نقل مصفى الدورة إلى جرف النصر يصطدم بمعرقلات.. انفوبلس تخوض في تفاصيل الملف
بغداد توسعت والمخلفات البيئية تضر بها
نقل مصفى الدورة إلى جرف النصر يصطدم بمعرقلات.. انفوبلس تخوض في تفاصيل الملف
انفوبلس/..
يُبدي سكان العاصمة بغداد من الساكنين في منطقة الدورة والمناطق المحيطة بها، قلقاً متزايداً من الآثار البيئية والصحية التي يتسبّب بها مصفى الدورة من خلال بثّه السموم والانبعاثات، في وقت تؤكد وزارة النفط أنها تفكر جدياً بنقل المصفى إلى خارج بغداد بعد تغيّر طبيعة المنطقة إلى سكنية بامتياز، لكن ثمة معرقلات تقف أمام عملية النقل هذه مع وجود جهات تمنع هذه العملية.
وأُنشئ مصفى الدورة عام 1955، وهو من المؤسسات النفطية المهمة في العاصمة بغداد.
في بداية تأسيس المصفى وعمله في خمسينيات القرن الماضي لم تكن المنطقة المجاورة للمصفى مأهولة، لكنها تحولت تدريجياً في السنوات اللاحقة إلى منطقة سكنية، وازدادت كثافة السكان بعد العام 2003.
الآثار البيئية للمصفى التي يسبّبها الدخان والمخلّفات باتت تهدد حياة السكّان بالأمراض وغيرها ما يثير قلقهم باستمرار.
*معرقل
يؤكد متحدث وزارة النفط، عاصم جهاد، أن الوزارة تفكر بنقل المصفى إلى خارج بغداد، لكن ما كان يعطّل هذا المشروع هو الحاجة إلى الوقود المُنتج من هذا المصفى.
ويبين، أنه "الآن ومع وصول العراق إلى الاكتفاء الذاتي بعد دخول عدد من المصافي إلى مرحلة إنتاج المشتقات النفطية، من المؤمل أن يكون هناك موقع بديل لمصفى الدورة".
ويلفت إلى أنه في السابق كان موقع المصفى في منطقة غير مأهولة بالسكان وقريب من النهر لمراعاة الجوانب البيئية والصحية والسلامة العامة، أما الآن وبعد سبعة عقود من إنشاء المصفى سيكون هنالك تعامل جدي مع هذا الموضوع الذي تأجل كثيراً خلال السنوات السابقة.
*دعوات متكررة
ومنذ عام 2014 تقريباً توصي لجان الصحة البرلمانية وعقب دورات مختلفة، بنقل مصفى الدورة إلى خارج العاصمة.
وفي 28 تشرين الثاني 2014، طالب عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية عبد الحسين الموسوي، بنقل مصفى الدورة الى مكان آخر بعيد عن المناطق السكنية، فيما لفت الى أن الضوابط الفنية والبيئية والإقليمية والدولية تمنع إنشاء المصافي داخل المجمعات السكانية.
وقال الموسوي في بيان، إننا "نطالب بتنفيذ القرارات القضائية السابقة الباتة والداعية لنقل مصفى الدورة عن مكانه الحالي لما يلحقه من أذى كبير على المنظومة البيئية والصحية للبلد والتي وصلت الى مستويات خطيرة لا يمكن التغاضي عنها".
وأضاف الموسوي، إن "ما يجهزه المصفى المعني من القدرة الإنتاجية للمنتوجات النفطية والتوليدية الكهربائية ليست كبيرة الى الحد الذي يجعلنا لا نُخضِع موضوع نقله على طاولة الحوار"، لافتا الى أن "الضوابط الفنية والبيئية الدولية والإقليمية تمنع إنشاء المصافي داخل التجمعات السكانية".
وعزَت لجنة الصحة النيابية في 21 نيسان 2015، انتشار السحب الدخانية في بغداد الى كثرة مراكز التلوث والمعامل في العاصمة، فيما أشارت الى أن الحل الأساسي لتقليل التلوث البيئي يكون بنقل مصفى الدورة خارج بغداد.
وقال عضو اللجنة النائب عبد الهادي السعداوي (آنذاك)، إن "العاصمة بغداد تشهد الكثير من التلوث البيئي وانتشار الأتربة والسُحب الدخانية".
وأرجع السعداوي ذلك إلى، "وجود الكثير من مراكز التلوث في بغداد وكذلك مصفى الدورة والمعامل والزخم الكثير من السيارات"، لافتاً الى أن "هناك بعض المعامل والمصانع لا تتوفر فيها الشروط القانونية".
وتابع، إن "الحل الأساسي لتقليل التلوث البيئي والسحب الدخانية، يكون بنقل مصفى الدورة وبقية المحطات الكهربائية خارج بغداد"، مشيراً الى أن "المحافظات الجنوبية تشهد كثرة في الأتربة بسبب عدم وجود حزام أخضر حول محيطها".
