17 عاما على إعدام برزان التكريتي.. حنّط زوجته وتخاصم مع أخيه صدام بسبب حسين كامل وهذه القصة الكاملة
انفوبلس/..
فجر يوم الاثنين، 15 كانون الثاني من العام 2007، نُفذ أمر الإعدام الصادر عن محكمة الجنايات العراقية في 5 تشرين الثاني 2006، بحق الأخ غير الشقيق لرئيس النظام البائد صدام حسين، وهو برزان التكريتي، في حادثة شهدت انفصال رأس الأخير عن جسده أثناء تنفيذ الحكم.
*نُبذة
برزان إبراهيم الحسن التكريتي (17 فبراير 1951 – 15 يناير 2007)، عُرف بـ"برزان إبراهيم الحسن" وأحياناً أخرى بـ "برزان إبراهيم التكريتي"، وهو الأخ غير الشقيق لرئيس النظام البائد صدام حسين، تولى منصب نائب مدير جهاز المخابرات العامة ثم تسلم رئاسة الجهاز. أُعدم شنقاً بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في مجزرة الدجيل.
وهو من عشيرة البيكات من قبيلة البو ناصر، وُلد في تكريت، وهو أخو صدام حسين لأُمّه، وأخو دهام إبراهيم الحسن لأبيه، والأخ الشقيق لسبعاوي إبراهيم التكريتي الذي كان وزيرًا للداخلية والأخ الشقيق لوطبان إبراهيم الحسن.
*انهيار يسبق الإعدام
وقال مصدر عراقي إن برزان التكريتي قد أُصيب بانهيار عصبي قبيل تنفيذ حكم الإعدام بحقه مما استدعى اقتياده الى المشنقة بالقوة حيث تم تنفيذ حكم الإعدام به مع رئيس محكمة الثورة السابق عواد البندر.
وقال المصدر، إن برزان التكريتي أُصيب بانهيار عصبي حاد وسقط على الأرض وذلك بعد أن تم إبلاغه بالموعد النهائي لتنفيذ حكم الإعدام بحقه، مبيناً أن التكريتي فوجئ بخبر قرب موعد تنفيذ حكم الإعدام بحقه، الأمر الذي أدى إلى أن ترتعد فرائصه ويُغمى عليه لدى سماعه الخبر.
وأضاف المصدر، إن التكريتي قاوم بشدة سجّانيه لدى محاولتهم نقله الى المكان الذي خُصِّص لتنفيذ حكم الإعدام وهو مما استدعى إلى سحبه بالقوة من زنزانته حيث قام بتصرفات غريبة منها ضربه لجبينه براحة يده مراراً متمتماً بكلمات ركيكة وعبارات غير مفهومة.
وأشار إلى، أن التكريتي كان كثير الهذيان منذ أن تأكد له نبأ إعدام أخيه غير الشقيق صدام حسين مؤخرا وكان كثيرا ما يخاطب نفسه وغالبا ما يصيح وتنتابه حالة من الهياج العصبي.
وفي وصفه لحالة التكريتي النفسية قال، إنه قد يكون أُصيب بالجنون في الساعات الأخيرة من حياته وقبل تنفيذ حكم الإعدام فيه حيث كان يردد كلمات غير مفهومة مستخدما بعض الألفاظ النابية ويأتي بحركات غير طبيعية. وكان يغور في النظر لدقائق عديدة باتجاه أرضية زنزانته ثم ما يلبث أن يصفع جبهته براحة يديه ويتمتم بكلمات غير مفهومة ثم تأخذه نوبات من الارتعاش ثم يهوي على الأرض مغشيّاً.
وأوضح، إن الساعات الأخيرة من حياة برزان قبل شنقه كانت بالغة الصعوبة له حيث إنه كان منهارا جسديا ونفسيا وخائفا جدا حتى قبل أن تصل قدماه الى مكان تنفيذ حكم الإعدام حيث كان وجهه مصفراً وعيناه غائرتَين وفي فمه رغوة وكان يلحّ على حراسه الذين استلموه من الجانب الأمريكي ويقول لهم: "إلى أين تذهبون بي.. أريد البقاء هنا.. لا أريد أن أبرح هذا المكان".
*الدفن
وقد تم دفن التكريتي والبندر الى جانب قبر صدام حسين في قرية العوجة بالقرب من مدينة تكريت (180 كم شمال غرب بغداد).
وقد تم نقل جثمانَي التكريتي والبندر على متن مروحية أميركية الى تكريت وتسلمهما نائب محافظ صلاح الدين عبد الله جبارة (آنذاك)، الذي أشار الى أنه تلقى اتصالا هاتفيا من رغد صدام حسين تطلب فيه تنفيذ توصية والدها بأن يُدفن البندر بجوار قبره فيما دُفن برزان بمقبرة العائلة في قرية العوجة القريبة من تكريت ومسقط رأسه.
