ملف الحج في العراق مغلّف بالفساد.. حصص المواطنين "المنهوبة" توزع على الساسة والقادة!
السفارة السعودية شجعت على ذلك
ملف الحج في العراق مغلّف بالفساد.. حصص المواطنين "المنهوبة" توزع على الساسة والقادة!
انفوبلس/..
حتى ملف الحج لم يسلم من الفساد في العراق، فالحصص المخصصة لبلاد الرافدين لا تذهب إلى مستحقيها إلا بنسب قليلة، والأغلب منها توزع إلى السياسيين وأقربائهم ومن لفَّ لفهم على حساب المستحقين، أما السفارة السعودية لدى بغداد فربما هي من شجعت على ذلك كونها كانت تُهدي المقاعد إلى القيادات السياسية.
*متى يبدأ التفويج؟
يوم أمس، حددت وزارة النقل الثامن عشر من شهر أيار، موعدا لانطلاق رحلات تفويج الحجاج إلى الديار المقدسة، بينما أعلنت إبرامها أكثر من اتفاقية لتفعيل حركة النقل الجوي مع المملكة العربية السعودية.
وقال مدير المكتب الإعلامي بالوزارة ميثم الصافي: إن "الخطوط الجوية العراقية تُعد الناقل الحصري للحجاج، وتم تزويد عدد من الطائرات الواسعة البدن لتغطية خطوط النقل الجوي إلى المملكة العربية السعودية، وستشهد تلك الرحلات إضافة طائرات ذات بدن واسع للعمل على تغطية عمليات تفويج الحجاج لهذا العام"، لافتا إلى أن "أولى رحلات موسم الحج للعام الحالي 2024 ستنطلق في الرابع عشر من شهر أيار الجاري، وستكون مخصصة لنقل البعثة الخاصة بهيئة الحج والعمرة، بينما ستنطلق رحلات تسيير الحجاج باتجاه المدينة المنورة وجدة في الثامن عشر من الشهر ذاته".
وأضاف، أن "هناك حاجة ملحة من الجانبين العراقي والسعودي لزيادة عدد الرحلات بين البلدين الشقيقين، وقد شهد شهر شباط الماضي زيادة في عدد الرحلات، إذ وصلت عمليات التفويج إلى أكثر من (65) ألف مُعتمر إلى مطاري جدة والمدينة المنورة"، مشيرا إلى أن "إحدى شركات الطيران السعودية تقدمت بطلب يتضمن توفير ثلاث رحلات أسبوعية ابتداء من شهر حزيران لهذا العام، وتحديدا في أيام السبت والثلاثاء والخميس، وقد تمت الموافقة على هذا الطلب وأعلنت الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية العراقية جاهزيتها لاستقبال الرحلات وفق الطاقة الاستيعابية وجداول الرحلات المخصصة في جميع المطارات، وقد تم إبرام عدة اتفاقيات خاصة بالرحلات بين سلطتي الطيران السعودية والعراقية".
وتابع الصافي، أن "هناك خططا مستقبلية لزيادة الوجهات والرحلات الجوية بين الجانبين العراقي والسعودي، لتسيير رحلات متبادلة بين الدمام وبغداد، وهناك رحلات إلى محافظة النجف الأشرف، بواقع (10) رحلات أسبوعيا في أوقات الذروة، ومن (5 - 6) في الأوقات العادية، أما رحلات الرياض فهناك كتاب وارد إلى الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية من وزارة الخارجية العراقية، تؤكد فيه ضرورة دراسة الجدوى لإعادة تفعيل خط (الرياض - بغداد) بواقع ( 5 - 6) رحلات، كما طرح هذا الموضوع أثناء مشاركة العراق في المؤتمر الخاص بالشؤون البحرية، وتحديداً في مؤتمر الاستدامة البحرية المعلن عنه في جدة".
*حج مغلف بالفساد
ولا توزع حصص مقاعد الحج بشكل عادل في العراق، فالكثير من هذه المقاعد يذهب إلى غير المستحقين والذين يكونون غالبيتهم من الطبقة السياسية الحالية، بل أن الأدهى هو الكشف عن قيام هؤلاء الساسة ببيع مقاعدهم مقابل بآلاف الدولارات.
ويدور حديث في الشارع العراقي عن قيام بعض السياسيين ممن يحصلون على ما يسمى "فيزا" (تأشيرة) أو حج المجاملة ببيع حصصهم إلى من يرغب بالحج دون اللجوء إلى القرعة بمبلغ يقارب ثلاثة آلاف دولار شامل جميع متطلبات الحج ومنها النقل بالطائرات وسكن الفنادق والخدمات الأخرى.
