مع حلول ذكرى استشهاده.. انفوبلس تعيد تجميع أجزاء الانفجار المروع الذي استهدف السيد محمد باقر الحكيم.. الزرقاوي فخخ والد زوجته وتورط غامض للكويت بالجريمة
انفوبلس..
عشرون عاماً مضت على استشهاد السيد محمد باقر الحكيم (قدس) في النجف الأشرف عقب استهدافه بسيارة مفخخة في الأول من شهر رجب المصادف 29/8/2003 بعملية كارثية خطط لها الإرهابي المقبور أبو مصعب الزرقاوي ومعاونه الكويتي محسن الفضلي، وقد نفذها والد زوجته الأردني ياسين جراد، وبمناسبة حلول الذكرى تعيد شبكة "انفوبلس" تجميع أجزاء الاستهداف المروع الذي راح ضحيته السيد الحكيم و86 عراقياً كانوا يلتفّون حوله عقب خروجهم من صلاة الجمعة بمرقد أمير المؤمنين (عليه السلام).
تساؤلات وشك غير منطقي
لطالما تم التساؤل بحذر عن الجهة التي وقفت وراء اغتيال السيد الحكيم خصوصاً وأن العراقيين في وقتها لم يعرفوا بشكل جيد بعد التنظيمات الإرهابية كالقاعدة والتوحيد والجهاد، كما أن الحكومات المتعاقبة لم تصدر تقارير مهمة أو واضحة حول العملية الإرهابية تلك.
وعبر الأعوام استذكر العراقيون مراراً استشهاد السيد محمد باقر الحكيم وكان المجلس الأعلى الإسلامي قد اختار التاريخ الهجري لهذه الذكرى كمناسبة سنوية لها.
الشك بالجهة التي استهدفت السيد الحكيم ومعه 86 عراقيا بريئا ليس منطقيا، فقد تم استهداف الأمم المتحدة بانفجار راح ضحيته سيرجيو دي ميللو ورفاقه قبله بعشرة أيام وأعلن الزرقاوي مسؤوليته عن الكارثة.
يشار إلى أن "الشك" بتورط القاعدة بعملية الاغتيال جاء بسبب وجود أطراف داخلية وخارجية انشغلت بعد الحادثة بكيل الاتهامات لعشرات الجهات أغلبها كانت ولا تزال حليفة ومقربة من بيت السيد الحكيم، وقد وصل الأمر ببعضهم إلى اتهام شقيق الشهيد السيد المرحوم عبد العزيز الحكيم باغتيال شقيقه.
شخصيات بارزة بعملية الاغتيال
وبالعموم تتفق المدوَّنات على أن شخص يدعى "محسن الفضلي" هو المسؤول عن تنظيم اغتيال الحكيم وتمويله، وهناك اعترافات لمعتقلين كبار في قاعدة الزرقاوي تم التحقيق معهم في كردستان العراق وفي السجون الأمريكية حصرا (لم تشترك الحكومة العراقية في التحقيق معهم) تشير الى أن التنفيذ تم بواسطة رجل أردني كبير في السن اسمه "ياسين جراد" وقد أدار العملية في النجف نجل الانتحاري واسمه "محمد ياسين جراد" الذي وجّه والده الى الموت.
ومما يلفت النظر في موضوع محسن الفضلي أنه كان يرتبط بعلاقة وثيقة مع "الشيخ عذبي بن فهد الأحمد الجابر الصباح" رئيس جهاز أمن الدولة الكويتي والذي قُتل والده على يد علي حسن المجيد عام 1990، كما يشار الى أن الشيخ عذبي هذا قد اتُهم سابقا بدخول العراق عام 2003 وقيادته حملة للتخريب ثأراً لوالده.
