هجرة كردية واسعة من الإقليم نحو أوروبا.. شباب كردستان سَئِموا الظروف الصعبة والصحف العالمية تنذر بتفجُّر الأوضاع
انفوبلس/..
يعاني العراقيون الأكراد في إقليم كردستان من ظروف صعبة، فالخلافات بين الأحزاب الحاكمة هناك باتت تنعكس على كل مفاصل الحياة في الإقليم الواقع أقصى شمالي العراق، فالسلاح بات منتشراً والبطالة تزداد يوماً بعد آخر، ما دفع ذلك إلى الهجرة نحو أوروبا، وسط تحذيرات من صحف عالمية بتفجُّر الأوضاع هناك واندلاع حرب أهلية.
*دوافع الهجرة
وتعليقا على ذلك، يقول شيروان ميرزا، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، الشريك الأساسي مع الديمقراطي الكردستاني في حكومة الإقليم، إن "موجة هجرة مواطني الإقليم بدأت بعد عام 2014 جراء المشاكل السياسية والاقتصادية التي يعيشها الإقليم، والتي نتج عنها انعدام فرص العمل للخريجين والعاطلين".
وأضاف ميرزا، إن "الدافع الآخر للهجرة هو الخوف من المستقبل، لأن المنطقة عموما لا تشهد استقرارا سياسيا، لاسيما في العراق، فذلك ولّدَ تخوفا من ظهور منظمة إرهابية مثل تنظيم داعش، وبالتالي تنقلب الأوضاع الأمنية في المنطقة".
وتابع: "كذلك موضوع الرفاهية هو أحد دوافع الهجرة، فإن هدف عدد من المهاجرين هو البحث عن الرفاهية والحياة الأفضل، لاسيما أن هناك اعتقادا بأن دول الغرب فيها رفاهية كاملة، ولا خوف من المستقبل".
*إعمار محصور
واتفق مع ذلك النائب جمال كوجر، بالقول: "صحيح هناك إعمار في الإقليم، لكنه محصور لبعض السياسيين، أما بقية المجتمع، خاصة شريحة الشباب، فهم يمرون بأزمة اقتصادية حادة، لأن حكومة الإقليم لم تعيّن فردا واحدا منذ سنوات".
وأشار كوجر، إلى أن "القطاع الخاص يعاني أيضا، خاصة بعد انخفاض سعر الدينار العراقي أمام الدولار، وكذلك أزمة كورونا وما بعدها ضيقت فرص العمل كثيرا، وبالتالي أصبحت البطالة واسعة ومرتفعة جدا بين شريحة الشباب".
ولفت إلى أن "الوضع السياسي متأزم جدا داخل الحزب الواحد وبين الأحزاب، وبالتالي هناك حالة قلق وعدم ارتياح ونفور من الواقع السياسي المأزوم، والأخير مسيطر على كل المشهد الإداري في الدولة العراقية بشكل عام، وفي الإقليم بشكل خاص".
وأردف كوجر قائلا: "الأمر الآخر، غياب العدالة في توزيع فرص العمل بين أبناء المجتمع، وداخل الأحزاب"، مردفاً: "البُعد الاجتماعي أيضا يُعد أحد أسباب الهجرة، لأن هناك أزمات اجتماعية جراء العولمة والسلطة والظروف الاقتصادية، وكلها أنتجت ظروفا اجتماعية لها إفرازات سلبية كثيرة، وبالتالي هناك نفور من الزواج، والطلاق متفشٍّ".
*دعوات للحل
عضو برلمان إقليم كردستان السابق مسلم عبد الله، يشدد على ضرورة إيجاد حل لمسألة تزايد هجرة الشباب الكرد التي عادت الى الواجهة مجددا.
ويقول عبد الله، إن "مسألة هجرة الشباب الكرد إلى الدول الأوربية عادت للواجهة مجددا".
وأضاف إن "أسباباً مختلفة وراء تزايد هجرة الشباب الكرد من محافظات إقليم كردستان، أهمها البطالة وقلة فرص العمل وانعدام الأمل بوجود وظائف للخريجين، وسوء تعامل حكومة كردستان مع الشباب وطموحهم، يجعل الشباب يختارون الطرق الصعبة ويهاجرون خارج البلاد".
وفي 2021، عاش المهاجرون العراقيون ولاسيما الكرد منهم، ظروفا صعبة على حدود بيلاروسيا، وقضى الكثير منهم نحبه بعد أن بقي عالقا على الحدود البيلاروسيّة باتجاه أوروبا. وكشفت تلك الأحداث أن كثيرا من سكان الإقليم الذي قد يبدو أفضل حالا من بقية المناطق العراقية، إما غادروه بالفعل أو يحلمون بذلك.
