نهضة كربلاء العمرانية.. قصة نجاح حكومية تُغطي على أربيل والأنبار
انفوبلس/ تقرير
تأتي قادماً من محافظة النجف الأشرف في شارع ضيّق بمسارين فقط، لم يؤثَّث مرورياً، الحوادث أمرٌ معتاد هنا، تقرأ ما تجودُ به ذاكرتُك من السُّور القرآنية لتساعدَك في تجاوز مخاطر الطريق، ما إن تصل إلى مشارف مدينة كربلاء المقدسة وعلى بعد 15 كيلومتراً حتى يتَّسِعَ الشارع فجأةً، كأنك لم تنتقل من محافظة إلى أخرى، بل من بلد إلى آخر.
شارع بأربعة مسارات، مخطَّط حسب المعايير المرورية، مع استدارات واسعة، تقف أشجار النخيل وأخرى أشجار استوائية يتلاعب بأغصانها تيار الهواء الذي تصنعه حركة السيارات، بينما يتلألأ اللون الأخضر للعِشب المزروع بين الشوارع الأربعة (شارعان رئيسيان وشارعان ضمن مشروع "يا حسين").
كلّما اقتربت من مركز مدينة كربلاء ازداد الشارع جمالاً وأناقة، وإذا داهمك الليل فأنت محظوظ حقاً، المصابيح المتدلِّية من الأعمدة تُعطي المكان رونقاً إضافياً، تتوسطها أشكال هندسية صُنِعت في الورش المحلية، مظلّات ضوئية وعبارات تصفُ المكان من بينها عبارة كُتِبت بشكل هندسيّ كبير باللغة الإنجليزية نصُّها (I LOVE KARBALA).
شوارع كربلاء الداخلية أُعيدَ تعبيدُ بعضها أو تمّت توسعتها لتستوعبَ الزيادة في عدد السيارات المحلية والقادمة من المحافظات الأخرى، بعبارة أخرى هناك تغييرات طرأت على المدينة، وأغلب هذه التغييرات كانت في مجال تطوير الطرق.
قد لا يكون هذا الوصف كافياً بالنسبة لبعض المواطنين الكربلائيين، فهم يعتقدون أن المحافظ "نصيف جاسم الخطابي" قدَّم ما لم يُقدِّم أسلافه، قد يختلفون في بعض الأحيان بشأن الفضل في تعبيد وتخطيط شوارع المدينة بين المحافظ نصيف الخطابي ومدير البلدية الراحل عبير سليم الذي قُتل برصاص أحد المتجاوزين على أراضي الدولة عام 2021.
*إشادات واسعة
كربلائيون أشادوا بالنهضة العمرانية التي تشهدها محافظتهم، مؤكِّدين أن ذلك يعود بفضل الجهد الكبير الذي بذله المحافظ نصيف الخطابي على الرغم من انعدام التخصيصات المالية والظروف التي واجهت المحافظة بالإضافة الى جائحة كرونا التي عطَّلت الحياة.
يوضح المواطنون، أن المحافظ استطاع أن يُفعّل حركة الإعمار والبناء في عموم المحافظة وإكمال المشاريع المتوقِّفة حتى أحدثت كربلاء قفزة نوعية في البناء مما جعلها أن تكون المحافظة الأولى على المحافظات الأخرى، مؤكدين أن كربلاء أصبحت مدينة متكاملة من الجوانب كافة بما في ذلك توسيع شبكات الطرق ومدّ شبكات الماء والمجاري وازدهار خدمات البلدية في المركز والأقضية والنواحي بالإضافة إلى مكانتها الدينية والسياحية.
*كربلاء.. تُعري أربيل والأنبار
ما يشاهده الزائر في مدخل كربلاء من جهة النجف الأشرف سوف يشاهده في مدخلها من جهة العاصمة بغداد، وبشكل أقل في مدخلها من جهة محافظة بابل، هذه هي الصورة الجميلة للمحافظة ولا يستطيع أحد إنكار الفارق الذي حدث خلال السنوات الأخيرة.
إعمار كربلاء والنهضة العمرانية التي شهدتها المحافظة أمام مرآى الجميع، وجّه بوصلة الأنظار نحو الشمال حيث أربيل والغرب حيث الأنبار، فبعد أن كان الإعلام يتغنّى ببعض شوارع أربيل ويحجب الرؤيا عن مناطق متهالكة بغية تصدير المحافظة بأبهى صورة، كشفت مياه الأمطار الأخيرة ما لم تكشفه القنوات ذات العين الواحدة، وهذا ما أكده النائب في برلمان إقليم كردستان مسلم عبد الله، عندما قال إن الأمطار الأخيرة فضحت سوء الخدمات في محافظة اربيل وعموم الإقليم.
ويؤكد عبد الله في حديث صحافي، أن التبجّح بمشاريع الإعمار والبناء والخدمات فضحتها الأمطار الأخيرة، بالرغم من أنها لم تطُل كثيرا، حيث إن السيول التي جرفت الشوارع الرئيسية أكدت بما لا يقبل الشك وجود عمليات فساد كبرى في مشاريع البناء، بسبب فساد أحزاب السلطة في الإقليم.
برهن طلاب الإقليم على كلام عبد الله، عندما خرجوا بتظاهرة كبيرة في أربيل احتجاجاً على سوء الخدمات وشحّ المياه في أقسامهم الداخلية.
تظاهر طلاب أربيل احتجاجا على شح الماء الساخن وسوء الخدمات داخل قسمهم، وقاموا بغلق الشارع الواقع أمام القسم مطالبين التدخل من الجهات المختصة لحل مشاكلهم.
