هل يجرون البلاد لحرب أهلية؟ جهلة تيارَي الصدر والحكيم يتسببون بمشكلة كبيرة ويفتحون جراحاً قديمة
انفوبلس..
خلافات تعود جذورها لعقدين ماضيين، تنفجر بين الحين والآخر على شكل مشادات ومناوشات وهجوم على مقرات، ولكن تكرارها المستمر قد ينذر بحرب أهلية داخلية طرفها الأول التيار الصدري بقيادة السيد مقتدى الصدر والثاني تيار الحكمة بقيادة السيد عمار الحكيم، فهل من الممكن أن يُجر التياران لصراع على الأرض بسبب الجهلة من أتباعهما؟
في تعليق لحساب على موقع فيسبوك لحساب يدعى "المخضرم"، تجاوز صاحبه لفظياً على السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر وولده السيد مقتدى الصدر واتهمهما بالانتماء للبعث، وفيما يلي نص التعليق:
ثم نشر صاحب الحساب منشور يقول فيه إنه حسابه تعرض للاختراق وإنه غير مسؤول عن التعليق:
بعدها بمدة بسيطة تداول أتباع التيار الصدري التعليق في مجموعاتهم الخاصة وراجعوا صفحة صاحب التعليق واستنتجوا إنه تابعاً لتيار الحكمة بسبب صور له مع السيد عمار الحكيم، ونشروا معلومات عنه، ونشرت العديد من صفحات الصدريين صورة صاحب التعليق وكتبت: "هذا الشخص اسمه قاسم مصطفى طراف، صاحب الصفحة اسمها المخضرم اللي تجاوز بيها على السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدست نفسه الزكية، مواليد 2002، يسكن الناصرية سوق الشيوخ كرمة بني سعيد شارع بني سعيد صوب مدرسة الزهاوي مقابيل آل غلطة".
وتداولت الصفحات الصدرية أيضا مقطع فيديو لجلسة عشائرية، أرفقته بالقول: "هيج احسنلك هم ذليت نفسك وعمامك ومن تتبع، متى تتعظون وتأخذون العبر ممن سبقكم؟، وفد من عشيرة بني سعيد في محافظة ذي قار / قضاء كرمة بني سعيد يقدمون اعتذارهم عن إساءة المدعو قاسم مصطفى اطراف صاحب حساب المخضرم للسيد الشهيد الصدر (قدس) وتعهدوا باتخاذ جميع الاجراءات القانونية وكذلك العشائرية بحقه".
أيضاً تداولت تلك الصفحات فيديو لمسلحين وهم يلاحقون صاحب حساب "المخضرم"وكتبت: دخول ابناء الصدر المقدس ابناء الناصرية لمقر عمل صاحب التعليق.
وتعرض مقر لتيار الحكمة في العاصمة بغداد للإغلاق بعد هجوم لجماهير التيار الصدري عليه وكتبوا على بوابته "مغلق بأمر أبناء محمد الصدر"، كما تعرض مقر آخر للتيار في واسط للحرق بواسطة الصدريين رداً على الإساءة.
وبعدها نشرت الصفحة الخاصة بمكتب الصدر في فيسبوك منشوراً قالت فيه: "نُذكركم بتوجيهات سماحة القائد السيد مقتدى الصدر (أعزه الله) حول عدم استخدام العنف واللجوء إلى الطرق القانونية في حال الاعتداء كلامياً على آل الصدر وجزاكم الله خير جزاء المحسنين".
أزمة سابقة
وفي كانون الأول الماضي، أقدم العشرات من أنصار التيار الصدري، على اقتحام مقر تيار الحكمة وإزالة وتمزيق صور مرشحي هذا التيار في بعض مناطق العاصمة بغداد.
وأظهر فيديو متداول قيام مجاميع من الأشخاص بأعمال شغب وتخريب طالت مقر تيار الحكمة بعد اقتحامه في حي "جميلة" بمدينة الصدر شرقي العاصمة، وذلك احتجاجا على منشور متداول منسوب إلى عضو المكتب السياسي في تيار الحكمة "بليغ أبو كلل".
وتبرأ "أبو كلل" من ذلك المنشور الذي يهاجم التيار الصدري لمقاطعتهم الانتخابات المحلية في العراق، ويتهمهم بالانقلاب على الشيعة ومحاولة جعلهم أقلية، ويصفهم بالخوارج الذي قاتلوا الإمام علي بن أبي طالب ابن عم نبي الإسلام محمد بن عبد الله وصهره الخليفة الأول لدى الشيعة، ورابع الخلفاء الراشدين لدى السنة.
