موظفو المالية تورطوا به وحراك لسحب الإجازة الاستثمارية.. لماذا فشل مجمع الزهور السكني؟
تعرف على المستثمر الكردي شمال عزيز إسماعيل
موظفو المالية تورطوا به وحراك لسحب الإجازة الاستثمارية.. لماذا فشل مجمع الزهور السكني؟
انفوبلس/..
"نصب واحتيال" تعرض له موظفو وزارة المالية من الذين تقدموا بطلبات شراء وحدات سكنية في مجمع الزهور الواقع في العاصمة بغداد، وسط محاولات لسحب الإجازة الاستثمارية بهذا المجمع، لاسيما أنه تسبب "بضياع أكثر من 79 مليار دينار" من أموال الشعب.
وكان رئيس هيئة استثمار بغداد قد صرّح في 27 حزيران يونيو 2014 أن شركة الحياة الجديدة المحلية، نفذت أكثر من 60 بالمئة من المجمع، مشيراً إلى أن الجزء الأكبر من المجمع خُصص لموظفي وزارة المالية والآخر للراغبين من المواطنين على وفق شروط البيع بالتقسيط.
يذكر أن المجمع الذي يقع قرب منطقة النعيرية شرقي بغداد، تبلغ كلفته 242 مليون دولار، ويُنفذ بالتعاون مع شركة تركية متخصصة، على مساحة 173 دونماً، ويضم 5124 شقة، بمساحة تتراوح بين (150- 80) م2، موزعة على (205) عمارات. ومن المقرر أن تُباع الوحدات السكنية بسعر (75) مليون دينار للشقة الواحدة، تُدفع عن طريق مصرف الرشيد، على أن يُسدد ثمنها خلال 15 سنة.
*سحب الإجازة
عضو مجلس النواب كاظم الشمري، يدعو رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الى "التدخل العاجل لرفع الضغط الذي يمارس على هيئة استثمار بغداد"، مؤكداً "دعم قرار سحب الإجازة الاستثمارية الخاصة بمجمع الزهور السكني الذي تسبب بضياع أكثر من 79 مليار دينار من أموال الشعب العراقي".
ويشير الشمري، إلى أنه "لم يتم إنجاز المشروع لغاية تاريخ اليوم حيث بلغت نسبة الإنجاز 23% فقط"، مبيناً أنه "يتم استقطاع مبالغ القروض منهم دون وجه حق حيث بلغ مجموع المبالغ التي حصل عليها المستثمر أكثر من 79 مليار دينار".
ويتابع: "هناك عملية نصب واحتيال كبيرة تعرض لها موظفو وزارة المالية وباقي شرائح المجتمع الذين تقدموا بطلبات شراء وحدات سكنية في المجمع".
ولفت إلى أن "هيئة استثمار بغداد استكملت الإجراءات القانونية كافة الخاصة بسحب الإجازة الاستثمارية والتعاون مع هيئة النزاهة".
*شركة غير رصينة
يؤكد رئيس لجنة الخدمات النيابية علي جاسم الحميداوي، أن هناك "مساحات واسعة في مناطق شرق القناة ويجب تنفيذ المشاريع وحل أزمة السكن فيها "، مشدداً على أن "بعض المشاريع مُنحت لشركات غير رصينة ومنها مجمع الزهور السكني ولدينا اجتماع في الاسبوع المقبل للحل".
*تلكؤ
وفي 2019، أوضح مكتب المفتش العام لوزارة المالية، دوره في مشروع "الزهور" السكني الاستثماري، فيما أكد وجود تلكؤ في تنفيذ وإنجاز المشروع يناهز الثماني سنوات.
وقال المكتب في بيان، إن "العقد يتعلق بمشروع استثماري بين شركة الحياة الجديدة للاستثمار وهيئة استثمار بغداد مع مصرف الرشيد بخصوص مشروع الزهور السكني الاستثماري".
وأضاف، إن "هناك تلكؤا واضحا في تنفيذ وإنجاز المشروع يناهز الثماني سنوات، حيث إن مدة إنجاز المشروع لا تتعدى 30 شهراً اعتبارا من تاريخ توقيع العقد سنة 2011".
وتابع المكتب، أنه "لم يكن طرفاً في هذا المشروع وعمل على تيسير الإجراءات، كما أن عقد المشروع قد أُبرم سنة 2011 بينما تسنّم القاضي رائد جوحي مهام عمله مفتشاً عاماً لوزارة المالية بتأريخ 21 أيار 2019".
وأكد المكتب، أنه "يعمل على اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المقصرين والوقوف على أسباب تأخير إنجاز المشروع لغاية الآن".
أما التلكؤ والتأخر بالتسليم فكانت له رواية أخرى، على لسان بعض أصحاب الشقق الذين انتظروا لسبع سنوات مرت عليهم دون استلام وحداتهم، رغم المناشدات المتكررة التي خرجوا بها للمطالبة بحقهم.
ووفقا لملحق العقد الموقع من قبل مدير مصرف الرشيد السابق محمد عبد الوهاب ومدير شركة الحياة الجديدة شمال عزيز، في العام 2015، فإنه يقضي باستلام كل بناية بعد الانتهاء منها، وتسليم 80 بالمئة من قيمتها.
