مواقع جديدة "محتملة" لجثامين شهداء "مجزرة سبايكر".. ما الذي رصدته الصور الجوية وكيف يتم تحليلها؟
انفوبلس/ تقرير
على الرغم من مرور تسع سنوات على مجزرة "سبايكر" التي ارتكبتها عصابات "داعش" الإرهابية في شهر حزيران من عام 2014، وما زالت دائرة شؤون المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء تتوقع العثور على مواقع جديدة لشهداء هذه "المذبحة"، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس" على آخر المستجدات في هذا الملف.
*رفع 1235 رفاتاً بعد فتح 17 موقعاً
ويقول مدير عام دائرة شؤون المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء ضياء كريم، إنَّ ملاكات الدائرة فتحت 17 موقعاً، رفعت من خلالها 1235 رفاتاً وسلّمتها للطب العدلي، منوهاً بأنَّ عدد المفقودين بجريمة سبايكر ما زال كبيراً، إذ وُجِد أنَّ العدد الكلي للضحايا يصل إلى أكثر من 1900 شهيد.
هناك بصيص أمل في العثور على موقعين لجثامين شهداء "مجزرة سبايكر" بناءً على تحليل الصور الجوية
ويعرب كريم، عن أمله بأن يكون هناك بصيص أمل في العثور على موقعين بناءً على تحليل الصور الجوية، مشيراً إلى أنَّ الموضوع سيتبين خلال الأشهر القليلة المقبلة، وفي حال كانت النتائج إيجابية سنصل إلى مواقع جديدة، بحسب صحيفة الصباح الرسمية.
ويضيف كريم، إنَّ الدائرة استعانت بالشرطة النهرية في محافظة صلاح الدين بعد انحسار منسوب المياه، ورفعت 66 رفاتاً بعد الوصول إليها، في حين دفنت الطبابة العسكرية بعض الجثث التي طافت على سطح المياه في مقبرة وادي السلام بمحافظة النجف الأشرف.
ويلفت إلى أنَّ الدائرة تواصلت مع الجهاز القضائي لإشراكها في عمليات كشف الدلالة، على اعتبار أنه بين مدة وأخرى يتم إلقاء القبض على بعض المتهمين في ارتكاب هذه المجزرة.
وبحسب وزارة الصحة العراقية، فقد أُعلن سابقاً عن 36 وجبة من شهداء "مجزرة سبايكر"، بعد التعرف عليهم من خلال فحص الحمض النووي الـDNA. يذكر أن دائرة الطب العدلي في وزارة الصحة، مستمرة في إجراءات الفحص والمطابقة لضحايا مجزرة سبايكر التي راح ضحيتها أكثر 1700 شهيداً.
وتوصف عملية مطابقة عينات شهداء "مجزرة سبايكر" مع عينات ذويهم، بـ"المعقدة"، حيث تحتاج إلى وقت طويل، بسبب اختلاط الرفات، في وقت ظهرت أصوات نيابية، تطالب وزارة الصحة بالإسراع في حسم هذا الموضوع وإنهاء معاناة ذوي الشهداء.
ووفق رئيس لجنة تخليد مجزرة تكريت معين الكاظمي، فإنه هناك أكثر من 500 مفقود من شهداء "مجزرة سبايكر"، وذلك خلال المحفل التأبيني بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة لفاجعة سبايكر "الأليمة"، الذي حصل في شهر حزيران الماضي 2023.
وتحتل محافظة ذي قار العدد الأكبر من الضحايا بواقع 383 ضحية، وبابل بواقع 382 ضحية، و292 ضحية من العاصمة بغداد، والديوانية بـ252 ضحية، و123 ضحية من كربلاء وديالى بواقع 119 ضحية، بالإضافة الى 99 ضحية من النجف، والمثنى بواقع 86، وواسط بـ80، فضلا عن 26 ضحية من صلاح الدين، وكركوك بواقع 17 ضحية، و16 ضحية من محافظة ميسان، و10 ضحايا من محافظة البصرة، وأربيل بواقع 8 ضحايا وضحيتين من محافظة الانبار الأقل بين المحافظات، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الصحة رصدتها شبكة "انفوبلس".
والجريمة حدثت بعد يومين من سقوط الموصل بيد الإرهابيين، وراح ضحيتها أكثر من 2000 شهيد، بعد اقتياد طلاب القوة الجوية وأفراد في الجيش من قاعدة سبايكر الجوية في صلاح الدين إلى القصور الرئاسية في تكريت، حيث قام الإرهابيون بقتلهم رمياً بالرصاص ودفنوا بعضاً منهم وهم أحياء.
