مواكب ومؤتمرات ومهرجانات ومسيرات.. هكذا حضرت القضية الفلسطينية في زيارة الأربعين هذا العام
انفوبلس/ تقرير
من الظواهر اللافتة في زيارة الأربعين خلال السنوات السابقة وهذه السنة على وجه الخصوص، هي حضور القضية الفلسطينية على نطاق واسع وذلك من خلال عقد المؤتمرات وإقامة المهرجانات وتنظيم المعارض فضلًا عن فعاليات ونشاطات شعبية متنوعة، تتمثل بالمواكب والهيئات الحسينية التي تحمل أسماء ذات دلالات سياسية وعقائدية ترتبط بفلسطين والقدس والمسجد الأقصى، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على دعم العراق لهذه القضية.
سُميت هذه الزيارة بالأربعين لأنها تمثل مرور أربعين يوما من استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في العاشر من المحرم سنة 61 للهجرة. كما أن هذه الزيارة توافق في يوم العشرين من صفر الخير وهو اليوم الذي ورد فيه الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري إلى المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليه السلام فكان أول من زاره من الناس.
* فلسطين حاضرة في مسيرة الأربعين
وفي هذا العام، وعلى وقع معركة "طوفان الأقصى" ومعطياتها وتداعياتها وانعكاساتها، بدا واضحًا أن القضية الفلسطينية، بإطارها العام والواسع، سجلت حضورا أكبر في مسيرة الأربعين، لتطلق هذه المناسبة العظيمة والمسيرة العالمية رسالة بالغة الأهمية، مفادها أن معركة "طوفان الأقصى" الحالية هي استمرار لمعركة "الطف" قبل ما يقارب الأربعة عشر قرنا من الزمان.
وتحت شعار "من معركة الطف إلى طوفان الأقصى: انتصار الإرادة على الطغيان"، احتضنت مدينة كربلاء المقدسة على هامش زيارة الأربعين، مؤتمر نداء الأقصى الدولي الثالث، برعاية العتبة الحسينية المقدسة، وبمشاركة عشرات العلماء والباحثين والأكاديميين والسياسيين القادمين من حوالي خمس وستين دولة عربية وأجنبية.
وشهد المؤتمر الذي استمر أربعة أيام، اعتبارًا من الثاني عشر وحتى السادس عشر من شهر آب/ أغسطس الجاري، كلمات وبحوث ومداخلات، تمحورت جميعها حول أهمية ووجوب نصرة القضية الفلسطينية، والوقوف مع الشعب الفلسطيني المظلوم، وتحشيد كل الجهود والطاقات والامكانيات لمواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، ومن يقف وراؤه ويدعمه ويسانده لمواصلة جرائمه.
ولم يقتصر الأمر على مؤتمر نداء الاقصى الدولي الثالث، بل كانت هناك فعاليات مماثلة او مشابهة، ذات طابع جماهيري او نخبوي، شهدتها مسيرة الأربعين. ومن بين تلك الفعاليات، ما تمّ في إطار موكب "نداء الاقصى" الحسيني، الذي أُنشئ قبل عدة أعوام على طريق "يا حسين" الرابط بين مدينتي النجف الاشرف وكربلاء المقدسة.
وكما هو الحال في الأعوام السابقة، فقد شارك في مراسم افتتاح الموكب، علماء دين وساسة وقيادات من محور المقاومة، وتم التأكيد على أن الطريق الوحيد لنصرة أبناء الشعب الفلسطيني، يكمن في الوحدة الإسلامية، والجهاد صفًا واحدًا في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وكذلك التأكيد على أهمية تقوية محور المقاومة في كل المواقع والميادين، ورفع مستوى التنسيق والتعاون، واستثمار كل ما هو متاح لإلحاق الهزيمة الكاملة بالكيان الغاصب.
وشهد الموكب، عقد ندوات وحلقات نقاشية، وإقامة معارض تشكيلية، وعروض للكتب والإصدارات المختلفة، التي تناولت جميعها موضوعة القضية الفلسطينية بكل أبعادها وجوانبها. وقد كان للشهيدين، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، والقيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر، حضور معنوي واعتباري كبير، فضلًا عن الكثير من القادة الشهداء، أمثال الشهيد أبو مهدي المهندس، والشهيد قاسم سليماني.
وقال رئيس اتحاد علماء بلاد الشام الشيخ عبد الله كتمتو، إنه للسنة الرابعة ينعقد هذا الموكب في هذه المنطقة. إن هذا الموكب يتواجد في خط الكرامة، هذه هي النقطة الفارقة في زمن أراد كل أعداء الإسلام وكل أعداء الجهاد وكل أعداء المقاومة ألّا يتفق أهل الإرادة التي تقف في وجه الطغيان مع بعضهم البعض.
