مقابل مجمع سكني بـ80 مليون دولار.. تهجير سكان قرية في أم قصر لتنفيذ اتفاق ترسيم مع الكويت عمره 10 سنوات
انفوبلس..
منذ عدة أيام، تدور في مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن "بيع أم قصر للكويت"، وهو "ترند" وصل ذروته خلال الـ24 ساعة الأخيرة حيث نشر أغلب الناشطين في مختلف مواقع التوصل الاجتماعي عن القضية كما حدثت العديد من المشادات "الإلكترونية" بين مدوّنين عراقيين ومدوّنين كويتيين، فما هي حقيقة الأمر؟ وعلى ماذا استندت موجة الغضب الشعبي؟ وما هي خطوات ترسيم الحدود بين البلدين التي بدأت قبل 10 سنوات؟
شبكة "انفوبلس" تستعرض ملف مدينة أم قصر في محافظة البصرة جنوبي العراق والإشكاليات الحدودية المتراكمة منذ عقود بين العراق والكويت.
قرار مجلس الأمن
في عام 1993 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم (833) والذي قضى بترسيم الحدود بين العراق والكويت، والممتدة بطول نحو (216 كم)، وأدى تطبيق القرار بشكل جزئي في عهد النظام السابق إلى استقطاع مساحات واسعة من الأراضي العراقية وضمها إلى الأراضي الكويتية، وشمل أراضي في ناحية سفوان ومنطقة في أم قصر أصبحت منذ منتصف التسعينيات بأكملها ضمن حدود الكويت.
اتفاق 2013
وفي (28 ايار 2013) وقّع كل من العراق والكويت مذكرتي تفاهم تتعلقان بترتيبات صيانة التعيين المادي للحدود المشتركة وتمويل مشروع إنشاء مجمع سكني في أم قصر، فيما أبدى الجانب الكويتي حينها استعداده لمساعدة العراق للخروج من أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت في (26 من أيار2013)، عن توقيع وزير الخارجية هوشيار زيباري مع مارتن كوبلر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة يونامي في العراق، على اتفاق تسليم مبلغ التعويضات المقررة من قبل مجلس الأمن بموجب قراره المرقم 899 لعام 1994 لتعويض المزارعين العراقيين الذين تأثرت مزارعهم نتيجة ترسيم الحدود بين العراق والكويت خلال المدة بين عامي 1991- 1994"، وبينت الخارجية في حينها: ستتبع ذلك قريباً خطوة أخرى لبناء مدينة سكنية حديثة في أم قصر لإسكان العوائل العراقية التي تضررت للسبب نفسه.
وأعلن مجلس الوزراء العراقي، في (7 نيسان 2013)، عن تعويض متضرري قرار ترسيم الحدود مع الكويت في محافظة البصرة بـ240 مليون دينار عراقي، تُصرف من موازنة الطوارئ للعام الحالي 2013.
وفي (7 آذار 2013)، عُقِد لقاء جمع قوات حرس الحدود العراقية والكويتية، بلجنة من الأمم المتحدة لدراسة تنفيذ اتفاقات جرت بين حكومتي البلدين لترسيم جديد للحدود بينهما، وجرى الحديث حينها عن وجود 250 منزلاً يسكنها عراقيون في أم قصر ستُخلى من سكانها وتتحول الأراضي الواقعة عليها إلى السيادة الكويتية بحسب تلك الاتفاقات، فيما أعربت حكومة البصرة المحلية عن امتعاضها من إجبار العراق على التخلي عن أراضيه.
وأعلنت الكويت في ذلك العام أن الاتفاق بين البلدين يقضي بأن تخصص الكويت 80 مليون دولار لتمويل مشروع بناء مجمع سكني بدلا من المنازل الموجودة في منطقة أم قصر بقرب الخط الحدودي بين البلدين بهدف تسهيل صيانة العلامات الحدودية.
موقف البرلمان العراقي
لجنة العلاقات الخارجية النيابية دعت، أمس الثلاثاء، وزارة الخارجية، إلى إيضاح ما تم الاتفاق عليه مع الجانب الكويتي والتريّث بتنفيذ "أي قرار يضر بمصلحة العراق".
وقال عضو اللجنة كريم عليوي المحمداوي في بيان: ندعو وزير الخارجية العراقي إلى إيضاح ما تم الاتفاق عليه مع الجانب الكويتي خلال زيارته الى بغداد بخصوص الأراضي العراقية في أم قصر حتى يطَّلع الشعب العراقي ومجلس النواب على كامل التفاصيل والتريث بتنفيذ أي قرار يضر بمصلحة الوطن".
وقال المحمداوي: "نطالب وزارة الخارجية بإرسال جميع القرارات ومحاضر اللجان المشكَّلة سابقا وحاليا مع الجانب الكويتي والدولي للاطلاع عليها وإعادة مراجعتها بما يخدم مصلحة الوطن ولم نقبل بالتنازل عن شبر واحد من أرض العراق".