وتعتبر تلك الجريمة واحدة من أسوأ أعمال القتل الجماعي خلال حقبة التنظيم الارهابي، فيما بثت مواقع إلكترونية إرهابية العديد من شرائط الفيديو التي تظهر إعدام المئات في المجزرة، حيث ظهر إرهابيو التنظيم في القاعدة العسكرية يطلقون النار على الضحايا من مسافات قريبة.
إلى ذلك، أثارت هذه المجزرة "الداعشية" سخطا وغضبا عارمَين، خصوصا أن الضحايا طلاب في كلية الطيران وعناصر أمن داخل القاعدة. فيما وأصبحت المذبحة التي وقعت في القاعدة الأمريكية السابقة، رمزًا على وحشية جماعة "داعش" التي مُنيت لاحقًا بهزيمة تاريخية في أواخر عام 2017.
وقد أثّرت المجزرة بشكل سيء في نفوس عوائل ضحايا قاعدة سبايكر الذين طالبوا بمحاكمة القادة الذين سلموا ضحايا سبايكر لتنظيم "داعش" الإرهابي، واستعادت القوات العراقية السيطرة على تكريت وما حولها عام 2015 لتكون أولى المدن الرئيسية التي تستعيدها الحكومة من قبضة "داعش".
كما تتهم لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين، عشيرة الرئيس المقبور صدام حسين بالتعاون مع تنظيم "داعش" الارهابية، في تنفيذ مجزرة قاعدة "سبايكر" في تكريت، وفقاً لوسائل إعلام محلية.
العراق يلاحق مرتكبي مجزرة "سبايكر" دوليًا
وتؤكد لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، استمرار العراق في متابعة ملف ملاحقة مرتكبي جريمة "سبايكر" في دول العالم كافة. ويقول عضو اللجنة مهدي تقي، إن "العراق خلال الفترة الماضية استطاع استعادة الكثير من الإرهابيين المتورطين بالجرائم بحق الشعب العراقي، وخاصة مرتكبي جرائم سبايكر، والعمل مستمر ومتواصل لمتابعة كل هؤلاء الإرهابيين بدول العالم كافة".
ويوضح تقي، إن "العراق له اتفاقيات أمنية مع الكثير من دول العالم وكذلك مع الشرطة الدولية، ولهذا فهو يستطيع استعادة أي إرهابي أو مطلوب من أي دول كانت"، مضيفا أن "تقوية العلاقات الخارجية للعراق ساهم بشكل كبير في الإسراع بعملية اعتقال الإرهابيين والفاسدين الهاربين الى الخارج".
وإجمالاً، أصدرت السلطات العراقية، أكثر من 400 مذكرة قبض تم التنفيذ بحق أكثر من 140 منهم، كما أصدرت أحكام إعدام بحق أكثر من 100 من المدانين بتنفيذ "مجزرة سبايكر" بين عامي 2016-2021، نُفذ قرابة 75 حكما، وفق إحصاء استند إلى إعلانات رسمية من السلطات القضائية.
ورغم فداحة جريمة "سبايكر" التي نفذها عناصر التنظيم الإرهابي، إلا أن الكثير من فصولها لم تُحسم بعد، لجهة تحديد جميع العناصر المتورطين بالمجزرة، أو محاسبة القيادات العسكرية العليا التي سمحت بوقوعها جراء إهمالهم وسوء قيادتهم، أو لجهة معرفة أجساد بعض الضحايا والعدد الدقيق لهم (يتراوح بين 1700 - 2000 شهيد)، أو حتى حصول أسر الضحايا على التعويضات التي تقرها القوانين العراقية المخصصة لهذا النوع من الضحايا.
كان مجلس النواب العراقي صوت منتصف يوليو/ تموز 2019، على قانون تعويض ضحايا سبايكر.
وتعاني قضية تعويض أُسر الضحايا حتى الآن من التلكؤ، حيث أكد رئيس لجنة تخليد مجزرة تكريت، معين الكاظمي في حزيران الماضي، على أن أكثر من 900 أسرة استُشهد أبناؤها في سبايكر، موزعين على محافظات النجف والديوانية وبابل وكربلاء، لم يتحصلوا على كامل حقوقهم التي كفلها القانون.