تفاصيل دقيقة
في عام 2005 وبعد القبض على عدد من مساعدي الزرقاوي، كشفت وسائل إعلام صحفية نقلا عن مصادر رفضت الكشف عن أسمائها تفاصيل عملية اغتيال السيد الحكيم، وذكرت أن والد الزوجة الثانية للإرهابي الأردني الناشط في العراق أبو مصعب الزرقاوي نفذ تفجيرا انتحاريا في مدينة النجف أدى الى استشهاد عشرات الأشخاص المدنيين الذين كانوا قد غادروا للتو مسجد الإمام علي (عليه السلام) بعد أدائهم صلاة الجمعة، وكان من بين الضحايا آية الله السيد محمد باقر الحكيم الذي كان من الشخصيات البارزة في حركة المعارضة لنظام صدام حسين.
وحصد ذلك الهجوم الانتحاري الذي حدث في نهاية أغسطس (آب) 2003 أرواح ما يزيد على 85 شخصا. وقد نُفذ التفجير بسيارة إسعاف محمَّلة بمواد متفجرة كان يقودها ياسين جراد والد الزوجة الثانية للزرقاوي.
وحسب المصادر فإن جراد تسلل مع ولده محمد الى العراق قبل أسابيع عدة من موعد التفجير، من مدينة الزرقاء الأردنية حيث وُلد الزرقاوي، وظهرت تفاصيل تفجير النجف خلال التحقيقات مع ثلاثة من كبار مساعدي الزرقاوي ممن ألقت القوات العراقية والأميركية القبض عليهم.
محسن الفضلي
رحلة طويلة خاضها القيادي الكويتي في تنظيم القاعدة، محسن الفضلي، قادته من عائلته الشيعية إلى صفوف التنظيم المتشدد ومنه إلى عمليات أمنية في منطقة الخليج وإيران وصولا إلى سوريا التي شكل فيها "شبكة خراسان" التي تم استهدافها في سوريا عام 2014 وقُتل على إثرها الفضلي.
يذكر موقع "السكينة" الذي يعمل بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية من أجل التصدي لـ"الأفكار المتشددة"، أن الفضلي هو أخطر وأهم عنصر كويتي في تنظيم القاعدة، وارتبط اسمه كثيرا بأحداث التفجير والمواجهات الأمنية داخل الكويت وخارجها.
ويعتقد أن الفضلي على صلة بمواجهات وقعت قرب الحدود السعودية، إلى جانب التورط بتجنيد الأحداث للعراق، وقضايا أخرى خارج الكويت مثل محاولة تدمير المدمرة كول على ساحل اليمن، وهو على قوائم المطلوبين للسعودية منذ عام 2005، وهو كذلك من بين المطلوبين للولايات المتحدة، وقد ورد اسمه في خطاب للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، حيث عدّه من بين أبرز الإرهابيين الذين تلاحقهم واشنطن في العالم.
وبرز اسم محسن الفضلي للمرة الأولى عام 2000 عندما ألقت السلطات الأمنية الكويتية القبض عليه بتهمة محاولة تفجير مؤتمر التجارة العالمي الذي عُقد في العاصمة القطرية الدوحة بمشاركة إسرائيلية، حيث تمت تبرئته من هذه التهمة، بينما قضت المحكمة بإدانة متهمين آخرين، كذلك قضت محكمة التمييز الكويتية ببراءته من قضية تفجير سفينة بعد إدانته بمحاكم الدرجات الدنيا، ومن ثم ورد اسمه بقضايا على صلة بمحاولات اغتيال لشخصيات عراقية، علما أن الفضلي هو "السُني الوحيد في عائلته الشيعية" وفقا لما أكده موقع "السكينة".
أما صحيفة "الشرق الأوسط" فأشارت إلى أن الفضلي متهم بتمويل عمليات عسكرية في العراق، من أبرزها عملية اغتيال السيد محمد باقر الحكيم بسيارة مفخخة في النجف في أغسطس/ آب 2003، وعملية اغتيال عز الدين سليم، رئيس مجلس الحكم الانتقالي في مايو/ أيار 2004، بسيارة مفخخة في المنطقة الخضراء ببغداد.
وفي عام 2008، وردت معلومات حول فرار الفضلي من الكويت إلى إيران - عن طريق البحر على الأغلب – حيث تزعم شبكة القاعدة فيها، وتولى مساعدته للسعودي عادل راضي الحربي، ويعتقد أن الفضلي تولى من إيران تمويل القاعدة والإشراف على عمليات انتقال العديد من المقاتلين من باكستان إلى أوروبا وأمريكا وسوريا عبر إيران وتركيا.