من جهته، قال ممثل شركة الحياة الجديدة المنفذة لمشروع مجمع الزهور طارق وسام الهاشمي، إن "تلكؤ المشروع يتحمله مصرف الرشيد الذي يفترض به استلام الوحدات السكنية المكتملة للمجمع، بموجب الاتفاقات اللاحقة للعقد المبرم مع الحكومة، والتي وقعها أمين عام مجلس الوزراء مهدي العلاق".
وأضاف الهاشمي أن "الاتفاقات تنص على تسلم البنايات المكتملة، تمهيدا لتسليمها الى المسجلين، وأن على مصرف الرشيد تسليم 80 بالمئة من قيمة كل بناية حال اكتمالها، إلا أن مدير المصرف رشاد خضر، يرفض تسلم تلك البنايات لأسباب شخصية، ودون وجه قانوني".
لكن عمار الربيعي ـ أحد منظمي تظاهرة في المجمع ـ فنّد ذلك، بقوله، إن "الشركة المنفذة تلكأت كثيرا في هذا المشروع، بل إنها أدمنت الكذب على زبائنها الذين تورطوا بشراء وحدات سكنية فيه منذ عام 2010 وحتى الآن".
ويوضح بالقول (في تصريح سنة 2018) "كانت الشركة تتحجج بأن مصرف الرشيد الضامن المالي الرسمي لها، لم يطلق المبالغ المطلوبة لإكمال المشروع، إلا أن هذا الكلام غير صحيح، وقد تم تسليمها الدفعة المالية الأولى، وكانت مشروطة بالانتهاء من قطاع سكني كامل يشمل 6 عمارات بكامل خدماتها، ومن ثم إطلاق الدفعة المالية الأخرى، وهكذا مع كل دُفعة لاحقة، إلا أن الشركة لم تفِ بوعدها ولم تنجز سوى عمارتين من دون خدمات"، منوها "حتى لو خالف المصرف الجداول الزمنية للدفع، فهذا لا يُبيح للشركة أن تتوقف عن البناء لأنها ملزمة بوقت محدد، كما أن عليها أن تصرف من رأس مالها الذي يُفترض أن يكون كبيرا، هذا إن كانت شركة رصينة تحترم وعودها أمام زبائنها والمسؤولين الحكوميين على حد سواء، إلا أنها في الحقيقة تُعد من الشركات الناشئة التي وجدت بالصدفة، ولا تمتلك رأس مال كافٍ يضمن لها ديمومة العمل في حال تأخر الدفعات المالية، كما هو الحال مع الشركات الرصينة".
ويحمل الربيعي الشركة المنفذة "مسؤولية التلكؤ بالدرجة الأساس، بالإضافة الى أمين عام مجلس الوزراء مهدي العلاق الذي ضلل الجميع بحضوره حفل افتتاح وهمي للمشروع (في 23 نيسان أبريل 2018)".
*تظاهرات واحتجاجات
وفي أوقات سابقة، ناشد أصحاب وحدات سكنية في مجمع الزهور جنوب شرق بغداد الجهات المعنية لإكمال البنى التحتية وبقية الخدمات في المجمع، والإسراع بإكمال المشروع بعد تلكؤ دام سبع سنوات، متهمين المستثمر بتأخير إكمال البنى التحتية.
وعلى الرغم من دفع المليارات على المجمعات السكنية في العراق، لكن واقعها الخدمي يحاكي قصة أخرى، هنا داخل هذا المجمع السكني، صُدِم الأهالي بعد استلامهم لشققهم بعدم وجود أبسط الخدمات فيها، فلا ماء ولا كهرباء ولا حتى بنى تحتية تقارَن بالآمال التي عقدها المشترون على هذه الوحدات.
*المستثمر
والمستثمر في هذا المشروع هو مدير شركة الحياة الجديدة للاستثمار العقاري في كردستان، رجل الأعمال الكردي شمال عزيز إسماعيل.
في 30 نيسان الماضي، اتهم رئيس لجنة الاستثمار والتنمية النيابية حسن قاسم الخفاجي، أحد الوزراء الكرد بتأخير تنفيذ المشارع السكنية في بغداد.
وقال الخفاجي خلال لقائه ساكنِي مجمع الزهور السكني شرق بغداد، إن "أحد الوزراء الكرد يتسبب بتأخير تنفيذ المشاريع السكنية في بغداد ويمنع إحالتها الى الشركات الرصينة ويريد استثمارها من قبل الشركات الكردية فقط".
وأضاف، إن "غالبية المشاريع التي تعاني من التعثر في بغداد يقف خلفها مستثمرون أكراد مثل مجمع اليمامة السكني ومجمع المحبة السكني الأول والثاني".
وأشار إلى "تشكيل لجنة تحقيقية بحق الشركة المنفذة لمشروع مجمع الزهور السكني لتثبيت أسباب التقصير وإحالة المقصرين الى القضاء وتغيير الشركة المنفذة".