من واجهة للسياحة إلى واجهة "للخراب".. فنادق العراق تَئِن: أرقام وإحصائيات رسمية عن تدهورها
انفوبلس/ تقرير
تُشير الكثير من الأرقام والمراكز المختصّة العراقية إلى تدهور القطاع السياحي في العراق ما يؤثر سلباً على نسب إشغال الفنادق في عموم المحافظات العراقية، التي وُصِفت في الآونة الأخيرة بأنها أصبحت ملاذاُ للأعمال غير الأخلاقية بالتحديد في إقليم كردستان، بعدما كانت مقراً للاحتلال الأمريكي في عام 2003 والقنوات الفضائية.
وبلُغة الأرقام فقد بلغت نسبة إشغال الفنادق الخمس نجوم في العاصمة بغداد خلال العام الماضي 2022 ما معدّله 22% فقط، في بلد يُعد من أبرز البلدان التي تمتلك مختلف المقومات السياحية بجميع أنواعها الدينية والحضارية والجغرافية وما يتعلق بها من مناظر طبيعية.
في هذا السياق، أصدر المركز العراقي الاقتصادي السياسي، برئاسة رئيسه وسام حدمل الحلو، تقريراً، كشف عن مدى تردي القطاع السياحي في العراق، فيما بيّن أن الوضع السياحي بشكل عام والقطاع الفندقي على وجه الخصوص يشهد نسبة إشغال متدنّية رغم التحسن النسبي عن العام الماضي، والنسب التشغيلية في بعض الفنادق لا توازي أجور ورواتب العاملين فيها.
وأضاف، أنّ "إهمال الحكومات المتعاقبة للقطاع السياحي وغياب الخطط الفعلية لزيادة نسبة السياح في العراق وفرض شروط شبه تعجيزية تمنع رعايا الكثير من الدول من الحصول على الفيزا العراقية تسببت بقلّة ما يدخل من عملة صعبة وتراجع إشغال الفنادق عامةً وفنادق الخمس نجوم بشكل خاص".
وأوضح الحلو، أنّ "قلّة عدد فنادق الخمس نجوم في العراق وبغداد وعدم بناء أخرى جديدة منذُ ثمانينيات القرن الماضي قلّلت الخيارات بالنسبة للراغبين بالإشغال وجعلت كثيرًا من الأجانب يقيمون في العراق لعدة أيام فقط خاصة من يأتون لمحافظات البلاد البعيدة بسبب عدم توفر فنادق مناسبة في تلك المحافظات ما يحتّم ضرورة بناء فنادق مؤهلة".
وفقاً لذلك، يمكن القول إنّ متوسط الإشغال للفنادق الخمس نجوم في العاصمة بغداد عمومًا أقل من 22%، ما يعني تم إشغال 279 غرفة من أصل 1287 غرفة، ومقارنة بإحصائية المركز للعام الماضي، فإنّ نسبة الإشغال عمومًا كانت 20.7%، أي إنها لم ترتفع إلا 1.3% فقط خلال العام 2022.
بالمقابل، فإنّ العراق الذي يمتلك أكثر من 12 ألف موقع أثري وتصل إلى 25 ألف موقع أثري غير منقّب، لم يستقطب سوى 107 آلاف سائح، بحسب أرقام كشفت عنها هيئة السياحة والآثار، ما يعني 1% فقط مما تستقطبه مصر سنويًا، بالرغم من كونه يمتلك 10 أضعاف المواقع الأثرية والسياحية مما تمتلكه مصر، بحسب الاحصائيات الرسمية.
*أعداد رسمية
وفي آخر الإحصائيات المتوفرة، الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، كشف عن زيادة أعداد الفنادق في العراق خلال عام 2019 لتصل الى أكثر من 2280 فندقا، مبيناً أن أربيل حصلت على المرتبة الأولى في أعداد الفنادق فئة خمس نجوم.
ويقول الجهاز في تقرير إحصائي، أن "عدد الفنادق ومجمعات الإيواء السياحية في المحافظات كافة بما فيها اقليم كردستان بلغ 2282 مرفقا سياحيا لسنة 2019، بنسبة زيادة بلغت 37% مقارنة بسنة 2018 التي بلغت فيها المجمعات السياحية 1666 مرفقا سياحيا".
ويضيف، أن "محافظة كربلاء احتلت المرتبة الأولى في أعداد الفنادق وبنسبة 29%، تليها أربيل عاصمة إقليم كوردستان بنسبة 20.9%، تليها العاصمة بغداد بنسبة 16.3% ثم محافظة السليمانية بنسبة 12%، تلتها محافظة النجف بنسبة 10.9%"، مبينا أن "الفنادق الممتازة فئة خمس نجوم شكّلت نسبة 1.6% فقط تركزت في محافظة أربيل بـ11 فندقا تليها السليمانية بـ9 فنادق وبغداد 7 فنادق ودهوك 4 فنادق".