وقال أمين سر الحملة العالمية للعودة الى فلسطين عبد الملك سكرى، إن هذا العام يختلف عن الاعوام السابقة بسبب حرب الإبادة التي يشنها العدو الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني بشكل عام وشعب غزة بشكل خاص، وهذه فرضت نفسها على العالم أجمع ولذلك اليوم أوجه الشبه أصبحت أوضح بين ما يتعرض له شعب فلسطين وما تعرض له الامام الحسين عليه السلام قبل حوالي 1400 عام من قتل وحصار وتجويع وعطش وتنكيل فهي مدرسة واحدة.
كما أن المشاركين في هذا الموكب العالمي أكدوا أن هذه الفعالية باتت جزءًا لا يتجزأ من إحيائهم للشعائر الحسينية لما تحمله من رمزية لدعم الحق والعدالة.
الى جانب ذلك، فإن مظلومية الشعب الفلسطيني لم تكن بعيدة عمّا طرحه وتحدث به خطباء المنابر والمبلغون الفاعلون على امتداد مسيرة الاربعين في كل المدن والمناطق، بدءاً من منطقة رأس البيشة في اقصى محافظة البصرة وحتى مرقد الإمام الحسين ومرقد أخيه العباس عليهم السلام في قلب كربلاء المقدسة.
وبمسيرة تضامنية لدعم الشعب الفلسطيني، انطلقت فصائل المقاومة الاسلامية وعوائل شهداء الحشد الشعبي في مدينة كربلاء المقدسة متوجهة إلى حرم الامام الحسين (ع) لتجديد البيعة والولاء والوقوف بوجه الجرائم الإبادية التي يقودها الإحتلال الصهيوني.
وقال عباس الطائي وهو مسؤول باللجنة المنظمة للمسيرة التضامنية، إن "مسيرة قادة النصر انطلقت من أمام مقام الإمام الحسين (ع) نصرة لقضية الاسلام والمسلمين، نصرة لدين الله، نصرة لقضية غزة ومظلومية غزة وإقامة بإعلان الحرب ضد الكيان الصهيوني الغاشم".
وتزينت المسيرة برفع الأعلام الفلسطينية مع صور شهداء النصر وشهداء الحشد الشعبي الذين ضحوا بأنفسهم دفاعا عن أرض الوطن والمقدسات، حيثُ أكد الجميع على مواصلة طريق الشهداء في تحرير القدس الشريف.
واستحضرت العراق ايضا ضمن فعاليات ذكرى أربعينية الامام الحسين (ع)، دعوة فصائل المقاومة الفلسطينية وأبناء المخيمات الفلسطينية في سوريا ولبنان، للمشاركة في فعاليات زيارة الأربعين. حيث قامت الوفود الفلسطينية بزيارة مرقد أمير المؤمنين الامام علي (ع) في مدينة النجف الأشرف، وزيارة مرقد الامام الحسين (ع) في مدينة كربلاء المقدسة، ومجسم لمسجد قبة الصخرة في المدينة عينها.
إضافة للمشاركة في فعاليات ثقافية (إلقاء قصائد لشعراء فلسطينيين وعراقيين)، وندوات دينية وسياسية، تستحضر ما جرى في كربلاء وربطه مع ما يجري الآن في قطاع غزة، من صمود للشعب الفلسطيني بوجه آلة الحرب الصهيونية، وتأكيد على ترابط شعوب دول وقوى محور المقاومة.
كما حضرت الوفود الفلسطينية معرضاً للصور الفوتوغرافية التي توثق الجرائم والمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني، ومعرضا للفن التشكيلي وجداريات (فنانين فلسطينيين وعراقيين ولبنانيين وسوريين)، يجسد معاناة الشعب الفلسطيني من المحتل الصهيوني.
كما ورفع العلم الفلسطيني من قبل الزائرين، وجعل العلميْن "الاسرائيلي" والاميركي وصور قادة الكيان الصهيوني تحت الأقدام.
وبحسب مراقبين تحدثوا لـشبكة "انفوبلس"، فإن القضية الفلسطينية هذا العام تجسدت بشكلٍ واسعٍ في زيارة الاربعين لتسجلَ صور التكاتف التعاضد مع ابطال غزة، وهي تستلهم من الثورة الحسينية مبادئ الوحدة والصمود ومقارعة الظالم المتمثل بجرائم امريكا والكيان الصهيوني الغاشم.
وفي 7 أكتوبر 2023 شنت حركة "حماس" عملية أسمتها "طوفان الأقصى" على مستوطنات محاذية لقطاع غزة، أسرت خلالها عشرات الإسرائيليين ردًّا على انتهاكات الاحتلال ضد الفلسطينيين.
ومنذ ذلك اليوم وبدعم أمريكي، تشن "إسرائيل" حربًا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 134 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل "إسرائيل" الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.