۳۷۰) من قانون العقوبات رقم (١١١) لسنة ١٩٦٩
المادة 8
يتولى وزير الداخلية ووزير الصحة وبالتنسيق مع رئيس مجلس القضاء الأعلى إصدار التعليمات اللازمة لتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون.
وجاء في الأسباب الموجبة، أنه "لغرض توفير الحماية القانونية لكل من يقوم بإسعاف أو إنقاذ شخص معرض الى الخطر أو الموت، ولغرض تشجيع المبادرة الإنسانية في التقليل من حالات الإحجام والامتناع عن تقديم المساعدة الإنسانية خوفاً من الملاحقات القانونية والعشائرية".
*موافقة على التشريع
في عام 2021، قال النائب أمير كامل المعموري في بيان، إن "موافقة مجلس النواب حصلت على تشريع قانون حماية المسعف والمنقذ التطوعي، وهذا القانون يساهم على تشجيع الجميع لنقل المصاب دون مساءلة قانونية".
وأضاف، إن "أهم فقرات هذا القانون هي:
١- يُسجن لمدة تصل ٧ سنوات كل من هدد مسعفا أو منقذا ومن ضمن التهديدات (الگوامة العشائرية).
٢- من يعمل حادث أو جريمة وينقل المصاب يعتبر ظرفا مخففا يقلل من العقوبة.
٣- لا يجوز توقيف المسعف أو المنقذ أو المخبر وإنما تُدوَّن أقواله فقط.
٤- يكافئ المسعف أو المنقذ إذا كان موظفا فيُضاف له قِدَم يصل إلى ٣ أشهر، وإذا لم يكن موظفا تُقدم له تسهيلات في وسائل النقل والسفر تصدر بتعليمات".
*مطالب بالإسراع
من جهتها، طالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، مجلس النواب، بالإسراع بإقرار قانون حماية المسعف بما يضمن حماية المسعفين وإنقاذ المواطنين وتقليل عدد وفيات حوادث السيارات، خاصة وأن الكثير من المسعفين يعزفون عن تقديم العون خوفاً من الملاحقة القانونية والعشائرية.
*ضرورة ملحّة
رئيس شبكة "فعل" المدنية العراقية الحقوقي عبد الحسن الخفاجي يرى أن هناك ضرورة ملحّة لتشريع قانون يحمي المسعف، وضرورة القيام بأنشطة مكثفة للضغط على المشرع للتعجيل بإقرار القانون.
ويقول الخفاجي، إن "أهمية تشريع القانون تأتي نظرا لكثرة الحوادث المرورية والعرضية التي يذهب ضحيتها مئات الآلاف سنويا، وكون حق الحياة من الحقوق الأساسية التي نصّت عليها الأديان السماوية والمواثيق الدولية والدستور العراقي".
ويوضح الخفاجي، إن "كثيرا من حالات الوفاة تحدث نتيجة لعدم نقل المصاب إلى المستشفيات لتلقي الإسعافات الأولية والعلاج من قبل المواطنين، خوفاً من تحملهم المسؤولية القانونية والعشائرية بسبب عدم وجود قانون يوفر الحماية اللازمة لهم، ولابد من تشريع قانون حماية المسعف التطوعي والإسراع بإقراره من قبل مجلس النواب ليكون نافذا".
وعلى الرغم من وجود تشريعات نافذة تعالج قضية حماية المسعف في المادة (370) من قانون العقوبات العراقي، وكذلك المادة (111) وقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (24) لسنة 1997 المتعلقة بالمسعف، إلا أنها لا توفر الحماية القانونية والعشائرية اللازمة للمسعف، بحسب المهتمين بالشأن القانوني.
ويواصل شيوخ العشائر في بغداد ومحافظات أخرى إعلانهم نبذ ظاهرة عدم مساعدة المصابين أو الإبلاغ عن الحوادث، لما تكبد المجتمع من خسائر بسبب هذه الحالة التي تحولت إلى ظاهرة.