وأضاف، "يجب ألا يكون الشعب ضحية قرارات ظالمة صدرت بحق العراق بعد غزو الكويت جرى تنفيذها في عهد الحكومات السابقة وتسببت باقتطاع أجزاء مهمة من البلاد حيث هناك عدة قرارات تحتاج الى مراجعة من مجلس النواب وتصويت على قرارات تحفظ أرض العراق وثرواته بالإضافة إلى قرارات مهمة من الحكومة للتريث بتنفيذ أي قرار يضر في البلد ومحاسبة كل من تسبب بالإضرار بمصالح العراق وشعبه، وعلى الحكومة ووزارة الخارجية أن تعي خطورة ذلك".
رأي قانوني
الخبير القانوني حبيب عبد علّق بشأن موافقة العراق على ترسيم الحدود الدولية مع الكويت، وقال عبد في تدوينة: "وافق العراق على ترسيم الحدود الدولية بينه وبين الكويت بالقرار 833 لسنة 1993 الذي صدّق على محاضر اللجنة الدولية لتثبيت الحدود بناءً على قرارات سابقة عقبت احتلال الكويت ابتداءً بالقرار 660 يوم 2 آب 1990 وما تلاها وحفظت نسخ من المحاضر لدى مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة والدول ذات العلاقة، ومن ضمنها الحدود البرية والبحرية وأم قصر كانت من ضمنها فيما يتعلق بالقاعدة العسكرية في المدينة".
وأضاف، "الكويت مارست ضغطاً هائلاً على العراق في هذا الموضوع كون العراق كان بلا حليف ولا صديق فكل القرارات التي صدرت من مجلس الأمن كانت بالإجماع باستثناء اعتراض (اليمن وكوبا) وامتناع دول قليلة مثل الصين، وبعد 2003 تمت إزالة الدعامات عند دخول القوات الامريكية للعراق ولم تعود الى مكانها السابق ودخلت الكويت بالعمق العراقي".
وتابع، "فيما يتعلق بخور عبد الله كان الاتفاق على المناصفة وكان المفروض أن يكون على خط التالوك وهو أعمق نقطة".
ولفت إلى أن "العنجهية والغباء لدى السلطات العراقية منذ الملك غازي وعبد الكريم ونهايةً بصدام جعلت دولة مثل الكويت تتجاوز على العراق بحماية بريطانيا وأمريكا وكان بالإمكان الحصول على جزيرة بوبيان وكامل خور عبد الله وجزيرة وربة كجزء عراقي مقابل الاعتراف بسيادة الكويت في وقتها كون الكويت كانت تستجدي الاعتراف العراقي باستقلالها".
وبين، أن "الكويت أخذت حقوقها بقوة القانون الدولي وقوة حلفائها (بريطانيا وأمريكا) وهذه المواضيع يجب أن تبتعد عن المزايدات والانتخابات والشائعات والمنافسات الحزبية ".
وأشار إلى أنه "عموما قضايا الحدود والترسيم التي فيها قرارات من مجلس الأمن تحتاج صبر ومراوغة وتطبيق نظرية كيسنجر، التي مضمونها (يجب ألا يحصل المفاوض من السياسي والدبلوماسي الحاذق غير الوعود بالمشاورة والدراسة)".
الإعلان العراقي لترسيم الحدود
يوم الأحد الماضي، أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين تشكيل لجنة عليا لإعادة ترسيم الحدود مع الكويت، في حين أكد التنسيق بين الجانبين على حماية الصيادين العراقيين، ومواصلة الحوار بشأن الملف النفطي والحقول المشتركة بين البلدين.
وقال حسين في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره الكويتي سالم عبدالله الجابر الصباح الذي زار العاصمة بغداد، إن هذه الزيارة هي الأولى له منذ توليه منصبه، واصفا الزيارة بالتاريخية.
وأضاف: "تطرقنا إلى قضايا مهمة تتعلق بالعلاقات الثنائية بين الطرفين"، مشيرا إلى أن الوفد العراقي الذي اجتمع مع الوفد الزائر، ضمَّ كُلاً من: رئيس الحكومة المحلية في محافظة البصرة أسعد العيداني، وأيضا ممثلا عن وزارة النقل، وممثلا عن وزارة النفط.
كما أشار حسين إلى، التطرق للمشاكل العالقة بين البلدين، وكيفية حماية العلاقات الجيدة بين العراق والكويت، وتطويرها بمجالات مختلفة.
وبالنسبة للوضع في محافظة البصرة وعلاقاتها مع الكويت قال حسين: تحدثنا عن المجمع السكني في أم قصر، وهذه المسألة وصلت الى نهايتها، وتحدثنا عن المستشفى الجراحي في البصرة، وكان للكويت والمجتمع الكويتي دور مهم في بنائه.
ونوه إلى تباحث الوفدين العراقي والكويتي، بشأن عملية تسهيل الزيارات بين الجانبين، وخاصة علاقات أهالي البصرة مع الكويت، بالإضافة الى هذه النقاط تم الطرق إلى ملف الأسرى والمفقودين، والإجراءات المتخذة في هذا المجال لغاية الآن، وحل هذه المشكلة الوصول الى نهايتها.
