هل يغير خروج بعض الوزارات والدوائر خارج بغداد من واقع الزحام المروري؟.. انفوبلس تستعرض آخر المستجدات بالأرقام
انفوبلس/ تقرير
تعتزم حكومة محمد شياع السوداني، نقل بعض الدوائر والوزارات خارج بغداد في فكرة ليست بالجديدة هدفها الحد من الاختناقات المرورية التي تعاني منها العاصمة بشكل يومي وخصوصا في أوقات الدوام الرسمي.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على آخر مستجدات نقل الدوائر والوزارات إلى خارج العاصمة بغداد
*فكرة مطروحة منذ فترة طويلة
أكد مجلس محافظة بغداد، أن نقل بعض الدوائر خارج العاصمة للحد من الاختناقات المرورية، مطروح منذ فترة طويلة ولا يزال قيد النقاش دون أخذ أي قرار به حتى الآن.
وقالت عضو المجلس أسيل الخالدي، إن "السوداني وحكومته مهتمون كثيرا بقضية حل الاختناقات المرورية في بغداد وهناك عمل حقيقي للحد من هذا الأمر الذي يعاني منه المواطن البغدادي منذ سنين، ولم يرَ أي حلول تعالج هذه المشكلة".
وبينت الخالدي، إن "هناك مقترحا ودراسة من قبل الجهات المختصة على العمل لنقل بعض الدوائر والمؤسسات لخارج المناطق التي تشهد زخما كبيرا في بغداد للحد من الاختناقات المرورية"، مشيرة الى أن "هذا الأمر مطروح منذ فترة طويلة وهو قيد النقاش ولا قرار متخذ به حتى الآن، وأكيد نحن في مجلس محافظة بغداد داعمون لكل خطوات الحكومة لحل هذه الأزمة".
*4 ملايين سيارة في بغداد
وفي إشارة على مدى مساهمة الدوائر الحكومية والوزارات في بغداد بالأزمة المرورية، تشير مديرية المرور الى أن 3 ملايين عجلة في بغداد، وأثناء الدوام الرسمي ومع دخول العجلات القادمة من المحافظات يصل العدد الى أكثر من 4 ملايين عجلة، حيث يأتي العديد من المحافظات لغرض مراجعة الدوائر في بغداد فضلا عن المراجعات التي يقوم بها سكان العاصمة بغداد الى الوزارات والمؤسسات الحكومية التي تنتشر في وسط المناطق المكتظة ببغداد.
وسبق أن وجه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وزارات التجارة والنفط والصناعة، لاتخاذ ما يلزم وإعداد دراسة لإيجاد مواقع بديلة لمقرات الوزارة ومايرتبط بها في بغداد الى خارج الحدود الإدارية لمحافظة بغداد، كونها تشغل مساحات كبيرة مثل مصفى الدورة ومعرض بغداد الدولي وغيرها من المؤسسات المرتبطة بالوزارات.
ماذا عن العاصمة الإدارية الجديدة؟
وكانت وزارة التخطيط قد كشفت خلال العامين الماضيين، عن توجه لإنشاء مشروع العاصمة الإدارية الجديدة في المنطقة المقابلة لبسماية على مساحة 50 كم مربعا، وسيستوعب مجموعة من مؤسسات الدولة ضمن الشريط الواصل من نصب الشهيد شرقاً إلى نصب الجندي المجهول غرباً.
*خطوات أخرى
وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي في مؤتمره الصحفي الأسبوعي عقب جلسة مجلس الوزراء مؤخرا، إنه تم "اعتماد توقيتات جديدة لبدء وانتهاء ساعات الدوام الرسمي في عدد من الوزارات والجهات والهيئات"، مشيرا الى "إلزام الوزارات باعتماد النقل الجماعي للموظفين بالتنسيق مع الجهات المعنية".
الأربعاء الماضي، افتتح رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مجسر قرطبة في الباب الشرقي وسط بغداد، أحد مشاريع الحزمة الأولى لفكّ الاختناقات المرورية في العاصمة.
يذكر أن مجسر تقاطع قرطبة يعد ثاني المشاريع المنجزة ضمن الحزمة الأولى من مشاريع فكّ الاختناقات المرورية في بغداد، بعد مجسر فائق حسن في تقاطع كلية الفنون الجميلة، وتم إنجاز العمل خلال 200 يوم، أي قبل الموعد المخطط بشهرين، إذ كان يفترض إنجازه في شهر حزيران المقبل.
ويبلغ طول المجسر الكلي مع المقتربات حوالي 700م وعرضه 20م، ويتضمن مسارين للذهاب ومسارين للإياب، ويمتدّ من بعد نفق ساحة الطيران عبوراً لطريق محمد القاسم، كما تضمن العمل توسعة المسارات الأرضية لكل جوانب المجسر، بالإضافة إلى تغيير الشكل الدائري للساحة إلى مستطيل مع انحناءات لتحقيق انسيابية في حركة السير.
وأطلقت الحكومة العراقية حزمة مشروعات لفك الاختناقات المرورية، وبدأت في تنفيذ الحزمة الأولى قبل أشهر عدة، وتمثلت في إنشاء عدد من الجسور والأنفاق في التقاطعات المرورية.