وانتقد الكثير من العراقيين ذهاب هؤلاء السياسيين والنواب لاسيما الفاسدين منهم لأداء مناسك الحج، وقالوا إن الأولوية تتمثل في خفض أجور النقل بالنسبة للحج، وتوفير فرص أكثر للمسنين، والعمل على خدمة المواطن.
وتعلن بعض شركات السياحة أو مكاتب رحلات الحج في العراق عن عروض لما يعرف بتأشيرة المجاملة عبر مواقعها على فيسبوك، بمبالغ محددة لقاء خدمات متكاملة، لكنها لن تفصح عن كيفية الحصول عليها.
وفي هذا السياق، يؤكد متعهد حج، لم يفصح عن هويته، أن "مكاتب رحلات الحج ومكاتب السياحة يشترون فيزا الحج ممن يحصلون عليها من النواب أو المسؤولين بمبلغ ما بين ألفين إلى 2500 دولار، ويبيعونها إلى المواطنين ممن لم تظهر أسماؤهم بقرعة الحج أو يؤجلون إلى سنوات أخرى بمبلغ ثلاثة آلاف دولار أو أكثر أحيانا، وذلك للضمان والسرعة، وهناك إقبال عليها من الميسورين".
*مقاعد من الساسة لأبناء عشيرتهم
في عام 2019، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي عن قيام أحد أعضاء كتلة سائرون التابعة للتيار الصدري، بتقديم طلب للسفير السعودي لدى العراق، من أجل الحصول على 200 مقعد إضافي لأبناء عشيرته.
لكن النائب عن التحالف سلام الشمري، نفى تقديمه طلبا إلى السفير السعودي في العراق (آنذاك) عبد العزيز الشمري، من اجل الحصول على (200) مقعد حج اضافي لأبناء عشيرته.
وقال الشمري في بيان إن "ما تداولته البعض من وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، بشأن الطلب المقدم إلى السفير السعودي في العراق للحصول على (200) مقعد حج (لقبيلة شمر)، غير صحيح، ومزور".
وأتهم النائب "بعض الجهات السياسية بتلفيق هذا الكتاب بهدف التسقيط السياسي والنيل منه".
وفي العام نفسه، أعلن السفير السعودي لدى العراق، عبد العزيز بن خالد الشمري، تخصيص 100 مقعد للقضاة من العراقيين الراغبين بأداء الحج.
وذكر المركز الإعلامي لمجلس القضاء في بيان، أن "رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان أستقبل في مكتبه اليوم، سفير المملكة العربية السعودية عبد العزيز بن خالد الشمري في بغداد رفقة القنصل في السفارة بدر القرني".
وأوضح البيان، أن "السفير قدم الدعوة الموجهة من وزير العدل في المملكة الى رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي فائق زيدان لزيارة المملكة العربية السعودية".
واضاف أن "السفير السعودي قدم موافقة المملكة على تخصيص (100) مقعد لمجلس القضاء الاعلى بغية فسح المجال للقضاة لإداء مناسك الحج".
واشار الى أن "الجانبين بحثا التعاون بين البلدين في المجال القضائي والقانوني".
*تقرير للنزاهة
في 26 تشرين الثاني 2023، دعت هيئة النزاهة الاتحاديَّة إلى قيام الهيئة العليا للحج والعمرة إلى التنسيق مع سلطة الطيران المدني لإشراك ناقلٍ آخر للحجاج؛ لتقليل مُدَّة التفويج العكسي لعودة الحجاج من الديار المُقدسة.
دائرة الوقاية في الهيئة حثَّت، في تقريرٍ أعدَّته عن نتائج مُتابعتها وتقييمها أعمال بعثة الحج العراقيَّة ولجانها العاملة ميدانياً لموسم الحج الماضي (1444هـ -2023م)، وزارة النقل على إلزام الشركة العامَّة لنقل المسافرين والوفود إلى تطوير أسطولها؛ بغية إشراكه في مواسم الحج، فضلاً عن ضرورة التزام شركة الخطوط الجويَّة العراقيَّة بمواعيد السفر، بعد أن تمَّ رصد عدم انتظام مواعيد رحلاتها، وسوء تعامل بعض مُوظَّفيها مع الحجاج.
وأوصت الدائرة، في تقريرٍ مرسلةٍ نسخةٍ منه إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء والأمانة العامَّة لمجلس الوزراء ولجنة الشؤون الدينيَّة في مجلس النوَّاب والهيئة العليا للحج والعمرة ووزير الخارجيَّة، بفتح باب التقديم للحج وإجراء القرعة سنوياً، والتعاقد مع الفنادق المُتوسّطة لتقديم الخدمات للحجاج بشكلٍ أفضل، وعدم التعاقد مع الفنادق التي أُشِّرَتْ عليها مُلاحظات حول خدماتها الرديئة، إضافةً إلى إلزام مُتعهِّد نقل الأمتعة بتهيئة الأماكن المُناسبة لحفظها.
