معمل أسمنت كركوك وقصة استثماره التي لا تنتهي.. موظفوه يطالبون بإرجاعه للحكومة المحلية والأهالي "منزعجين" من التلوث البيئي
انفوبلس/ تقرير
لاتزال قضية استثمار معمل أسمنت كركوك، تُفتح بين الحين والآخر منذ أكثر من عقد تقريباً وسط مطالبات وتظاهرات مستمرة من قبل الموظفين الدائميين والأجور والعقود بإلغاء الاستثمار في المعمل، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على هذه القصة التي طالت كثيراً.
يعود تاريخ إنشاء معمل أسمنت كركوك التابع الى الشركة العامة للأسمنت العراقية ـ وزارة الصناعة والمعادن الى ثمانينيات القرن الماضي وبدء الإنتاج فيه سنة 1984 من قبل شركة كاواساكي اليابانية.
*القصة الاستثمار في معمل أسمنت كركوك
معمل أسمنت كركوك التابع الى الشركة العامة للأسمنت العراقية مُحال بعقد تأهيل وتشغيل حسب قانون الشركات الى شركة أسمنت كركوك المحدودة مديرها المفوض لوتس شتاخه ألماني الجنسية وشُركائه شركة الشرق الأوسط وشركة صلاح الدين وحسب العقد الموقَّع.
وبحسب الشركة العامة للأسمنت العراقية إحدى تشكيلات وزارة الصناعة والمعادن، فإن معمل أسمنت كركوك أحد معامل الشركة المستثمرة وفق عقود المشاركة، وأنه يعمل حالياً بخط إنتاجي واحد، ومن المؤمَّل تشغيل الخط الثاني في المستقبل القريب ضمن خطط إدارة الشركة، والعقد المبرم مع الشريك المستثمر، للوصول إلى الطاقات الإنتاجية المستهدفة.
وينتج المعمل، الأسمنت العادي والمقاوم المطابق للمواصفة القياسية العراقية، وعلامة الجودة العراقية الممنوحة من الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، إضافةً إلى مطابقة إنتاجه للمواصفة القياسية ISO 9001:2015, وفق شهادة الجودة الدولية الممنوحة من شركة VEXIL، بحسب الشركة، التي أكدت أن المعمل حقق إنتاجاً بلغ (٧٢٣٣٨) طناً شهرياً.
يذكر أنه في عام 2016، كشفت الشركة العامة للأسمنت العراقية إحدى شركات وزارة الصناعة والمعادن عن إحالة معمل أسمنت كركوك التابع لها الى الاستثمار. وقال مدير عام الشركة رئيس جمعية مُصنِّعي الأسمنت ناصر إدريس المدني في تصريح حينها، إنه قد تم توقيع عقد استثماري مع شركة آهاكي الألمانية لتأهيل وتشغيل معمل أسمنت كركوك والوصول بطاقاته الإنتاجية الى 90% من طاقته التصميمية وتسميته بشركة كركوك المحدودة.
ومنذ إحالته الى الاستثمار، تتجدد بين الحين والآخر تظاهرات من قبل موظفي معمل أسمنت كركوك البالغ عددهم قرابة 700 شخص، تطالب وزارة الصناعة والمعادن بالتدخل لفض العقد الذي أضرَّ بجميع الموظفين والعاملين.
كما أنه بين الحين والآخر يخرج العشرات من المزارعين والعمال والقاطنين في القرى المحيطة لمعمل أسمنت كركوك وهم من سكنة ناحية- ليلان التابعة الى محافظة كركوك، استنكارا على التلوث البيئي بسبب الدخان المنبعث منه والذي يتسبب بتلويث أجواء الناحية وينعكس على صحة الأهالي والحقول الزراعية والمواشي والأغنام نتيجة الانبعاثات الغازية والأتربة الثقيلة.
ويقول عاملون في المعمل لـ"انفوبلس"، إنه "تم تحويل المعمل الى استثمار يُشرف صاحبه على جميع الموظفين الدائميين والأجور والعقود، كما أن هناك عقد شراكة في المعمل يحق للمستثمر الإشراف بشكل كامل على المعمل، حيث إن عمّال وموظفي المعمل لم يسلموا كذلك من التلوث البيئي الذي حدث في الآونة الأخيرة"، مشيرين الى أن "هناك تقارير عديدة أصدرتها جهات رسمية منها دائرة حماية البيئة والدفاع المدني في كركوك، عن الحالات المتضررة فيه، والتي تصل الى إصابات عديدة في الأمراض والاضطرابات الصحية بين العمال والمزارعين".