*اقتراح لنقله الى جرف النصر
من جانب آخر، ذكر عضو اللجنة المالية النيابية النائب مصطفى الكرعاوي، أن "هناك اقتراحاً عُرض على رئاسة مجلس الوزراء يقضي بنقل مصفى الدورة الى ناحية جرف النصر في بابل".
وقال الكرعاوي في تصريح صحفي، إن "من ضمن المقترحات المرتبطة بدعم اقتصاد المحافظة، بحثنا خلال لقائنا رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بتاريخ 15/4/2023 مقترح نقل مصفى الدورة إلى ناحية جرف النصر في بابل"، مشيراً الى أنه "جرى تزويد رئيس مجلس الوزراء بأوليات المشروع لأجل دراستها والعمل على وضع خطة تنفيذ المشروع، إذ إن ناحية جرف النصر تحتوي على مشروع جرى تنفيذ جزء منه قبل عام (2003)، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يربط محافظات الفرات الأوسط بالعاصمة بغداد، كما أنه من مشاريع القطاعات ذات الأولوية وفقاً لأجندة الاقتصاد".
وأضاف، إن "ذلك يأتي ذلك ضمن خطتنا التي تمنح الأولوية للمشروعات الاستراتيجية والاهتمام بما يعزّز قيمة المحافظة الاقتصادية".
من جهته، يؤكد أمين بغداد عمار موسى، أن رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، يولي اهتماما بنقل مصفى الدورة إلى خارج العاصمة.
*نفي
لكن لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعيَّة النيابيَّة ذهبت إلى نفي ما تناقلته وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية من توجّه الحكومة إلى نقل مصفى الدورة خارج بغداد إلى منطقة جرف الصخر، مبينة أنَّ الموضوع لم يُطرح بشكل رسمي.
وقال عضو اللجنة ناظم الشبلي، إنَّ نقل مصفى الدورة خارج بغداد لم يُطرح بشكل رسمي ومبدئياً توجد طروحات على موضوع البيئة والتلوث الذي يتسبب به المصفى، منوهاً بأنَّ المصفى لا يتسبب بالتلوث الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام.
وأشار إلى أنَّ المقترح لم يُطرح على مجلس النواب ولا على مجلس الوزراء، مضيفاً أنه لم يُحسم بشكل رسمي ويبقى الطرح الفني للبيئة واللجان المعنية التي تؤكد أنَّ المصفى لا يطرح التلوث بالشكل الذي يصرّح عنه في الإعلام.
وأكد الشبلي أنه في حال وافقت الحكومة رسمياً على نقله خارج بغداد فلن يكون تنفيذه صعباً من قبل الحكومة وخاصة على ملاكات وزارة النفط وإمكانياتها.
*المصفاة إلى القضاء
ورفعت مفوضية حقوق الإنسان دعاوى قضائية، تتعلق بأداء مصفاة الدورة، فيما أحالت في وقت سابق ملف “انتهاكات” صحية في مصفى الدورة إلى محكمة مختصة.
وقال علي البياتي، العضو السابق في المفوضية، إن “الادعاء العام وجّه المحكمة المختصة بالتحقيق في موضوع ملف الانتهاكات في الصحة والسلامة البيئية من قبل مصفاة الدورة في بغداد”.
ورفضت وزارة البيئة عمليات تغيير جنس الأراضي الزراعية المحيطة بالمصفاة إلى سكنية، وتؤكد أنها تواصل التعاون مع جهات أخرى لإيقاف تجريف الغطاء الأخضر.
وقال أمير علي حسون، مدير الإعلام في وزارة البيئة، إن “الحكومة تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية لمنع تحويل أجناس هذه الأراضي”، مبيناً أن “الأراضي المحيطة بمصفاة الدورة مملوكة للقطاع الخاص والمواطنين”.
ووافق مجلس الوزراء، في 28 تشرين الثاني 2022، على تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية (طابو)، في حين تحدثت وزارة الزراعة عن وجود شروط لتحويل هذه الأراضي إلى سكنية وبموافقات حكومية أصولية.
ويجمع خبراء البيئة والنفط، على إبعاد المصفاة عن مركز المدينة والأحياء السكنية التي باتت تحيط بالمجمع النفطي، إثر التوسع السكاني والعمراني، بعد أن كان الموقع الحالي للمصفاة عند إنشائها خارج المخطط الرسمي لمدينة بغداد، غير أن فكرة نقل موقع المجمع لا تبدو ممكنة حالياً.
وقال صباح علو، وهو خبير نفطي، إن “تفكيك المصفاة ونقلها إلى موقع أبعد، يتطلب تعويض ما تنتجه حالياً من احتياجات الاستهلاك للمشتقات النفطية”، إذ مايزال العراق يستورد ما قيمته 3.5 مليار دولار من المشتقات النفطية رغم استمرار تشغيل مصفاة الدورة “.
لكن الخبير النفطي استبعد إمكانية تحقيق هذا المقترح، "نظراً إلى الكلفة التي قد تصل إلى 5 مليارات دولار، إذا ما توخّى المشروع التخطيط الهندسي والتقني الحديث".