*حرب أهلية
ومؤخراً، حذرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، أمس السبت، من انهيار لحكومة إقليم كردستان وصراع حزبي قد يؤدي لحرب أهلية شاملة بسبب تداعيات إيقاف تدفق النفط عبر خط الأنابيب بين العراق وتركيا.
وبحسب تقرير المجلة، فإن "الرئيس التركي رجب أردوغان ألقى باللوم على الخلافات الداخلية بين الحكومة العراقية المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان لكن المسؤولين العراقيين ينفون ذلك، ويلومون تركيا بدلاً من ذلك".
وأوضح أنه "على الرغم من أن تركيا ادعت في البداية أنها تمتثل ببساطة لحكم المحكمة الجنائية الدولية، فقد تبين بسرعة أنها كانت تحاول التفاوض على دفع تعويضات بقيمة 1.5 مليار دولار وحل تحكيم ثانٍ مع العراق بشأن تدفقات النفط غير المصرَّح بها منذ عام 2018".
وأضاف أن "الحظر الذي تفرضه تركيا لفترة طويلة على صادرات النفط العراقي ومحاولاتها الضغط على العراق للامتثال لمطالبها يؤدي إلى زعزعة استقرار خط أنابيب ذي أهمية مركزية للاستقرار الاقتصادي الإقليمي والعالمي".
وبين أن "الحصار المطوّل، والذي كلّف حكومة إقليم كردستان بالفعل أكثر من 5 مليارات دولار، يمكن أن يدمر اقتصاد شمال العراق وربما يؤدي إلى انهيار حكومة إقليم كردستان التي تتمتع بحكم شبه ذاتي".
واستدرك قائلاً: "لسنوات عديدة، كان اقتصاد الإقليم يعاني من تخفيضات الميزانية من الحكومة الفيدرالية العراقية إذا ظل الوضع دون حل، فقد يؤدي ذلك إلى موجة هجرة مدمرة، وقد هاجر عشرات الآلاف من الأكراد العراقيين بالفعل إلى أوروبا، ومن الممكن أن يذهب المزيد في المستقبل القريب".
وأكد أن "التداعيات المالية والعجز الكبير في الميزانية في كل من بغداد حكومة إقليم كردستان، يمكن أن تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار الكارثي في المنطقة، وهو أمر يمكن أن تستغله الجماعات المسلحة مثل داعش، مما قد يؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار، ومع إصابة مؤسسات الإقليم بالشلل فعلياً في أعقاب أزمة تصدير النفط".
وأكد أن "المخاطر كبيرة فالنزاع المستمر يهدد بانهيار الاستثمارات الأمريكية في العراق وزعزعة الاستقرار الاقتصادي للحكومة الفيدرالية العراقية، واندفاع روسيا وإيران لملء الفراغ الجيوسياسي"، وفق التقرير.
وأوضح أن "هذا المأزق أدى إلى خفض شركات النفط العالمية في العراق استثماراتها بمقدار 400 مليون دولار، وتسريح مئات العمال، والتهديد باتخاذ إجراءات قانونية ضد الحكومات التي تعتبر مسؤولة. ومع استمرار الأزمة، فإن سُمعة العراق بين المستثمرين سوف تتضرر بشكل متزايد".
وزاد، أن "هذه المخاطر تأتي مما يمكن أن يحدث إذا استمرت أربيل في خسارة مليارات الدولارات من فقدان عائدات النفط بسبب النزاع على خط الأنابيب ومن المرجح أن يجد بعض نفطها طريقه إلى الخارج عبر إيران في حين قد ينتهي الأمر بتركيا اللجوء إلى النفط الإيراني والروسي لتلبية مطالبها الخاصة".
وحذر التقرير "من انهيار حكومة الإقليم التي تعتمد على عائدات النفط من أجل البقاء مما قد يؤدي إلى صراع بيروقراطي بين الفصيلين المتنافسين الرئيسيين، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، وربما يتحول إلى حرب أهلية شاملة".
*حكومة الإقليم مهدَّدة بالسقوط
واختتم التقرير، أن "عدم الاستقرار في إقليم كردستان قد يمتد إلى العراق الأوسع الذي يترنح بالفعل على حافة الصراع الطائفي وقد يؤدي سقوط حكومة إقليم كردستان واندلاع حرب أهلية".
وأوقفت تركيا تدفقات النفط في 25 مارس بعد أن أمرت هيئة تحكيم تابعة لغرفة التجارة الدولية أنقرة بدفع تعويضات لبغداد بقيمة 1.5 مليار دولار تقريبا عن الأضرار الناجمة عن تصدير حكومة إقليم كردستان النفط بشكل غير قانوني بين عامي 2014 و2018.