وعرضت السلطات العراقية على الصحافيين شريط إعدام الرجلَين بدون صوت في مكان جديد غير الذي أُعدِم فيه صدام حسين. وقد تم تغطية رأسَي برزان والبندر بكيس أسود من القماش قبل تنفيذ حكم الإعدام وظهرا وهما يرتعدان خوفاً، ثم أظهر الشريط رأس برزان منفصلاً عن جثته.
*السبب
وجاء تنفيذ حكم الإعدام بحق برزان التكريتي وعواد البندر بعد أن أدانتهما المحكمة العراقية مع صدام حسين في الخامس من تشرين الثاني 2006 بإعدام 148 مواطنا من أهالي بلدة الدجيل عام 1982.
*حنّط زوجته
وتوفيت زوجة برزان التكريتي في جنيف بسويسرا، بعد صراع طويل مع مرض السرطان، لكن التكريتي لم يقُم بدفنها بل قام بتحنيطها.
وزوجة برزان التكريتي هي إلهام خير الله طلفاح ابنة خير الله طلفاح المسلط خال صدام حسين ووالد زوجته ساجدة خير الله طلفاح.
*خلافات برزان مع صدام
في آب عام 1983 استدعى صدام إخوته؛ سبعاوي ووطبان وبرزان، إلى بيته للتداول في موضوع خطبة حسين كامل لابنته الكبرى رغد. وبعد أن أبلغ صدام إخوته برغبة حسين أن يتقدم لخطبة رغد عارض الإخوة الثلاثة الفكرة ورفضوا زواج حسين من رغد ابنة أخيهم بصفتهم أعمامها وأن حسين لا يُليق برغد ولا يسمحون أن يكون له الحظوة المطلقة لدى الرئيس صدام، والحقيقة أن الإخوة الثلاثة لا يرتاحون له. و لإبعاد موضوع زواج حسين وإلغائه من فكر صدام، اقترح برزان أن يتم تزويج ابنة صدام البكر رغد الى ياسر بن سبعاوي بعد ثلاث سنوات لكونهما لازالوا صغار السن في ذلك الوقت، حيث كانت رغد لازالت بعمر 15 سنة.
وختم برزان كلامه في مذكراته محذراً أخيه صدام فأشبه حسين كامل بقوله: "إن حسين كامل أشبه بقنبلة موقوتة في جيبك، لكنك لا تعرف متى وأين ستنفجر، ولكن لو انفجرت، فإن شظاياها سوف تصل إلى مسافات بعيدة".
بعد أيام علم برزان وإخوته بأن خطوبة حسين كامل على رغد قد تمت على الرغم من معارضة أعمامها، وبعد فترة قصيرة سمع الجميع أن الزواج قد تم أيضا.. وليشرب المعارضون من البحر.
يقول برزان في مذكراته وذكرياته، إن والدتهم صبحة توفيت في تموز 1983، وإن خطوبة حسين على رغد حدثت في آب من نفس العام، أي بعد شهر من الوفاة، وتم الاحتفال بالزواج أيضا في أيلول، وقبل أن يمضي أربعون يوما على وفاة الوالدة صبحة (جدة العروس). وكأن الموضوع يخص عائلة صدام فقط ولا يهتمون للإخوة بما يعترضون.
*سر عائلة حسين كامل
يذكر برزان في مذكراته خبراً مهماً نقلاً عن أمه صبحة طلفاح المسلط يدل على مدى الكراهية التي تضمرها هذه العائلة على بيت وعائلة أخو زوجها حسين كامل حسن المجيد قائلا: "لقد أوصت الوالدة صبحة ابنتها الكبرى سهام أن تبلغ صدام أن لا يزوّج إحدى بناته لشخص من بيت حسن المجيد (عم صدام) وخاصة من بيت ابنه كامل حسن المجيد (أبو حسين) ، لأن هؤلاء ناس غدارين لا أمان لهم ، وأن لا يقرّبهم منه وأوصت على صدام أن يتذكر كيف تبرأ عمّه حسن المجيد من صدام عندما ارتكب جريمة قتل الحاج سعدون التكريتي أحد أقربائهم في مدينة تكريت، وكذلك عندما شارك صدام بمحاولة اغتيال وقتل رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم في بغداد".
وأضافت صبحة أم صدام قائلةً بوصيتها: "على صدام أن يتذكر كيف تم زواج عمه حسن من زوجته حسنة السامرائية (أم كامل) بعد أن أقام معها علاقة غير شرعية معها، وقد حملت منه سفاحا على إثرها من ابنه (كامل) من غير زواج شرعي، حين كان يعمل حسن شرطياً في سامراء ويتردد على أهل حسنة بعد أن اتخذوه صديقاً للعائلة، فغدر بشرفهم. وتجنباً للفضيحة أُجْبِرَ حسن الشرطي للزواج من حسنة التي ولدت بعد ستة أشهر من الزواج، ابنها كامل".