التقرير أكَّد إعادة النظر والدقة في آلية عمل لجنة فحص الاستطاعة للحجاج، على أن تكون هناك لجنة مركزيَّة في كلّ مُحافظةٍ تتألف من أعضاءٍ من خارج المحافظة، مُشدِّداً على ضرورة توفير اللقاحات وزيادة المراكز الصحيَّة المُخصَّصة لإعطائها، وتوفير الأجهزة والمُستلزمات الضروريَّة للبعثة الطبيَّة ومفارزها في الفنادق في مكة والمدينة، مُشدّداً على أهميَّة وضع معايير مهنيَّةٍ لاختيار البعثة الطبيّة وزيادة أعضائها، منبِّهاً لعدم تواجد المفارز الطبيَّة في عددٍ من الفنادق في مشعر منى، فضلاً عن المُستلزمات الطبيَّة التي تأخَّر وصولها من بغداد.
واقترح اتخاذ الجهات القطاعيَّة التي تعمل في المنافذ الحدوديَّة للإجراءات الكفيلة لمُساندة الهيئة العليا للحج والعمرة في تسهيل إنجاز معاملات الحجاج في منفذ عرعر الحدوديّ، فضلاً عن قيام مُحافظتي كربلاء والأنبار بصيانة الطريق البري الرابط مع المُنفذ، وإنشاء أماكن استراحةٍ نظاميَّةٍ، مشيراً الى معاناة الطريق من التكسُّرات والتخسُّفات وافتقاره للخدمات ومحطات التزوُّد بالوقود ومحطات استراحةٍ نظاميَّةٍ.
وبخصوص نتائج الاستطلاع الذي نفَّذه فريق عمل الهيئة في الديار وشمل عيّنةً من (1420) حاجاً يمثلون 4% من مجموع الحجاج، فقد أظهر أن (79,7%) منهم أبدوا رضاهم عن الإجراءات والخدمات المُقدَّمة، فيما أشار ( 80,2% ) إلى قناعتهم بجودة السكن في المدينة المنورة و(87,8%) في مكة المكرَّمة، وصرَّح (73,3%) من الحجاج بأنَّ مستوى الخدمات الطبيَّة المُقدَّمة كان جيّداً، وأبلغ (45,9%) من المُستطلعة آراؤهم أنَّ الكلفة الماليَّة للحجّ كانت عاليةً، فيما رأى (45%) أنَّ الكلفة مناسبة.
وأشار إلى أن بعثة الحج العراقيَّة حصلت على المرتبة الأولى من بين (72) دولة شاركت في موسم الحجّ (1444هـ - 2023م) من حيث التنظيم والتفويج والخدمات والمُتابعة، فضلاً عن المرتبة الأولى كأفضل بعثةٍ انتهت من الاستعداد المسبق لموسم الحج، لكن بالرغم من ذلك تمَّ تأشير عددٍ من المُلاحظات، منها عدم تمكُّن الهيئة العليا للحج والعمرة من اتخاذ إجراءات فسخ العقد مع مُتعهّد الإطعام السعوديّ بعد تعرُّض عددٍ من الحجاج إلى تسمُّمٍ ومغصٍ معويٍّ؛ بسبب ذروة موسم الحج، كما أنَّ المُتعهّد يقدم الوجبات الغذائيَّة لـ (12,000) حاج، ومن المُتعذّر تأمين تلك الوجبات؛ لضيق الوقت.
وشخَّص التقرير انعدام أي دورٍ لأسطول حافلات الشركة العامَّة لنقل المسافرين والوفود في نقل الحجاج، وافتقار حافلات نقل حجاج البر المستأجرة من القطاع الخاص للمقاعد المريحة والحمامات، فضلاً عن قلة المرشدات بحيث تمَّ تخصيص مرشدة واحدةٍ لكل أربع قوافل، وبخصوص "حج المجاملة" الذي تمنحه السعوديَّـة لوزراء ونوَّاب وشخصيَّات، فليس للهيئة أيّ دورٍ فيه؛ بسبب تحويل المسار الإلكتروني لحجاج المجاملة على بعض شركات الحج والعمرة في القطاع الخاص، باستثناء عددٍ محدودٍ تمَّ إصدار تأشيرات حجٍّ لهم، وإضافتهم إلى المسار الإلكترونيّ للهيئة لتقديم الخدمات لهم.