*الأنبار وزيف الإعمار
ثورة الإعمار المزعومة في الأنبار انكشف زيفها في أول امتحان إثر هطول أمطار غزيرة شهدتها مناطق الفلوجة والرمادي والحبانية حيث عاشت مدينة الفلوجة ليالي مظلمة بعد انقطاع تام للتيار الكهربائي الوطنية والمولد ليتفاجأ سكان هذه المدينة بدخول مياه الأمطار إلى داخل منازلهم جراء طفح المجاري وتوقف محطات تصريف مياه الأمطار وأعمال الشركات الرديئة التي زادت من معاناة المواطنين بدلا من خدمتهم.
مجموعة من مقاطع الفيديو أظهرت غرق شوارع الفلوجة بالكامل وعدم استطاعة المواطنين من التجول خارج منازلهم حيث إن المياه "متربّصة" لهم أمام الأبواب.
وقال مواطن وهو يوثّق شوارع مدينة الفلوجة التي تُعد بوابة الأنبار تجاه العاصمة بغداد وباقي محافظات العراق، وهي تغصّ بالمياه من كل الجوانب ساخرًا: "هذا إعمار الفلوجة!"، مردفًا "الشغل كله غلط".
ويصف مواطنون هذا المشهد بأنه "يُعري" ويكشف زيف عبارة "عيار 24" التي طالما تردّدت على مسامع أهل الأنبار بشأن الإعمار الذي تشهده المحافظة.
*فساد في مشاريع الإعمار
نسبة الفساد في دوائر الدولة ومشاريع إعادة إعمار البنى التحتية المتضررة جراء العمليات الإرهابية في الأنبار وصلت إلى أرقام مخيفة خلال الفترة الحالية، هذا ما يقوله الأمين العام لأحرار الفرات عبدالله الجغيفي.
ويؤكد الجغيفي، أن "نسبة الفساد المالي والإداري في دوائر الدولة ومشاريع إعادة إعمار البنى التحتية المتضررة جراء العمليات الإرهابية في عموم مدن الأنبار وصلت إلى 80% بسبب تسلّط أحد الأحزاب الحاكمة ما يدعونا إلى إطلاق مشروع يُنقذ ما وصلت إليه المحافظة من هدر للمال العام من قبل الحزب المسيطِر (حزب الحلبوسي) على الدوائر الحكومية ومشاريع الإعمار ".
ويُضيف، أن "تشكيل تكتّل سياسي جديد في الأنبار جاء على خلفية الفساد المالي الذي استشرى في معظم دوائر الدولة دون رقيب لوجود تأثيرات من جهات سياسية متنفِّذة"، مبينا أن" نسب الفساد في الأنبار وصلت إلى نسب مُخيفة وغير مسيطَر عليها وتخضع لسياقات وتعليمات الحزب الواحد".
*نهضة كربلاء
شهدت المحافظة حملة إعمار واسعة في جميع الأقضية والنواحي، حيث باتت في مقدمة النهضة العمرانية، هذا ما يؤكده جاسم الفتلاوي النائب الأول لمحافظ كربلاء.
ويبين الفتلاوي، أن العمل في المشاريع الخدمية والمجاري وصل لمراحل متقدمة، وتم تغطية كربلاء بنسبة 90 في المئة.
ويضيف، أن “مداخل المحافظة كذلك تم تطويرها، حيث تشهد نهضة عمرانية لا تُضاهيها أي محافظة أخرى"، لافتاً إلى أن “المحافظة تشهد سنوياً دخول نحو 50 مليون زائر ضمن الزيارات الدينية، وكذلك تستقبل العديد من المواطنين كسياحة طبية، لاسيما وأنها تضم مركزا ضخما لمعالجة الأورام السرطانية، والذي يقدم العلاج مجاناً للأعمار دون 12 عاماً”.
*الاستثمار في كربلاء
152 إجازة استثمارية تم منحها في مختلف القطاعات بمحافظة كربلاء، حيث وصل المبلغ الإجمالي للإجازات الممنوحة إلى 5 مليارات و 164 مليون دولار، بحسب مدير استثمار المحافظة أحمد المالكي.
ويؤكد المالكي، أن “مجموع الإجازات التي سُحِبت من المستثمرين المتلكّئين بلغ 26 والمتبقي هو 126 إجازة استثمارية”.
ويوضح، أن “هنالك أكثر من 100،000 يد عاملة في مختلف القطاعات الاستثمارية. منها نسبة 64% من العمالة محلية، و36% منها أجنبية وبمختلف المِهن”.
ويبين المالكي، أن “المبلغ الذي رُصد من قبل الحكومة الاتحادية في قانون الأمن الغذائي يقرب من 500 مليار دينار”.
ويُكمل، أن “المشاريع الصناعية التي مُنحت لها إجازات في كربلاء المقدسة هي مشروع معمل الحديد والصُّلب ومشروع للألبان ، أما المشاريع الزراعية الجديدة فهي مشاريع إنتاج الحنطة والشعير، إذ تم منح أكثر من 26500 دونم خلال العام الجاري. مما ستُضيف إلى المحافظة أكثر من 22 ألف طن من الحبوب”.
ويختم مدير الاستثمار حديثه بالقول، “أما المشاريع التجارية والخدمية التي مُنحت لها إجازات استثمارية، فهو مشروع علوة جديدة للخضار، التي باشرت بالعمل الفعلي فيه، ومشاريع (باركات) للسيارات، إضافة إلى منح إجازة لـ 17 مشروعاً سكنياً”.