وكتب "أبو كلل" في منشور على منصة "إكس - تويتر سابقاً" وصف فيه المنشور المنسوب إليه سابقا بأنه "مزيف".
وأضاف عضو المكتب السياسي في تيار الحكمة على الموقع ذاته، إن "القضية كالتالي: يزورون تغريدة وكلام معيّن، ثم يسبون ويشتمون، ثم يهجمون ليحرقوا او يثيروا الفوضى.
وأردف بالقول "بمعنى أنهم لا يستطيعون العيش دون فوضى لذلك يختلقون اسبابها، يكتبون ضد أنفسهم بحسابات غيرهم، يهجمون على مقرات غيرهم لأنهم زوّروا تغريدة!".
وأضاف أبو كلل أن "كل هذا حتى يعطّلوا الانتخابات. (صدك چذب، مو الف مشروع جربتوه بهذي الطريقة وما نجح) .. ترى حتى البرلمان اخذتوه بالفوضى والعنف، وآخر شيء الامور رجعت طبيعية، فلا تراهنون على مشروع جديد وهو من الاساس خاسر لان وسيلته غير شرعية".
بدوره أكد مصدر أمني أن "مجاميع تحمل صور زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اقدمت على تمزيق صور عدد من المرشحين واحراقها وإغلاق أحد المقار التابع لتيار الحكمة فجر اليوم ضمن منطقة جميلة، والطالبية والشعب، في بغداد".
وتظهر فيديوهات تم تداولها على تطبيقات برامج وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي قيام أنصار التيار الصدري بإلقاء هتافات وشعارات تمجد بزعيمهم مقتدى الصدر الذي قرر مقاطعة انتخابات مجالس المحافظة والأقضية المزمع إجراؤها في يوم 18 من شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري.
وفي اليوم الذي تلا الاعتداء، أعلن تيار الحكمة عقد اجتماع طارئ بعد سلسلة هجمات طالت مقاره في بغداد وديالى من قبل أنصار التيار الصدري، وعدّ ذلك "استفزازاً غير مقبول".
وجدد التيار في بيان ورد لـ "انفوبلس"، "إدانتَهُ لهذه التصرفات الاستفزازية غير المبررة وغير المسؤولة"، وقال إن "هذه الممارسات المرفوضة تأتي رداً على دعوة تيار الحكمة الى تكثيف المشاركة الجماهيرية في الانتخابات المحلية".
وأضاف أنَّ "هذه التصرفات تمثلُ ترويعاً للمواطنين وتهديداً لأمنهم المجتمعي والسلمي سعياً لتقليل مشاركتهم في الانتخابات المحلية التي دعا تيار الحكمة مراراً الى تعزيزها وما يزال يؤكد الدعوةَ إليها والعزيمةَ على خوضها بأمانةٍ وإخلاص ومسؤولية".
وأشار التيار إلى "سلوك الطرق والآليات القانونية وإقامة الدعاوى القضائية مقرونةً بشواهدها في ملاحقة المعتدين والمتجاوزين لنيلهم جزاءهم القانوني"، داعياً الأجهزة الأمنية إلى أن "تأخذ دورها الكامل وواجبها في التصدي لهذه الاعتداءات وملاحقة المسيئين الذين قاموا بها، حفاظاً على معالم الدولة والسلم الأهلي والأصول والأعراف".
وشدد تيار الحكمة على "أهمية إجراء انتخابات (مجالس المحافظات) في موعدها الذي حددته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات".
مراقبون للأوضاع بين التيارين حذروا من تفاقم الخلافات بين أتباع الصدر وأتباع الحكيم وتطورها إلى صراع قد يستخدم فيه السلاح ويتطور إلى حرب أهلية شيعية شيعية وهو الأمر الذي تدفع باتجاهه العديد من الجهات الخارجية والداخلية المشبوهة.
وطالبوا كل تيار بضبط أفراده وتفويت الفرصة على أرباب الفتنة والراغبين بافتعالها بين أبناء الشعب العراقي، منوهين في الوقت ذاته إلى وجود خلافات تاريخية بين تيار الحكيم وتيار الصدر وهي خلافات موروثة من عقود سابقة، فقبل عام 2003 كان التيارات معارضان لحكم البعث البائد كلاً حسب موقعه، ولكن بعدها اختلفت اتجاهات ووجهات نظر الطرفين تجاه ما يجب سلكه في عراق ما بعد صدام، فولدت العديد من الخلافات والتخوين وحتى الصراعات المسلحة والتي انتهت بهدنة قلقة لم ينسَ أي طرف فيها ما تعرض له من الطرف الآخر.