وتعد هذه المشاريع الأولى من نوعها في العاصمة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وفق ما أكده السوداني، ليضيف أن الاختناقات المرورية تعدت كونها مشكلة معطلة لحياة المواطنين، وبات كل موظف يقضي ساعتين من وقته للوصول إلى مكان عمله، الأمر الذي تحول إلى مشكلة نفسية، وفق تعبيره
وتتضمن الحزمة الأولى لمشاريع فك اختناقات بغداد المرورية، التي أُعلن عنها في الثاني من مارس/آذار 2023، 19 مشروعا، تشمل تطوير واستحداث الطرق والجسور والمجسرات في جانبي الكرخ والرصافة من بغداد، فضلا عن الطرق الخارجية التي تربط العاصمة بالمحافظات الوسطى والشمالية والغربية، حيث ستتولى شركات عراقية وصينية وتركية تنفيذها، بحسب ما أفاد به وزير الإسكان والإعمار.
وتأتي هذه المشاريع بعد جملة من الإجراءات الأولية التي اتخذتها حكومة السوداني منذ توليها السلطة في أكتوبر/تشرين الأول 2022، بهدف التخفيف من الاختناقات المرورية في بغداد، وتضمنت فتح طرق مغلقة منذ سنوات، ورفع عدد كبير من نقاط التفتيش والحواجز الكونكريتية، وفتح عشرات الطرق وسط العاصمة وداخل المنطقة الخضراء التي تعد معقل الحكومة والعديد من البعثات الدبلوماسية.
كما اتجهت الحكومة العراقية في الآونة الأخيرة إلى التفكير في إنشاء مدن جديدة في بغداد والمحافظات الأخرى؛ بهدف تقليل الزحام في مراكز المدن، لكن هذه الخطط لم تخرج إلى النور حتى الآن، في ظل استمرار أعمال استكمال عديد من المجمعات السكنية في وسط العاصمة، التي توقف العمل فيها سابقاً نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة.
باتت مشكلة الزحام أحد الهموم الكبيرة التي تواجه سكان بغداد، فالوصول إلى مكان العمل والرجوع إلى المنزل معاناة يومية، وعلى رغم إطلاق الحكومة العراقية مشاريع في العاصمة لفك الاختناقات المرورية فإنها زادت من الطين بلة بسبب التقاطعات الجديدة التي أحدثتها الأعمال الإنشائية.
*حل جزئي للمشكلة
وعن جدوى هذه الحملة وعما إذا كانت ستحل فعليا مشكلة الاختناقات المرورية ببغداد، يقول الخبير الاقتصادي منار العبيدي إن حملة المشاريع هذه ستسهم بتخفيفها، إلا أنها لن تحمل حلا جذريا للمشكلة، وإنما حلا مؤقتا وسينتهي مع الزيادة السكانية الكبيرة ببغداد واستمرار الوتيرة المتسارعة في استيراد المركبات الخاصة والآليات، على حد قوله.
وبين العبيدي أن مشكلة الاختناقات المرورية ببغداد كبيرة جدا، وناتجة عن الكثافة السكانية المرتفعة في العاصمة، إلى جانب تحسن الوضع الاقتصادي لكثير من سكان العاصمة وتراجع التعرفة الجمركية لاستيراد السيارات، فضلا عن غياب وسائل النقل العامة، الأمر الذي ساهم بتضخم أعداد السيارات إلى أكثر من 8 ملايين سيارة في العراق، حوالي نصفها في محافظة العاصمة.
وتتسق هذه الأرقام مع تصريحات مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة العميد زياد محارب القيسي الذي أكد لصحيفة الصباح الرسمية صحة هذه الأرقام، مضيفا أن شوارع العاصمة بغداد لا تستوعب أكثر من 200 ألف مركبة، مبينا أن مسؤولية هذه الزيادة في أعداد المركبات تقع على عاتق وزارتي التجارة والإعمار، إضافة إلى أمانة بغداد.
وكانت وزارة التخطيط الاتحادية قد أكدت في بيان مؤخرا أن محافظة بغداد شكلت أعلى نسبة من السكان، إذ تجاوز عدد سكانها 9 ملايين نسمة، وبنسبة 21.1% من مجموع سكان البلاد.
وفيما يتعلق بالحلول، يؤكد العبيدي أنها تكمن في تبني سياسات عديدة تتعلق بالإسكان وإلزام مالكي العقارات الجديدة بإنشاء مواقف سيارات خلال عمليات البناء، مبينا أنه لا بد من الحد من استيراد السيارات، والشروع بخطة لإخراج السيارات القديمة من الخدمة، مع ضرورة التوسع الأفقي نحو فتح مدن جديدة خارج حدود بغداد، والعمل على بناء العاصمة الإدارية وتحسين واقع النقل العام والشروع بمشاريع إستراتيجية، من ضمنها مترو بغداد الذي طال انتظاره.
هذا وتبلغ قيمة الخسائر المادية المتأتية من الاختناقات المرورية نحو 495 مليار دينار عراقي (380 مليون دولار) سنويا، كقيمة لاحتراق وقود السيارات خلال الاختناقات، وذلك بحسب العبيدي، الذي لفت إلى أن هذه الخسائر تعادل تكلفة إنشاء نحو 11 ألف كيلومتر من مسارات الطرق.
ولمزيد من التوضيح عن هذه الخسائر، يوضح العبيدي أن الخسارة السنوية للسيارة الواحدة التي تقطع يوميا 20 كيلومترا داخل بغداد تصل لنحو 572 لترا من البنزين، بما يعادل قيمة 314 ألف دينار عراقي (200 دولار).