وأوردت بعض التقارير أنه فرَّ إلى إيران وسارع إلى مغادرتها، ثم التحق بسوريا بعد اندلاع أحداث مارس/ آذار 2011. ويرى البعض أن الفضلي انضم إلى جبهة النصرة.
عذبي الصباح
مصادر مطلعة كشفت عن وجود علاقة وثيقة غير معلنة جمعت بين الإرهابي الكويتي محسن الفضلي، مع الشيخ عذبي بن فهد الأحمد الجابر الصباح (أحد أفراد العائلة المالكة الكويتية) والذي قُتل والده على يد علي حسن المجيد عام 1990.
وبحسب المصادر فإن تلك العلاقة هي التي مكّنت الفضلي من التحرك بحرية نسبية داخل الكويت وهي التي سهلت خروجه منها، وتشير إلى أن عذبي الصباح استخدم الفضلي لتنفيذ مخططات وأجندة انتقامية ضد العراق كتلك التي نفذها الصباح بنفسه فور سقوط نظام صدام حسين في نيسان 2003.
مليشيات كويتية في بغداد
عالم الآثار العراقي الدكتور أبو الصوف، كتب حول كارثة تدمير ونهب المتحف الوطني عقب سقوط بغداد، وذكر: إن قضية نهب المتحف العراقي عند دخول قوات الاحتلال الى العراق استوقفتني كثيرا، ذلك وإن كان بعض من فئات الشعب العراقي الذين ليس لديهم قيم أو حضارة أو معرفة أو ثقافة، هؤلاء الذين كانوا يسكنون على أطراف المدن العراقية لن يهاجموا المتحف العراقي، لأنه ساد لدينا اعتقاد أو كنا مطمئنين الى أن القوات الأمريكية لن تسمح لهم بذلك، وكنا نعتقد كذلك أن العراقيين على مختلف فئاتهم ومستوياتهم لا يمكن أن يدمروا هذا المتحف الذي يشكل تاريخهم ومعين حضارتهم القديمة التي امتدت عبر آلاف السنين بهذا الشكل الهمجي الذي حصل.
وأضاف: لكن الأمر حدث على خلاف ما كنا نتوقعه، فقد ذكر لي أحد الشباب المتطوعين لحراسة المتحف، أن القوات الأمريكية عندما وصلت الى المتحف بسرية من الدبابات، ذهب الى الضابط المسؤول عن هذه السرية طالبا منه حماية المتحف من المجموعات الغوغائية التي بدأت تقترب من المتحف، فقال له الضابط بكل صلافة، نحن لم نأتِ لنكون شرطة لحماية العراق نحن جئنا محاربين. وكان يكفي أن تقف دبابة واحدة على مدخل المتحف لتمنع كل هذا الذي جرى تحت سمع وبصر قوات الاحتلال.
وتابع: والواقع أن الرأي الذي استقر عليه فكري وصدقته الأحداث فيما بعد، أن عملية نهب المتحف كانت مؤامرة كويتية. ربما جاءت هذه المؤامرة كرد فعل لما حصل للمتحف الكويتي إبان أحداث الكويت، حيث قام فريق من العراقيين آنذاك بالدخول الى المتحف الكويتي وأخذ بعض الكسر الفخارية التي ليست لها قيمة ونقلها الى العراق. وقد أُعيدت هذه القطع جميعها الى الكويت عن طريق اليونسكو. لقد جاءت بتصوري عملية نهب المتحف العراقي على خلفية هذا الحدث.
وأتم: وهذا ما أكده لي أحد الشيوخ من جنوب العراق الذي كان عضوا في المجلس الوطني، أن شاباً كويتياً كان والده أميراً قُتل في أحداث الكويت (في إشارة إلى عذبي فهد الأحمد الصباح)، أحضر معه 25 مليون دولار وقد استخدم هذا المبلغ في تخريب العراق وفي عمليات النهب والسلب والفوضى التي أعقبت دخول القوات الأمريكية وسقوط النظام.