بعد إصرار صدام على تزويج ابنته البكر رغد من ابن عمه حسين كامل – حفيد حسن الشرطي - بالرغم من معارضة إخوانه جميعا لهذا الزواج، وخلافاً لوصية الوالدة صبحة، غضب الإخوة سبعاوي ووطبان وبرزان، واجتمعوا وكتبوا رسالة الى أخيهم الأكبر صدام أعلنوا فيها أنهم مستقيلون من مناصبهم الرسمية احتجاجا على هذا الزواج، حيث كان برزان يشغل منصب مدير المخابرات ووطبان محافظا لتكريت وسبعاوي مديرا لمكتب تنظيم حزب البعث السوري.
ثارت ثائرة صدام لهذا الإجراء وهدّد الإخوة الأعداء المعارضين له، أن ينتظروا إجراءاته المضادة لهم وحذرهم من مغبة أي تصرف يصدر منهم أو اتصال يقومون به مع أي من مؤسسات الدولة والحماية، فقد كان يخشى منهم تنفيذ انقلاب مسلح ضده لما لهم من نفوذ في الحزب والدولة وقوى الأمن.
وبدأت مراقبة أجهزة صدام السرّية للإخوة الأعداء تعمل على مدار الساعة، ومضايقات تلك الأجهزة مستمرة على كل مَن يزورهم أو يتصل بهم أو يتعامل معهم.
ومن تلك المضايقات أن حسين كامل مسؤول الحماية الخاصة للرئيس، كان يتعمد إيقاف جنود الحماية أمام باب بيت برزان الواقع في الطريق الذي يمر منه صدام حسين في ذهابه وإيابه للقصر الجمهوري أثناء انتشارهم على طول الطريق للحراسة، ومنع أي شخص من الخروج من البيت او الوقوف بالباب ومن ضمنهم برزان نفسه أثناء مرور موكب الرئيس بسيارته من هناك. ويقول برزان بمذكراته: "إن هذا المنع كان لاستفزازي شخصياً من قبل حسين كامل".
لقد وصلت المشاحنات والعداء والكراهية بين الأهل الى مستوى نساء وبنات العائلة، فيذكر برزان بمذكراته، أن زوجته شجرة الدر (أحلام) كانت غالبا ما تصطدم بالكلام مع بنات صدام، أي بنات أختها ساجدة، عندما يلتقون صدفةً في مكان ما. ففي أحد اللقاءات تطاولت رغد ابنة ساجدة ويسميها برزان (أم المشكلة) على خالتها شجرة الدر، فانبرت لها الأخيرة ولقّنتها درساً لن تنساه، وبدأت (بنت الأصول) كما يسمّيها عمّها برزان بالبكاء وهي تقول لخالتها شجرة الدر: "كل هذه السنوات ولم تنكسروا بعد، فكيف نقدر عليكم؟".. فأجابتها شجرة الدر (زوجة برزان): "لن ننكسر إن شاء الله لأننا على حق وأنتم على باطل، وسوف تبقون ما تقدرون علينا".
يضيف برزان بمذكراته في كتابه (السنوات الحلوة والسنين المرة): إنه كان لا يلتقي بصدام وإنما يتواصل معه عبر الرسائل التي كان صدام يهملها ولا يرد عليها متجاهلاً أخيه برزان.
في 23 من نيسان 1984، اتصلت سهام أخت صدام غير الشقيقة، مع شقيقها برزان وهي كانت واسطة الاتصالات بين الإخوة الأعداء، "أن الرئيس صدام يريد الاجتماع بإخوته سبعاوي ووطبان وبرزان لتناول الغداء معهم وعنده كلام يريد أن يُسمِعَهُ للإخوة". تم تسليم برزان رسالة من صدام نقلها زوج أختهم سهام يقول فيها: "لا يوجد شيء مشترك بيننا سوى الشرف، وأُحذّر من مضايقة نساء العائلة، (ويقصد بناته زوجات حسين وصدام كامل) وأزواجهم وكذلك زوجته ساجدة".
رفض سبعاوي هذا التهديد، ورفض مقابلة أخيه صدام، إلا أنه تم إقناعه أخيراً للذهاب والاجتماع بصدام وعدم تعقيد الأمور أكثر، فذهب الإخوة الأعداء لبيت الزعيم على مَضَض، ولم يكن هناك سوى بنات صدام وبعد ساعتين من الانتظار وصل صدام مع عدنان خير الله وحسين كامل الذي كان يبدو عليه الشعور بالزهوّ والانتصار على الإخوة الأعداء، ممزوجاً بشعور الانزعاج من وجوده بحضرة الإخوة الثلاثة، وكان هذا الانزعاج واضحاً على ملامح وجهه، وكان حسين يخشى من تحسّن العلاقة بين صدام وإخوته، بالرغم من عشق صدام له، فهو يسعى للفرقة بينهم وبين صدام ليكون هو صاحب الحظوة والدلال .