مقابر جماعية جديدة في الانبار تنسف كذبة "المغيبين".. هكذا سفك داعش دماء الأبرياء وهؤلاء من حوّلوا القاتل إلى ضحية
انفوبلس/ تقارير
مجددا، ظهر ما ينسف كذبة المغيبين، فالمقابر الأربع التي اكتُشفت مؤخرا في الانبار لأبرياء سفكت قوى الظلام دماءهم، أطلقت جدلا واسعا بشأن الإصرار على أن المختفين عام 2014 هم "مغيبون" على أيدي القوات الأمنية العراقية. وهكذا استمر العويل والصراخ حتى كُشفت الحقائق وكُشف من كان يصرّ على تحويل القاتل إلى ضحية وسط استفهامات كبيرة حول فشل المؤسسات الحكومية بفتح المقابر المكتشفة.
*اكتشاف 4 مقابر جماعية في الانبار
يوم أمس، تم اكتشاف 4 مقابر جماعية في محافظة الأنبار تعود إلى حقبة اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي المحافظة بين عامي 2014 و2016، وما أعقب ذلك من عمليات عسكرية للقوات العراقية لاستعادة السيطرة عليها.
وعلى الرغم من طي صفحة المعارك والمواجهات المباشرة منذ أكثر من 7 سنوات، لم ينته بعد مسلسل المقابر الجماعية، ففي وقت ما زال آلاف العراقيين مفقودين في الموصل والأنبار وغيرها، تعلن الحكومة بين فترة وأخرى العثور على مقابر جماعية جديدة.
*ضحايا قُتلوا على يد داعش
ووفقاً لرئيس "مؤسسة الشهداء"، عبد الإله النائلي، فإن "الفريق الفني المختص بمجال البحث والتحري عن المقابر الجماعية كشف 4 مواقع لمقابر جماعية تعود إلى ضحايا قُتلوا على يد داعش"، مبيناً في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية، أمس الأحد، أن "ثلاث من المقابر تقع في منطقة الطاش، والأخرى في منطقة الزراعة بقضاء الرمادي".
وأكد، أن "المواقع قد تعرّضت للنبش مسبقاً من الأهالي الذين فقدوا ذويهم"، مبيناً أن "تنسيقاً سيكون لنا مع دائرة شؤون الألغام، لأن المقابر تضم مخلفات حربية لأجل معالجتها، وسيتم إدخال المقابر في قاعدة بيانات المؤسسة وإدراجها ضمن الخطط السنوية للفتح والتنقيب وتحديد هويات الضحايا".
*إهمال وفساد
من جهته، أكد مسؤول محلي في محافظة الأنبار، أن "المحافظة تضم عدداً غير قليل من المقابر الجماعية، وهي تحتاج إلى جهد حكومي للكشف عنها وتحديد هويات أصحابها".
وأضاف المسؤول، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن "هناك تقصيراً حكومياً واضحاً في متابعة الملف بمحافظة الأنبار تحديداً من دون غيرها من المحافظات الأخرى، كون بعض القائمين عليها يصرّون على أن المختطفين هم مغيبون على يد القوات الأمنية ويمتنعون عن فتح المقابر الجماعية التي تسبب بها داعش كونها ستكشف عكس ما يقولون.
*عدم فتح المقابر
ووُجِّهت إلى الحكومات العراقية المتتابعة بعد العام 2014 انتقادات كثيرة من ذوي الضحايا، ومن منظمات معنية بحقوق الإنسان، بسبب إهمال الملف، وعدم السعي لفتح المقابر وتحديد هويات الضحايا، رغم المناشدات الكثيرة التي أطلقها ذووهم.
ويضم العراق أكثر من 200 مقبرة جماعية، أغلبها في مدينة الموصل، وقد تمكنت السلطات من فتح نحو نصف تلك المقابر التي يعود بعضها إلى صفحة الإرهاب وجرائم "داعش".
*فشل المؤسسات الحكومية بفتح المقابر.. الأسباب والمسببات
لا تُقدِّم السلطات العراقية رقماً محدداً لعدد المقابر الجماعية التي خلّفتها سنوات العنف والإرهاب على البلاد. لكن بالعادة يتفق مسؤولون عراقيون على أن المُكتشف منها أقل من الواقع.
عدة جهات عراقية رسمية في ملف فتح المقابر الجماعية التي يتم العثور عليها بين وقت وآخر في مناطق واسعة من البلاد، أبرزها "مؤسسة الشهداء" ووزارتا الصحة والداخلية ومجلس القضاء، من خلال لجنة مشتركة بين هذه الجهات، تتولى عملية فتح المقابر واستخراج الرفات والتحقق من هويات القتلى، وكذلك العمل على معرفة الجهة المتورطة بالجريمة.وتواجه السلطات العراقية اتهامات عديدة في موضوع المقابر الجماعية، أبرزها التعامل سياسياً مع الملف، حيث تماطل منذ أكثر من 4 سنوات بفتح مقابر جماعية عُثر عليها في مناطق لم يصل إليها تنظيم "داعش".