وأضافوا، إن المستثمر عندما بدأ العمل جلب معه كادره المتخصص وزجَّهم في المعمل والبالغ عددهم عشرات العمال والإداريين من العقود، وهم بلا حماية قانونية لكونهم غير مشمولين بقانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، ويعملون في بيئة عمل غير سليمة وغير صحية وأصبح الموظفون الدائميون تحت سيطرة المستثمر، بموجب عقد الشراكة بين وزارة الصناعة والمعادن والمستثمر، أي إن المستثمر يقوم بدفع رواتب ومستحقات الموظفين الدائمين ومنها العلاوة والترفيع.
هذا وناشد عمال المعمل الجهات المعنية للتعبير عن معاناتهم متمنين أن تصل أصواتهم، إذ يحمّلون الوزارة المسؤولية التامة لمتابعة شروط وظروف العمل في الشركات والمعامل التابعة لها. وكما دعوا الجهات المعنية للالتفات لحل مشكلة التلوث التي أصبحت خطرا حقيقيا يهدد المجتمع وأرواح الناس من الموظفين والمزارعين في المنطقة.
وتفتقر غالبية المصانع والمنشآت في مختلف القطاعات الإنتاجية في العراق إلى وسائل الحفاظ على البيئة، والتي أدت بدورها الى الكثير من الانعكاسات الخطيرة على البيئة وصحة المواطنين بسبب الانبعاثات الغازية والأدخنة وغيرها من الملوثات، ويستمر هذا الحال دون اكتراث من قبل الجهات المعنية.
*مطالبات بزيارة معمل أسمنت كركوك
وبحسب تدوينات عبر الفيسبوك، رصدتها شبكة "انفوبلس"، دعا موظفو المعمل، مدير عام الشركة العامة للأسمنت العراقية حيدر هادي، لزيارة معمل أسمنت كركوك، لغرض الاطلاع على واقع حال استثمار المعمل والى أين وصلت مراحل تأهيل المعمل ومتى إنجاز وتأهيل كلا الخطين الإنتاجيين.
*ابتزاز ومحاولات اغتيالات
في عام 2018، كشفت شركة أسمنت كركوك، عن قيام مدير عام الأسمنت العراقية حسين الخفاجي السابق، بـ"ابتزاز" المقاولين والمستثمرين والمتعهدين، فيما اتهمته بتسلم "رشوة" قدرها 25 ألف دولار من أصل 100 ألف دولار من قبلها.
وبحسب وكيل المدير المفوض بشركة أسمنت كركوك اريان عصام خلال مؤتمر صحافي عقده آنذاك، أنه "بعد تقديمنا شكوى الى وزير الصناعة السابق محمد شياع السوداني بشأن ذلك وجه بإحالته للتحقيق والذي أُدين باستلام رشوة وابتزاز شركتنا والضغط عليها بطرق غير مشروعة"، مبينا أنه "بعد إدلائنا بإفادتنا مع الشهود أرسل الخفاجي مليشيات مسلحة تابعة له لاغتيالي في الزعفرانية إلا أنها باءت بالفشل".
وأضاف، أن "هناك دعوى جزائية بحق الخفاجي لدى محكمة تحقيق الكرادة"، مشيرا الى أنه "أجبرنا على دفع مبالغ مالية كمصاريف له ولعائلته داخل وخارج العراق تمثل مصاريف سفر وتنقل وطعام وفنادق وعلاج".
وفي السنة نفسها، أعلنت شركة "أسمنت كركوك" المستثمرة لمعمل أسمنت كركوك، أن الوكيل المعزول لمديرها المفوض السابق طاهر حمه صالح لا يمثلها، مشيرة الى أنه مطلوب للجهات القضائية بتهمة سرقة أسلحة وتزوير في المستندات.
كما بتأريخ الـ22 من شباط 2018، قامت مجموعة باقتحام معمل أسمنت كركوك وطرد الموظفين وإهانة المهندسين والموجودين، بحسب وثيقة اطلعت عليها شبكة "انفوبلس".