وتابعت، أن "فنادق الدرجة الأولى فئة أربع نجوم شكلت نسبة 5.5% من مجمعات السياحة فيما شكلت فنادق الدرجة الثانية ثلاث نجوم نسبة 17.9%، فيما شكلت الدرجة الثالثة فئة نجمتين نسبة 19.8 %، في حين شكلت فنادق الدرجة الرابعة فئة نجمة واحدة نسبة 24%، أما فنادق الدرجة الخامسة (شعبي) شكلت نسبة 31.2% من إجمالي عدد الفنادق".
وأشار إلى أن "عدد نزلاء الفنادق والإيواء السياحي بلغ 13 ألفا و992 نزيلا وبنسبة زيادة مقدارها 129.5% عن عام 2018"، لافتا إلى أن "بغداد احتلت المرتبة الأولى في أعداد النزلاء وبنسبة 32.2%، تليها كربلاء بنسبة 30.9%، تليها أربيل بنسبة 14.1%، تليها السليمانية بنسبة 10.4%، تليها النجف بنسبة 8.5%.
ويُعتبر العراق أحد الدول الفقيرة بعدد الفنادق وخاصة الفنادق فئة خمس نجوم، مقارنة بدول الجوار نظرا لقلّة السياح الذي ارتبط بشكل كبير بالوضع الأمني غير المستقر خلال السنوات الماضية.
*أبرز الفنادق العراقية
فندق شيراتون عشتار الذي شُيّد على موقع صغير مثلث الشكل بين شارعي أبي نؤاس والسعدون، وفندق شيراتون البصرة الذي يُعتبر أكبر وأفخم فندق في جنوب العراق، وفندق فلسطين (ميريديان سابقا) أحد فنادق شركة ميريديان الفرنسية التي تمتلك العشرات من الفنادق في أنحاء العالم ويقع في قلب العاصمة العراقية بغداد ويطل الفندق على ضفاف نهر دجلة بالقرب من شارع أبي نؤاس وساحة الفردوس، وفندق الرشيد في بغداد، وفندق بابل الذي يقع على ضفاف دجلة في منطقة الجادرية، وفندق المنصور ميليا من أوائل فنادق العاصمة العراقية بغداد، يقع على ضفاف نهر دجلة، بالقرب من جسر السنك، وفندق بغداد الدولي في بغداد، فندق مناوي باشا وفندق بصرة تايمز سكوير وفندق البصرة الدولي في البصرة وفندق أربيل روتانا وفندق فان رويال في أربيل وفندق ميسان كورميك في ميسان.
*فترة الاحتلال الأمريكي
تأثر القطاع الفندقي في العراق كثيراً خلال فترة الاحتلال الأمريكي عام 2003، حيث شهدت الفترة دمارا شاملا للمباني الحكومية الرسمية وخصوصا الفنادق التي استهدفت بشكل خاص حيث إن القنابل والصواريخ والحرائق أصرّت أن تترك توقّعات غير مرغوب فيها على جدران ما تبقى من تلك المباني، وتحول بعضها لثكنات لجنود الاحتلال الأجنبي ومقراً للقنوات الفضائية أيضاً.
*سمعة فنادق العراق وخصوصاً أربيل
أصبحت العديد من الفنادق في أربيل والمحافظات الأخرى ملاذاً للأعمال غير الأخلاقية خلال الفترة القليلة الماضية الأمر الذي ظهر علناً مراراً وتكراراً في آخر القضايا عندما أغلقت المديرية العامة لسياحة أربيل صالة (لو ميريديان) في فندق سيبان في محافظة أربيل بعد ظهور مقطع فيديوي فيه لطفل يقوم بنثر النقود على "راقصة"، الأمر الذي أثار العديد من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين الحد من هذه الظاهرة، كما أصبحت أيضا مقراً للصفقات والمؤتمرات السياسية "المشبوهة".
*تأثير خليجي 25
ويكشف مدير السياحة بالبصرة، حسين الرباعي، أن الحركة السياحية في المدينة ونسبة إشغال الفنادق الكاملة، لم تشهدهما البصرة منذ 2003، إذ سجلت الفنادق إقبالا قياسيا من الزوار وامتلأت الغرف بالكامل قبل انطلاقة بطولة كأس الخليج، معتبرا الأمر "مؤشراً إيجابياً يعكس عودة الحركة السياحية بقوة في العراق، بفضل إقبال الإخوة في دول الخليج على حضور الحدث الكروي الخليجي، وأيضا القيام بزيارات لبعض المحافظات الأخرى".
ويضيف، أن عودة الحركة السياحية بقوة بعد 20 عاما، وانطلاقا من البطولة الخليجية، سيكون له انعكاسا إيجابيا في استعادة المكانة السياحية التي كانت تعيشها مدينة البصرة، خاصة أنها تتمتع بالعديد من الخصائص الجغرافية المميزة بوقوعها على شط العرب وقربها من الدول الخليجية عبر منافذ برية، وأيضا للمنتوج السياحي المتنوع الذي تقدّمه لزوارها.