*كذبة المغيبين
لقد فنَّدت عمليات الكشف المتواصلة لضحايا قُتلوا على يد داعش الإرهابي، كذبة المغيبين في الانبار، حيث يصرّ البعض على وجود المئات من المغيبين لكنهم يصمتون عندما يعثرون عليهم في مقابر داعش الجماعية بعد أن كانوا يدَّعون بأن القوات الأمنية العراقي هي مَن قتلتهم أو خطفتهم.
وبين الحين والآخر، ولأسباب سياسية بحتة يتم فتح ملف "المغيبين" وتعلو الأصوات التي تخصه في وسائل الإعلام والأروقة السياسية، تارة لتمرير أجندات معينة، وتارة أخرى لتحقيق مكتسبات شعبية أو انتخابية.
وبحسب ادعاءات جهات سياسية فإن هنالك الآلاف من أبناء المحافظات التي سقطت في قبضة داعش بعد عام 2014 قد تعرضوا للاختطاف والتغييب بواسطة القوات الأمنية العراقية، كما يحاول المدعون في كل مرة تناول الموضوع بأبعاد طائفية ما يجعله ملفاً حساساً يستوجب الحسم من قبل الجهات المختصة وتفويت الفرصة على الألسن الطائفية ومنع بث سمومها في المجتمع العراقي الذي قاتل أفراد طوائفه الإرهاب جنباً إلى جنب حتى تحرير آخر شبر من أرض العراق.
*الحلبوسي مَن افتعلها
مع نهاية عام 2022 تفجرت موجة غضب وإحباط شعبي وسياسي في العراق إزاء تصريحات رئيس مجلس النواب آنذاك محمد الحلبوسي، أن عشرات الآلاف من المغيبين هم في عداد المغدورين (أي القتلى) وذلك بعد سنوات من التكتم الرسمي عن مصير أولئك المغيبين وأماكن وجودهم والجهات المسؤولة عن خطفهم وقتلهم، فجاء هذا التصريح ليقضي على آخر الآمال بالعثور على أولئك المغيبين (إن وُجدوا)، أحياء.
منذ تصريحات الحلبوسي المذكورة والتي أجّجت الشارع، لم يتطرق رئيس البرلمان المخلوع بعدها لغاية اليوم لهذا الموضوع مرة أخرى، ما يؤكد رأي العديد من المحللين السياسيين الذين أكدوا أنها مجرد تصريحات سياسية هدفها الابتزاز وتحقيق مكتسبات شعبية بواسطة رجل يعتقد أنه زعيم السنة في العراق، كما أنها لا تستند على أية وقائع أو أدلة ومخالفة تماماً لجميع نتائج التحقيقات واللجان المشكلة حكومياً والتي تحتوي على شخصيات شيعية وسنية وجهات تشريعية وتنفيذية وعسكرية ومدنية ومنظمات حقوقية وغيرها.
*تناقض في الأرقام
بدءاً من 700 وصولاً إلى مليون شخص، هي الأرقام التي يتم تداولها في وسائل الإعلام وتصريحات السياسيين للحديث عن المغيبين، وهي، بحسب مراقبين، نقطة كافية بحد ذاتها لاستشعار التزييف في هذا الملف.
*العبادي يفجرها: شكَّلنا لجانا ولم نعثر على مغيبين
أما رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، والذي شهدت فترة رئاسته للحكومة معارك التحرير (2014-2018) تحدث خلال لقاء تلفزيوني، عُرض يوم السبت الماضي، حول ملف المغيبين، وذكر أنه خلال فترة حكومته شكّل العديد من اللجان ومنحها جميع الصلاحيات والتعليمات للبحث في أي منطقة وبدون إنذار عن معتقلات أو مقابر، ولكن جميع هذه اللجان لم تعثر على شيء.
وأضاف، أنه بخصوص بعض التقارير والفيديوهات التي نشرتها جهات معينة حول المغيبين اتضح فيما بعد أنها ليست في العراق ولكن في سوريا.
ولفت إلى أن هنالك تفاوتا غير طبيعي في الأرقام وخصوصاً في محافظة الأنبار، وكشف أن مع دخول عصابات داعش، حدثت أفعال انتقامية بين بعض الجماعات التي تمتلك خلافات فيما بينها في المناطق التي سيطرت عليها العصابات الإجرامية، الأمر الذي تسبب بعمليات إجرامية راح ضحيتها العديد من أبناء تلك المناطق وأصبح مصيرهم مجهولا حتى الآن.