وزير الخارجية العراقي قال إن: القضية الأخرى التي تم التباحث حولها هي ترسيم الحدود بين البلدين، وكان هناك نقاش مستفيض، وتم التطرق للآراء بين الطرفين، مؤكدا إقرار استمرار المناقشات حول هذه المسألة وستكون هناك لجنة عليا من قبل وزارة الخارجية العراقية مع الكويت ستشرف على أعمال اللجان الفرعية الأخرى، وتم التأكيد على إنهاء ملف الحدود.
ولفت حسين إلى التباحث حول كيفية التعاون والتنسيق بين خفر السواحل الكويتية والعراقية، وحماية الصيادين في تلك المنطقة.
وعن تهريب المخدرات في الحدود بين البلدين، ذكر الوزير، بأن هناك هجمة على المجتمع العراقي والكويتي، وبشأن مكافحة المخدرات ومحاربة التجارة بها، والقضاء على العصابات التي تروج لها، قررنا أن نستمر في العمل المشترك للسيطرة على هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد البلدين.
وبين حسين أن الملف النفطي والحقول المشتركة كان أيضا جزءا من المباحثات المشتركة بين الوفدين، مؤكدا مواصلة المباحثات للوصول الى اتفاقات مشتركة حول هذا الملف.
من جهته قال الصباح خلال المؤتمر، إنه أجرى مباحثات مثمرة للغاية، وعقدنا العزم على العمل سوية لتطوير العلاقات والدفع بها إلى الأمام، مؤكدا أنه سيجري لقاءات في وقت لاحق مع الرئاسات العراقية الثلاث.
وعن الحوارات بين الوفدين قال الصباح: "كان هناك توافق كامل في وجهات النظر للقضايا العالقة وعلى رأسها ترسيم الحدود، بحثنا عدة مواضيع من بينها قضية الصيادين ومواضيع عديدة لها تأثير على العلاقات بين البلدين، وكان هناك تطابق في وجهات النظر بجميع المسائل العالقة بين العراق والكويت"، مردفا بالقول: قررنا فتح ملحقية تجارية في القنصلية الكويتية في البصرة.
محافظ البصرة يكسر صمته
رد محافظ البصرة، أسعد العيداني، أمس الثلاثاء، على تصريحات وزير الخارجية الكويتي عن تسليم منازل في أم قصر جنوبي المحافظة الى بلاده.
وأحدث تصريح لوزير خارجية الكويت سالم عبدالله الجابر الصباح، الذي قال فيها عما وصفه بـ"الوعود التي أطلقها محافظ البصرة بشأن إزالة منازل عراقيين في أم قصر وتسليم مناطقها للكويت"، أحدثت ضجّة في الأوساط الرسمية والشعبية.
وقال العيداني تعليقاً على الاتهامات ضده: "قضية ميناء أم قصر وترسيم الحدود سُوِّقت سياسياً، وترسيم الحدود مع الكويت وأم قصر أصبحت من ضمن الدعاية الانتخابية المُبكرة".
واتهمَ "نواباً يشوهون الحقيقة حول بيع العراق أراضي عراقية إلى الكويت،" لافتا الى أن "العراق والكويت اتفقا في 2013 على بناء منازل خاصة للعوائل العراقية الساكنة على الحدود".
وبين، أن "محافظة البصرة جهّزت المنازل المتاخمة للحدود العراقية الكويتية بالماء والكهرباء"، متهماً جهات سياسية سعت الى تسقيطه من أجل السباق الانتخابي، بحسب تعبيره.
كما اتهم العيداني "قائد المنطقة الرابعة السابق بالسعي لاستثمار ملف أم قصر انتخابياً" موضحا أن "محافظة البصرة لا تمتلك صلاحية ترسيم الحدود مع الكويت" مشدداً على أنه "لن تذهب أي ذرّة تراب من الحدود العراقية إلى الكويت".
وقال: "الشارع المُحاذي للحدود العراقية الكويتية عراقي 100%، ومن يقودون الحملة ضدي حول بيع أراضٍ عراقية الى الكويت لا يدركون الملف الحدودي مطلقاً".
ولفت محافظ البصرة الى أن "الكويت شيّدت 99 منزلاً على أراضٍ عراقية وستوزَّع للعوائل التي تسكن على الحدود، ورئيس الوزراء كلفني وفق القانون بتوزيع المساكن الى العوائل العراقية الساكنة على الحدود".
وأكد أن "العوائل العراقية الساكنة على الحدود الكويتية استلمت جميع المنازل ولم تسكنها حتى الآن" منوها الى أن "معارضي صدام حسين بيّضوا صورته من خلال تشويه ملف بيع أراضٍ عراقية الى الكويت" على حد قوله.
ودعا العيداني "لجنة من البرلمان العراقي لزيارة الدعامة 106 المتاخمة للحدود العراقية الكويتية والاطلاع عليها".